محظورات الإحرام
أ. د. عبدالله بن مبارك آل سيف
حرم مكة:
أحدها هو حرم باتفاق المسلمين وهو حرم مكة[1].
والحرم المجمع عليه حرم مكة[2].
حرم غير مكة:
حرم المقدس وحرم الخليل فان هذين وغيرهما ليسا بحرم باتفاق المسلمين، والحرم المجمع عليه حرم مكة. وأما المدينة فلها حرم أيضا عند الجمهور كما استفاضت بذلك الأحاديث عن النبي - صلى اللّه عليه وسلم -، ولم يتنازع المسلمون في حرم ثالث: إلا في (وج) وهو واد بالطائف وهو عند بعضهم حرم[3].
وليس في الدنيا حرم لا بيت المقدس ولا غيره إلا هذان الحرمان، ولا يسمى غيرهما حرما كما يسمى الجهال فيقولون: حرم المقدس وحرم الخليل فإن هذين وغيرهما ليسا بحرم باتفاق المسلمين[4].
وأما ما سوى هذه الأماكن الثلاثة فليس حرما عند أحد من علماء المسلمين[5].
مصرف فدية الأذى:
أحدها: أن اللام في هذه إنما هي لتعريف الصدقة المعهودة التي تقدم ذكرها في قوله: ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ ﴾ [التوبة: 58] وهذه إذا صدقات الأموال دون صدقات الأبدان باتفاق المسلمين. ولهذا قال في آية الفدية: ﴿ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ﴾ [البقرة: 196] لم تكن هذه الصدقة داخلة في آية براءة واتفق الأئمة على أن فدية الأذى لا يجب صرفها في جميع الأصناف الثمانية وكذلك صدقة التطوع لم تدخل في الآية بإجماع المسلمين وكذلك سائر المعروف فإنه قد ثبت في الصحيح من غير وجه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال "كل معروف صدقة". لا يختص بها الأصناف الثمانية باتفاق المسلمين. وهذا جواب من يمنع دخول هذه الصدقة في الآية وهي تعم جميع الفقراء والمساكين والغارمين في مشارق الأرض ومغاربها ولم يقل مسلم إنه يجب استيعاب جميع هؤلاء بل غاية ما قيل: إنه يجب إعطاء ثلاثة من كل صنف وهذا تخصيص اللفظ العام من كل صنف ثم فيه تعيين فقير دون فقير. وأيضا لم يوجب أحد التسوية في آحاد كل صنف فالقول عند الجمهور في الأصناف عموما وتسوية كالقول في آحاد كل صنف عموما وتسوية[6].
جبران الحج:
لكن جبران الحج وهو الدم يفعل مفرداً بلا نزاع[7].
لبس القميص للمحرم:
ومثل هذا أنه "سئل عن رجل أحرم بالعمرة وعليه جبة مضمخة بخلوق فقال: انزع عنك الجبة واغسل عنك الخلوق واصنع في عمرتك ما كنت تصنع في حجك" فأجابه عن الجبة ولو كان عليه قميص أو نحوه كان الحكم كذلك بالإجماع[8].
وليس له أن يلبس القميص لا بكم ولا بغير كم وسواء أدخل فيه يديه أو لم يدخلهما وسواء كان سليما أو مخروقا وكذلك لا يلبس الجبة ولا القباء الذي يدخل يديه فيه وكذلك الدرع الذي يسمى: (عرق جين) وأمثال ذلك باتفاق الأئمة[9].
عقد الإزار للمحرم:
واتفق العلماء على أن المحرم يعقد الإزار إذا احتاج إلى ذلك؛ لأنه إنما يثبت بالعقد[10].
حلق الرأس للأذى:
والنوع الثاني: حلق الرأس للحاجة مثل أن يحلقه للتداوي فهذا أيضا جائز بالكتاب والسنة والإجماع؛ فإن الله رخص للمحرم الذي لا يجوز له حلق رأسه أن يحلقه إذا كان به أذى كما قال تعالى: ﴿ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ﴾ [البقرة: 196] وقد ثبت باتفاق المسلمين حديث "كعب بن عجرة لما مر به النبي - صلى الله عليه وسلم - في عمرة الحديبية - والقمل ينهال من رأسه - فقال: أيؤذيك هوامك؟ قال: نعم فقال: احلق رأسك وانسك شاة؛ أو صم ثلاثة أيام؛ أو أطعم فرقا بين ستة مساكين" وهذا الحديث متفق على صحته؛ متلقى بالقبول من جميع المسلمين[11].
حلق الرأس على وجه التعبد:
النوع الثالث: حلقه على وجه التعبد والتدين والزهد؛ من غير حج ولا عمرة مثل ما يأمر بعض الناس التائب إذا تاب بحلق رأسه ومثل أن يجعل حلق الرأس شعار أهل النسك والدين؛ أو من تمام الزهد والعبادة أو يجعل من يحلق رأسه أفضل ممن لم يحلقه أو أدين أو أزهد أو أن يقصر من شعر التائب كما يفعل بعض المنتسبين إلى المشيخة إذا توب أحدا: أن يقص بعض شعره ويعين الشيخ صاحب مقص وسجادة؛ فيجعل صلاته على السجادة وقصه رءوس الناس من تمام المشيخة التي يصلح بها أن يكون قدوة يتوب التائبين: فهذا بدعة لم يأمر الله بها ولا رسوله؛ وليست واجبة ولا مستحبة عند أحد من أئمة الدين؛ ولا فعلها أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ولا شيوخ المسلمين المشهورين بالزهد والعبادة لا من الصحابة ولا من التابعين ولا تابعيهم ومن بعدهم[12].
الإحرام في إزار ورداء:
والسنة أن يحرم في إزار ورداء، سواء كانا مخيطين، أو غير مخيطين، باتفاق الأئمة[13].
الالتحاف بالقباء والجبة وما في جنس الإزار:
وكذلك يجوز أن يلبس كل ما كان من جنس الإزار والرداء فله أن يلتحف بالقباء والجبة والقميص ونحو ذلك ويتغطى به باتفاق الأئــمة[14].
الاستظلال بالسقف والشجر والخيمة:
وهذا بخلاف القعود في ظل أو سقف أو خيمة أو شجر أو ثوب يظلل به؛ فإن هذا جائز بالكتاب والسنة والإجماع؛ لأن ذلك لا يمنع الشعث ولا الاغبرار وليس فيه تخمير الرأس. وإنما تنازع الناس فيمن يستظل بالمحمل؛ لأنه ملازم للراكب كما تلازمه العمامة لكنه منفصل عنه فمن نهى عنه اعتبر ملازمته له ومن رخص فيه اعتبر انفصاله عنه. فأما المنفصل الذي لا يلازم فهذا يباح بالإجماع. والمتصل الملازم منهي عنه باتفاق الأئمة[15].
وله أن يستظل تحت السقف والشجر ويستظل في الخيمة ونحو ذلك باتفاقهم[16].
تغطية المرأة وجهها بما لا يمس الوجه:
ولو غطت المرأة وجهها بشيء لا يمس الوجه جاز بالاتفاق[17].
جواز ستر اليدين والرجلين بما ليس بمخيط:
كما نهى المحرم أن يلبس القميص والخف مع أنه يجوز له أن يستر يديه ورجليه باتفاق الأئمة[18].
النهي عن البرقع:
والبرقع أقوى من النقاب فلهذا ينهى عنه باتفاقهم[19].
الاغتسال للمحرم:
وله أن يغتسل من الجنابة بالاتفاق[20].
الجماع بعد التحلل الأول:
وحقيقة الأمر: أن الطواف عبادة من العبادات التي يفعلها الحلال والحرام لا تختص بالإحرام ولهذا كان طواف الفرض إنما يجب بعد التحلل الأول فيطوف الحاج الطواف المذكور في قوله تعالى: ﴿ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ﴾ [الحج: 29]. فيطوف الحجاج وهم حلال قد قضوا حجهم ولم يبق عليهم محرم إلا النساء ولهذا لو جامع أحدهم في هذه الحال لم يفسد نسكه باتفاق الأئمة[21].
و إن كان وطؤها قبل هذا الطواف لم يفسد الحج بذلك لكن يفسد ما بقي، وعليها طواف الإفاضة باتفاق الأئمة[22].
[1] مجموع الفتاوى: 27/15.
[2] مجموع الفتاوى: 26/118.
[3] مجموع الفتاوى: 26/118.
[4] مجموع الفتاوى: 26/117.
[5] مجموع الفتاوى: 27/15.
[6] مجموع الفتاوى: 25/76.
[7] مجموع الفتاوى: 23/35.
[8] مجموع الفتاوى: 19/286.
[9] مجموع الفتاوى: 26/111.
[10] مجموع الفتاوى: 21/201.
[11] مجموع الفتاوى: 21/117.
[12] مجموع الفتاوى: 21/117.
[13] مجموع الفتاوى: 26/109.
[14] مجموع الفتاوى: 26/110.
[15] مجموع الفتاوى: 21/207.
[16] مجموع الفتاوى: 26/111-112.
[17] مجموع الفتاوى: 26/112.
[18] مجموع الفتاوى: 26/113.
[19] مجموع الفتاوى: 26/113.
[20] مجموع الفتاوى: 26/116.
[21] مجموع الفتاوى: 26/217.
[22] مجموع الفتاوى: 26/247.
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك