02-20-2016, 12:49 PM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 348,208
|
|
ما هذا يا صاحب الطعام؟
ما هذا يا صاحب الطعام؟
عبده قايد الذريبي
الحمد لله، والصَّلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه.
أما بعد:
ففي يومٍ من الأيام خرج - عليه الصَّلاة والسَّلام - إلى السُّوق، فبينما هو يمشي في السوق، وقف قليلاً عند بائعٍ يبيع الحبوب - الطعام - فأدخَل - عليه الصَّلاة والسَّلام - يده الشريفةَ في تلك الحبوب، فنالت يدُه - عليه الصَّلاة والسَّلام - بللاً، فسأل صاحب الطعامِ عن ذلك: ((ما هذا يا صاحب الطعام؟!))، فردَّ عليه البائع بقوله: "أصابَتْه السماء يا رسول الله"؛ أيْ: نزل عليه مطَرُ السماء، فقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أفلا جعلتَه فوق الطعام؛ كي يراه الناس؟!))، ثم خاطبَه بقوله: ((مَن غشَّ فليس منِّي))[1]، وهو خِطابٌ للأمَّة جمعاء.
فهذه قصةٌ من القصص النبويَّة الشريفة، وفيها فوائدُ عديدة، منها:
أولاً: أنَّ الأصل في خروج الرِّجال إلى الأسواق ومشيهم فيها الإباحة.
ثانيًا: أنَّ الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - بشَرٌ، يأكل كما يأكل الناس، ويشرب كما يشربون، وينام كما ينامون، ويمشي في الأسواق كما يمشون: ﴿ وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ ﴾ [الفرقان: 7].
ثالثًا: وجوب الاحتساب على مُنكَرات الأسواق، ومُخالفات التُّجار، والسعي في تغْيِيرها.
رابعًا: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - لم يدَعْ خيرًا إلاَّ ودلَّ أمته عليه، ولا شرًّا إلا حذَّرها منه،ومن الشرِّ الذي حذَّرَ أمَّتَه منه: "الغش".
خامسًا: تثَبُّت المحتسب قبل إقدامه على الإنكار.
سادسًا: مشروعية النُّزول الميداني لرجال الحِسْبة إلى الأسواق، والحملات التفتيشيَّة على أصحاب المحلاَّت التِّجارية، وسؤالهم عن مواصفات السِّلَع، وأسعارها، وامتحانهم في ذلك.
سابعًا: خطورة الغش، وأنه كبيرةٌ من كبائر الذنوب؛ لقوله: ((فليس منَّا)).
ثامنًا: تحريم الغشِّ بكافَّة صوره وأشكاله؛ لعموم قوله: ((من غشَّ فليس منا))، فأطلقَ ولم يُقيِّد، وأجملَ ولم يفصِّل.
تاسعًا: التبَرُّؤ من الفعل (الخطأ)، والله الموفق.
[1] هذه القصة أخرجها مسلمٌ في "صحيحه"، (102).
المصدر... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|