الكلام على قوله تعالى:
﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي.... ﴾
فواز بن علي بن عباس السليماني
قال المصَنِّفُ: وقوله تعالى: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ ﴾ [يونس: 104].
معنى قوله تعالى: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي... ﴾؛ قال العلامة السعدي: في "تفسيره" (ص375): يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم سيد المرسلين، وإمام المتقين وخير الموقنين:﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي ﴾؛ أي: في ريب واشتباه، فإني لست في شك منه، بل لدي العلم اليقيني أنه الحق، وأن ما تدعون من دون الله باطل، ولي على ذلك، الأدلة الواضحة، والبراهين الساطعة, ولهذا قال: ﴿ فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ الله ﴾ من الأنداد، والأصنام وغيرها؛ لأنها لا تخلق ولا ترزق، ولا تدبر شيئًا من الأمور، وإنما هي مخلوقة مسخرة، ليس فيها ما يقتضي عبادتها.
﴿ وَلَكِنْ أَعْبُدُ الله الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ ﴾؛ أي: هو الله الذي خلقكم، وهو الذي يميتكم، ثم يبعثكم، ليجازيكم بأعمالكم، فهو الذي يستحق أن يعبد، ويصلى له ويخضع ويسجد؛ اهـ.
بعض ما في قوله تعالى: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي... ﴾ من الفوائد:
الأولى: أن ديننا ينفي وجود الشريك مع الله؛ لقوله: ﴿ فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ الله ﴾ [يونس:104].
وقوله تعالى: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ﴾ [الكافرون: 1 - 6].
الثانية: أن هذا الدين ضامن لمن تمسك به, وعمل بما فيه, أن لا يشك أو يضل, أو يزيغ, قال تعالى:﴿ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي ﴾ [يونس:104].
فدين الإسلام لا شك فيه ولا ريب, ولا شقاوة ولا زيغ, بخلاف غيره, فإنه بمفهوم الضد يعلم أن الأخذ به سبب للشك والريب, والزيغ والتهوك والشقاء.
ومن طلب الدليل قلت له: حياة الدول التي تدين بغير الإسلام أكبر دليل.
قال ابن عباس رضي الله عنه: تضمَّن الله لمن قرأ القرآن واتَّبع ما فيه, ألا يضل في الدنيا، ولا يشقى في الآخرة؛ رواه ابن أبي شيبة (13/371), والحاكم (2/381), وقال: صحيح الإسناد, ووافقه الذهبي.
الثالثة: أهمية الإخلاص لله؛ قال الله تعالى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ [البينة:5].
وقال تعالى:﴿ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ * قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي * فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ﴾ [الزمر: 11 - 15].
الرابعة: كمال الله تعالى في ذاته, وأقواله وأفعاله, وأسمائه وصفاته, واختياراته وغيرها, والله أعلم.
اضغط هنا للذهاب ل مصدر عنوان موضوعنا...
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك