شبكة ربيع الفردوس الاعلى  

   
 
العودة   شبكة ربيع الفردوس الاعلى > 3 > الموسوعة الضخمة المتنوعة ------------ رمضان
 
   

« آخـــر الــمــواضــيــع »
         :: روائع التلاوات تلاوات خاشعة ل الشيخ محمد احمد حميدة - برابط واحد واسمع اولا (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: من روائع التلاوات تلاوات خاشعة مبكية ل الشيخ محمد اسلام عطية - برابط واحد واسمع اولا (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: روائع التلاوات تلاوات خاشعة ل الشيخ محمد السعدني - برابط واحد واسمع اولا (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: audioروائع التلاوات تلاوات خاشعة ل الشيخ محمد الحسيني الشربيني - برابط واحد واسمع اولا (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: روائع التلاوات تلاوات خاشعة ل الشيخ محمد العزازي - برابط واحد واسمع اولا (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: روائع التلاوات تلاوات خاشعة ل الشيخ محمد الطوخي - برابط واحد واسمع اولا (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: روائع التلاوات تلاوات خاشعة ل الشيخ محمد حسن النادي - برابط واحد واسمع اولا (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: روائع التلاوات تلاوات خاشعة ل الشيخ محمد حسنين البنا - برابط واحد واسمع اولا (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: روائع التلاوات تلاوات خاشعة ل الشيخ محمد رفعت عبد الصبور - برابط واحد واسمع اولا (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: روائع التلاوات تلاوات خاشعة ل الشيخ محمد رمضان عبد العزيز - برابط واحد واسمع اولا (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)      

إضافة رد
   
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

  #1  
قديم 07-16-2014, 05:40 PM
منتدى فرسان الحق منتدى فرسان الحق غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2013
المشاركات: 7,826
افتراضي رمضان يحاضر


رمضان يحاضر

محمد بشير الباني

(إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا، ندب منها رمضان معلمًا يلقي على العالم الإسلامي دروس الحكمة العملية، ومكارم الأخلاق الفعلية، ندبه المولى ليمعن في إرشاد ذوي النفوس الأمارة واللوامة ويخرجهم من حمأة الغفلة، وجحيم العادات الرديئة المرذولة إلى جنة الحضور، ونعيم التمسُّك بالمبادئ السامية، عينه المولى ليبين فوائد النظام، ويعلم أهل الإيمان مراقبة الله في السر والعلانية، ويرجع الناس عن إضاعة أعمارهم في بطونهم وشهوات أجسادهم، فأهلَّ رمضان آخذًا بوظيفته، ممتثلاً لأمر مولاه، آمرًا طلابه؛ صغيرهم وكبيرهم، غنيهم وفقيرهم، شريفهم ووضيعهم، عبدهم وحرهم؛ أي عبد نفسه وبطنه وهواه، والمتحرر منها؛ يقول الله عز وجل: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ ﴾ [البقرة: 183، 184])؛ "الباني".

تصومون أيها المسلمون بوقت واحد، وتفطرون بوقت واحد، من طلوع الفجر الصادق إلى حين غروب الشمس، ثم تعودون لما أمسكتم عنه مدة الليل شهرًا كاملاً، فمنكم من يشفى، ومنكم من يلطف مرضه، ومنكم من لا يؤثر فيه الطب والعلاج لإخلاله بشروط المعالجة وتداعي أركان الإيمان الباقية فيه.

بعد شهر كامل يرى المسلمون ثمرات هذا الإمساك فتبرز العافية الجسمية والنفسية والرُّوحية، وتظهر الصحة الاجتماعية؛ لأن معدة اعتادت على أن تأكل متى وجدت الطعام أمامها أحد عشر شهرًا لَجديرةٌ بأن تهزل وتضعف، وأن ترى فيها تعفُّنات لا تزول إلا بضرب أوقات للطعام مقننة منظمة تباعد الوقت بينها حتى صح الهضم، وحصل الشوق للطعام، وقد تولى العليمُ الحكيم أمر تنظيم هذا الوقت فقال: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ﴾ [البقرة: 187].

وأما العافية النفسية فإن امرأً قمع نفسه عن تناول ما تشتهي وما تطلب مع وجود مشتهياتها حلوها وحامضها دقيقها وجليلها - وهي تخلو وحدها لا يراها أحد غير الذي خلقها - في ثلاثين يومًا يتأهل لقمع نفسه عما يضره، وحبس نفسه عما لا يلائم مزاجه؛ لأن النفس حريصة على لذتها وشهوتها، فإن هي صابرت وكابدت ولم تأخذ حظها كما ترغب وتتمنى حصل عندها ما يسمِّيه الحكماءُ بالمناعة، فإن داهمتها أمراضُ الفتنة الشهوانية لم تستطعِ النفاذَ بالسهولة التي كانت قبل المناعة.

وأما العافية الرُّوحية فإن امرأً ترك شهوة معدته وسائر شهوات جسده وحظوظ نفسه، وكفَّ جوارحه بأَسْرها عن الرذائل والنقائص ليكون صومه صحيحًا تامًّا يلتفتُ لأشياءَ أُخَرَ، والكمالات هي الملتفت إليها بالضرورة؛ لأن النفس متى سكنت وذلَّت قوِيت الروح، والروح معدنها الطيب والكمال، وتعشقها الحسن والجمال، ولا حسن ولا جمال إلا في الخير.

وأما العافية الاجتماعية فإن امرأً أمسك عن الطعام مدة اثنتي عشرة ساعة أو أكثر لشاعر ببعض آلام الفقير الذي لا يجد ما ينفق على نفسه وعياله فيبيت يطوي الليالي والأيام، والشعور هو المرقاة الأولى لحمل المرء على الإحسان والمساعدة، وقد قال بعض علماء النفس: جعل الغير يحس بآلامك التي تتألَّمها آية التعريف، ومنتهى البلاغة في الشرح، وهي من الوسائل التي يجنح إليها علماءُ الأخلاق لحمل الناس على مساعدة بعضهم بعضًا.

أكثِروا أيها المؤمنون من فِعل الخير والبر؛ فقد اتسعتُ لهما؛ إذ إني أكثر الشهور بركة وخيرًا، فيَّ تضاعف الحسنة، ويزاد الأجر للعاملين، فطوبى للحريص على الثواب، واللائذ بربه خشية العقاب، يقول السيد الأعظم رسول الحضرة الإلهية في خطبة في آخر يوم من شعبان: ((أيها الناس، قد أظلكم شهر عظيم، شهر مبارك، فيه ليلة خير من ألف شهر، جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوعًا، من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، وشهر المواساة، وشهر يزاد فيه رزق المؤمن، من فطَّر فيه صائمًا كان له مغفرة لذنوبه، وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء))، قلنا: يا رسول الله، ليس كلنا نجد ما نفطر به الصائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يعطى هذا الثواب مَن فطر صائمًا على مذقة لبن، أو شربة من ماء، ومن أشبع صائمًا سقاه الله من حوض الجنة شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة، وهو شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار)). [حديث منكَر].

هذا حالي مع طلاب الأجر والثواب، وأما مع أهل المعرفة الذين ينعمون في فراديس حب الله وعشقه، ويتلذذون بتجليات أُنسه وبسطه، فيكفيهم قول النبي فيما يرويه عن ربه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدمَ له إلا الصوم فإنه لي، وأنا أجزي به))، فأولو الأذواق الإلهية أهل الأذكار، أهل الحضور والشهود، أهل اليقين والقرب، يستقبلونني بكل إجلال واحترام، بكل رحابة وسرور، إكرامًا للمرسِل، يرحبون بي الترحيب كله؛ عملاً بقوله تعالى جل شأنه: ﴿ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6]، فتراهم يمتثلون ويعملون دون أن يسألوا عن المرتبة الشرعية لهذا العمل، أفرض هو أم سنة، وهل أجره وثوابه عظيم أم غير ذلك؟ بل استوت الأوامر بنظرهم الكامل من حيث أداؤها، فكلها أوامر صدرت عن حضرة الملك العليم العلام، لا يتأخَّرون عن أدائها، والجري بموجبها، أترى لو أمر الملك فردًا من رعيته بأمر، أيسأله عن منزلة هذا الأمر أفرض هو أم سنة؟ كلا! بل الامتثال أول ما يبدو له، والإتيان بالفعل غاية ما يعنُّ له...، وهكذا يزهو رمضان بين طلابه يخاطبهم بحسب درجاتهم ومراقي تفكيرهم، يرغِّبهم بأوامره على حسب عقولهم، فمنهم من يرغب بالصحة الجسمية لغنائه بماهيات جسده، ومنهم من يرغبه بالصحة الاجتماعية، ومنهم من يرغبه بالصحة الرُّوحية، ومنهم من يندبه للعبادة المحقة التي هي الدائرة الأولى التي تتفرع عنها الدوائر كلها؛ لأن من عرَف الله وهابه لم يستطِعْ بالتالي أن يقصر لا مع أمة، ولا مع الخَلْق أجمعين؛ لأن الخلق كلهم عبيد الله، وصحت له بالتالي العافية الاجتماعية، وهي عدم الإيذاء للخَلْق، والبر إليهم بمنتهى الطاقة، وما كان لينيَ عن حقوق جسده ونفسه؛ لأن الله أمره بهما، فهما مطيَّتاه للآخرة، أودعهما الله تحت يده، وشأن الوديعة أن تحفظَ في حرز المثل، وهل من البر أن تعامل الصغير القاصر الذي وليت أمره بما يضر جسمه، أو يتلف صحته، فكيف إذ ولاك رب العالمين على جسد له من قبله، فلا شك أنك تبالغ في الاعتناء، هذا شأن أهل المعرفة مع أجسادهم.

خذ من دائرة العبودية الدوائر التي لا تتناهى في معاملة الخَلق كافة، والأمم قاطبة، والإنسانية والبشر عمومًا، وجسدك ونفسك وروحك وأهلك ورحمك وجيرتك: كل على مقدار الدرجة التي يستحقها، فبالله تعطي، وبالله تأخذ، وبالله تتكلم، ولله تنصح، وبه ترحَم، وإليه تَذِلُّ، وله تخضع، وبه تلوذ، وإلى جنابه تأرز؛ فهو معك وأنت لا يحجبك عنه أحد، أنت مع الله ومطلوبك رضاه، وافتقارك إليه لا لأحد سواه.

فالرابطة بين رمضان وطلابه رابطة حب، أو طب، أو أجر وثواب، وهو في كل عام يلقي درسه العالمي والطلاب بعد ذلك متفاوتون، فمنهم من ينال الدرجة التي لا توصف برًّا بالمساكين، وعطفًا على الفقراء والمحتاجين، وجبرًا لخواطر الصغار، وتسكينًا للأهل، وقيامًا بحقوق القرابة والرحم، وتلاوة للقرآن، وتدبرًا لمعاني هذا الشرع المطهر، وعروجًا إلى مصافِّ المقرَّبين والأحباب المطهَّرين المخلصين، ومنهم من هو دونه يصابر نفسه وهواه، ويكظم غيظه ويتكلف الإكرام، ويسعى أن تكون هذه المكارم سجية وطبعًا، ومنهم من يصومه وكأنه لم يصُمْه لعدم قيامه بالحقوق المترتبة عليه، ولكن رمضان لا ينزوي عن طلابه حتى يحكم لأجمعهم أجرًا يقل أو يكثر حسب تفاوتهم في العمل الذي عملوه، ثم هو يرحل وقد أدى الرسالة التي أمر بها، وآخر وقفة يقفها بين طلابه أمره لهم بصدقة الفطر والحدب على المسكين، حتى يتلقى الجميعُ هدية رمضان موفورة؛ فالغني يُنفِقها وقد دفعت الصدقة عنه ألوانًا من البلاء، وكشفت عنه كربات الآخرة، والفقير تناولها فأوسعت له في دنياه، وزادته شكرًا لمولاه، يودع العالم الإسلامي بقول النبي عليه السلام: ((رمضان معلق بين السماء والأرض لا يرفع إلا بزكاة الفطر))، فالسلام عليه يوم يأتي ويوم يرتحل ويوم يعود.

المصدر: مجلة التمدن الإسلامي، السنة الخامسة، العدد السابع والثامن، 1358هـ - 1939م










ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك

رد مع اقتباس
 
   
إضافة رد

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

   
 
 
 
   

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة



Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية

الساعة الآن 12:53 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات