عدالة معمر بن راشد الأزدي في الحديث
أ. د. حسن محمد عبه جي
اتفقت كلمة الأئمة النقاد ممن عاصر معمراً ومن جاء بعده على أنه عدلٌ ثقةٌ فاضل مأمون جليلُ القدر، وإليك بعض شهادات أئمة الجرح والتعديل:
قال عبدالرزاق: قيل للثوري: ما منعك من الزهري؟ قال: قلة الدراهم، وقد كفانا معمر[1].
وقال الحُميدي: قيل لابن عيينة: أهذا الحديث مما حفظتَ عن معمر؟ قال: نعم، رحم الله أبا عروة[2].
وأخرج النَّسائي[3]حديث لعن المنافقين في القنوت من طريق معمر، ثم قال: (( لم يروِ هذا الحديث أحد من الثقات إلا معمر )).
ونقل المِزِّيُّ[4]عن النسائي أيضاً قوله: (( معمر بن راشد الثقة المأمون )).
وقال ابن سعد[5]: (( كان معمر رجلاً له حلم ومروءة ونبل في نفسه )).
وقال ابن معين: ثقة[6].
وقال يعقوب بن شيبة: (( معمر ثقة، وصالح التثبُّت عن الزهري[7])).
وقال عمرو بن علي الفلاس: (( معمر من أصدق الناس[8])).
وقال العجلي[9]: (( ثقة رجل صالح )).
وقال ابن حبان[10]: (( كان فقيهاً متقناً حافظاً ورعاً )).
وقال ابن حزم[11]: (( ثقة مأمون )).
ووثَّقه الدارقطني[12]أيضاً.
وقال الذهبي[13]: (( الإمام الحافظ شيخ الإسلام... كان من أوعية العلم، مع الصدق والتحري والورع والجلالة وحسن التصنيف )).
وقال أيضاً[14]: (( الإمام الحجة... أحد الأعلام، وعالم اليمن )).
وقال ابن حجر[15]: (( ثقة ثبت فاضل )).
فهذه النقول وغيرها تؤكد على عدالة معمر، وإن كانت بعض ألفاظهم تدل على ماهو أشمل من ذلك، فهي تتناول إلى جانب عدالته: تثبته وضبطه أيضاً، لكن الأخير فيه تفصيل، وقد أفردت له النقطة التالية.
• ضبطه:
إذا ثبتت عدالة معمر عند الأئمة، فإن لهم تفصيلاً في ضبطه: مادرجته؟، وهل كان معمر ضابطاً في أوقاته كلها؟، ضابطاً لحديث شيوخه جميعهم؟
فيقال في الجواب: لم يكن الضبط لدى معمر على درجة واحدة، يحمل النقاد على حكم واحد فيه إثباتاً أو نفياً، فقد كان ضبطه متفاوتاً، فهو ضابط في حين، غير ضابط في حين آخر، وضابط في مكان، غير ضابط في مكان آخر، وضابط لحديث شيخ، غير ضابط لحديث شيخ آخر، مما حمل الأئمة على الكلام في ضبطه، والنظر في حديثه، والتمييز بين مايقبل ومايرد منه.
قال عبدالرحمن بن مهدي: (( اثنان إذا كتبت حديثهما هكذا رأيت فيه، وإذا انتقيتهما كانت حساناً: معمر، وحماد بن سلمة )) [16].
وسئل أحمد[17]: كيف معمر في الحديث؟ فقال: (( ثبت، إلا أن في بعض حديثه شيئاً )).
وقيل لسفيان: إن معمراً يقول في حديث اجتناب الأسقية: عن عطاء بن يزيد الليثي؟ فقال: (( لم يحفظ )) قال: (( أخبرني عبيدالله بن عبدالله )) ثم قال: (( أخطأ معمر )) [18].
وقال الذهبي[19]: (( أحد الأعلام الثقات، له أوهام معروفة احتملت له في سعة ماأتقن )).
وقال ابن حجر[20]- وقد أشار إلى رواية لمعمر خالف فيها إسناداً ومتناً -: (( وهو خطأ من معمر، وإذا كان لم يضبط المتن، فلا يُتَعجَّبُ من كونه لم يضبط الإسناد )).
ويمكن إرجاع اختلاف الضبط عند معمر إلى:
1- ما يتعلَّق بالسن التي تَلقَّى فيها.
2- ما يتعلَّق بالشيخ الذي سمع عنه.
3- ما يتعلَّق بالمكان الذي أدّى فيه.
4- ما يتعلَّق بأمرٍ طرأ عليه.
5- ما يتعلَّق بأمرٍ خارجٍ عنه.
[1] (( سير أعلام النبلاء )) 7: 8.
[2] المرجع السابق 7: 7.
[3] النسائي، أحمد بن شعيب، أبو عبد الرحمن - ت 303 - (( السنن الكبرى )): كتاب التطبيق - لعن المنافقين في القنوت 1: 226-227 (665)، تحقيق عبدالغفار سليمان البنداري وسيد كسروي حسن (بيروت، دار الكتب العلمية، الأولى 1411).
[4] (( تهذيب الكمال )) 28: 310.
[5] (( الطبقات الكبرى )) 5: 546.
[6] (( تهذيب الكمال )) 28: 309.
[7] المرجع السابق.
[8] المرجع السابق أيضاً.
[9] (( تاريخ الثقات )) ص 435 (1611)، دون لفظة: (ثقة)، وهي ثابتة في (( سير أعلام النبلاء )) 7: 8.
[10] (( الثقات )) 7: 484.
[11] ابن حزم، علي بن أحمد، أبو محمد الظاهري - ت 456هـ - (( المحلى )) 9: 441 (القاهرة، المطبعة المنيرية، الأولى 1351هـ).
[12] الدارقطني، علي بن عمر، أبو الحسن - ت 385هـ - (( سنن الدارقطني )) 1: 121، 164 اعتنى به السيد عبد الله هاشم يماني المدني (القاهرة، دار المحاسن).
[13] (( سير أعلام النبلاء )) 7: 5، 6.
[14] (( تذكرة الحفاظ )) 1: 190.
[15] (( التقريب )) (6809).
[16] (( المعرفة والتاريخ )) 3: 157.
[17] أحمد بن حنبل (( العلل ومعرفة الرجال )) رواية المَرُّوذي وغيره، تحقيق الدكتور وصي الله بن محمد عباس ص 49، الفقرة (25)، (الهند، الدار السلفية، الأولى 1408).
[18] (( المعرفة والتاريخ )) 2: 725-726.
[19] (( ميزان الاعتدال )) 4: 154 (8682).
[20] (( فتح الباري )) 11: 528 عند شرح حديث (6626).
المصدر...
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك