في رِحابِ آيةٍ مِنْ كِتابِ اللهِ تِعالى (32)
﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾
الشيخ عبدالله محمد الطوالة
قال أهل العلم: الاقتداءُ بالرسولُ صلى الله عليه وسلم أمرٌ مُضطرِدٌ وعامٌ في كلِّ الوجوهِ، فيُقتدَى به صلى الله عليه وسلم زوجًا ويُقتدَى به أبًا، ويُقتدَى به قائِدًا، ويُقتدَى بهِ قاضِيًا، ويُقتدَى به إمَامًا، ويُقتدَى بهِ مُعلِمًا، ويُقتدَى بهِ حاكِمًا، ويُقتدَى بهِ تَاجِرًا، ويقتدى به إنسانًا..
يُقتدَى بهِ في تَعامُلِهِ معَ أصحَابهِ، وفي تَعامُلِهِ مع جِيرانهِ، وفي تَعامُلِه معَ أقاربهِ، وفي تَعامُلِه مع أعدائهِ، يُقتدَى بهِ في كلِّ الأوقاتِ، وفي كلِّ الأحوالِ، وفي كلِّ الأفعالِ.. في حِلِّه وترحالِهِ، في سِعتِهِ وضِيقهِ، في رِضاهُ وغضبهِ، في سِلمِهِ وحربهِ، ويُقتدَى بهِ في خُلُقِهِ وسمتِهِ، في دَلِّهِ وحَركتهِ، في شكلِهِ وهَيئَتِهِ، في نَومِهِ ويَقظتِهِ، لا يَخرجُ حالٌ مِنْ أحوالِهِ عن الكمالِ البشري الذي جمَّلَهُ اللهُ تعالى بهِ، وأرادهُ لهُ، ولذا جعلَهُ اللهُ قُدوةً حَسنةً للمسلِمينَ، ورَحمةً عامَّةً للعالمينَ، وخَاتمًا للأنبياءِ وإمامًا للمرسلِين، عليهم صلواتُ اللهِ وسلامهُ أجمعين.. ثمَّ إنَّ القُدوةَ الحسنةَ تُعطِي قَناعةً قويَّةً أنَّ بالإمكانِ أنْ نكُونَ مِثلها، بل وأنْ نكُونَ بدورِنا قُدوةً حَسنةً للآخرِين..
والقُدوةُ الحسنَةُ تَعكِسُ تَصورًا واضِحًا، وتجسِيدًا صادِقًا لمنهجِ صَاحِبها، وتَترُكُ انطِباعًا حَسنًا يُغرِي الآخرينَ بالتعرُفِ عليها والتأثُرِ بها..
ويَبلغُ القُدوةُ الحسنةُ بلسَانِ حالِهِ ما لا يَبلُغهُ بلسَانِ مَقالِهِ.. ولذا فلن يكُونَ لمنهَجِ القرآنِ الكريمِ ولا للموعِظةِ الحسَنةِ أثرٌ حَقِيقيٌ، إلا بوجُودِ نماذجَ بشريةٍ (قُدوات) تُثبِتُ مِصداقِيةَ مَنهجِهِ، وتُؤكِدُ واقِعِيَتهُ، وتُبرهِنُ على قَابِليتهُ للتطبِيقِ..
وإذا كانَ مِن الطبِيعيِ أنْ تَميلَ النفُوسُ للاقتداءِ والتَّشبُهِ بالأفضلِ، فلن يَكُونَ هُناكَ أفضلَ مِن الاقتِداءِ بصاحِبِ الهدي الأكمَلِ، والخُلقِ الأجمَلِ.. ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21]..
وآخرُ دعوانا أنْ الحمدُ للهِ ربِّ العَالمين..
اضغط هنا للذهاب ل مصدر عنوان موضوعنا...
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك