خطبة عن دين الإسلام
سماحة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي
الحمد لله الذي شرع لنا من الدين ما وصَّى به المرسلين، وأكمله وأتم به النعمة على المؤمنين، وجعله حجةً قاطعة وآية ساطعة على المعاندين، وأشهد أن لا إله إلا الله، فإياه نعبد وإياه نستعين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله سيد المرسلين، اللهم صلِّ وسلم على محمد وعلى آله وأصحابه، الذين أصلح الله بهم الدنيا والدين، أما بعد:
فيا أيها الناس، اتقوا الله واذكروا نعمة الله عليكم، إذ كنتم قبل هذا الدين أعداءً فألَّف بينكم بهذا الدين القويم، وكنتم قبله غواةً ضالين، فهداكم به الصراط المستقيم، فهو الدين الحاوي لروح الرحمة والعلم والحكمة، المساوي في أحكامه بين أصناف الأمم على وَفق العدالة والرأفة والرحمة، هدى الله به من الضلالة، وأنقذ به من الجهالة، فكم ألان قاسيًا، وهذَّب خَشِنًا، وعلَّم جاهلًا، ونبَّه غافلًا، وكم أزال مَن تقاعُدٍ وكسلٍ، وكم أصلح من فاسد وإخلال وخلل، وكم حث على الخيرات والفضائل، وحذَّر من الشرور والرذائل، وكم جمع الأشتات والمتفرقات، وكم أزال من ظلم وأصلح المتصدعات، وكم مكن لأهله من نُظُم منوعة فيها صلاحهم، وكم حداهم إلى ما فيه ربحهم وفلاحهم، فهو السراج الذي بنوره إلى كل مشكلة يسترشدون، وهو الأساس الأعظم الذي عليه بنيانهم وعليه يعتمدون، صحح العقائد وهذب العلومَ، وأصلح الأعمال، وإليه يلجـأ الخصوص والعموم، نهج لأهله السعي لإدراك السعادتين، وجمع بين ترقية الأرواح والأجساد بوجهين متفقين، وأعان كل منهما للآخر، فمَشَيَا مصطحبين، فأمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال ابتغوا فضل ربكم بالأسباب النافعة، واستعينوا بها على عبادة رب العالمين.
الإخلاص لله شعاره، والنصح والإحسان للعباد دثاره، والنشاط إلى الأمور النافعة أنيسه، والعلم الصحيح والعمل الصالح جليسه، دعا إلى المعارف الشرعية الدينية، وإلى المعارف الأفقية الكونية، ومع ذلك أمرهم ألا يكتفوا بالعلم عن العمل، ولا يدعوا استثمار المواهب والاستعدادات التي فيهم، ويخلدوا إلى الكسل، فالدين كله جد وعمل، وتأمُّل وتفكير، وكله ترقٍّ إلى الفضائل مع الاستعانة بالملك القدير، ونظمه تساير في سيرها الأعصار، وتسابق في سيرها الليل والنهار، وتغلب في خيرها السحب الغـزار، خضعت العقـول الصحيحة لحكمه وأحكامه، واسترشدت به واهتدت إلى علمه وأعلامه، فقوم الدين معوجها المائل، وأوضح المعضلات وحل المشاكلات، وتكفل بإصلاح العاجل والآجل، وعصم من الشرور وأنواع المهالك، فليس له ندٌّ في شيء من ذلك ولا مشارك، وهو مع ذلك يحث على التعاون بين الراعي والرعية، ويعرفهم أن المنافع مشتركة بينهم محفوظة مرعية، ويحذِّرهم من اليأس والكسل، وينفخ فيهم روح الرجاء وقوة الأمل، ويربط بالروابط المعنوية والمادية أدناهم بأقصاهم، ويجمع لهم بين مصالح دنياهم وأخراهم، فما من خير ونفع وصلاح إلا دعا إليه، وبيَّن الوسائل والطرق الموصلة إليه: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [المائدة: 3].
بارَك الله لي ولكم في القرآن العظيم...
(الفواكه الشهية في الخطب المنبرية)
اضغط هنا للذهاب ل مصدر عنوان موضوعنا...
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك