شبكة ربيع الفردوس الاعلى  

   
 
العودة   شبكة ربيع الفردوس الاعلى > 3 > الموسوعة الضخمة ------- الصوتية
 
   

« آخـــر الــمــواضــيــع »
         :: مصحف سعد الغامدي معلم مزدوج ترديد الاطفال مقسم اجزاء (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: سعد الغامدي المصحف المعلم التكرار 3 مرات مقسم اجزاء (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف سعد الغامدي مقسم اجزاء حجم صغير (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف سعود الشريم مقسم أجزاء و مسرع الى نصف الوقت (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف سعود الشريم مقسم اجزاء و مسرع الى نصف الوقت الجزء ربع ساعة فقط (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف أنس عيسى العمادى 92 سورة (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف سعد الغامدي معلم ترديد الاطفال 114 سورة جودة رهيبة (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف سعد الغامدي معلم ترديد الاطفال 114 سورة بجودة 64 ك (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف سعد الغامدي معلم ترديد الاطفال 114 سورة بجودة 32 حجم صغير (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف سعد الغامدي معلم ترديد الاطفال 114 سورة بجودة 16 حجم صغير جداااااااا (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)      

إضافة رد
   
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

  #1  
قديم 08-20-2014, 02:10 PM
منتدى اهل الحديث منتدى اهل الحديث غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 5,969
افتراضي محاضرة :أهم العقائد اليهودية - الإلاهيات المحاضر: د. عماد الدين عبد الله طه الشنطي

محاضرة :أهم العقائد اليهودية - الإلاهيات المحاضر: د. عماد الدين عبد الله طه الشنطي

المبحث الأول
الإلهيات
الإله عند اليهود
لقد كان لليهود نظرة خاصة فيما يتعلق بهذه القضية، لا تختلف كثيراً عن نظرة الأقوام الأخرى الذين يعبدون آلهة شتى، ففي عهد موسى  انحرف اليهود عن التوحيد الذي أمرهم به ثم بالغوا في الانحراف بعده، فعبدوا الأوثان، وابتدعوا لإلههم صورة خاصة بهم، وأطلقوا عليه اسم (يهوه)، هذا الإله لا يهمه من الخلق غير اليهود (شعب الله المختار)، على غرار ما كانت تعتقده الأقوام القديمة، إذ كان لكل قبيلة أو مدينة إله واحد من بين الكثير من الآلهة، دون أن ينكروا عبادة الآلهة الأخرى، وكأن الأمر تغليب لرب من الأرباب على سائر الأرباب، ففي ذلك تذكر التوراة عن (يهوه): "وقال الله أيضاً لموسى هكذا تقول لبني إسرائيل يهوه إله آبائكم إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب أرسلني إليكم، هذا اسمي إلى الأبد وهذا ذكر إلى دور فدور".( )
فهذا السفر من التوراة يبين أن لبني إسرائيل إلهاً خاصاً بهم اسمه (يهوه).
ويبدو أن هذا الاسم من إضافات اليهود وتحريفاتهم، إذ يستحيل أن يتصف المولى بهذه الصفة (أن يكتفي بألوهيته لبني إسرائيل فقط)، وهذا ما تؤكده توراة السامرة، فالنص يختلف ولا ذكر للفظة (يهوه) فيه، فتقول: "وخاطب الله موسى وقال له أنا الله، وتجليت لإبراهيم ولإسحاق وليعقوب بالقادر الكافي، اسمي الله ما ناجيتهم. وأيضاً بتت عهدي معهم لإعطاء لهم أرض كنعان تجاورهم التي استجاروا بها".( )
و(يهوه) أو (ياهو) اسم لإله بني إسرائيل كما سبق، ولا يعرف له اشتقاق، فقد يكون من نداء الضمير الغائب أي (ياهو)، لأن موسى علم بني إسرائيل أن يتقوا ذكر إلههم توقيراً له، وأن يكتفوا بالإشارة إليه، وقد تكون كلمة (يهوه) هي الكلمة المقابلة لكلمة (لورد –Lord) ومعناها سيد وإله، وغيرها من الفروض.( )
والإله (يهوه) صاغه اليهود على مزاجهم، فهو في الحقيقة مخلوق لهم لا خالق، فهو لا يأمرهم، بل يسير على هواهم، فيصفونه بصفات الحرب والتدمير إن هم حاربوا وبطشوا بالآخرين، ويصفونه بالسرقة إن أرادوا ذلك، ولا يعلم إلا ما يريدونه هم... الخ، وأكدوا على خصوصية إلههم هذا ورعايته لهم، وسكناه بينهم في مواطن كثيرة من توراتهم منها: "وارتحلوا من سكوت ونزلوا في إيثام في طرف البرية، وكان الرب يسير أمامهم نهاراً في عمود سحاب ليهديهم في الطريق وليلاً في عمود نار ليضئ لهم لكي يمشوا نهاراً وليلاً".( )

ولقد كان إيمان اليهود بإلههم يقوم على أمرين:
أولاً: تجسيم الإله:
الطبيعة اليهودية طبيعة مادية تميل إلى التجسيم والتشبيه والتمثيل، وتخلو من التنزيه والتجريد فلم يستطيعوا تصور إله منزه عن المادة وعلائقها، ولم يعرفوا الألوهية وما يجب لها من الكمال، بل علقوا إيمانهم بموسى ورسالته على رؤية الله تعالى، فقال الله سبحانه عنهم: وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ [البقرة:55] وقال سبحانه: يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَاناً مُبِيناً [النساء:153].
فعلى الرغم من وجود موسى  بين ظهرانيهم ورؤيتهم لمعجزاته، وتفضل المولى سبحانه عليهم بالعفو والصفح عنهم، إلا أنهم لم يتخلوا عن المفهوم المادي للإله، ولم يطمئنوا إلى عبادة إله لا يرونه، فطلبوا من نبيهم موسى  أن يجعل لهم إلهاً محسوسا كما لغيرهم من الأقوام الوثنية، وذلك عندما مروا على قوم يعكفون على أصنام لهم، فقال تعالى مخبراً عن حالتهم: وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَآئِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْاْ عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُواْ يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ  إِنَّ هَؤُلاء مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ  قَالَ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ [الأعراف: 138–140].
وطلب بني إسرائيل جاء بعد إغراق عدوهم فرعون وقومه، ونجاتهم، ومن كانت هذه حاله فالأولى أن يزداد إيمانه بالله تعالى، ويتخلص من أي أثر للشرك والكفر وعبادة الالهة الأخرى، ولكن حال بني إسرائيل كان على النقيض تماماً، مما يدل على صلف وجهل ومادية العقلية اليهودية.
بل تعدى الأمر إلى مرحلة أكثر خطورة، وموسى لا يزال حياً بين ظهرانيهم، إذ ضاقت مداركهم عن تصور إله لا يسمعون صوته، ولا يرونه فاستغلوا ذهاب موسى للقاء ربه واتخذوا من بعده عجلاً جسداً يعبدونه من دون الله تعالى، بل نسبوا صناعة العجل الذي عبدوه إلى هارون، جاء في سفر الخروج:
"ولما رأي الشعب أن موسى أبطأ في النزول من الجبل اجتمع الشعب على هارون وقالوا له قم اصنع لنا آلهة تسير أمامنا لأن موسى الرجل الذي أصعدنا من أرض مصر لا نعلم ماذا أصابه، فقال لهم هارون انزعوا أقراط الذهب التي في آذان نسائكم وبنيكم وبناتكم وأتوني بها، فنزع كل الشعب أقراط الذهب التي في آذانهم وأتوا بها إلى هارون، فأخذ ذلك من أيديهم وصوره بالإزميل وصنعه عجلاً مسبوكاً، فقالوا هذه ألهتك يا إسرائيل التي أصعدتك من أرض مصر، فلما نظر هارون بنى مذبحاً أمامه، ونادىهارون وقال غداً عيد للرب...".( )
ولكن القرآن الكريم بين وفصل في ذلك، ونزه هارون عن تهمة الشرك هذه التي نسبها اليهود إليه، فقال سبحانه في سورة طه:وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَى  قَالَ هُمْ أُولَاء عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى  قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ َفرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي  قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ  فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ  أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا  وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي  قَالُوا لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي  قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ  قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي [طه: 83-96]. فهارون  برئ من شركهم وكفرهم، وواضح أن السامري هو الذي صنع لهم هذا العجل.
فهذه الآيات وغيرها تبين انحراف بني إسرائيل في عهد موسى ، وإيمانهم بالماديات المحسوسات دون الغيبيات، بل صوروا إلههم وكأنه إنسان يمارس نفس أعمال الإنسان، فهو يتمشى في الجنة، ويسمع آدم صوته، ويختبئ منه ويجهل أين اختبأ آدم... الخ.
ففي سفر التكوين مثلاً "وسمعا صوت الرب الإله ماشياً في الجنة عند هبوب ريح النهار فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله في وسط شجر الجنة – فنادى الرب الإله آدم وقال له أين أنت، فقال سمعت صوتك في الجنة فخشيت لأني عريان فاختبأت، فقال من أعلمك أنك عريان هل أكلت من الشجرة التي أوصيتك أن لا تأكل منها، فقال آدم المرأة التي جعلتها هي أعطتني من الشجرة فأكلت....".( )
وإذا ما نظرنا إلى القرآن الكريم وتفصيله لقصة آدم  فإنه ينزه الله تعالى عن المعاني التجسيدية، ويصف لله بما يليق بذاته المقدسة، فهو الذي ليس كمثله شئ وهو السميع البصير.
يقول المولى سبحانه وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ  فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ  فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ  قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة: 35–38].
ويزيد صاحب سفر التكوين في التأكيد على تجسيد وبشرية الإله، فيذكر قصة الرب مع ملكين ومجيئهما على إبراهيم فيقول "وظهر له الرب عند بلوطات ممراً وهو جالس في باب الخيمة وقت حر النهار، فرفع عينيه ونظر وإذا ثلاثة رجال واقفون لديه فلما نظر ركض لاستقبالهم من باب الخيمة وسجد إلى الأرض، وقال يا سيد إن كنت قد وجدت نعمة في عينيك فلا تتجاوز عبدك ليؤخذ قليل ماء واغسلوا أرجلكم واتكئوا تحت الشجرة، فآخذ كسرة خبز فتسندون قلوبكم ثم تجتازون لأنكم قد مررتم على عبدكم فقالوا هكذا تفعل كما تكلمت.فأسرع إبراهيم إلى الخيمة إلى سارة وقال أسرعي بثلاث كيلات دقيقاً سميداً، اعجني واصنعي خبز مله، ثم ركض إبراهيم إلى البقر وأخذ عجلاً رخصاً وجيداً وأعطاه للغلام فأسرع ليعمله، ثم أخذ زبداً ولبناً والعجل الذي عمله ووضعها قدامهم وإذ كان هو واقفاً لديهم تحت الشجرة أكلوا".( )
وبالنظر في القصة نرى أن التوراة وصفت الإله بالتعب والاغتسال والأكل والراحة، وقضاء الوقت مع إبراهيم في ظل الشجرة... الخ من صفات الفقر والاحتياج والحدوث التي نزه الله تعالى نفسه عنها، وفي القرآن الكريم نقرأ تفاصيل هذه القصة بصورة مخالفة لما عندهم، فضيوف إبراهيم من الملائكة، لم تمتد أيديهم إلى شراب أو مأكل، فضلاً عن أن يكون الله واحداً منهم يأكل ويشرب ويستريح، فقال تعالي في سورة الذاريات:
هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ  إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ  فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ  فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ  فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ  فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ  قَالُوا كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ [الذاريات: 24-30]
وبالنظر في تاريخ بني إسرائيل فإنهم في معظم عصورهم كانوا ينحرفون إلى الشرك، وكثرة أنبيائهم دليل على ذلك؛ إذ كانوا يجددون من حين لآخر الدعوة إلى التوحيد، ويخلصوهم من عبادة الأرواح والأحجار وتقليد الأمم الأخرى، حتى في عهد موسى  لم يتخلوا عن عبادة العجل كما سبق، بل زعموا أن موسى صنع لهم الحية النحاسية التي عبدها بنو إسرائيل إلى عهد حزقيا (أحد ملوك بني إسرائيل).( )
وخلاصة القول كما يقول ديورانت: لم يكن للأمم القديمة إله آدمي في كل شئ كإله اليهود هذا.( )
بعد هذا العرض للإله في تصور اليهود، لابد من ذكر بعض الصفات التي وصفوا الإله بها، هذه الصفات التي تؤكد على النظرة المادية السابقة فوصفوه بما يليق بالإنسان لا بما يليق بجلال الله تعالى وعظمته.

ثانياً: الصفات البشرية للإله
من أهم هذه الصفات التي ُوصِف بها الإله في العهد القديم ما يلي:
1-التعب والإعياء:
تذكر أسفار التوراة المختلفة أن الله بعد أن خلق الخلق فرغ منه بعد تعب، واستراح في اليوم السابع، ففي سفر التكوين: "فأكملت السموات والأرض وكل جندها، وفرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي عمل، فاستراح في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل، وبارك الله اليوم السابع وقدسه لأنه فيه استراح من جميع عمله الذي عمله الله خالقاً".( )
ورد المولى سبحانه عليهم زعمهم هذا في القرآن الكريم بقوله: وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ [قّ:38]

2-وصفهم الله تعالى بالحزن:
ففي سفر التكوين "ورأي الرب أن شر الإنسان قد كثر في الأرض وأن كل تصور أفكار قلبه إنما هو شرير كل يوم. فحزن الرب أنه عمل الإنسان في الأرض، وتأسف في قلبه فقال الرب أمحو عن وجه الأرض الإنسان الذي خلقته. الإنسان مع بهائم ودبابات وطيور السماء، لأني حزنت أني عملتهم وأما نوح فوجد نعمة في عيني الرب".( )
والتوراة تتناقض مع بفسها في ذلك حين تصف إلإله بالندم والحزن، وفي مواضع أخرى تقول: (ليس الله إنسانا ًفيكذب ولا ابن إنسان).( ) وتتناقض مع تنزيه الله في أسفار أخرى عن أن يكون إنسانا، ففي سفر هوشع (لأني الله لا إنسانا)( )وفي سفر صموئيل (ولا يندم لأنه ليس إنسانا ليندم).( )
والله عزوجل منزه عن ذلك، قال سبحانه : لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ [الأنبياء:23] وقال سبحانه: قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ [الفرقان:77]

3-نسبتهم الولد لله عزوجل:
هؤلاء الأولاد الذكور لله فتنهم جمال الآدميات، فاتخذوهن خليلات وولد لهم منهن نسل امتاز ببسطة في الجسم، وهم الجبابرة الذين سكنوا الأرض قبل الطوفان، جاء في سفر التكوين: "وحدث لما ابتدأ الناس يكثرون على الأرض وولد لهم بنات. أن أبناء الله رأوا بنات الناس أنهن حسنات فاتخذوا لأنفسهم نساء من كل ما اختاروا، فقال الرب لا يدين روحي في الانسان إلى الأبد. لزيغانه هو بشر وتكون أيامه مئة وعشرين سنة. كان في الأرض طغاة في تلك الأيام وبعد ذلك إذ دخل بنو الله عل بنات الناس وولدن لهم أولاد هؤلاء هم الجبابرة الذين منذ الدهر ذوو اسم".( )
ولقد رد الله على كل من نسب له الولد، فقال سبحانه وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ [البقرة:11]. وقوله تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ  اللَّهُ الصَّمَدُ  لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ  وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص: 1-4]
وبعد نسبتهم الولد لله، زعموا أنهم أبناء الله فقال سبحانه مخبراً عنهم وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ [المائدة: 18].
فرد عليهم هذا بقوله: قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ [المائدة: 18]
ونظراً لأنهم أبناء الله وأحباؤه على زعمهم، فالهداية مقصورة عليهم فقط دون غيرهم، فقال تعالى: وَقَالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [البقرة:135]
وانطلاقاً من نظرتهم الضيقة هذه وعنصريتهم، جعلوا الجنة خاصة بهم، فقال سبحانه عنهم: وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ [البقرة:111] ثم رد المولى عليهم باطلهم هذا بقوله: قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ  [البقرة:111].
وزعموا أن العذاب الذي سيلحقهم نتيجة عبادتهم العجل ما هو إلا بعدد أيام عبادتهم العجل، فقال تعالى عنهم: وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَة [البقرة:80]،فرد زعمهم هذا بقوله قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ [البقرة: 80].
فالآيات السابقة تدل على عنصرية اليهود، ونظرتهم المتعالية على الآخرين، رغم ضعف مقولتهم وعدم استنادها إلى دليل.

4-وصفهم الإله بالضعف:
روى سفر التكوين ذلك فيقول: "فبقى يعقوب وحده وصارعه إنسان حتى طلوع الفجر، ولما رأى أنه لا يقدر عليه ضرب حق فخذه، فانخلع حق فخذ يعقوب في مصارعته معه وقال أطلقني لأنه قد طلع الفجر، فقال لا أطلقك إن لم تباركني فقال له ما اسمك فقال يعقوب: فقال لا يدعي اسمك في ما بعد يعقوب بل إسرائيل لأنك جاهدت مع الله والناس وقدرت وسأل يعقوب وقال أخبرني باسمك. فقال: لماذا تسأل عن اسمي وباركه هناك فدعا يعقوب اسم المكان فنيئل قائلاً لأني نظرت الله وجهاً لوجه ونجيت نفسي".( )
5-وصفوا الله بالفقر:
قال الله تعالى مخبراً عنهم: لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ  [آل عمران:181]. وقال سبحانه: وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَاناً [المائدة: 64].
ففي الآيات السابقة استعراض لأقاويل اليهود التي يبدو فيها سوء الأدب مع الله -عزوجل- حين طلب منهم الإنفاق من فضله الذي تفضل به عليهم، فقالوا: "إن الله فقير ونحن أغنياء..." وهذه صورة من الصور السيئة للحقيقة الإلهية الشائعة في كتبهم، ولكن في هذا الموطن بلغت مبلغاً عظيماً من سوء التصور ومن سوء الأدب معاً،( ) ولقد ذكر الله تعالى في القرآن الكريم ما يدل على أن الجلافة في قلوبهم، والغلظة في طبعهم بلغت ذروتها، إذ لم يكتفوا في التعبير عن البخل بلفظه المباشر، بل استخدموا لفظاً أشد وقاحة وكفراً، فقالوا: "يد الله مغلولة"، فرد عليهم بلعنهم وطردهم غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ... [المائدة:64]، ثم صحح هذا التصور بوصف نفسه سبحانه بالانفاق والكرم والتفضل على عباده.( )

6-ادعائهم أن الله يستفيد من الضحايا المقدمة، وينتعش من رائحتها:
جاء في سفر الخروج "... وتقطع الكبش إلى قطعة، وتغسل جوفه وأكارعه وتجعلها على قطعة وعلى رأسه، وتوقد كل الكبش على المذبح هو محرقة للرب رائحة سرور وقود هو الرب ".( )
ولكن الله سبحانه رد هذه المزاعم اليهودية فقال تعالى: لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ [الحج:37].
7-يزعمون رؤية الله حقيقة في الدنيا:
وقد نسبوا ذلك إلى يعقوب أو موسى أو الشعب، فمما ورد في أسفارهم من ذلك، في سفر التكوين "فدعا يعقوب اسم المكان فنيئيل قائلاً لأني نظرت الله وجهاً لوجه ونجيت نفسي".( )
وأيضاً في سفر الخروج "فقال الرب لموسى اذهب إلى الشعب وقدسهم اليوم وغداً وليغسلوا ثيابهم ويكونواً مستعدين لليوم الثالث، لأنه في اليوم الثالث ينزل الرب أمام عيون جميع الشعب على جبل سيناء".( )
وقول موسى "وجهاً لوجه تكلم الرب معنا في الجبل من وسط النار".( ) والقرآن الكريم رد هذه المزاعم، يقول الله سبحانه: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِه [الأنعام: 91].
ويقول تعالى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى:11].
ويقول تعالى: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَار [الأنعام:103].
وفي قصة موسى التي قصها القرآن دليل واضح على عدم رؤيته لله تعالى في الدنيا فضلاً عن أن يراه عامة الشعب، فقال تعالى: وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ [لأعراف:143] ففي هذه الآيات دليل واضح على أن موسى  لم ير ربه بخلاف ما تثبت التوراة.
هذه بعض الصفات التي وصف بها اليهود ذات الله سبحانه وتعالى،والتي تعبر عن نفسيه اليهود المريضة وعقليتهم المتكبرة، ذات النزعة العنصرية، التي تؤمن بما هو مشاهد أو محسوس، وهذا واضح حتى في عهد موسى  وتنزل التوراة، فرغم المعجزات المشاهدة والكرامات التي أكرمهم الله بها رفضوا التوراة ولم يقبلوها إلا تحت التهديد والوعيد.
فلقد أمر الله تعالىملائكته بقلع جبل من أصله على قدرهم، ثم رفعه فوق رؤوسهم،على أن يقبلوا التوراة أو أن يلقى على رؤسهم، فقبلوها كرهاً، قال تعالى: وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [لأعراف:171].
وفي ذلك ورد عن ابن عباس( ) أن الملائكة رفعت فوق رؤسهم الجبل وهو قوله: وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ [البقرة: 63]، فعندما سار بهم موسى  إلى الأرض المقدسة وأخذ الألواح بعد ما سكت عنه الغضب،وأمرهم بالذي أمر الله أن يبلغهم من الوظائف، ثقلت عليهم وأبوا أن يقروا بها حتى نتق الله الجبل فوقهم كأنه ظلة، قال سبحانه وتعالى: وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ [البقرة:63].

-الإله في التلمود:
ولم يكن الحال في التلمود أفضل مما هو عليه في التوراة، بل كانت الوثنية والتجسيم ظاهرة في فقراته، فقال عن الإله:( ) "النهار مقسم اثنا عشرة ساعة، في الثلاث الأولى يجلس الله ويطالع الشريعة، والثانية يحكم، والثالثة يطعم العالم، وفي الثلاث الأخيرة يجلس ويلعب مع الحوت ملك الأسماك، وأنه لا شغل لله في الليل غير تعلمه التلمود مع الملائكة ومع (اسموديه) ملك الشياطين في مدرسة السماء، ثم ينصرف (اسموديه) منها بعد صعوده إليها كل يوم.
ويذكر التلمود عن الإله أنه "يتندم على تركه اليهود في حالة التعاسة حتى إنه يلطم ويبكي كل يوم فتسقط من عينيه دمعتان في البحر فيسمع دويهما من بدء العالم إلى أقصاه، وتضطرب المياه وترتجف الأرض في أغلب الأحيان فتحصل الزلازل".( )




https://www.youtube.com/watch?v=eO9uTHMWUcE

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك

رد مع اقتباس
 
   
إضافة رد

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

   
 
 
 
   

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة



Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية

الساعة الآن 04:50 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات