حديث: (أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم)
الشيخ طارق عاطف حجازي
عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكُونَ كَأَبِي ضَمْضَمٍ؟))، قَالُوا: مَنْ أَبُو ضَمْضَمٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: ((كَانَ إِذَا أَصْبَحَ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ وَهَبْتُ نَفْسِي وَعِرْضِي لَكَ، فَلَا يَشْتُمُ مَنْ شَتَمَهُ، وَلَا يَظْلِمُ مَنْ ظَلَمَهُ، وَلَا يَضْرِبُ مَنْ ضَرَبَهُ)).
تخريج الحديث وتحقيقه:
إسناده ضعيف: أخرجه ابن السني في ((عمل اليوم والليلة)) (66)، وأبو الشيخ في ((الثواب)) كما في ((نتائج الأفكار)) (2/ 393) من طريق مهلب بن العلاء، قال: حدثنا شعيب بن بيان قال: حدثنا عمران القطان عن قتادة عن أنس به مرفوعاً.
قلت: هذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:
الأولى: شعيب بن بيان صدوق يخطئ، يحدث بالمناكير، يغلب على حديثه الوهم، وعمران فيه ضعف.
الثانية: مهلب بن العلاء لم أجد له ترجمة، لكن مهلب بن العلاء توبع؛ تابعه إبراهيم بن المستمر عن شعيب به.
أخرجه عبدان الأهوازي في ((فوائده)) كما في ((نتائج الأفكار)) (2 / 393)، والطبراني في ((مكارم الأخلاق)) (55/ 53).
قلت: وإبراهيم هذا صدوق يغرب؛ كما في ((التقريب)) فالعلة من شيخها شعيب.
قال الحافظ في ((نتائج الأفكار)) (2/ 393): وشعيب فيه لين، وقد خالفه حماد بن زيد - وهو من الأثبات ـ؛ فرواه عن أبي العوام عمران القطان عن قتادة، وعن هشام عن الحسن قالا: قال أبو ضمضم: اللهم إني قد تصدقت بعرضي على عبادك.
أخرجه الحاكم أبو أحمد في ((الكني)) من طريقه الصلت بن مسعود عن حماد هكذا مقطوعاً ليس فيه ذكر أنس ولا نرفعه. أ.هـ.
قلت: وتابعه معمر عن قتادة به مقطوعاً.
أخرجه أبو داود (6884): ثنا محمد بن عبيد: ثنا ابن ثور عن معمر به.
وللحديث طريق آخر عن أنس مرفوعاً.
فأخرجه البخاري في ((التاريخ الكبير)) (1/ 137)، وأبو داود معلقاً في ((سنته)) عقب رقم (4887)، والبزار في ((مسنده)) كما في ((الإصابة)) لابن حجر (4/ 112/ 113)، والعقيلي في ((الضعفاء)) (4/ 93)، والخطيب في ((الموضح)) (1/ 26)، والبيهقي في ((الشعب)) (8082)، وابن حجر في ((نتائج الأفكار)) (2/ 393، 394)، والضياء في ((المختارة)) (1770 - 1772)، والدارقطني في ((العلل)) (12/ 39)، والساجي؛ كما في ((الإصابة)) (4/112، 113) من طريق هاشم بن القاسم ثنا محمد بن عبدالله العمى ثنا ثابت البناني عن أنس بنحوه.
قال ابن حجر: هذا حديث غريب.
قلت (طارق): وهذا سند ضعيف؛ فيه محمد بن عبدالله العمى، قال الدارقطني: يخطئ كثيراً، وقال العقيلي: لا يقيم الحديث.
والمحفوظ عن ثابت: ما رواه حماد بن سلمة عنه عن عبدالرحمن بن عجلان عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره مرسلاً.
أخرجه أبو داود (4887)، والعقيلي (4/ 93)، والخطيب (1/ 26، 27)، والدارقطني في ((العلل)) (12/ 40).
قال أبو داود والخطيب: حديث حماد أصح.
وقال العقيلي: هذا أولى من حديث محمد بن عبدالله العمى.
وقال البيهقي في ((الشعب)) (6/ 262): والصحيح رواية من رواة عن حماد بن سلمة عن ثابت عن عبدالرحمن بن عجلان عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.
وقال الحافظ في ((نتائج الأفكار)) (2/ 395): لأن حماداً أثبت الناس في ثابت، فتحصلنا من ذلك: على أن الطريقين الموصولين شاذان، وأن المحفوظ عن قتادة مقطوع، وعن ثابت مرسل.
وانظر: ((علل الدارقطني)) (12/ 39، 40)، و((الميزان)) للذهبي (3/ 597)، و((لسان الميزان)) لابن حجر (5/ 219)، والله أعلم.
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك