شبكة ربيع الفردوس الاعلى  

   
 
العودة   شبكة ربيع الفردوس الاعلى > 3 > الموسوعة الضخمة المتنوعة ----------- مقالات هامة كلمات من ذهب
 
   

« آخـــر الــمــواضــيــع »
         :: أخضر و أزرق مصحف مشاري العفاسي بالقصر المصحف المصور الملون ب خط كبير 114 سورة 2 مصحف (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: محمود عبد اللاه عبد العزيز مصحف 57 سورة جودة رهيبة تلاوات برابط 1 و مزيد (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: احمد الحبيب برواية ورش مصحف 114 سورة لاول مرة 2 مصحف ترتيل و حدر كاملان 128 ك ب (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مقسم اجزاء مصحف احمد الحبيب برواية ورش لاول مرة 2 مصحف ترتيل و حدر كاملان 128 ك ب (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف حسن حسين عبد المجيد سورة 052 الطور (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف حسن حسين عبد المجيد سورة 076 الإنسان (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف حسن حسين عبد المجيد سورة 051 الذاريات (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف حسن حسين عبد المجيد سورة 065 الطلاق (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف حسن حسين عبد المجيد سورة 064 التغابن (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف حسن حسين عبد المجيد سورة 075 القيامة (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)      

إضافة رد
   
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

  #1  
قديم 07-09-2014, 04:46 PM
منتدى مكتبة المسجد النبوي الشريف منتدى مكتبة المسجد النبوي الشريف غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
المشاركات: 108
افتراضي الْجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ ذِي الطَّوْلِ وَالْآلَاءِ، وَصَلَّى اللَّهُ
الْجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ

عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَاتَمِ الرُّسُلِ وَالْأَنْبِيَاءِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الْأَتْقِيَاءِ .
أَمَّا بَعْدُ،،،
فيا أيها القارئ الكريم اعلم أَنَّه قد جرت سنة الله تبارك وتعالى في البشر أن جعل بعضهم لبعضٍ سُخريّاً ، لا تتم لهم سعادتهم إلا بالتعاون والتواصل ، ولا تستقر حياتهم إلا بالتعاطف وفشو المودة . يرفق القويُّ بالضعيف ، ويُحسن المكثر على المقلِّ . ولا يكون الشقاء ولا يحيق البلاء إلا حين يفشو في الناس التقاطع والتدابر ، ولا يعرفون إلا أنفسهم ، ولا يعترفون لغيرهم بحق.
القارئ الكريم : عزيزٌ على النفس الكريمة المؤمنة أن ترى مسكيناً بليت ثيابه حتى تكاد تُرى عورته ، أو تبصر حافيَ القدمين أدمت حجارة الأرض أصابعه وقطعت عقبيه ، أو تلحظ جائعاً يمدُّ عينيه إلى شيءِ غيرِه فينقلب إليه البصر وهو حسير .
حين تفشو مثلُ هذه الأحوال ، ثم لا يكترث القادرون ، ولا يهتمُّ الموسرون فكيف يكون الحال ؟ وأين وازع الإيمان ؟!
ولكنَّ الله برحمته حين خلق المعروف خلق له أهلاً ، فحبَّبه إليهم ، وحبَّب إليهم إسداءه ، وجَّههم إليه كما وجَّه الماء إلى الأرض الميتة فتحيا به ويحيا به أهلها ، وإن الله إذا أراد بعبده خيراً جعل قضاء حوائج الناس على يديه ، ومن كثرت نعم الله عليه كثر تعلق الناس به ، فإن قام بما يجب عليه لله فيها فقد شكرها وحافظ عليها ، وإن قصَّر وملَّ وتبرَّم فقد عرَّضها للزوال ثم انصرفت وجوه الناس عنه .
وقد ورد في الحديث عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم : « إِنَّ لِلَّهِ أَقْوَامًا اخْتَصَّهُمْ بِالنِّعَمِ لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ ، وَيُقِرُّهَا فِيهِمْ مَا بَذَلُوهَا ، فَإِذَا مَنَعُوهَا نَزَعَهَا عَنْهُمْ وَحَوَّلَهَا إِلَى غَيْرِهِمْ »"الصحيحة"ح(1692).
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم: « مَا مِنْ عَبْدٍ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ نِعْمَةً فَأَسْبَغَهَا عَلَيْهِ ، ثم جَعَلَ شَيْئًا مِنْ حَوَائِجِ النَّاسِ إِلَيْهِ فَتَبَرَّمَ ، فَقَدْ عَرَّضَ تِلْكَ النِّعْمَةَ لِلزَّوَالِ » "صحيح الترغيب"ح(2618).
وإن في دين الله شرائع محكمةً لتحقيق التواصل والترابط ، تربي النفوس على الخير ، وترشد إلى بذل المساعدات وصنائع المعروف .
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم:« مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ، وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ، وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ، لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ » رَوَاهُ مُسْلِمٌ ح(2699).
هذا يرجعُ إلى أنَّ الجزاءَ من جنس العمل ، وقد تكاثرت النُّصوصُ بهذا المعنى ، كقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم :« إِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ، وقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:« إِنَّ اللهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا » رَوَاهُ مُسْلِمٌ ح(2613). والكُربة : هي الشِّدَّةُ العظيمة التي تُوقعُ صاحبَها في الكَرب ، وتنفيسُها أن يُخفَّفَ عنه منها ، مأخوذٌ مِنْ تنفيس الخناق ، كأنه يُرخى له الخناق حتَّى يأخذ نفساً ، والتفريجُ أعظمُ منْ ذلك ، وهو أنْ يُزيلَ عنه الكُربةَ ، فتنفرج عنه كربتُه ، ويزول همُّه وغمُّه ، فجزاءُ التَّنفيسِ التَّنفيسُ ، وجزاءُ التَّفريجِ التَّفريجُ .
وقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:« كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ »، ولم يقل : (( من كُرب الدُّنيا والآخرة )) كما قيل في التَّيسير والسَّتر ، وقد قيل في مناسبة ذلك : إنَّ الكُرَبَ هي الشَّدائدُ العظيمة ، وليس كلّ أحد يحصُلُ له ذلك في الدُّنيا ، بخلاف الإعسار والعورات المحتاجة إلى الستر، فإنَّ أحداً لا يكادُ يخلو في الدُّنيا من ذلك ، ولو بتعسُّر بعض الحاجات المهمَّة . وقيل : لأنَّ كُرَبَ الدُّنيا بالنِّسبة إلى كُرَب الآخرة لا شيءٍ ، فادَّخر الله جزاءَ تنفيسِ الكُرَبِ عندَه ، لينفِّسَ به كُرَب الآخرة .
وقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:« وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ». هذا أيضاً يدلُّ على أنَّ الإعسار قد يحصُل في الآخرة ، وقد وصف الله يومَ القيامة بأنّه يومٌ عسير وأنّه على الكافرين غيرُ يسير ، فدلَّ على أنَّه يسير على غيرهم ، وقال : } وَكَانَ يَوْماً عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيراً { [الفرقان: 26].
والتيسير على المعسر في الدنيا من جهة المال يكون بأحد أمرين : إمّا بإنظاره إلى الميسرة ، وذلك واجبٌ ، كما قال تعالى : } وَإنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ { [البقرة: 280] ، وتارةً بالوضع عنه إن كان غريماً ، وإلاّ فبإعطائه ما يزولُ به إعسارُه ، وكلاهما له فضل عظيم .
ففي " الصحيحين " عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه وأرضاه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم: « كَانَ تَاجِرٌ يُدَايِنُ النَّاسَ، فَإِذَا رَأَى مُعْسِرًا قَالَ لِفِتْيَانِهِ: تَجَاوَزُوا عَنْهُ، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا، فَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُ » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وخرَّج مسلم مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم، قَالَ : « مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ اللهُ مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَلْيُنَفِّسْ عَنْ مُعْسِرٍ، أَوْ يَضَعْ عَنْهُ » رَوَاهُ مُسْلِمٌ ح(1563).
وخرَّج أيضاً مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْيُسْرِ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم، قَالَ : « مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ عَنْهُ، أَظَلَّهُ اللهُ فِي ظِلِّهِ » رَوَاهُ مُسْلِمٌ ح(3006).
وقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:« وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ». هذا مما تَكاثرتِ النُّصوص بمعناه. وخرَّج ابن ماجه مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِىِّصلى الله عليه وعلى آله وسلم قَالَ:« مَنْ سَتَرَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَنْ كَشَفَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ كَشَفَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ حَتَّى يَفْضَحَهُ بِهَا فِى بَيْتِهِ » "الصحيحة"ح(2341).
وقد رويَ عن بعض السَّلف أنَّه قال: أدركتُ قوماً لم يكن لهم عيوبٌ، فذكروا عيوبَ الناس ، فذكر الناسُ لهم عيوباً ، وأدركتُ أقواماً كانت لهم عيوبٌ ، فكفُّوا عن عُيوب الناس ، فنُسِيَت عيوبهم . انظر : الفردوس بمأثور الخطاب للديلمي ( 4830 ) .
وقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:« وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ » يعني أنك إذا أعنت أخاك كان الله في عونك كما كنت تعين أخاك.
قال ابن الجوزي في " صفة الصفوة " (1/107): كان أبو بكر الصدِّيق رضي الله عنه يحلبُ للحيِّ أغنامهم ، فلمَّا استخلف ، قالت جاريةٌ منهم : الآن لا يحلُبُها ، فقال أبو بكر : بلى وإني لأرجو أن لا يغيِّرني ما دخلتُ فيه عن شيءٍ كنتُ أفعلُه .
وإنَّما كانوا يقومون بالحِلاب ؛ لأنَّ العربَ كانت لا تَحلُبُ النِّساءُ منهم ، وكانوا يستقبحون ذلك ، فكان الرجالُ إذا غابوا ، احتاج النساءُ إلى من يحْلُبُ لهنَّ . وكان عمر يتعاهد الأرامل فيستقي لهنَّ الماءَ باللَّيل ، ورآه طلحةُ بالليل يدخلُ بيتَ امرأةٍ ، فدخلَ إليها طلحةُ نهاراً ، فإذا هي عجوزٌ عمياءُ مقعدةٌ ، فسألها : ما يصنعُ هذا الرَّجلُ عندك ؟ قالت : هذا له منذ كذا وكذا يتعاهدني يأتيني بما يُصلِحُني ، ويخرج عنِّي الأذى ، فقال طلحة : ثكلتك أمُّكَ طلحةُ ، عثراتِ عمر تتبع ؟ . أخرجه : أبو نعيم في " الحلية " (1/47 – 48).
وقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:« وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ »، وسلوكُ الطَّريقِ لالتماس العلم يدخُلُ فيه سلوكُ الطَّريق الحقيقيِّ ، وهو المشيُ بالأقدام إلى مجالسِ العلماء ، ويدخلُ فيه سلوكُ الطُّرُق المعنويَّة المؤدِّية إلى حُصولِ العلمِ ، مثل حفظه ، ودارسته ، ومذاكرته ، ومطالعته ، وكتابته ، والتفهُّم له ، ونحو ذلك مِنَ الطُّرق المعنوية التي يُتوصَّل بها إلى العلم .
وقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:« وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ »، هذا يدلُّ على استحباب الجلوس في المساجد لتلاوة القرآن ومدارسته . وهذا إن حُمِل على تعلم القرآن وتعليمه ، فلا خلاف في استحبابه.
وقد أخبر صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنَّ جزاءَ الذين يجلسونَ في بيت الله يتدارسون كتابَ الله أربعة أشياء :
أحدها : تَنْزل السكينة عليهم .
والثاني : غِشيانُ الرَّحمة ، قال الله تعالى : } إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ { [الأعراف : 56].
والثالث : أنَّ الملائكة تحفُّ بهم .
الرابع : أنَّ الله يذكرُهم فيمن عنده .
وهذه الخصال الأربعُ لكلِّ مجتمعين على ذكر الله تعالى ، كما في " صحيح مسلم " ح(2700) عن أبي هريرة وأبي سعيد ، كلاهما عن النَّبيِّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، قال:(( إنَّ لأهلِ ذكرِ الله تعالى أربعاً : تنـزلُ عليهمُ السَّكينةُ ، وتغشاهمُ الرَّحمةُ، وتحفُّ بهم الملائكةُ ، ويذكرُهُم الرَّبُّ فيمن عنده )) . وقد قال الله تعالى : } فَاذْكُرُوْنِي أَذْكُرْكُمْ { [البقرة : 152] وذكر الله لعبده : هو ثناؤه عليه في الملأ الأعلى بين ملائكته ومباهاتهم به وتنويهه بذكره . ، وصلاةُ الله على عبده : هي ثناؤه عليه بين ملائكته ، وتنويههُ بذكره ، كذا قال أبو العالية ، ذكره البخاري في " صحيحه " (6/151 معلقاً) .
وقوله e:« وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ، لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ » : معناه أنَّ العمل هو الذي يبلُغ بالعبدِ درجاتِ الآخرة ، كما قال تعالى : } وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا { [الأنعام : 132]، فمن أبطأ به عمله أنْ يبلُغَ به المنازلَ العالية عند الله تعالى ، لم يُسرِعْ به نسبه ، فيبلغه تلكَ الدَّرجاتِ ، فإنَّ الله تعالى رتَّبَ الجزاءَ على الأعمال ، لا على الأنساب ، كما قال تعالى : } فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءلُونَ { [المؤمنون : 101] .
والمؤمن للمؤمن كالبنيان يشدُّ بعضه بعضاً. وأحب الخلق إلى الله أنفعهم لعباده. وصنائع المعروف تقي مصارع السوء.
ولقد قال بعض الحكماء: أعظم المصائب أن تقدر على المعروف ثم لا تصنعه.
والغبطة - أيها الكريم - فيمن يسَّر الله له خدمة الناس وأعانه على السعي في مصالحهم .
قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: يَا سُبْحَانَ اللهِ، مَا أَزْهَدَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فِي خَيْرٍ!!! عَجَبًا لِرَجُلٍ يَجِيئُهُ أَخُوهُ الْمُسْلِمُ فِي الْحَاجَةِ فَلَا يَرَى نَفْسَهُ لِلْخَيْرِ أَهْلًا!!! فَلَوْ كَانَ لَا يَرْجُو ثَوَابًا، وَلَا يَخْشَى عِقَابًا لَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُسَارِعَ فِي مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ.. فَإِنَّهَا تَدُلُّ عَلَى سَبِيلِ النَّجَاحِ ؟؟
وإن دروب الخير - أيها الكريم – غير ما ذكرنا كثيرة وحوائج الناس متنوعة ؛ إطعام جائعٍ ، وكسوة عارٍ.. عيادة مريضٍ ، وتعليم جاهل.. وإنظار معسر ، وإعانة عاجز ، وإسعاف منقطع.. تطرد عن أخيك هماً ، وتزيل عنه غماً.. تكفل يتيماً ، وتواسي أرملة.. تكرم عزيز قومٍ ذلَّ ، وتشكر على الإحسان ، وتغفر الإساءة.. تسعى في شفاعة حسنة تفك بها أسيراً ، وتحقن بها دماً ، وتجرُّ بها معروفاً وإحساناً.
كل ذلك تكافلٌ في المنافع وتضامنٌ في التخفيف من المتاعب.. وتأمينٌ عند المخاوف ، وإصلاحٌ بين المتخاصمين ، وهدايةٌ لابن السبيل . فإن كنت لا تملك هذا ولا هذا فادفع بكلمةٍ طيبةٍ وإلا.. فكُفَّ أذاك عن الناس .
فخرَّج الترمذي من حديث أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنهقَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم: « تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ، وَأَمْرُكَ بِالمَعْرُوفِ وَنَهْيُكَ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَإِرْشَادُكَ الرَّجُلَ فِي أَرْضِ الضَّلاَلِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَبَصَرُكَ لِلرَّجُلِ الرَّدِيءِ البَصَرِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَإِمَاطَتُكَ الحَجَرَ وَالشَّوْكَةَ وَالعَظْمَ عَنِ الطَّرِيقِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَإِفْرَاغُكَ مِنْ دَلْوِكَ فِي دَلْوِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ » الصحيحة ح ( 572 ) .
نعم أيها الكريم : كل معروف صدقة ، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة . والصدقة تطفئ غضب الرب ، وصلة الرحم تزيد في العمر ، والمال إن لم تصنع به معروفاً أو تقضي به حاجة وتدخر لك به أجراً فما هو إلا لوارث أو لحادث . وصنائع البر والإحسان تُستعبد بها القلوب .
والشحيح البخيل كالح الوجه يعيش في الدنيا عيشة الفقراء ويحاسب يوم القيامة حساب الأغنياء ، فلا تكن أيها الموسر القادر خازناً لغيرك .‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍
أيها الكريم : إن صفو العيش لا يدوم ، وإن متاعب الحياة وأرزاءها ليست حكراً على قومٍ دون قوم ، وإن حساب الآخرة لعسير ، وخذلان المسلم شيء عظيم .
بل إن بعض غلاظ الأكباد وقساة القلوب ينظرون إلى الضعيف والمحتاج وكأنه قذى في العين.. يزلقونه بأبصارهم في نظرات كلها اشمئزاز واحتقار. ألا يعتبر هؤلاء بأقوام دار عليهم الزمان وعَدَت عليهم العوادي، واجتاحتهم صروف الليالي... فاستدار عزهم ذلاً، وغناهم فقراً، ونعيمهم جحيماً ؟‍‍‍‍‍‍‍‍.
أيها الكريم : أصلحوا ذات بينكم ، ولتكن النفوس سخية ، والأيدي بالخير ندية ، واستمسكوا بعرى السماحة وسارعوا إلى سداد عوز المعوزين ، ومن بذل اليوم قليلاً جناه غداً كثيراً.. تجارة مع الله رابحة ، وقرض لله حسن مردود إليه أضعافاً مضاعفة.. إنفاق بالليل والنهار والسر والعلن : } الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ { [البقرة: 274]، واحفظوا لإخوانكم حقوقهم ، واعرفوا فضل الله عليكم . فمن وفق لبذل معروف أو أداء إحسان فليكن ذلك بوجه طلق ومظهر بشوش ، وليحرص على الكتمان قدر الإمكان ابتغاء الإخلاص ، وحفاظاً على كرامة المسلم .
واعلم : أن الأدب يبلغ غايته حين يعلم باذل المعروف أن ما يقدمه هو حق لهؤلاء ساقه الله على يديه فلا يريد منهم جزاءً ولا شكوراً . أما من أتبع إحسانه بالمنِّ والأذى فقد محق أجره ، وأبطل ثوابه . يرحمكم الله ، ابذلوا الفضل والمعروف بوجه طلق وقصد حسن ، تستقم الأحوال ، وتتنزل البركات ، ويحل التوفيق .
أنظر: " جامع العلوم "(2/320 ـ 349) .
هذا والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل
كتبه
أبو مريم / أيمن بن دياب بن محمود العابديني
غَفَرَ اللَّـهُ لَهُ ،ولِوَالدَيْهِ ،ولِمَشَايخِهِ ،ولجَمِيْعِ المُسْلِمِيْنَ

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك

رد مع اقتباس
 
   
إضافة رد

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

   
 
 
 
   

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة



Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية

الساعة الآن 03:36 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات