إجراء المنظار للصائم
محمد رفيق مؤمن الشوبكي
1- منظار المعدة:
منظار المعدة لا يفطر، إلا إذا وضع مع المنظار سوائل أو محاليل أو مواد دهنية أو ما شابه لتسهيل دخول المنظار، فهنا يفطر الصائم بهذه المواد لا بدخول المنظار؛ وهذا قول بعض المالكية، وبذلك قال الحنفية حيث اشترطوا استقرار الداخل في الجوف وأن لا يبقى منه شيء في الخارج بينما المنظار لا يستقر في الجوف ويبقى طرفه في الخارج، ورجح عدم الإفطار شيخ الإسلام ابن تيمية واختاره الشيخ ابن عثيمين، فقال في كتابه الشرح الممتع: "الصَّحيح: أنَّه لا يفطر؛ إلا أن يكون في هذا المنظار دهنٌ أو نَحْوه يصل إلى المعِدة بواسطة هذا المِنْظار، فإنَّه يكون بذلك مفطِّرًا، ولا يَجوز استِعْماله في الصَّوم الواجب إلا للضَّرورة ".
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن المفطرات ما يلي: " أولاً: الأمور الآتية لا تعتبر من المفطرات:... 15- منظار المعدة إذا لم يصاحبه إدخال سوائل محاليل أو مواد أخرى ".
ونرى تأجيل مثل هذه العمليات لبعد الإفطار خروجاً من الخلاف بين العلماء، فقول جمهور العلماء أن من أدخل شيئاً إلى جوفه أفطر ولو كان غير مغذٍ، وكذلك قد يصاحب العملية حقن المريض بإبر مغذية أو إعطاؤه أدوية معينة مفطرة.
ولكن إذا كان المنظار فقط بغرض الاكتشاف دون إدخال أي مغذٍ إلى جسم المريض، ولم يكن بالإمكان تأجيله لبعد رمضان أو بعد الإفطار، فنرجح كونه غير مفطر بإذن الله تعالى؛ لكونه ليس أكلاً ولا شرباً، ولا هو في معنى الأكل والشرب، ولأن الجسم لا ينتفع ولا يتغذى به.
2- منظار البدن:
عبارة عن إدخال منظار من خلال فتحة صغيرة في جدار البطن إلى التجويف البطني، والهدف من ذلك إجراء العمليات الجراحية، كاستئصال المرارة، أو الزائدة، أو إجراء التشخيص لبعض الأمراض، ونحو ذلك. ولا علاقة لهذا المنظار بالمعدة بمعنى أنه لا يصل إلى داخل المعدة.
ومن المسائل التي تشبه منظار البطن وتحدث عنها المتقدمون من الفقهاء مسألة الجائفة، وهي الجرح الذي في البطن، يصل إلى الجوف، إذا وضع فيه دواء.
وقد اختلف فيها الفقهاء، وهي لا تفطر على مذهب مالك، وقول أبي يوسف ومحمد من الحنفية، وأبي ثور، وداود، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية؛ لأن ما يوضع في الجرح لا يصل لمحل الطعام، لأن المسلمين كانوا يجرحون في الجهاد وغيره مأمومة (شجة تصل إلى جلدة الدماغ) وجائفة (جرح يصل إلى لجوف)، فلو كان هذا يفطر لبُين لهم، فلما لم ينه الصائم عن ذلك علم أنه لم يجعله مفطراً.
وإذا ما قسنا منظار البطن على الجائفة، كان منظار البطن أولى بعدم التفطير من الجائفة؛ لكونه لا يصل إلى المعدة كما صرح بذلك الأطباء.
والقول بعدم التفطير هو ما قرره مجمع الفقه الإسلامي، فجاء في قراره بشأن المفطرات: " أولاً: الأمور الآتية لا تعتبر من المفطرات:... 12- إدخال منظار من خلال جدار البطن لفحص الأحشاء أو إجراء عملية جراحية عليها ".
ومن الجدير بالذكر إلى أنه قد يصاحب عملية منظار البطن إعطاء المريض سوائل أو محاليل أو مواد أخرى، فيحصل له الفطر بهذه المواد وليس بسبب المنظار.
3- منظار الشرج:
وقد سبق الكلام على منظار المعدة، وما ذكره الفقهاء فيه، وهو ينطبق على المنظار الشرجي، وإن القول بعدم التفطير في المنظار الشرجي أولى وأقوى؛ ذلك أن الجوف هو المعدة بشكل أساسي ومع ذلك قال كثير من أهل العلم بعدم التفطير في منظار المعدة، فالقول بذلك في المنظار الشرجي أولى. وإذا وضع مع المنظار سوائل أو محاليل أو مواد مغذية أو ما شابه لتسهيل دخول المنظار، يحصل الفطر بسبب هذه المواد وليس بسبب المنظار؛ ذلك أن العلم أثبت – كما سبق بيانه - أن فتحة الشرج (الدبر) متَّصلة بالمستقيم، والمستقيم متَّصل بالقولون (الأمعاء الغليظة)، وامتصاص الغذاء يتمّ معظمه في الأمعاء الدقيقة، وقد يُمتص في الأمعاء الغليظة الماء وقليل من الأملاح والجلوكوز، والله أعلم.
المصدر...
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك