03-16-2023, 10:17 AM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 376,532
|
|
عقوبة الزنى وشروط تنفيذها
الموضوع من إعداد: ثمرات المطابع.
-------------------------
عقوبة الزنى وشروط تنفيذها
تأليف : د. صالح بن ناصر بن صالح الخزيم
تحقيق : خالد بن علي المشيقح
الناشر : دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع - الدمام - السعودية
رقم الطبعة : الأولى
تاريخ الطبعة: 22/09/2001
نوع التغليف: مقوى فاخر (فني) كعب مسطح
عدد الأجزاء : 1
الرقم في السلسلة : 0
عدد الصفحات : 392
حجم الكتاب : 17 × 24 سم
السعر : 27.0 ريال سعودي ($7.20)
التصنيف : / فقه / مؤيدات شرعية / مؤيدات ترهيبية
الجامعة : جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
تاريخ الحصول على الدرجة :
نوع الدرجة :
نبذة عن الكتاب : هذه رسالة علمية يهدف من وراءها الباحث لتجلية عقوبة الزنى في هدي الإسلام وبيان حقيقتها وسبيل تنفيذها وتحرير شروطها وبيان حكمة الإسلام فيها والرد على الشبهات حولها .
وقد جاءت الرسالة في ثلاث فصول تمهيدية عن تعريف الحدود والحكمة من مشروعيتها وتعريف العقوبة وبيان شروطها وأقسامها وسببها وتعريف الزنى وحكمه وأدلة تحريمه ثم خمسة أبواب اشتملت على فصول :
الباب الأول : في عقوبة مرتكب الزنى ويشتمل على عشرة فصول .
الباب الثاني : في أحكام العبيد والإماء ، ويشتمل على ثلاثة فصول .
الباب الثالث : في شرط تنفيذ العقوبة ، ويشتمل على أربعة فصول .
الباب الرابع : فيما تثبت به هذه الفاحشة ، ويشتمل على ثلاثة فصول .
الباب الخامس : في تعدد العقوبات وموانع تنفيذها ، ويشتمل على ثلاثة فصول .
ثم الخاتمة : وفيها لخص الباحث أهم النتائج التي توصل إليها ثم الفهارس والتي شملت الآيات القرآنية والأحاديث والأشعار والمراجع والمصادر والموضوعات ثم ملاحظات في بيان الرموز والاختصارات التي استخدمها الباحث في الدراسة .
الخلاصة : تلخيص كتاب / عقوبة الزنى وشروط تنفيذها .
تمهيد /
الفصل الأول / تعريف الحدود والحكمة من مشروعيتها .
بعد ذكره لتعريف الحدود في اللغة ، ذكر المؤلف تعريفها في الاصطلاح حيث ذكر اختلاف العلماء في تعريف الحد ، حيث يتضح أن الحد عقوبة مقدرة من الشارع لصالح الجماعة والحفاظ على نظامها وصيانتها من الفساد ، وتوضح تعريفات العلماء أن الحد حق لله تعالى ، فيخرج من ذلك القصاص والديات التي هي من حقوق الأفراد ، والفرق بين الحد والقصاص والتعزير أن الحد عقوبة مقدرة حقاً لله تعالى ، والقصاص عقوبة مقدرة وهو حق للأفراد ، والتعزير عقوبة غير مقدرة حق لله أو للأفراد ، والجامع بينها أنها لزجر الجاني ، ويرى المؤلف رحمه الله دخول القصاص والدية ضمن الحد وذلك لأن كلمة الحد لها معنى واسع فمحارم الله تسمى حدود ، ولأن العقوبتين مقدرة شرعاً ، ولأن التفريق بينهما عرف اصطلح عليه الفقهاء ، وغيرها من الأسباب، ولذلك قسم المؤلف الحدود إلى قسمين ما وجب في ترك فرض كمن ترك الصلاة ، وما واجب من ارتكاب محظور وهذا له ضربان ما كان حقاً لله مثل حد الزنى والخمر والمحاربين ، وما كان حق للآدمي مثل حد القذف والقود في الجنايات ، وبهذا التقسيم يكون القصاص داخل ضمن الحدود ، وأيضاً تنقسم العقوبات إلى قسمين هي الحدود والتعزير ، وتنقسم الجرائم تبعاً لهذا التقسيم : إلى قسم تجري فيه الحدود ، وقسم تجري فيه التعزيرات ، وقد ذكر المؤلف أقوال العلماء في الجنايات الموجبة في لحد .
الحكمة من مشروعية الحدود : حيث شرع ذلك لمنافع عظيمة حيث ينعم المجتمع بالأمن والاستقرار ، ودين الفرد ثابت مستقيم قوي صلب لا تلعب به الأهواء ، وقد ذكر المؤلف الحكمة من القصاص وحد السرقة وسوف نتجاوز ذلك لعدم تعلقه بصلب البحث .
الحكمة في حد الزنى : 1- حفظ الأنساب . 2- صيانة الأعراض من أن تنتهك .
3- انتظام الأحوال في أمور المنزل حيث أن كل من الزوجين يرغب في الآخر ولا تخطر له خاطرة في الحرام .
4- حفظ النسل .
5- منع انتشار الأمراض الفتاكة .
6- الحصانة والامتناع من الوقوع في فخ الفقر .
7- الرحمة بالولد والشفقة عليه لأن ولد الزنى إما أن يموت صغيراً لفقد من يعتني به أو يعيش في حالة مرذولة .
8- حفظ النفوس ، لأن جريمة الزنى من أكبر العوامل في وقوع القتل بين الزوجين وربما بين الأسر والقبائل .
9- حفظ المجتمع من العواقب الوخيمة الناتجة عن ذلك .
ثم ذكر المؤلف الحكم من حد شرب الخمر وقطع الطريق وحد البغاة والمرتدين .
ثانياً / العقوبة : تعريفها :
بعد تعريفه للعقوبة بالمعنى اللغوي ، عرفها في الاصطلاح بأنها : جزاء وضع الشارع للردع عن ارتكاب ما نهى عنه وترك ما أمر به .
الغرض من العقوبة :
1- المحافظة على الضروريات الخمس .
2- منع وقوع الجريمة .
3- حماية الفضيلة الأخلاقية .
4- شفاء غيظ المجني عليه .
5- تحقيق الردع العام ليكون العقاب عبرة لغيره .
6- إصلاح الأوضاع ورفع الظلم وتنظيم المجتمعات .
7- إنقاذ البشرية من الجهالة وإصلاح أحوالهم .
8- المنفعة العامة أو المصلحة .
الأصول التي تقوم عليها العقوبة : الغرض من العقوبة إصلاح الأفراد وحماية الجماعات والأصول المحققة لهذا الغرض :
1- أن تكون العقوبة تمنع الكافة عن الجريمة قبل وقوعها .
2- إن حد العقوبة حاجة الجماعة ومصلحتها ، فإذا أقتضت مصلحة الجماعة التشديد شدد والعكس .
3- إذا اقتضت مصلحة الجماعة حمايتها من شر الجرم تكون العقوبة إما بحبسه حتى الموت إن لم يتب أو قتله .
4- كل عقوبة تؤدي إلى صلاح الأفراد وحماية الجماعات عقوبة مشروعة .
5- تأديب المجرم معناه استصلاحه وليس الانتقام منه ، فتختلف العقوبة باختلاف الأشخاص والذنب .
شروط العقوبة :
1- أن تكون العقوبة شرعية مستنده إلى مصدر من مصادر الشريعة .
2- أن تكون العقوبة شخصية تصيب الجاني ولا تتعداه إلى غيره ، ولا يؤخذ المجرم بجريرة غيره .
3- أن تكون العقوبة عامة تقع على كل الناس مهما اختلف أقدارهم بحيث يتساوى الحاكم والمحكوم والغني والفقير .
أقسام العقوبة : تنقسم العقوبات وحسب الرابطة القائمة بينها إلى أربعة أقسام :-
1- العقوبات الأصلية وهي العقوبات المقررة أصلاً في الشرع كحد الزنا .
2- العقوبات البدلية : وهي العقوبات التي تحل محل العقوبة الشرعية لسبب شرعي مثل الدية إذا درئ القصاص . والتعزير إذا درئ الحد أو القصاص .
3- العقوبات التبعية : وهي العقوبات التي تصيب الجاني بناءً على الحكم بالعقوبة الأصلية دون الحاجة لإصدار هذا الحكم مثل حرمان القاتل من الميراث ، وعدم أهلية القاذف .
4- العقوبات التكميلية : هي التي تصيب الجاني بناءً على الحكم بالعقوبة الأصلية ولكن بشرط إصدار الحكم ، مثل تعليق يد السارق في رقبته حتى يطلق سراحه .
وتنقسم العقوبات من حيث سلطة القاضي في تقديرها إلى :-
1- عقوبات ذات حد واحد التي لا يستطيع أن ينقص فيها أو يزيد .
2- عقوبات ذات حدين وهي التي لها حد أعلى وأدنى ويترك للقاضي أن يختار الذي يراه ملائماً كالحبس .
وتنقسم العقوبات من حيث وجوب الحكم بها إلى :-
1- عقوبات مقدرة وهي التي عين الشارع نوعها وحدد مقدارها دون زيادة أو نقص .
2- عقوبات غير مقدرة وهي مثل العقوبة ذات حدين وبترك للقاضي الاختيار بناءً على حال المجرم والظروف التي أجرم فيها .
وتنقسم العقوبات من حيث محلها إلى :-
1- عقوبات بدنية كالقتل والجلد .
2- عقوبات نفسية كالنصح والتوبيخ والتشهير .
3- عقوبات سالبة للحرية مثل الحبس .
4- عقوبات كالدية والغرامة .
وتنقسم العقوبات بحسب جرائمها التي فرضت عليها إلى عقوبات حدود وقصاص ودية وعقوبات الكفارات وعقوبات التعزير .
سبب العقوبة : السبب هو : ما يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم لذاته ، فليزم من وجود السبب وجود المسبب ، ومن عدمه عدمه .
أما أنواع السبب :
1- فقد يكون بسبب لحكم تكليفي كالوقت جعله الشارع لا يجاب إقامة الصلاة .
2- قد يكون بسبب لاثبات ملك أو حل أو إزالتهما كالبع لإثبات الملك .
3- قد يكون فعلاً للمكلف مقدوراً له كقتل العمد سبب لوجود القصاص .
4- وقد يكون أمراً غير مقدور للمكلف دخول الوقت لإيجاب الصلاة .
ثالثاً / تعريف الزنى وحكمه وأدلة تحريمه .
اختلف العلماء في تعريفهم للزنا إلا أنهم متفقون على أنه : إيلاج مكلف حشفة أو قدرها في قبل آدمية عمداً بلا شبهة .
نبذة تاريخية حول عقوبة الزنى :
قررت جميع الشرائع واتفقت الأمم على تحريم الزنا وعقوبته : فعند اليهود كانت عقوبته أن تطلق الكلاب الجائعة على الزانية ويحرق الرجل ، أما عند اليونانيين فكانوا يجدعوا أنف الزانية ويقلعوا عين الرجل ، ثم غيره إلى الإعدام ، أما الرومان فكانوا يحكمون عليه بالقتل ، وعند قدماء المصريين فكان أن من غصب المرأة عقوبته (الجبَّ) وفي حال الرضا قطع أنف الزاني والزانية ، وعند العبرانيين كانوا يعاقبون المرأة فقط بالرجم ، أما الآشوريين فكانوا يعاقبون الزاني بالطرق ، وأما قدما الفرنسيين فكانوا يحكمون على الزانية بالحبس ويسمح للزوج بالعفو عنها لمدة سنتين وإلا تترهبن ، وكانت اليهود لما بعث موسى عقوبتهم الرجم إذا كانا محصنين ، أما عند العرب في الجاهلية كان منتشراً علناً وسراً كما ورد ذلك في الأثر .
الزنى من أسباب الموت العام وانتشار الطواعين المتصلة :
حيث قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه (إذا ظهر الزنا في قرية أذن الله بهلاكها ) ، وكذلك لما اختلط البغايا في عسكر موسى فشت فيهم الفاحشة فأرسل الله الطاعون فمات في يوم واحد سبعون ألفاً.
الزنى من أكبر الكبائر : حيث تضافرت الأدلة في ذلك لأن اهداء للكرامة وتصديع لبنيان المجتمعات وتعريض النسل للخطر ...الخ .
الزنى ينتزع الإيمان حين مقارفة الجريمة : وذلك لحديث النبي صلى الله عليه وسلم (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ) وقال ابن عباس (ينزع من نور الإيمان في الزنى )
حكم الزنى وأدلة تحريمه : الزنى محرم في الكتاب والسنة والإجماع حيث تضافرت الآيات القرآنية والسنة النبوية ، وأجمعت الأمة بل كل المجتمعات السامية النبيلة على تحريم الزنا وقبحه .
حكم جاحد حرمة الزنى : إذا كان جاحد حرمة الزنى جاهلاً بالحكم فيلزم تعريفه بالحكم ، فإن أمر فهو مرتد عن الإسلام ، وإن كان لا يجهل واستحله فهو كافر بالإجماع .
تفاوت الزنى :- يتفاوت الزنى بعضه على بعض وكله عظيم : فالزنى بحليلة الجار أعظم من الزنا بغيرها ، وكذلك بامرأة المجاهد ، ومن الشيخ أعظم من الشاب ، وبذات المحرم أعظم من الأجنبية ، وأفظعه اللواط لقول كثير من العلماء بقتله .
الزنى بين الشريعة والقانون : تختلف جريمة الزنى في الشريعة عنها في القوانين الوضعية فالشريعة تعتبر كل وطء محرم زنى تعاقب عليه ، سواء حدث من متزوج أو غير متزوج .
أما الزنى في القانون فإنهم يفرقون بين المتزوج وغير المتزوج ، فيعتبرون الزنى فقط في حالة المتزوج فقط ، والزوجة تكون زانية حال قيام الزوجية ووقوع الوطء ويكون القصد متوفراً لها وتكون عقوبتها السجن سنتان ، ويمكن لزوجها إيقاف التنفيذ ، أما الزوج الزاني فإنه يعتبر زاني إذا وقع الزنى في منزل زوجته بالإضافة إلى ما ذكر سابقاً ، ويعاقب بالسجن سنتين ، وإذا زنى الرجل في منزل زوجته فلها أن تفعل ذلك دون عقاب ، أما شريك الزوجة الزانية فإنه يحبس سنتين ، هذا في حال الزوجية ، أما في حال عدم الزوج فلا يعتبر زنى إذا كان بالتراضي ، ولا يعاقب عليه إلا في حالة الاغتصاب ويكون الرضى عندهم إذا بلغ ثمانية عشر عاماً ، وقد ذكر المؤلف رحمه الله الفرق وعيوب هذا القانون ، وصلاحية الشريعة كما هو بائن لكل ذي عقل (ص68-74) .
الباب الأول / عقوبة مرتكب الزنى .
أولاً / أساس العقوبة والتطور الشرعي لها .
أ- أساس عقوبة الزنا في الشريعة والقانون .
يقوم عقوبة الزنى في الشريعة على أساس أنها جريمة تمس المجتمع وتفسده ، أما العقوبة في القوانين الوضعية فأساسها أن الزنى من الأمور الشخصية وتمس مصالحه ولا علاقة لها بالجماعة لذلك فليس عليه عقوبة مادام عن تراض .
ب- التطور التشريعي لعقوبة الزنى .
كانت العقوبة في صدر الإسلام الحبس في البيوت حتى الموت وهذا للمرأة ، أما الرجل فكانت عقوبته الإيذاء أو الضرب سواء كانا بكريين أو محصنين على ما رجح المؤلف .
ثانياً / سبب التفرقة بين المحصن والبكر في العقوبة مع تبيين معنى الإحصان وشروطه .
أ-سبب التفرقة : وذلك لن المحصن قد توفرت فيه موانع الزنى وذلك بزواجه ، وإتيانه الزنى دليل على توغله في حب المعصية ، أما البكر فلم تتوفر لديه موانع الزنى حيث لم يتزوج ثم غلبت عليه شهوته فكان عقابه أخف .
ب-تعريف المحصن : يعرف المحصن في الاصطلاح بأنه اجتماع صفات اعتبرها الشرع لوجوب الرحم ، حتى إذا اجتمعت وجب الرحم ، وإن انعدمت ، أو انعدم واحد منها لم يجب .
جـ- شروط الإحصان (أي المحصن الذي تتوفر فيه الشروط الآتية يقام عليه الحد ) :-
1- وجود الوطء بتغيب الحشفة أو قدرها عند فقدها من مكلف بقبل .
2- أن يكون الوطء في نكاح .
3- أن يكون النكاح صحيحاً لا شبهة فيه .
4- البلوغ فإن كان صغيراً فإنه يعزر .
5- العقل فلو كان مجنوناً فإنه يعزر .
6- الحرية .
7- أن يوجد الكمال بينهما أن يكون الرجل بالغ حر عاقل وكذلك المرأة .
8- الإسلام ، واختلف العلماء في هذا الشرط ورجح المؤلف وعدم اشتراطه ، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم رجم اليهوديين .
ثالثاً / عقوبة الزنى المحصن .
عقوبتهما الرجل كان أم امرأة ، وهذا رأي عامة أهل العلم ، إلا الخوارج فإنهم خالفوا في ذلك ، حيث استدلوا بآية الجلد ، واحتجوا بأن أحاديث الرجم آحاد لا تعم أما القرآن المتواتر وقد سرد المؤلف الأدلة على الرجم واستحلال دم الزانيين المحصنين ، وذلك عن طريق القول من النبي صلى الله عليه وسلم أو عن طريق فعله صلى الله عليه وسلم بما هو مشهور في السنة ، وأما قول الخوارج فهو مخالف لما أجمع عليه الصحابة وأما ما وقع من النبي صلى الله عليه وسلم لأنه ثبوت الرجم من النبي صلى الله عليه وسلم متواتر المعنى مثل شجاعة علي وجود حاتم .
هل يجب الجمع بين الجلد والرجم أو لا : فاختلف العلماء في ذلك فذهب الجمهور إلى أنه يرجم دون الجلد لأن النبي صلى الله عليه وسلم رجم دون جلد ، وذهب آخرون إلى الجمع بين الجلد والرجم واستدلوا بآية الجلد بأنها عامة ، وقال بعضهم أن الجمع خاص بالشيخ والشيخة ورجح المؤلف رأي الجمهور وذلك لقوة أدلتهم ولوضوح السنة في ذلك .
رابعاً / عقوبة الزنى البكر .
اتفق العلماء أن الزاني البكر يجلد مائة لقوله تعالى (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما ..) واختلفوا في التغريب ، فذهب الجمهور إلى أن التغريب هو من الحد ، واحتجوا بأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الدالة على ذلك ، وذهب الأحناف إلى أن التغريب لا يجب وهو تعزير واستدلوا بأنه لم ترد في الآية ، ولا بنفي السنة والقرآن عندهم ، وذهب المالكية إلى أن التغريب في الرجل دون المرأة ، ورجح المؤلف قول الجمهور وذلك لقوة أدلتهم وبفعل الصحابة رضي الله عنهم وأن حديث التغريب ليس نسخاً ، وأحاديث التغريب مشهورة ويرى أن المرأة تغرب أيضاً ومحرمها ملزم بالسفر معها ، وذلك لا يعارض قوله تعالى (ولا تزر وازرة وزر أخرى ) لأنه ما يحصل منها ناتج عن تقصيره في توجيهها وتربيتها .
ماهية التغريب : اختلف العلماء في ماهية التغريب ، فذهب مالك إلى أنه يحبس في البلد الذي يغرب فيه ، وذهب أبو حنيفة بحبس في بلد الجريمة ، وذهب الشافعي وأحمد إلى أنه ينفى من بلده إلى بلد آخر ، ويراقب المغرب عند الشافعي ، وقد رجح المؤلف رحمه الله القول الآخر وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم (البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة ) أو (على ابنك جلد مائة وتغريب عام ) وأنهم حملوا معنى التغريب على معناه الصحيح ، وفعل الصحابة وفهمهم لذلك .
مسافة التغريب : ذهب الجمهور إلى مسافة التغريب هي مسافة قصر الصلاة لأن ما دونها حكم الحضر ، لأن المقصود إيحاشه بالبعد عن الأوطان والمعاش والأهل ، وأما المرأة إذا لم يخرج معها محرمها فروي عن أحمد أنها تغرب مسافة القصر فيحفظها أهلها ، ولا يستبيح المغرب شيئاً من رخص السفر مثل القصر والمسح والفطر ، وإن رأى الإمام زيادة المسافة فله ذلك ، وليس له زيادة عن السنة .
مسائل ملحقة بالتغريب :
إذا وجب التغريب على بدوي يلزمه تغيبه عن قومه مسافة السفر ، إذا عين السلطان جهة للتغريب تعينت الجهة ، ومن خرج بنفسه من غير إرادة الحاكم وغاب سنة ثم عاد لم يكفه ، وإذا عاد المغرب قبل مضي الحول أعيد حتى يكمل الحول ، وإذا زنى الغريب غرب إلى بلد غير موطنه الأصلي ، وإن زنى المغرب في بلد التغريب غرب في بلد آخر ، أما أجرة السفر على المغترب وكذلك على المرأة عند وجود المحرم وإذا أبى المحرم الخروج معها لم يجبر وتغرب مع نساء ثقات ، وتبدأ مدة التغريب من خروجه من بلد الزنى .
خامساً / اللواط .
تعريفه : الوطء في دبر الذكر ولو عبده أو في دبر أنثى ، لكن محل وجوب الحد في غير زوجته وأمته ، وأما فيهما فإن تكرر فإنه يعزر .
وهو من أكبر الفواحش وأشنعها للخلق والفطر والدين والدنيا ، وقد عاقب الله قومها أشد العقاب .
عقوبته : اختلف فيه العلماء على ثلاثة أقوال :- القتل مطلقاً محصناً أم غير محصن رجماً بالحجار لحديث (فاقتلوا الفاعل والمفعول به) ، وذهب الشافعي وأبو يوسف وأحمد إلى أن حده حد الزاني ، وذهبت الحنفية إلى أنه ليس بموجب الحد ولأنه ليس زاني ولا في معناه ، وقد رجح المؤلف رحمه الله القول الأول لقوة أدلتهم . واتفاق الصحابة على قتله ولأنها رادعة لهولاء حافظة للمجتمع ، ولأن الله عاقب قوم لوط بما هو أقسى .
سادساً/ عقوبة نكاح المحارم .
وأجمع العلماء أن من تزوج ذات محرم فنكاحه باطل ، فإن وطئها وكان جاهلاً فلا شيء عليه ، وإن كان عالماً فذهب الجمهور إلى وجوب الحد ، وذهب أبو حنيفة إلى التعزير لوجود شبهة ، ورجح المؤلف بأن حده القتل ، لأن فعل الزنى بمحرم أقبح من الزنا من غيره ، وإذا أصابها باسم النكاح يكون عليه وزرين عظيمين : محذور العقد ، ومحذور الوطء فناسب أن تشدد في حقه العقوبة والدليل على ذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم قتل من تزوج امرأة أبيه ، وإذا كان في امرأة الأب فمن باب أولى من هو أقرب منها كالأخت .
سابعاً / حكم السحاق والاستمناء ، والعقوبة فيهما .
تعريفه : هو إتيان المرأة المرأة .
حكمه : اتفق العلماء على تحريمه استدلاً بقوله تعالى (والذين هم لفروجهم حافظون ، إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ) والأدلة الصريحة من السنة في ذلك كقوله صلى الله عليه وسلم (ولا تفضي المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد) .
عقوبته : ذهب جمهور العلماء إلى أن عقوبته التعزير ، ولا يعتبر زنى لأن ليس فيه إيلاج ، أما تسميته زنا في الحديث فهو زنا مجازي مثل حديث (العين تزني وزناها النظر )
الاستمناء : وهو طلب استخراج المني بشهوة بغير جماع سواء كان بيده أو بيد زوجته أو كان بسبب مباشرة أو تقبيل أو لمس أو ما شابه ذلك .
حكمه / ذهب جمهور الفقهاء إلى حرمته مستدلين بقوله تعالى (فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ) وغيرها من أدلة السنة ، وأجازه بعض العلماء للضرورة القصوى مثل خوفه من مغالبة الشهوة وارتكاب الجريمة ، أو خوفاً على صحته وعدم قدرته على الزواج .
عقوبة فاعله : ذهب الجمهور إلى أن صاحبه يعزر ولا حد عليه إذا فعله مطلقاً دون ضرورة .
يتبع
المصدر... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|