09-25-2014, 03:32 PM
|
مشرف
|
|
تاريخ التسجيل: Jun 2013
المشاركات: 7,826
|
|
خطبة في الحج
خطبة في الحج
سماحة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي
الحمد لله الذي رتب على حج بيته الحرام كل خير جزيل ، وجعل قصده من أجل القربات الموصلة إلى ظله الظليل ، ويسر أسبابه وهون الوصول إليه والسبيل ، وسهله بلطفه وكرمه غاية التسهيل . وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الجليل . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أكمل الخلق في كل خلق جميل ، اللهم صل وسلم على محمد ، وعلى آله وأصحابه والتابعين ، لهم في كل عمل نبيل .
أما بعد : أيها الناس ، اتقوا الله تعالى واغتنموا الفرص إلى حج البيت العتيق ، قال تعالى : { وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ } ، وقال صلى الله عليه وسلم : « من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه » ، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة . تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة . الحجاج والعمار وفد الله ، إن سألوه أعطاهم ، وإن دعوه أجابهم ، وإن استغفروه غفر لهم ، يالها من وفادة عظيمة على ملك الملوك وأكرم الأكرمين ، وعلى من عنده ثواب الدنيا والآخرة وجميع مطالب السائلين ، ليست وفادة على أحد من المخلوقين الفقراء المساكين ، وإنما هي وفادة على بيته الذي جعله مثابة للناس وهدى ورحمة للعالمين ، قد غنم الوافدون فيها منافع الدنيا والدين ، غنموا تكميل إيمانهم وتتميم إسلامهم ، ومغفرة ذنوبهم وستر عيوبهم وحط آثامهم ، غنموا الفوز برضى ربهم ونيل رحمته وثوابه ، والسلامة من سخطه وعقوبته وعذابه ، قد وعدوا الثواب على المشقات وما ينالهم من الصعوبات ، ووعدوا
إخلاف ما أنفقوا أو مضاعفته ورفعة الدرجات ، ووعدوا بالغنى ونفي الفقر وغفران الذنوب ، وصلاح الأحوال وحصول كل مطلوب ومرغوب ، والسلامة من كل سوء ومكروه ومرهوب . يالها من وفادة تشتمل على تلك المواقف العظيمة ، والمشاعر الفاضلة الكريمة ، وفادة أهلها في مغنم عظيم في كل أحوالهم ، وتنوع في طاعة المولى في جميع أعمالهم . إذا أنفقوا ضوعف أجرهم بغير حساب ، أو نالهم نصب ومشقة فذلك يهون في طاعة الملك الوهاب ، أو تنقلوا في مناسكهم ومواقفهم نالوا به الخير والثواب ، فهم في كرم الكريم يتمتعون ، وفي خيره وبره المتواصل يرتعون ، إذا فرح الوافدون على الملوك بالعطايا الدنية الفانية ، فقد اغتبط هؤلاء الأخيار بالعطايا الجزيلة الباقية ، وإذا سارع المترفون إلى المصيف والنزهة في البلاد النائية مع كثرة النفقات ، تسابق هؤلاء الصفوة إلى المواقف الكريمة التي وعد أهلها بالخيرات الكثيرة والبركات . فهل يستوي من قدم أغراضه الدنية واتبع هواه ، ممن ترك محبوباته وسارع لرضى مولاه ؟! { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ } .
من كتاب الفواكه الشهية في الخطب المنبرية
لمؤلفه : عبد الرحمن بن ناصر السعدي
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|