تفسير سورة الفاتحة

[منتدى اهل الحديث]

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
سورةالفاتحة
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: ::::::::::
سورة الفاتحة سميت بذلك لأنه افتتح بها القرآن الكريم وقد قيل انها أول سورة نزلت كاملة .هذه السورة قال العلماء انها تشمل على مجمل معاني القران في التوحيد والاحكام والجزاء ولذلك سميت ( أم القرآن ) .وهذه السورة لها مميزات تتميز بها عن غيرها منها أنها ركن في الصلوات التي هي أفضل أركان الاسلام بعد الشهادتين ومنها انها رقية : اذا قرئ بها على المريض شفي بأذن الله لان النبي r قال للذي قرأ على اللديغ فبرئ ( وما يدريك أنها رقية ) .وقد ابتدع بعض الناس اليوم في هذه السورة بدعة فصاروا يختمون بها الدعاء ويبتدئون بها الخطب ويقرؤنها عند بعض المناسبات وهذا غلط تجده اذا دعا ثم قال لمن حوله ( الفاتحة ) لان العبادات مبناها على التوقيف والاتباع .
ذكر ما ورد عن فضل الفاتحة:عن ابي سعيد بن المعلى ( رضي الله عنه ) قال : كنت اصلي فدعاني رسول الله r فلم اجبه حتى صليت قال ( واتيته ) فقال ( ما منعك ان تاتي ) ؟ قال : قلت : يا رسول الله اني كنت اصلي.
قال : ألم يقل الله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا أستجيبوا لله وللرسول اذا دعاكم لما يحييكم ) .ثم قال : لأعلمنك أعظم سورة في القران قبل ان تخرج من المسجد : فأخذ بيدي فلما اراد ان يخرج من المسجد قلت يا رسول الله انك قلت لاعلمنك أعظم سورة في القران قال : نعم : ( الحمد لله رب العالمين ) هي سبع المثاني والقران العظيم الذي أوتيته ))رواه البخاري رحمه الله تعالى .
شرح الكلمات :
اعوذ : استجير واتحصن بالله ربي من الشيطان الرجيم .
بالله : برب كل شيئ والقادر على كل شيئ .
الشيطان : ابليس لعنه الله .
الرجيم : المرجوم المبعد المطرود من كل رحمة وخير .
الاسم : لفظ جعل علامة على مسمى يعرف به .
الله : اسم علم على ذات الرب تبارك وتعالى يعرف به .
الرحمن : اسم من اسماء الله تعالى مشتق من الرحمة.
الرحيم : اسم وصفة لله تعالى ذو الرحمة بعباده المفيضة عليهم.
الحمد : الوصف بالجميل والثناء على المحمود ذي الفضائل
لله : اللام حرف جر ومعناها الاستحقاق لجميع المحامد .
رب : السيد المالك المصلح المعبود بحق جل جلاله .
العالمين : جمع عالم وهو كل ما سوى الله تعالى كعالم الملائكة وعالم الجن وعالم الانس .
مالك : صاحب الملك المتصرف كيف يشاء .
يوم الدين : يوم الجزاء وهو يوم القيامة .
اياك : ضمير نصب يخاطب به الواحد .
نعبد : نطيع مع غاية الذل لك والتعظيم والحب .
نستعين: نطلب عونك لنا على طاعتك .
اهدنا : ارشدنا وادم هدايتنا
الصراط : الطريق الموصل الى رضاك وجنتك .
المستقيم : الذي لا ميل فيه عن الحق ولا زيغ عن الهدى
الذين أنعمت عليهم : هم النبيون والصديقون والشهداء والصالحون .وكل من انعم الله عليهم بالإيمان به تعالى .

غير المغضوب عليهم : من غضب الله عليهم لكفرهم وإفسادهم في الأرض كاليهود .
الضالين : من اخطأوا طريق الحق فعبدوا الله بما لم يشرعه كالنصارى
(معنى الآيات ):
يخبر تعالى إن جميع أنواع المحامد من صفات الجلال والكمال هي له وحده دون من سواه ثم علمنا الله تعالى كيف نتوسل إليه في قبول دعائنا فقال احمدوا الله واثنوا عليه ومجدوه والتزموا له بان تعبدوه وحده ولا تشركوا به وتستعينوه ولا تستعينوا بغيره .وبتعليم من الله تعالى يقول العبد في جملة إخوانه المؤمنين سائلا ربه بعد أن توسل إليه بحمده والثناء عليه وتمجيده ومعاهدته أن لا يعبد هو وإخوانه المؤمنين إلا هو وان لا يستعينوا إلا به يسألونه أن يديم هدايتهم .ولما سال المؤمن له ولإخوانه الهداية إلى الصراط المستقيم وكان الصراط مجملا بينه بقوله صراط الذين أنعمت عليهم وهو المنهج القويم المفضي بالعبد إلى رضوان الله تعالى والجنة .ولما سال المؤمن ربه الصراط المستقيم وبينه بأنه من انعم عليهم بنعمة الإيمان والعلم والعمل ومبالغة في طلب الهداية إلى الحق وخوفا من الغواية استثنى كلا من طريق المغضوب عليهم والضالين .فهذه السورة على إيجازها قد احتوت على ما لم تحتو عليه سورة من سور القران فتضمنت أنواع التوحيد الثلاثة توحيد الربوبية من قوله ( رب العالمين )وتوحيد الإلهيةوهو إفراد الله بالعبادة من لفظ ( الله ) ومن قوله ( إياك نعبد وإياك نستعين ) وتوحيد الأسماء والصفات وهو إثبات صفات الكمال لله تعالى التي أثبتها لنفسه وأثبتها له رسوله من غير تعطيل ولا تمثيل ولا تشبيهبلفظ ( الحمد )
الفوائد :
1-أن الله تعالى يحب الحمد، فلذا حمد تعالى نفسهوأمر عباده به.
2-إثبات الحمد الكامل لله عز وجل وذلك من ( ال ) في الحمد
3- أن المدح يكون لمقتضٍ. وإلا فهو باطل وزور، فالله تعالى لما حمد نفسه ذكر مقتضى الحمد وهو كونه رب العالمين والرحمن الرحيم ومالك يوم الدين.
4-ان الله تعالى مستحق مختص بالحمد الكامل من جميع الوجوه.

5- تقديم وصف الله بالالوهية على وصفه بالربوبية وهذا اما لان الله هو الاسم العلم الخاص به والذي تتبعه جميع الاسماء واما لان الذي جاءتهم الرسل ينكرون الالوهية فقط .
6- عموم ربوبية الله تعالى لجميع العالم لقوله تعالى ( العالمين ) .
7- اثبات هذين الاسمين الكريمين ( الرحمن الرحيم ) لله عز وجل واثبات ما تضمناه من الرحمة التي هي الوصف والفعل .
8- ان ربوبية الله عز وجل مبنية على الرحمة الواسعة للخلق الواصلة لانه تعالى لما قال ( رب العالمين ) كأن سائلا يسأل ما نوع هذه الربوبية ؟ هل هي ربوبية أخذ وانتقام او ربوبية رحمة وانعام ؟ قال تعالى ( الرحمن الرحيم ).
9- اثبات ملك الله تعالى وملكوته يوم الدين لان في ذلك اليوم تتلاشى جميع الملكيات والملوك.
10- اثبات البعث والجزاء لقوله تعالى ( مالك يوم الدين ) .
11- حث الانسان على ان يعمل لذلك اليوم الذي يدان فيه العملون
12- اخلاص العبادة لله لقوله ( اياك نعبد ) .
13- اخلاص الاستعانة بالله تعالى لقوله تعالى ( واياك نستعين ) .
14-أن لا يعبد غير ربه. وأن لا يستعينه إلا هو سبحانه وتعالى.
15- لجوء الانسان الى الله تعالى بعد استعانته به على العبادة ان يهديه الصراط المستقيم .لانه لا بد في العبادة من اخلاص .
16- بلاغة القران حيث حذف حرف الجر من ( اهدنا ) والفائدة لاجل ان تتضمن طلب الهداية التي هي هداية العلم وهداية التوفيق فالاول ليس فيها الا مجرد الدلالة والثانية فيها هداية التوفيق لا يملكها الا الله تعالى .
17- انقسام الناس الى ثلاثة اقسام قسم انعم الله عليهم وقسم مغضوب عليهم وقسم ضالون .
18- انه يقدم الاشد فالاشد لانه تعالى قدم المغضوب عليهم على الضالين لانهم اشد مخالفة للحق من الضالين فان المخالف عن علم يصعب رجوعه بخلاف المخالف عن الجهل .
19-الترغيب في سلوك سبيل الصالحين، والترهيب من سلوك سبيل الغاوين.

20-الاعتراف بالنعمة.
21- إثبات النبوة في قوله ( اهدنا الصراط المستقيم ) لان ذلك ممتنع بدون الرسالة .
22- إثبات الجزاء على الأعمال في قوله ( مالك يوم الدين ) وان الجزاء يكون بالعدل لان الدين معناه الجزاء بالعدل .
23- تضمنت الرد على جميع أهل البدع والأهواء والضلال في قوله ( اهدنا الصراط المستقيم ) لأنه معرفة الحق والعمل به وكل مبتدع وضال فهو مخالف لذلك .
24- الاستعانة نوعان استعانة تفويض بمعنى انك تعتمد على الله تعالى وتتبرأ من حولك وقوتك وهذا خاص بالله تعالى واستعانة المشاركة فيما تريد أن تقوم به فهذه جائزة إذا كان المستعان حيا قادرا على الإعانة .وهل الاستعانة بالمخلوق جائزة في جميع الأحوال ؟فالجواب لا الاستعانة بالمخلوق إنما تجوز حيث كان المستعان به قادرا عليها وأما إذا لم يكن قادرا فانه لا يجوز كما لو استعان بصاحب قبر فهذا حرام بل شرك اكبر لان صاحب القبر لا يغني عن نفسه شيئا فكيف يعينه .
25-هل البسملة آية من الفاتحة أو لا ؟الجواب إنها ليست من الفاتحة ولكنها آية مستقلة .
26-إسناد النعمة إلى الله تعالى وحده في هداية الذين أنعم عليهم؛ لأنها فضل محض من الله
27-بلاغة القرآن، حيث جاء التعبير عن المغضوب عليهم باسم المفعول الدال على أن الغضب عليهم حاصل من الله تعالى، ومن أوليائه..
28-كلمة آمين ليست من الفاتحة ويستحب أن يقولها الإمام والمأموم لقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( إذا أمن الإمام فأمنوا ) أي قولوا آمين بمعنى اللهم استجب دعاءنا .
29-آداب الدعاء حيث يقدم السائل بين يدي دعائه حمد الله والثناء عليه وتمجيده. وزادت السنةالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يسأل حاجته فإنه يستجاب له.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .



ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك