حكم الصلاة خلف التلفاز أو المذياع
د. حسين حسن أحمد الفيفي
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده؛ أما بعد:
فقد وردتني عدة أسئلة عن حكم الصلاة خلف إمام الحرم في التلفاز أو في المذياع أو غيرها، وقد أجبتهم باختصار بعدم الجواز، وتكررت الأسئلة، حتى أخبرني أحد المستفتين بأن هناك من أفتى بجوازها وذكر بعض الأدلة؛ لذلك كتبت هذا الجواب على هذا الفتوى، فأقول مستعينًا بالله تعالى:
الأصل في العبادات التوقف؛ فيحرم القول بجواز أي عبادة حتى يرد الدليل الصحيح الصريح على جوازها، ومن ذلك الصلاة خلف إمام في التلفاز أو غيره.
ولكن قد يعترض معترض فيقول بأنه لم يرد دليل أيضًا على التحريم، ولم توجد هذه الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة في عهد السلف؛ لذلك فهي من النوازل التي تحتاج إلى اجتهاد، فنقول بأن اجتهاد هذا المفتي في غير محله؛ فهناك عدة أدلة وأسباب تؤكد وتؤيد عدم جوازها؛ ومنها:
١- أن ما ورد في صفة صلاة الجماعة وشروطها وأركانها التي ذكرها الفقهاء - لا يمكن أن تنطبق على الصلاة خلف التلفاز؛ ومنها: عدم الاجتماع في مكان واحد، وعدم تحقق الاقتداء والمتابعة، ومراعاة انتقال الإمام فقد يكون النقل متأخرًا، وعدم اتصال الصفوف، وتعذر مشاهدة المصلين الذين في الصف المقدم، وكذلك عدم مراعاة وقت الصلاة؛ إذ كيف يصلي من هو في المغرب العربي مع إمام الحرم مع اختلاف الوقت بينهما، فهذه الشروط التي دلت عليها النصوص الشرعية كلها متعذرة في الصلاة خلف التلفاز.
٢- أن صلاة الجماعة شعيرة من شعائر المسلمين يشرع لها رفع الأذان، والسعي إليها، والاجتماع، والتبكير، وكل ذلك غير متحقق في الصلاة خلف التلفاز أو المذياع.
٣- أن صلاة الجماعة شُرعت لأجل حِكمٍ عظيمة ومصالح راجحة؛ ومنها: معرفة الفقير ومواساته، ومعرفة المريض وعيادته، ومعرفة المقصر ومناصحته، وزرع الألفة والمحبة بين أفراد المجتمع، وإغاظة أعداء الدين حين يرون المسلمين مجتمعين خلف إمام واحد، وهذه المصالح والمقاصد والحِكم متعذرة عند الصلاة خلف التلفاز.
٤- أن القول بجواز الصلاة خلف التلفاز فيه تعطيل للمساجد، وإبطال للجُمع والجماعات؛ فقد يتذرع به من ليس معذورًا في هذه الجائحة (كورونا)، فيكتفي بالصلاة خلف التلفاز بشكل دائم، ومن القواعد الشرعية التي دل عليها الكتاب والسنة قاعدة سد الذرائع.
لذا فإني أحذر عموم المسلمين من هذه البدعة المحدثة التي تؤدي إلى مفاسد كثيرة؛ فنبينا صلى الله عليه وسلم قال: ((من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد))، وأقول لكل من صلى مع إمامٍ خلف المذياع أو التلفاز بأن صلاته باطلة، وعليه أن يعيدها.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اضغط هنا للذهاب ل مصدر عنوان موضوعنا...
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك