رأي المعاصرين في زواج المسيار [1]
أ. د. علي أبو البصل
اختلف المعاصرون في حكم نكاح المسيار إلى مذهبين:
الأول: المجيزون، ومنهم: د. يوسف القرضاوي، ود. محمد سيد طنطاوي، ود. نصر فريد واصل وغيرهم، واستدلوا على رأيهم بما يلي:
1- النكاح الصحيح هو النكاح المستكمل لأركانه وشرائطه المعتبرة شرعًا، وزواج المسيار زواج تام تتوافر فيه أركانُ العقد الشرعي؛ من إيجاب وقَبول، وشهود وولي، وهو زواج موثَّق، لا مجالَ لجحوده أو نُكرانه.
2- الزواج المسيار مأخوذ من الواقع، واقتضَته الضرورة العملية في بعض المجتمعات، وفيه مصلحة؛ لأنه يقلل من مشكلة العنوسة، ويغلق باب الزنى والانحراف.
3- الزواج المسيار يقوم على التيسير والتراضي، ويجب علينا شرعًا أن نيسِّر ولا نعسر، فإذا يسَّرنا أسباب الحلال أُغلقت نوافذ الحرام، وإذا عسَّرنا أسباب الحلال فتحت نوافذ الحرام.
4- النكاح المسيار لا يوجد ما يمنع من جوازه شرعًا؛ لأن الأصل في العقود والشروط الإباحة.
والثاني: المانعون، ويرون عدم جواز نكاح المسيار وبطلانَه شرعًا، ومنهم د. محمد فؤاد شاكر، ود. محمد الراوي، ود. فوزية عبدالستار، واستدلوا على رأيهم بما يلي:
1- زواج المسيار يُفقد الزوج احترامَه بتخلِّيه عن جميع مسؤولياته، فيصبح عالةً على زوجته.
2- العنوسة العذرية خيرٌ للمرأة من زواج عابر لا تحقق أهدافه، ويفتح السبيل أمامها للانحراف، بينما المفروض في الزواج أن يكون عصمة لكل من الزوجين.
3- المسيار لا يحقق شرط العدل بين الزوجات؛ حيث يَقضي أيامًا هنا، وسَنةً في مكان آخر!
4- المسيار يؤدي إلى مزيد من حالات انهيار الأسرة؛ لأن بعض قوانين الأحوال الشخصية تُجيز للزوجة أن تطلب الطلاق بعد سنة من غياب الزوج.
5- المسيار يثير مشكلة الجنسية؛ لأن الأبَ في الغالب يحمل جنسية أجنبية، فلو كانت الأمُّ مصرية مثلاً فسوف تزداد مشكلة الجنسية التي يُعاني منها عددٌ غير قليل، وتتفاقم، وسوف يُعامَل الأبناء على أنهم أجانبُ بحكم جنسيَّة أبيهم، فلا حق لهم في التعليم المجاني أو العلاج أو الإقامة، والمسيار يعمِّق هذه المشكلة ويَزيدها تعقيدًا، بدلاً من البحث عن حل لها.
المناقشة والترجيح:
بعد التأمل والتدقيق في الأقوال السابقة والأدلة التي تقوم عليها؛ نرى أنها حصرت نكاح المسيار في صورة واحدة، وتعميم الحكم عليها، والأصل في الحكم الشرعي أن يكون منطبقًا على واقعه؛ ولهذا أرى صحة القول بجواز نكاح المسيار بشكل عام؛ متى استكمل أركانه وشرائطه الشرعيَّة، مع ترك الباب للأحكام الخاصة مفتوحًا، بمعنى أن يكون لكل عقد حكمُه الخاص به من الناحية الفقهية والقانونية، ومن هنا جاءت هذه الدراسة، من دون أن تُسقط حكمًا عامًا على نكاح المسيار، بل تذكر كل صورة قد يرد بها، وحكم كل صورة لدى الفقهاء والرأي الراجح في كل صورة؛ ومن هنا تكتسب هذه الدراسة أهميتها؛ لما فيها من البيان والتفصيل لكل صورة وحالة على حدة، والله ولي الهداية والتوفيق.
[1] زواج باطل، ص 18، وما بعدها نقلاً عن مجلة آخر ساعة، العدد 3288، القاهرة، 29 أكتوبر 1997م.
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك