ترشيد وبدائل لفك الاختناق
اسكندر محمد هوساوي
السؤال:
مشكلتي أنني قد أثقلت كاهلي الديون، فأنا أعمل معلماً، وراتبي 7000 ريال، لكنه موزع بين قسط البنك، والسيارة، وإيجار المنزل، وبطاقات فيزا (2600+2400+1700+1100) بمعنى أنها لا تغطي التزاماتي، ولا مصروف أسرتي، أعرف جيداً أن ما أصابني هو مما قدمت يداي، وهذا قضاء الله وابتلاء منه، وأقر تماماً بخطئي الفادح بحق نفسي، وحق أسرتي، وإليك ما حاولت عمله:
1- أوقفت البطاقات الائتمانية.
2- ملتزم بسداد قسط السيارة 2400 (من أجل الدخول في سوق الأسهم).
3- يخصم من راتبي 3700 ريال مجموع القرض (بقي له ثلاث سنوات)، وقسط الفيزا أدفع الإيجار الشهري بانتظام 1700ريال.
4- أتسلف شهرياً ما يقارب 2500 ريال لتغطية الراتب، ومصروف البيت.
5- والآن أهل الدين يريدون حقهم، وأنا لا أستطيع، فلو تغير نمط الترتيب السابق لدفع شيء بسيط فلن ترضى شركة السيارة، ولا صاحب المنزل، وسوف أعود بمطالبات من جهات أخرى.
5- حاولت العمل لكن غير مسموح لنا كموظفين حكوميين العمل في جهات أخرى.
6- المشكلة لها الآن ما يقارب سنة ونصف منذ هبوط سوق الأسهم الذي كانت هذه تبعاته بدءاً بالسيارة، ونهاية ببطاقات الائتمان.
أتمنى أن لا تقول لي: رتب مصروفك، فالترتيب يظهر! ولا تقل لي: حاول دفع الجزء اليسير؛ فلو كان يبقى جزء يسير لكان أطفالي أولى به.
الجواب:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
أخي المستشير الكريم - وفقك الله - لما يحب ويرضى.
أولاً: نحمد الله أن ما أصابك لم يكن أسوأ مما هو عليه، وثانياً: نحمد الله، ثم نحمد الله أن وفقك للرجوع إليه عند المصيبة، فكم ممن ابتلي بمثل ما ابتليت به فتوجه إلى غير الله، فزاد همه، واشتدت كربته.
أخي - أنار الله قلبي وقلبك - إن أول ما يتوجب على المؤمن إذا أصابته مصيبة أن يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، ثم يدرس ما أصابه ليخرج منه بالعبر والدروس، ثم ينهض ليعاود الحياة من جديد، وكله أمل بالله، وهكذا تصبح المحن منحاً.
أخي الكريم: لن أقول لك كما طلبت مني (رتب مصروفاتك)، بل سأسير معك في إجابة خمسة تساؤلات في نهايتها ستجد - بإذن الله - إجابة وافية لاستشارتك، آمل أن يكون الأمل بالله رائداً لتطلعاتك وحماسك لقراءة الإجابة في أعلى مستوياته، والجانب الإبداعي من عقلك متحفز لقراءة السطور التالية على بركة الله، نبدأ خمسة تساؤلات رئيسة نجيب عنها، وهي:
كيف نستزيد الرزق؟
كيف نستجلب البركة؟
كيف نخطط مالياً؟
كيف نزيد الدخل؟
كيف نقلل المصروفات؟
لا تستعجل إلى السؤال الخامس، بل الدسم في الأسئلة الأولى: كيف نستجلب الرزق؟
(إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين) أليس هذا ما قاله الله في كتابه في سورة الذاريات، وقد أرشدنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى كيفية زيادة مخصصاتنا من الرزق، وقبل أن اذكر ذلك أقول: إننا حصرنا مفهوم الرزق في أذهاننا على المال وحده، وهذا قصور في تفكيرنا، بل الرزق أشمل من ذلك، وليس المال إلا صورة من صوره، فمن الرزق الصحة، ومن الرزق القدرة على كسب المال، ومن الرزق مهارة الخطابة وغير ذلك.
نعود إلى كلام الحبيب - عليه الصلاة والسلام - الذي قال في ما رواه البخاري: ((من سره أن يبسط له في رزقه، أو ينسأ له في أثره؛ فليصل رحمه)) نعم أول سبب نقف معه من أسباب بسط الرزق هو صلة الرحم، والتطبيق العملي هو: صل أرحامك بقدر المستطاع، فباتصال هاتفي تصل ابن خالك الذي لم تسمع صوته منذ شهور، وباتصال هاتفي تسلِّم على قريب لك في مدينة بعيدة عنك، وبين المغرب والعشاء تزور اثنين من أقاربك في نفس المدينة التي تعيش فيها، وهكذا احتسب أجر الصلة عند الله ومكافأتها بالبسط في الرزق، ولزيادة الأجر حث الآخرين - وفي مقدمتهم طلابك الذين تدرسهم - على صلة الأرحام، وساعدهم على ذلك بأفكارك وجاهك، وأيضاً قال - صلى الله عليه وسلم - في ما رواه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: ((ثلاثة كلهم ضامن على الله إن عاش رزق وكفي، وإن مات أدخله الله الجنة: من دخل بيته فسلم فهو ضامن على الله، ومن خرج إلى المسجد فهو ضامن على الله، ومن خرج في سبيل الله فهو ضامن على الله)) والتطبيق العملي لهذا الحديث سلِّم بصوت واضح سلام السنة: ((السلام عليكم ورحمة الله وبركاته)) كلما دخلت بيتك، وزد على ذلك بعبارات التحية التي تجعل دخولك إلى البيت حفلة ومناسبة يرتقبها أهلك.
ثانياً: أكثر من الصلاة في المساجد، فكل الفروض يجب أن تكون في المسجد قال - عليه الصلاة والسلام - في ما رواه الألباني أيضاً في صحيح الترغيب والترهيب عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من نزلت به فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته، ومن نزلت به فاقة فأنزلها بالله فيوشك الله له برزق عاجل أو آجل)).
والتطبيق العملي هو الدعاء الخالص إلى الله في كل أوقات الإجابة، ومن ذلك الدعاء ما ذكره الألباني وحسنه في صحيح الترغيب والترهيب عن علي - رضي الله عنه - أن مكاتباً جاءه فقال: إني عجزت عن مكاتبتي فأعني، فقال: ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لو كان عليك مثل جبل صبير ديناً أداه الله عنك قل: ((اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك)).
وقد ذكر الألباني في السلسلة الصحيحة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من أخذ ديناً وهو يريد أن يؤديه أعانه الله - عز وجل -)) فأسال الله أن يعينك يا أخي على سداد دينك.
الاستغفار والتوبة: قال - تعالى -: (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً يرسل السماء عليكم مدراراً ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً)(نوح10- 12).
والتطبيق العملي لذلك هو أن لا يفارق الاستغفار لسانك.
التقوى: قال - تعالى -: (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب).
والمتابعة بين الحج والعمرة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد، والذهب، والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة)).
والتطبيق العملي هو أن تحج وتعتمر كلما استطعت إلى ذلك سبيلاً، وكأنك تقول لي: أنا لا أجد قوت يومي، وتريد مني الحج؟!
ولكن أقول لك بأنه يمكنك أن تلتحق بإحدى الحملات مقابل أن تقوم بمهام معينة في الحملة، وهذا موجود - ولله الحمد -، هذا في إجابة السؤال الأول، فماذا ترى لدينا في إجابة السؤال الثاني: كيف نستجلب البركة؟
نعم فإن الإنسان قد يرزق رزقاً واسعاً، ولكن لا بركة فيه، فلا يستفيد منه، ولكن إن حلت البركة في شيء فإنه يكفي أضعاف ما يتخيله الإنسان، فالبركة وهي الزيادة والنماء في الخير، ولعلنا نبدأ بأول سبب وهو الصدقة فقد قال - عليه الصلاة والسلام - كما في صحيح مسلم: ((ما نقصت صدقة من مال))، وقد ذُكِر في شرح هذا الحديث وجهان أحدهما معناه أنه يبارك فيه، ويدفع عنه المضرات، فينجبر نقص الصورة بالبركة الخفية، وهذا مدرك بالحس والعادة.
والثاني أنه وإن نقصت صورته كان في الثواب المرتب عليه جبر لنقصه، وزيادة إلى أضعاف كثيرة، إذن فالتطبيق العملي هو: خصص جزءاً من أصل راتبك للصدقة!!
كأنك تقول لي: وهل يبقى منه شيء حتى أتصدق؟! ولكني أقول لك: فعلاً خصص ولو مائة ريال لصدقة خفية ترجو بها وجه الله، وتسأله أن يثيبك بفضائل الصدقة، وأقسم بالله أن هذا أمر مضمون 100% لزيادة البركة في الرزق.
الأمر الثاني: نستلهمه من قول النبي - عليه الصلاة والسلام - للهم اجعل بالمدينة ضعفي ما بمكة من البركة، فإن استطعت الانتقال للعيش والعمل في مكة أو المدينة فهذا أيضاً مما يزيد البركة هذا ما تيسر في إجابة السؤال الثاني.
أما بالنسبة للسؤال الثالث: وهو كيف نخطط مالياً؟
فإن مختصر الجواب هنا هو أن تعرف ما هو دخلك، وما هي مصروفاتك، ثم تضع الاستراتيجيات والخطط اللازمة للمواءمة بين مصروفاتك ودخلك وصولاً إلى مرحلة الاستقرار، وهي المرحلة التي يزيد فيها دخلك عن مصروفاتك، ولتفعل ذلك اتبع ما يلي:
حدد مصروفاتك على شكل بنود، وسجلها في جدول شهري.
حدد دخلك أيضاً على شكل بنود وسجله في جدول شهري.
الفارق بين الدخل والمصروفات هو العجز، وعند ذلك ينصب جهدك كله لتوفير ما يسد ذلك العجز، وأيضاً يسد الدين الذي عليك، وهذا ما سنجد الإجابة عنه في التساؤل الرابع: كيف نزيد الدخل؟
إن عملية زيادة الدخل هي نتيجة عمل إضافي يمارسه الإنسان خارج وقت الدوام الرسمي، أو أعباء إضافية يمارسها داخل وظيفته الرسمية، وهنا سأشاركك ببعض المقترحات، وعليك أنت أن تزيدها بما يناسب ظروفك بالتفصيل، سأقسمها إلى ثلاثة بنود:
البند الأول: أعباء إضافية داخل الوظيفة الرسمية.
البند الثاني: أعمال حرة ذات طابع غير رسمي.
البند الثالث: الاستعانة بعمل الزوجة.
وإليك التفصيل:
البند الأول: أعباء إضافية داخل الوظيفة الرسمية، ومن ذلك:
* مدرس ليلية بالإضافة إلى التدريس النهاري.
* وكيل مدرسة ولو كانت بعيدة عن منزلك.
* مشرف في مركز نشاط مسائي تابع للتعليم، وإذا لم يكن يوجد لديكم واحد فاسع لإنشاء واحد.
البند الثاني: أعمال حرة ذات طابع غير رسمي أنتم كموظفين حكوميين لا يسمح لكم بالعمل رسمياً في جهات أخرى، ولكن لا يوجد نظام يمنعكم من الأعمال الحرة التي ليس فيها أي صفة رسمية، وإليك بعضاً منها، ولعلك تستطيع زيادة المقترحات لاحقاً.
* دلال عقاري: فيمكنك ممارسة الدلالة العقارية بدون أي تعارض مع وظيفتك الرسمية، فقد وجد من العسكريين والموظفين المدنيين من يمارس ذلك، ويجني منه خيرا كثيراً.
* موظف تسويق إلكتروني عبر الإنترنت: هذه أيضاً وظيفة حرة يمكنك ممارستها بدون تعارض مع وظيفتك الرسمية.
* مسوق منتجات غير متفرغ: وهو التسويق المعتمد على العرض الشفهي المباشر للزبائن، ويكون دخلك فيه على مقدار بيعك، وأعرف من العاملين في مجال الطب من يحقق دخلاً شهرياً في حدود 6000 ريال من خلال هذا العمل.
* مترجم من الباطن: مثلاً إذا كانت لغتك الإنجليزية جيدة فيمكنك العمل في مجال الترجمة سواء بالاتفاق مع مكاتب الخدمات العلمية، أو مع المستفيدين مباشرة.
* ناسخ على الكمبيوتر: فإذا كنت جيداً وسريعاً في الكتابة على الكمبيوتر فأيضاً يمكنك العمل في مجال كتابة البحوث، سواء بالاتفاق مع مكاتب الخدمات العلمية، أو مع المستفيدين مباشرة.
* مشرف تنظيم حفلات الزواج مقابل كذا ريال لليلة (500 ريال مثلاً)، وتقوم أنت بتأمين الطباخ، وتأمين الأغنام، والماء، والعصيرات وغيره بأسعار منافسة معتمداً على علاقاتك، وتشرف على عملية الغرف وووووو الخ
* مهندس كمبيوتر في منزلك تقوم بإصلاح أجهزة الحاسب الآلي لزملائك المدرسين، ولأبناء الحي وغيرهم.
* كانت تلك بعض الأفكار، وبدورك أنت فكر في أفكار أخرى تكون أكثر مناسبة لك مع الأخذ في الاعتبار أنك يجب أن تفكر في أعمال رأس مالها وقتك وجهدك، وعلاقاتك ومهاراتك وليس السيولة المالية، لأنك لا تملكها في الوقت الحالي.
البند الثالث: الاستعانة بعمل الزوجة:
الأمر الآخر الذي يمكنك الاستعانة به في زيادة الدخل هو عمل الزوجة، فإذا كانت ظروف الزوجة تسمح لها بالعمل، أو أن لها تأهيلاً معيناً فيمكن أيضاً الاستعانة بعملها في تغطية مصاريف الحياة، وإليك بعض الأفكار في ذلك المجال:
* موظفة.
* مدرسة خصوصية لبنات الحي.
* متعهدة تأمين وجبات، بحيث تقوم بتجهيز وجبات معينة في منزلها للراغبين.
* خياطة: إن بعض ملابس النساء يصل سعرها إلى بضعة آلاف، وكثيراً ما يقوم بذلك رجال، ونفتقر إلى النساء اللاتي يقمن بذلك.
* موظفة تسويق إلكتروني عبر الإنترنت.
وبالنسبة للتساؤل الخامس: وهو كيف نقلل المصروفات؟
هنا يمكن الاستعانة ببعض الأفكار التي قد توفر 30 أو 40 ريالاً من كل فكرة، فيكون مجموعها 300 أو 400 ريال، وأنت أعلم بوزن هذا المبلغ بالنسبة لك.
1- حول الجوال إلى بطاقة مسبقة الدفع، بحيث يمكنك التحكم في صرفيات الجوال، وافعل ذلك أيضاً مع خط الهاتف الثابت، وإذا كان لديك أكثر من خط ثابت فتخلص من الزيادة، وابق على واحد فقط.
2- انتقل إلى مسكن آخر إيجاره اقل بـ300 أو 400 ريال عن مسكنك الحالي، وتحمل ذلك لفترة حتى تزول المحنة التي أنت فيها، فهي - بإذن الله - فترة قصيرة.
3- راقب استهلاك الكهرباء، بحيث إن الإضاءة يجب ألا تكون مشرعة حيث لا استخدام لها، ولا يكون التكييف مشغلاً في مكان لا يستفاد منه.
4- استخدم أدوات ترشيد استهلاك المياه لتقليل استهلاك الماء.
5- قلل مشاويرك بالسيارة ما أمكن، واجعل المشاوير مجتمعة قدر الإمكان في يوم أو يومين؛ حتى توفر شيئاً في قيمة الوقود.
6- راجع النمط الغذائي في المنزل، وتحول إن أمكن إلى نمط أكثر اقتصادية؛ لأن بعض الناس يكون ألف نمطاً معيناً مثل الشراء الكثير من أكل السوق، فيستمر في ذلك حتى في حال وجود مشكلة مالية لديه، في حين أنه لو انتقل إلى نمط الطبخ المنزلي لكان أفضل له، وأكثر توفيراً.
7- قم ببعض الأعمال المهنية البسيطة الخاصة بك بنفسك بدلاً من استئجار عامل للقيام بها مثل: غسل السيارة، أو نقل أنابيب الغاز، أو تعبئة جوالين الماء، هذا ما يسر الله كتابته في موضوعك، وأسال الله أن يفتح علينا جميعاً أبواب فضله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المصدر...
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك