09-02-2020, 09:43 PM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 349,423
|
|
دليل الصلاة والزكاة وتفسير التوحيد
دليل الصلاة والزكاة وتفسير التوحيد
د. فهد بن بادي المرشدي
قال المصنف رحمه الله: (وَدَلِيلُ الصَّلاةِ، وَالزَّكَاةِ، وَتَفْسِيرُ التَّوْحِيدِ؛ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾ [البينة: 5].
الشرح الإجمالي:
(ودليل) أن (الصلاة والزكاة) المفروضة ركنان من أركان الإسلام الخمسة، وكذا في الآية (تفسير التوحيد) أيضًا، وهو الأساس الذي لا يستقيم إسلامُ عبدٍ إلا به: (قوله تعالى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا ﴾؛ أي: الكفار في جميع الأزمان ﴿ إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ ﴾ وحده، ﴿ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾؛ أي: العبادة، (حنفاء)؛ أي: مائلين عن الأديان كلها إلى دين الإسلام؛ وهذا تفسير التوحيد، وهو: عبادة الله مع الإخلاص له، وترك عبادة ما سواه، ﴿ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ ﴾ المكتوبة بأركانها وواجباتها وشروطها في أوقاتها كما أمر الله، ﴿ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ﴾ عند محلها لأصنافها المستحقين لها كما أمر الله، ﴿ وَذَلِكَ ﴾، أي: المتقدم، وما أُمر به من التوحيد، ومن إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة هو: ﴿ دِينُ ﴾ الملة ﴿ القيِّمة ﴾ المستقيمة، أي: دين الكتب المستقيمة المنزلة على الأنبياء، وهو دين الإسلام الذي يجب أن يُتبع؛ لأن كل من رام استقامةً في غيره، فإنه لا يحصل له ذلك[1].
الشرح التفصيلي:
قال المصنف في بعض رسائله: «اعلم رحمك الله: أنَّ فَرْضَ معرفة شهادة أن لا إله إلا الله، قبل فرض الصلاة والصوم، فيجب على العبد أن يبحث عن معنى ذلك، أعظم من وجوب بحثه عن الصلاة، والصوم، ومعنى ذلك أن يشهد العبد أن الإلهية كلها لله، ليس منها شيء لنبي، ولا لملك، ولا لولي، بل هي حق الله على عباده» [2]، ولهذا اقتصر المصنف رحمه الله تعالى على بيان حقيقة الركن في الأولين، وهما الشهادتان: ببيان معناهما لشدة الحاجة إليهما، ووقوع أكثر الناس فيما يخالفهما، وأما بقية أركان الإسلام، فاكتفى فيها بذكر الأدلة على كونها من أركان الإسلام دون بيان حقيقة الركن.
قال المصنف: (ودليل الصلاة، والزكاة، وتفسير التوحيد): وهذا شروعٌ من المصنف رحمه الله تعالى للاستدلال على أن الصلاة المفروضة، والزكاة الواجبة ركنان من أركان الإسلام الخمسة، واستدل على ذلك بــ (قوله تعالى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾)، وهذه الآية تضمنت الأمر بإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، كما تضمنت بيان التوحيد وتفسيره، وفيها أن هذا الدين عقيدةً وعملًا هو أقوم الأديان، وأن كل من رام استقامةً في غيره، فإنه لا يحصل له ذلك[3]، والمقصود أنها تضمنت الدلالة على الأمرين:
الأول: الأمر بإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، أما الصلاة ففي قوله تعالى: ﴿ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ ﴾، وأما الزكاة، ففي قوله تعالى: ﴿ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ ﴾، ووجه كونهما ركنان من أركان الإسلام أنهما مأمورٌ بهما، وهذا دليل على أنهما من دين الإسلام؛ لأن الفعل: (يقيموا) معطوف على الفعل: (ليعبدوا)، الذي دخلت عليه لام الأمر، فيكون التقدير: (ليعبدوا وليقيموا وليؤُتوا)، فتكون كلمة (يقيموا) على وجه الأمر؛ أي: ليقيموا، والأمر يقتضى الوجوب، ولا صارف له عن الوجوب، فيكون واجبًا، وكذلك يقال في كلمة (يؤتوا)، فالآية فيها أمرٌ بإقامة الصلاة، وأمرٌ بإيتاء الزكاة [4].
والثاني: تفسير التوحيد، وهو مأخوذ من قوله تعالى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين ﴾، فهم مأمورون بإفراد الله بالعبادة، وهو مستفاد من طريق القصر، وهو الاستثناء بعد النفي، ويضاف إلى هذا الإخلاص، وهو ألا يشرك مع الله غيره، فيكون قوله تعالى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين ﴾، هو معنى (لا إله إلا الله)، أي: لا معبود حق إلا الله، ولا يتم هذا إلا بإفراد الله تعالى بالعبادة [5].
وجمع في هذه الآية بين التوحيد والصلاة والزكاة؛ ليدل على أنهما مع عظمهما في الأعمال لا تُقبلان ولا تنفعان إلا بالتوحيد[6]، والاستدلال هنا في سياق أركان الإسلام، ولا مدخل لتفسير التوحيد ها هنا، فقول المصنف: (ودليل الصلاة، والزكاة، وتفسير التوحيد): استطرادٌ منه؛ اهتمامًا بمقام التوحيد[7]، وهذه الثلاثة المذكورة في كلام المصنف هي أعظم أركان الإسلام، وكثيرًا ما يأتي في الكتاب والسنة الجمع بينهما في مواضع متعددة؛ كما قال تعالى: ﴿ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ﴾ [التوبة: 11][8] ، أي: تابوا من الشرك، فأعظم هذه الأصول: عبادة الله وحده لا شريك له، وبعد ذلك إقام الصلاة، فالصلوات الخمس هي عمود الإسلام، وهي أوجب الواجبات بعد التوحيد، والزكاة قرينتها في كتاب الله وسنة رسوله[9].
[1] ينظر: حاشية ثلاثة الأصول، عبدالرحمن بن قاسم (58)، وتيسير الوصول شرح ثلاثة الأصول، د. عبدالمحسن القاسم (139)، وشرح الأصول الثلاثة، د. صالح بن فوزان الفوزان (187)، والمحصول من شرح ثلاثة الأصول، عبدالله الغنيمان (146)، وتعليقات على ثلاثة الأصول، صالح بن عبدالله العصيمي (41)، وحصول المأمول بشرح ثلاثة الأصول، عبدالله بن صالح الفوزان (122).
[2] الدر السنية (2 /121).
[3] شرح الأصول الثلاثة، د. خالد المصلح (50).
[4] ينظر: حصول المأمول بشرح ثلاثة الأصول، عبدالله بن صالح الفوزان (121).
[5] المصدر السابق (121).
[6] تنبيه العقول إلى كنوز ثلاثة الأصول، د. عبدالرحمن الشمسان (2 /648).
[7] تعليقات على ثلاثة الأصول، صالح بن عبدالله العصيمي (41).
[8] سورة التوبة، الآية [11].
[9] شرح الأصول الثلاثة، عبدالرحمن البراك (28).
اضغط هنا للذهاب ل مصدر عنوان موضوعنا... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|