شبكة ربيع الفردوس الاعلى  

   
 
العودة   شبكة ربيع الفردوس الاعلى > 9 > منتدى الفقه
 
   

« آخـــر الــمــواضــيــع »
         :: مصحف الحصري معلم بدون - من غير ترديد الأطفال مقسم صفحات ثابتة واضحة المصحف المصور كامل (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف صلاح بوخاطر بو خاطر مقسم صفحات ثابتة واضحة المصحف المصور كامل فيديو (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف علي عبد الله جابر مقسم صفحات ثابتة واضحة المصحف المصور كامل فيديو (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف الحسيني العزازي معلم مع ترديد الأطفال حدر مسرع مقسم صفحات ثابتة واضحة المصحف المصور (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف هيثم الدخين مقسم صفحات ثابتة واضحة المصحف المصور كامل فيديو (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف عبد الباسط مرتل نسخة الإذاعة السعودية مقسم صفحات ثابتة واضحة المصحف المصور كامل فيديو (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف شهريار برهيزكار مقسم صفحات ثابتة واضحة المصحف المصور كامل فيديو (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف فارس عباد مقسم صفحات ثابتة واضحة المصحف المصور كامل فيديو (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف الطبلاوي مرتل مقسم صفحات ثابتة واضحة المصحف المصور كامل فيديو (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)       :: مصحف الحصري معلم مع ترديد الأطفال مقسم صفحات ثابتة واضحة المصحف المصور كامل فيديو (آخر رد :ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران)      

إضافة رد
   
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

  #1  
قديم 05-10-2015, 07:31 AM
منتدى اهل الحديث منتدى اهل الحديث غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 5,969
افتراضي من وحى أهل الحديث : الاجتهاد

من وحى أهل الحديث
الاجتهاد
إعداد
دكتور كامل محمد عامر
مختصر بتصرف من كتاب
الإحكام في أصول الأحكام
للإمام المحدث الحافظ أبي محمد علي بن أحمد بن سعيدالأندلسي القرطبي
1433هـ ــــ 2012م
(الطبعة الأولي)

الاجتهادُ فى اللغة: استنفاد الجُهد في طلب الشيء المرغوب إدراكه، حيث يُرجى وجوده فيه، أو حيث يوقن بوجوده فيه.
والجُهدُ: الطاقة و القوة
الاجتهادُ في الشريعة هو: استنفاد الطاقة في طلب حكم النازلة حيث يوجد ذلك الحكم.
هذا ما لا خلاف فيه بين أحد من أهل العلم بالديانة.
وإنما قيل في تفسير الاجتهاد العام حيث يرجى وجوده، فَعُلِّق الطلب بمواضع الرجاء، و قيل في تفسير الاجتهاد في الشريعة. حيث يوجد ذلك الحكم، فلم يُعَلَّق بالرجاء، لأن أحكام الشريعة كلها متيقن أن الله تعالى قد بينها بلا خلاف، و من قال إن الله تعالى و رسوله صلى الله عليه و سلم لم يبين لنا الشريعة التي أرادها تعالى منا فلا خلاف في أنه كافر؛فأحكام الشريعةكلها مضمونة الوجودلعامة العلماء و إن تعذر وجود بعضها على بعض الناس، فمحال ممتنع أن يتعذر وجودها على كلهم. فالحق لا يخفى على جميع المسلمين، بل لا بد أن تقع طائفة من العلماء على صحة الحكم بيقين فإذا قام البرهان عند المرءِ على صحةِ قولٍ ما قياماً صحيحاً فيجب العمل به و دعوة الناس إليه.

مواضع وجود الأحكام الفقهية
(1) الْقُرْآنُ
(2) ما صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
· إمَّا بِرِوَايَةِ جَمِيعِ عُلَمَاءِ الآُمَّةِ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام وَهُوَ الإِجْمَاعُ.
· وَإِمَّا بِنَقْلِ جَمَاعَةٍ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام وَهُوَ نَقْلُ الْكَافَّةِ أو التَواترِ وهذا الخبر لم يختلف مسلمان في وجوب الأخذ به.
· وَإِمَّا بِرِوَايَةِ الثِّقَاتِ وَاحِدًا، عَنْ وَاحِدٍ حَتَّى يَبْلُغَ إلَيْهِ عليه الصلاة والسلام وهو خبر الآحاد. وهذا يجب العمل به ويجب العلم بصحته أيضاً.
(3) دليل من القرآن والسنة على حكم تلك النازلة، لا يحتمل إلا وجهاً واحداً.
أقسام المجتهدين
أقسام المجتهدين عند الله تعالى قسمان:
(1) مصيب
(2) مخطىء
أقسام المجتهدين عندنا ثلاثة أقسام:
(1) مصيب يقطع على صوابه عند الله عز و جل.
(2) مخطىء يقطع على خطئه عند الله عز و جل.
(3) متوقف فيه لا ندري أمصيب عند الله تعالى أو مخطىء، و إن أيقنّا أنه في أحد الحَيِّزَيْن عند الله عزَّ و جلَّ وهذا فيما لم يقم عليه دليل عند المجتهد مع اليقين أن عند غيره بيان ما غاب عنه.
أقسام المجتهد المخطىء:
(1) مخطىء معذور وهو الذي لايتعمد الخطأ، وهو الذي صح عنده أنه على الحق بإجتهاده فكل من خالف قرآناً أو سنة صحيحة أو إجماعاً متيقناً وهو لا يلوح له أنه مخالف لشيء من ذلك، فليس كافراً ولا عاصياً ولا فاسقاً، بل هو مأجور أجراً واحداً.
(2) مخطىء غير معذور وهو من تعمد بقلبه ما صح عنده أنه خطأ، أو حكم بغير اجتهاد لقول الله تعالى: { وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَآ أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَـكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }[الاحزاب 5].فمن قامت عليه الحجة، فعاند وخالف النص بعد أن وقف عليه، مقلداً أو متبعاً لهواه، فهؤلاء إن استحلوا خلاف النص كفروا، وإن خالفوه معاندين غير مستحلين فسقوا. وقد نزه الله تعالى كل صاحب وكل فاضل عن هاتين المنزلتين، وأوقع فيهما كل فاسق متبع هواه قاصداً إلى نصر الباطل، والثبات عليه وهو يدري أنه باطل، وبالله تعالى التوفيق.

وجوه الإجتهاد
(1) التعلق بآية منسوخة
(يثبت النسخ بنص أو إجماع منقول أو بدليل متيقن منهما)
· فإن كان النسخ لم يثبت عند المجتهد فالحكم الثبات على المنسوخ والعامل به معذور مأجور.
· وإذا ثبت النسخ فمن تمادى على الأخذ بالمنسوخ معتقداً لصوابه فهو كافر مشرك كمن تمادى على الصلاة إلى بيت المقدس، وما أشبه ذلك.
· وإن اختلف الناس في النسخ فمن تمادى على القول بالمنسوخ، وهو يعلم خلاف ذلك، فهو فاسق عاص لله تعالى.
· فإن كانت تلك الآية مما قام الدليل على نسخها من نقل الآحاد من جهة من اختلف في توثيقه وهو ممن يصحح مثل ذلك النقل فتمادى على القول بها، فهو فاسق بتعمده مخالفة ما هو الحق عنده، وإن كنا لا نقطع على أنه مخطىء، إلا أن يكون النسخ من جهة الثقات.
(2) التعلق بآية مخصوصة
· فإن كان دليل التخصيص لم يثبت عند المجتهد فالحكم الثبات على العموم والعامل به معذور مأجور. مثل قوله: {وَلَقَدْ أُوْحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ }[الزمر:65] فهذه خاصة فيمن مات كافراً ببرهان نص آخر، فهذه أيضاً ما لم يقم عنده برهان بأنها مخصوصة، فحكمه الثبات على العموم الذي بلغه.
· وإذا ثبت التخصيص فمن تمادى على الأخذ بالعموم معتقداً لصوابه فهو كافر مشرك.
· وإن اختلف الناس في التخصيص فمن تمادى على القول بالعموم وهو يعلم خلاف ذلك، فهو فاسق عاص لله تعالى.
(3) التعلق بآية قد خص منها بعضها
كقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَآءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }[المائدة:38] فهذا أيضاً حكمه الثبات على ما بلغه، فإن قام عليه البرهان فتمادى، فإن كان صحيحاً عنده فهو كافر.
(4) التعلق بآية مزيد عليها نص آخر
كمن تعلق بقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الاخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً }[النساء:23] وقد زيد في هذه الآية تحريم الجمع بين المرأة وعمتها، وخالتها. ومثل هذا كثير، فهذا أيضاً حكمه الثبات على ما بلغه ما لم يقم عليه دليل بالزيادة، فإن كان الدليل صحيحاً عنده فخالفه معتقداً خلاف النص فهو كافر.
(5) التعلق بآية وصرفها عن وجهها
كمن ادعى في:
قول الله عز وجل: {وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ مِّن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَآءِأَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَآءُ إِذَا مَا دُعُواْ وَلاَ تَسْأَمُواْ أَن تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَو كَبِيراً إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ وَأَقْومُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُواْإِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَاوَأَشْهِدُواْ إِذَا تَبَايَعْتُمْوَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }[البقرة:282].
وقوله تعالى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍوَأَشْهِدُواْ ذَوَي عَدْلٍ مِّنكُمْوَأَقِيمُواْ الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يجعل لَّهُ مَخْرَجاً }[الطلاق:2].
أنهما مخالفان لماصح عن النبي عليه السلام من الحكم باليمين مع الشاهدوموجبان ألا يحكم بأقل من الشاهدين أو شاهد وامرأتين.
وهذا صرف للآيتين عن وجههما لأنه ليس في الآيتين المذكورتين أمر بالحكم بالشاهدين أو الشاهد والمرأتين أصلاً. ولا دليل على ذلك بوجه من الوجوه. وإنما فيهما الأمر باستشهادالشاهدين أو الشاهد والمرأتين فى المداينة والطلاق والرجعة فقط (ولم تتطرق الآية إلى موضوع القضاء والحكم ) مع ما فيهما من قوله تعالى: { إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُواْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ } دون ذكر عدد فإشهاد واحد يقع عليه اسم «إشهاد» وقوعاً صحيحاً في اللغة بلا شك فهو جائز بنص القرآن.
وكمن تعلق في إيجاب الزكاة بقوله تعالى: { كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ }[الانعام:141] وهذا خطأ لأن إيتاء حق الزكاة فيما أنبتت الأرض لا يمكن يوم الحصاد، وهي أيضاً مكية والزكاة مدنية فمن احتج بهذه الآية في أحكام الزكاة فصارف للآية عن وجهها. فمن جهل هذه النكتة واحتج بهاتين الآيتين فهو مخطىء معذور لأنه لم يأمره الله تعالى قط بما ذهب إليه ، فإن وقف على ما ذكرنا فتمادى على قوله فهو فاسق أو كافر كما قيل في الفصل الذي قبل هذا.
وهذه الفصول كلها داخلة على من تعلق بالأحاديث كما ذُكِرَ سواء بسواء، كمن تعلق بحديث منسوخ أو مخصوص، أو مخصوص منه أو مزيد عليه، فهذا كما قلنا في الآيات سواء بسواء إلا أنه لا يكفر إلا برد حديث ثبت عنده.
فصل
من ادعي في عموم آية نسخاً أو تخصيصاً، فإن حَقّقَ دعواه بنص صحيح فقوله حقٌّ مقطوع على صحته عند الله عز وجل ؛ وإن لم يأت على دعواه بنص صحيح فقد قال على الله ما لم يعلم. وليس هؤلاء كمن تقدم ذكرهم فى الفصل السابق ، لأن من تعلق بنصٍ لم يبلغه ناسخه ولا ما خصه فقد أحسن ولزمه ما بلغه، وليس عليه غير ذلك حتى يبلغه خلافه من نص آخر، وأما هؤلاء فلم يتعلقوا بشيء أصلاً، بل تحكموا في الدين كما اشتهوا، وهذا عظيم جدّاً.
فمن قال بهذا ساهياً غير عارف بما اقتحم فيه من الدعوى فهو معذور بجهله، ما لم ينبه على خطئه، فإن نبه عليه فثبت على خلاف ما بلغه عامداً فهذا غير معذور، لأنه خالف الحق بعد بلوغه إليه.
قضية هامة
من رُوِيَ عنه شيء من ذلك من الصحابة رضى الله عنهم أو التابعين أو ممن سلف، ممن يمكن أن يظن به أنه سمع في ذلك نصّاً شُبِّهَ له فيهفهؤلاء معذورونلأننا لا نظن بهم إلا أحسن الظن، وقد حضَّنا الله تعالى على أن نقول: {وَالَّذِينَ جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ }[الحشر:10] . ولا شك أنهم لم يتبين لهم الحق في ذلك.
وأما من نشاهده أو لم نشاهده ممن صح عندنا بيقينٍ حاله ومقدار علمه فنحن على يقين أنه ليس عنده في ذلك أكثر من الدعوى، والقول على الله تعالى بما لا يعلم، فهؤلاء فساق راكبون أعظم الكبائر ونعوذ بالله من الخذلان.
فصل
أما من يتعلق بدليل الخطاب أو بالقياس، فهذا أيضاً معذور مأجورمخطىء عند الله تعالى بيقين، إلا أنه لا يفسق، ما لم تقم عليه الحجة في بطلان هذين العلمين، فإن قام بذلك عنده البرهان من النصوص الثابتة المتظاهرة فتمادى على القول بالقياس أو بدليل الخطاب، فهو فاسق، لأنه ثابت على ما لم يأذن به الله تعالى ولا رسوله.
ومن يتعلق بالرأي والاستحسان، وهذا أضعف من كل ما تقدم ؛ إذ الشبهة المُتَعَلَّقُ بها في هذين الوجهين في غاية الوهاء لأنه لا دليل على صحتهما، بل البرهان قائم على بطلانهما، إلا أنهم قد تعلقوا في ذلك بأثرين واهيين ساقطين مصروفين أيضاً عن وجههما، أحدهما الحديث المنسوب إلى معاذ، إلا أن من شُبِّهَ عليه فظن أنه مصيب في ذلك فهو معذور مأجور، فإن قامت عليه الحجة ببطلان الرأي والاستحسان فثبت على القول بهما فهو فاسق، لحكمه في الدين بما لم يأذن به الله تعالى.
ومن تعلق بقول صاحب قد خالفه غيره من الصحابة، أو بقول عالم ممن دونه ممن قد خالفه غيره من العلماء،فهذا هو التقليد بعينه، وليس من فعل هذا مجتهداً أصلاً، وهو حرام لا يحل، فمن قدر أنه معذور في ذلك ولم يبلغه المنع منه ولا بلغه أن ههنا عالماً آخر مخالفاً لهذا الذي تعلق به فهو معذور، لأنه يظن أن هذا هو الحق وأما إذا بلغه أن عالماً آخر مخالفاً للذي تعلق هو به فهو فاسق. لأنه ليس بيده شبهة أصلاً يتعلق بها في اتباع رجل بعينه دون غيره.
أمثلة لاجتهاد العلماء
(1) أن يرد نصَّان وفي كل واحد منهما تخصيص لبعض ما في عموم النص الآخر.
كقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِأُمِّ القُرْآنِ» [صحيح البخاريكتاب الأذان باب وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ لِلإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ] مع قوله تعالى :} وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}[الأعراف:204]
فقال قوم : «لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِأُمِّ القُرْآنِ» خَصَّ منه المأمومَ قوله تعالى: }وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف:204]
وقال قوم: قوله تعالى:} وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف:204] خَصَّ أمُّ القرآن منه قوله عليه السلام : «لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأَ بِأُمِّ القُرْآنِ» .
ومثل قوله تعالى: { وَللَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}[آل عمران:97] مع قول رسول الله عليه السلام : «لاَ يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِالله وَاليَوْمِ الآخَرِ أَنْ تُسَافِرَ إِلاَّ مَعَ زَوْجٍ أَوْ ذِي مَحْرَمٍ»[مسلم كتاب الحج باب سفر المرأة].
فقال قوم: قول الله تعالى: { وَللَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}[آل عمران:97] خص النساء منه قوله عليه السلام: «لاَ تُسَافِرَ امْرَأَةٌ إِلاَّ مَعَ زَوْجٍ أَوْ ذِي مَحْرَمٍ».
وقال قوم إن قوله عليه السلام: «لاَ تُسَافِرَ امْرَأَةٌ إِلاَّ مَعَ زَوْجٍ أَوْ ذِي مَحْرَمٍ» خص سفر الحج قوله تعالى: { وَللَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً } [آل عمران:97] .
قال ابن حزم رحمه الله:"فإن متعلق خصومنا هنا قوي، ووجه خطأ من أخطأ ههنا خفي جدّاً، دقيق البتة، لا يؤمن في مثله الغلط على أهل العلم الواسع والفهم البارع ؛ هذا ما لم يوجد نص يشهد لأحد الاستعمالين، فإن وجد نص صحيح بذلك عاد الأمر إلى ما قد ذكرناه في الفصول المتقدمة، ولا بد من وجوده لأن الله تعالى قد ضمن لنا بيان الدين بقوله تعالى: { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }[النحل 44] فلا يجوز البتة أن يبقى في الدين شيء مشكل، بل هو كله مقطوع على أنه بين بياناً جلياً، والحمد لله رب العالمين."
(2) أن يرد حديثان صحيحان متعارضان، أو آيتان متعارضتان أو آية معارضة لحديث صحيح ، في أحد النصين منع وفي الثاني إيجاب في ذلك الشيء بعينه، لا زيادة في أحد النصين على الآخر، ولا بيان في أيهما الناسخ من المنسوخ، كالنص الوارد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب قائماً، والنص الوارد أنه عليه السلام نهى عن الشرب قائماً، قال ابن حزم رحمه الله "فإن من ترك الخبرين معاً ورجع إلى الأصل الذي كان يجب لو لم يرد ذلك الخبران أو رجع أحد الخبرين على المعارض له بكثرة رواته أو بأنه رواه من هو أعدل ممن روى الآخر، وأحفظ وما أشبه هذا من وجوه الترجيحات ؛ فإن هذا أيضاً مكان يخفى بيان الخطأ فيه جدّاً، وأما نحن فنقول بالأخذ بالزائد شرعاً إلا أننا نقول وبالله تعالى التوفيق: إن من مال إلى أحد هذه الوجوه في مكان ثم تركه في مثل ذلك المكان وأخذ بالوجه الأخر مقلداً أو مستحسناً فما دام لم يوقف على تناقضه وتفاسد حكمه فمعذور مأجور، حتى إذا وقف على ذلك فتمادى فهو فاسق عاص لله عز وجل لاتباعه الهوى وكل من قال في الدين بقول لم يأت عليه ببرهان لكن بما وقع في نفسه الميل فإنه بيقين متبع لهواه".
(3) أن يتعلق بحديث ضعيف لم يتبين له ضعفه، أو بحديث مرسل أو ادعى تجريحاً في راوي حديث صحيح، إما بتدليس أو نحوه أو ادعى أن الناقل أخطأ فيه، فمن اعتقد صحة ما ذكر من ذلك معذور مأجور حتى إذا ترك في مكان آخر مثل ذلك الحديث، أو رد مرسلاً آخر لإرساله فقط، وأخذ بحديث آخر فيه من التعليل كالذي فيما قد رده في مكان آخر، ووقف على ذلك فإن تمادى فهو فاسق، وإن لم يُقطع على أنه مخطىء عند الله عز وجل لكن لإقدامه على الحكم في الدين بما قد شهد لسانه ببطلانه في موضع آخر، فهو متبع هواه، كمن حكم بشهادة فاسقين يعلم فسقهما فيما يدري هو صحة شهادتهما به أو رد شهادة عدلين يعلم عدالتهما بغير جرح ثبت عنده بل بعلمٍ منه ببطلان ما شهدا به، فهذا فاسق بإجماع الأمة كلها، وإن كان في الممكن أن يكون قد صادف الحق عند الله تعالى، ولكن لما أقدم على خلاف ما أمر به بغير يقين كان عاصياً لله تعالى ونعوذ بالله من الخذلان.
حكم الأخبار الواردة في الوعظ وغيره.
قالوا:كيف تقولون فيمن بلغه خبر صحيح ليس من باب الأمر وقد جاء ذلك الخبر في نص آخر باستثناء منه أو زيادة عليه ولم يبلغه النص الثاني؟.
الجواب:إن هذا بخلاف الأمر، لأن الأوامر قد ترد ناسخاً بعضها بعضاً، فيلزمه ما بلغه حتى يبلغه ما نسخه، وليس الخبر كذلك، بل يلزمنا تصديق ما بلغنا في ذلك، لأن الله تعالى لا يقول إلا الحق وكذلك رسوله ، وعليه أن يعتقد مع ذلك أن ما كان في ذلك الخبر من تخصيص لم يبلغه أو زيادة لم تبلغه فهى حق، ولا نقطع بتكذيب ما ليس في ذلك الخبر أصلاً. وكذلك أمر رسول الله إذ قال: «لَا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الْكِتَابِ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ الْآيَةَ [البخاري: كِتَاب الِاعْتِصَامِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَسْأَلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ عَنْ شَيْءٍ] فهذا حكم الأخبار الواردة في الوعظ وغيره. وما كان من الأخبار لا يحتمل خلاف نصه صدق كما هو، ولزم تكذيب كل ظن خالف نص ذلك الخبر.
أقوال باطلة
قالوا: إن النبي يأمر بالأمر ويقول بالقول مما لا يجوز، لكن لعلة شيء آخر أراده مثل:
قوله عليه السلام: «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ فَيُحْطَبَ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنْ يَحْرِقَ بُيُوتَ المُتَخَلِّفِينَ عَنِ الصَّلواتِ فِي الجَمَاعَاتِ» فقالوا هذا لا يجوز، وإنما قاله تغليظاً، لا أنه أراد ذلك.
وقالوا: إن أمره عليه السلام بغسل الإناء من ولوغ الكلب سبعاً ليس على إيجاب ذلك، وإنما فعله ليزدجر الناس عن اتخاذها، لأنها كانت تؤذي المهاجرين. وقالوا: ومن ذلك قوله للذي دخل المسجد بهيئة بَذَّة ورسول الله يخطب يوم الجمعة فقالعليه السلام: «قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ» قالوا: والركوع حينئذ لا يجوز، وإنما أمره بذلك ليفطن له الناس فيتصدقوا عليه.
وهذا باطل لأنهم ينسبون إلى رسول الله أنه يأمر بالباطل وبما لا يجوز، ويصفونه بالكذب. وليت شعري أعجز النبي عن أن يأمر بقتل الكلاب، كما فعل إذ أمره الله تعالى.
مناقشة
قالوا: قد واصل النبي عليه السلام بالصحابة، وقد نهاهم عن الوصال؟
والجواب: أن ذلك كان منه عليه السلام صياماً مقبولاً، لأن الوصال له مباح بالنص من قوله : «لَسْتُ كَأَحَدٍ مِنْكُمْ إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي» وكان منهم عقوبة لهم لا صياماً، وهكذا في نص الحديث، أنه كان كالتنكيل بهم فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:"نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْوِصَالِ فِي الصَّوْمِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَأَيُّكُمْ مِثْلِي إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ فَلَمَّا أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا عَنْ الْوِصَالِ وَاصَلَ بِهِمْ يَوْمًا ثُمَّ يَوْمًا ثُمَّ رَأَوْا الْهِلَالَ فَقَالَ لَوْ تَأَخَّرَ لَزِدْتُكُمْ كَالتَّنْكِيلِ لَهُمْ حِينَ أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا" [البخاري: كِتَاب الصَّوْمِ؛ بَاب التَّنْكِيلِ لِمَنْ أَكْثَرَ الْوِصَالَ] وجائز للإمام أن يمنع المرء الطعام اليوم والليلة، ومقداراً يدري أنه لا يبلغ به الموت على سبيل النكال، كما فعل عليه السلام.
حكم من ترك نصاً
من ترك نصّاً لقياس بعد قيام الحجة عليه بإبطال القياس فهو فاسق.
ومن ترك نصّاً لقول صاحب فمن دونه ، فإن كان يعتقد أن عند ذلك الصاحب علماً عن النبي وقامت عليه الحجة ببطلان ذلك، فتمادى ولم يتب فهو فاسق.
ومن اعتقد أنَّ لأحد بعد موت النبي أن يحرم شيئاً كان حلالاً ، أو يحل شيئاً كان حراماً ، أو يوجب حدًّا لم يكن واجباً ، أو يشرع شريعة لم تكن في حياته ، فهو كافر مشرك حلال الدم والمال حكمه حكم المرتد ولا فرق . ومن لم يحتج بنص ، لكن بتقليد أو قياس ، فهو مخطىء عند الله تعالى.
وكل استدلالما عدا القرآن و السنة الصحيحة و الإجماع أو دليل منهم لا يحتمل إلا وجها واحداً من تقليد صاحب فمن دونه ، أو قياس أو استحسان ، فهو باطل بيقين عند الله عز وجل وبالله تعالى التوفيق .
وكل ما قيل فيه إنه يفسق فاعله أو يكفر بعد قيام الحجة عليه ، فهو ما لم تقم عليه الحجة معذور مأجوروإن كان مخطئاً.
وهذه هي المتشابهات التي أخبر بها النبي عليه السلام في قوله: »إن الحَلالُ بَيِّنٌ والحرام بينٌ وَبَيْنَهُما مُشْتَبِهَاتٌ لا يَعْلَمُهن كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ«‏[مسلم كتاب المساقاه باب أخذ الحلال وترك الشبهات‏.]وليس هذا من المتشابه الذي ذكر الله عز وجل في قوله : {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ }[آل عمران:7].
الاستدلال بالحديث المرسل أو النقل الضعيف
ومن استدلَّ بحديث مرسل أو نقل ضعيف لم نتبعهولم نقطع على أنه مبطل عند الله عز وجل إلا أن نتيقن أن ذلك الخبر لم يأت قط مسنداً من طريق يصح، فنقطع حينئذ على أنه باطل عند الله تعالى.
صفة قيام الحجة
صفة قيام الحجة هو أن تبلغ المكلف فلا يكون عنده شيء يقاومها ، وبالله تعالى التوفيق .

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك

رد مع اقتباس
 
   
إضافة رد

« الموضوع السابق | الموضوع التالي »

   
 
 
 
   

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة



Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية

الساعة الآن 01:37 AM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات