احذري اكتئاب ما بعد الولادة في هذه الحالة

[ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران]

احذري اكتئاب ما بعد الولادة في هذه الحالة

لا يرتبط اكتئاب ما بعد الولادة بطبقة إجتماعية معينة أو بوضع معين، فأي امرأة قد تكون عرضة له سواء كانت من المشاهير، من الأغنياء أو من طبقة فقيرة... أي امرأة قد تكون عرضة لهذه الحالة التي تصيبها بعد الولادة على أثر المشاعر المتفاوتة الأحاسيس التي تشعر بها في هذه المرحلة الجديدة التي تبدل حياتها لا بل تقلبها رأساً على عقب، مع المسؤوليات الملقاة على عاتقها.
وفيما يعتبر ذاك الحزن الذي يعرف بالBaby Blues والذي يصيب الأم الجديدة بعد الولادة بسيطاً ولا يشكل خطراً على علاقتها بطفلها ويمكن أن يزول تلقائياً، تزيد الحالة خطورة مع استمرارها لمدة أطول وظهور أعراض مختلفة أقرب إلى الاكتئاب، ما يستدعي العلاج النفسي وربما العلاج بالأدوية حتى لا يرافق الاكتئاب الأم طيلة حياتها ويؤدي إلى خلل دائم في علاقتها بطفلها.
الاختصاصية في علم النفس العيادي والمعالجة النفسية كيم ورد شددت على دور المحيط، أي الزوج والعائلة، في مساعدة الأم على استعادة ثقتها بنفسها وتخطي هذه المرحلة دون مشاكل ودون أن تترك اي أثر على علاقتها بطفلها. ثمة دور لا بد من القيام به حتى لا يزداد الوضع سوءاً وتصبح الحالة أكثر خطورة.
كيف يمكن وصف اكتئاب ما بعد الولادة؟
اكتئاب ما بعد الولادة حالة تختلف عن الاكتئاب العام لاختلاف أعراضه، وهو مرتبط بالولادة حصرياً مما يسمح بتفريقه عن الاكتئاب الذي قد يصيب امرأة في أي وقت آخر.
كيف يختلف اكتئاب ما بعد الولادة بين حالة وأخرى؟
هناك 3 أنواع من الاكتئاب التي تختلف في مستوياتها وأعراضها وفترات ظهورها وخطورتها.
أولاً: الـ Baby Blues
هو الأكثر شيوعاً ويصيب النسبة الكبرى من النساء بعد الولادة. فتصل نسبة الإصابة به إلى 70 أو 80 في المئة من النساء بعد الولادة، إلا انه ليس اكتئاباً بالمعنى الحقيقي للكلمة بل هو حالة أقرب إلى الحزن الذي تعانيه الأم الجديدة بعد الولادة.
متى تظهر؟
تظهر حالة الBaby Blues في اليوم الثالث إلى السادس.
أي أعراض لها؟
تظهر هذه الحالة من خلال البكاء والتقلبات المزاجية والحساسية المفرطة والحزن وردات الفعل الانفعالية السريعة. كما يمكن أن تعاني المرأة أرقاً ومشكلات في النوم.
متى تزول؟
تزول الحالة تلقائياً عامةً خلال اسبوع أو اثنين.
ثانياً: ثمة مستويان هنا، الأول يتعلق بحالة أقرب إلى الاكتئاب لكنها معتدلة الحدة وتطول مدتها أكثر من الBaby Blues.
ما أعراضها؟
تكون اعراضها أقوى من تلك التي تترافق مع ال Baby Blues ويطغى فيها إحساس بالذنب والعجز وقلة الكفاءة في العناية بالطفل وإعطائه الاهتمام اللازم. وتصل الأمور بالأم إلى حد العناية بالطفل بشكل ميكانيكي خالٍ من أي تواصل عاطفي. وتضاف إليها الأعراض التي تترافق مع الBaby Blues.
متى تظهر؟
تظهر هذه الحالة عادةً ابتداءً من من الأسبوع الثاني بعد الولادة. أما المستوى الثاني فهو في الاكتئاب المقنّع الذي هو عبارة عن اكتئاب غير واضح لكنه ليس اكتئاباً بكل معنى الكلمة.
متى تظهر هذه الحالة؟
يظهر الاكتئاب المقنّع بعد شهر أو شهر ونصف الشهر من الولادة. كما يمكن أن يظهر بعد مدة أطول.
ما أعراضها؟
تتغلّب على المرأة التي تعاني الاكتئاب المقنّع الأفكار السوداء والعصبية الزائدة والقلق وكره الذات والإحساس بالذنب دون بكاء.
ثالثاً: الاكتئاب
هنا تدخل الحالة في مرحلة الذهان وتصبح أكثر خطورة. هنا لا تكون الام في حالتها الطبيعية بل قد تعاني هلوسة وتتخيل أموراً غير واقعية وخطرة.
وتكمن المشكلة هنا في الإهمال الشديد للطفل وازدياد الحالة سوءاً نظراً للإحساس بعدم الكفاءة. مع الإشارة إلى أن هذا المستوى من الاكتئاب يعتبر نادراً أكثر من المستويات الأخرى.
ما الأسباب التي تؤدي بالمرأة إلى حالة الاكتئاب ما بعد الولادة؟
ثمة عوامل كثيرة تلعب دوراً في بلوغ المراة هذه المرحلة. إذ يمكن أن يكون لديها استعداد لذلك خصوصاً إذا كانت بطبيعتها شديدة الحساسية ومرهفة، فهي تكون أكثر عرضة للإصابة باكتئاب ما بعد الولادة.
لكن هذا يحصل في الحالات الأخرى غير الBaby Blues حيث يكون أساس المشكلة في التغيّرات الهرمونية والمسؤولية الملقاة على عاتق الأم في هذه المرحلة الجديدة من حياتها بحيث تشعر أنها سوف تتخلى عن وضعها وحياتها وتصبح مسؤولة عن طفلها وتعيد إلى الذاكرة علاقتها بأمها ودورها كابنة لتصبح فجأة أماً مسؤولة عن طفلها هي نفسها مما يشعرها بالخوف من هذه المسؤولية.
وكثيرات من الأمهات اللواتي يعانين هذه المشكلة يتصورن عدم كفاءتهن، خصوصاً في حال وجود قلة ثقة بالنفس وفي حال وجود خلل في العلاقة مع الأم، فتتصور عندها الأم الجديدة أنها لن تكون كفوءة بنسبة كافية لتقدم لطفلها الرعاية اللازمة ولن تكون على قدر المسؤولية.
كما تبرز هنا حالة الBebe imaginaire أو الطفل الخيالي حين تتصور طوال حملها الطفل بشكل معين ويولد بشكل مختلف عما كانت تتصور مما يسبب لها حالة من الكآبة، خصوصاً ان هذا يترافق مع تفكيرها بأن الطفل سيبدل حياتها بالكامل.
هذه العوامل المسببة كلها تؤدي بالام إلى حالة الBaby Blues لا إلى اكتئاب بدرجات متقدمة. فإذا عانت الأم من هذه الحالة وكانت قوية بدرجة كافية وتخطتها تتابع حياتها بشكل عادي.
أما إذا كانت حساسة ومرهفة بشكل زائد فقد تطول مدة إصابتها بالحالة فيزداد الوضع سوءاً وتجد صعوبة كبرى في تخطيها. كما تظهر الحالة في وقت متأخر أكثر بعد الولادة، أي في الشهر الثاني أو أكثر. في هذه الحالة تحتاج إلى علاج.
هل يمكن أن يكون لدى المرأة استعدادٌ للإصابة بالاكتئاب حتى تصاب باكتئاب ما بعد الولادة؟
ترتبط معظم العوامل المسببة السابقة بحالة الBaby Blues. أما حالة الذهان التي تعتبر الأكثر خطورة فقد تظهر أكثر لدى من لديها استعداد للإصابة بالذهان فتكون الولادة مناسبة لتظهر هذا الاكتئاب.
ما العوامل التي تزيد حالتها سوءاً؟
في ما يخص حالة ال Baby Blues يلعب المحيط دوراً مهماً جداً إذ تحتاج المرأة إلى كل الدعم والمساعدة لتتمكن من التحسن والعناية بالطفل بأكمل وجه. اما غياب ذلك فيؤثر سلباً عليها ويزيد حالتها سوءاً. في الواقع يؤدي إهمالها إلى زيادة وضعها سوءاً.
هل توصف أدوية في هذه الحالة أم أن الدعم المعنوي يساعدها وحده وتزول المشكلة تلقائياً؟
في حالة الBaby Blues تكفي المساعدة والدعم النفسي في مساعدة الأم على تخطي هذه الحالة. أما إذا لم تتجاوزها خلال الشهر الأول بعد الولادة فلا بد من اللجوء إلى العلاج.
وفي المرحلة الأولى يكون العلاج النفسي وحده هو الحل. لكن يتم تقدير نوع العلاج الواجب اتباعه بحسب درجة الاكتئاب وطول مدته، فعلى سبيل المثال إذا كانت مدته طويلة وبدرجة قوية أيضاً تعتبر خطيرة ولا بد من العلاج النفسي مع العلاج بالأدوية. ثمة حالات معينة معينة يعتبر العلاج بالادوية فيها ضرورياً إلى جانب العلاج النفسي. لذلك يتم تشخيص كل حالة على حدة ووصف العلاج المناسب لها.
هل المرأة التي تتعرض لهذا النوع من الاكتئاب تعتبر أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب عامةً لاحقاً؟
ليس ضرورياً ان تكون المرأة التي أصيبت باكتئاب ما بعد الولادة أكثر عرضة للإصابة باكتئاب لاحقاً. يختلف الأمر بحسب كل امرأة وشخصيتها وحالتها.

إلى أي مدى يمكن أن تصل حدة الحالة؟
فيما يمكن أن تتخطى الأم التي تعاني الBaby Blues حالتها تلقائياً، تحتاج الحالات الباقية إلى علاج نفسي فقط او إلى علاج نفسي مع علاج بالأدوية. أما إهمال الحالة، فيزيدها سوءاً بشكل خطير. علماً أن حالة الذهان قد تحتاج إلى وقت طويل أصلاً لتشفى وقد تضطر الأم لتناول الأدوية طوال حياتها.

أين الطفل في كل ذلك في علاقته بأمه؟
مما لا شك فيه أن أي نوع من الاكتئاب له أثره السلبي على الطفل وعلى علاقته بأمه. في حالة الBaby Blues ليس هناك مشكلة حقيقية، لكن بقدر ما تطول المدة يسوء الوضع أكثر وتسوء علاقة الطفل بأمه نتيجة الخلل في التواصل معه بسبب الاكتئاب.
فإذا لم تكن الأم قوية وعجزت عن تأمين العاطفة التي يحتاجها طفلها والرعاية والاهتمام من الطبيعي أن تتأثر علاقتهما سلباً. كما أن القلق الذي تعيشه ينتقل إليه ويزيد الخلل في علاقتهما أكثر فأكثر.
هل يكون أثر الرضاعة الطبيعية هنا إيجابياً أم سلبياً؟
إذا كانت الام مصابة بالاكتئاب، تعجز أصلاً عن الإرضاع ولا يمكن أن تكون جاهزة نفسياً ولاجسدياً لذلك. كما أن الرضاعة لا يمكن أن تساعدها في التحسن.
أما إذا كانت مصابة بالBaby Blues فقد يكون للرضاعة الطبيعية أثر إيجابي على حالتها. مع الإشارة إلى انه لكي تتمكن الأم من الإرضاع يجب أن تكون جاهزة لذلك وأن تسمح لها حالتها النفسية .
كيف يمكن أن تساعد العائلة والمحيط الأم على تخطي حالتها؟
تحتاج الأم في وضعها هذا إلى:
الكثير من الدعم من العائلة نفسياً وجسدياً
يجب مساعدتها على استعادة ثقتها بنفسها وعدم أخذ الطفل منها لعدم كفاءتها أو قدرتها على الاهتمام به، فذلك لن يساعدها بل على العكس يزيد وضعها سوءاً.
يجب عدم تحميلها ذنوباً لأي سبب كان لأنها أصلاً تشعر بالذنب وبعدم القدرة على العناية بطفلها وإعطائه الاهتمام اللازم والعاطفة.
يجب تقديم المساعدة لها في الاهتمام بالطفل وتحمل هذه المسؤولية الجديدة من الناحية العملية لتتمكن من التغلب على تعبها النفسي والجسدي وتصبح أكثر قوة.

المصدر: منتدى الحياة الزوجية | دليل النساء المتزوجات | الثقافة الزوجية والعائلية - من قسم: الطب النفسي والمشاكل النفسيه والاجتماعية

hp`vd h;jzhf lh fu] hg,gh]m td i`i hgphgm

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك