من سلسلة أحاديث رمضان حديث: بينا أنا نائم أتيت بقدح لبن فشربت حتى إني لأرى الري يخرج في أظفاري
عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: بيْنَا أنَا نَائِمٌ، أُتِيتُ بقَدَحِ لَبَنٍ، فَشَرِبْتُ حتَّى إنِّي لَأَرَى الرِّيَّ يَخْرُجُ في أظْفَارِي، ثُمَّ أعْطَيْتُ فَضْلِي عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ قالوا: فَما أوَّلْتَهُ يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: العِلْمَ[1].
الشرح:
رُؤْيا الأنبياءِ حَقٌّ وصِدقٌ، ووَحْيٌ مِن اللهِ عزَّ وجلَّ، وقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُبشِّرُ أصحابَه رَضيَ اللهُ عنهم برُؤياهُ التي يَراها، وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُاللهِ بنُ عمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم رَأى أثناءَ نَومِه أنَّه قُدِّمَ له إناءٌ مِن لبَنٍ، فشَرِبَ وارْتوى كَثيرًا، حتَّى صار يَرى أثَرَ الشِّبَعِ والارتواءِ باللَّبَنِ يَخرُجُ مِن أصابعِه، ويَسيلُ على أظفارِه، وهو إشارةٌ إلى اكتمالِ جَسَدِه بحاجتِه، وفاض حتَّى خَرَجَ ما زادَ منه، ثمَّ أعْطى ما تَبقَّى منه إلى عُمرَ بنِ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه فشَرِبَه، ثم فسَّر صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اللَّبَنِ بالعلمِ، وكأنَّ ذلك بِشارةٌ لعُمرَ رَضيَ اللهُ عنه أنْ يَتفوَّقَ في عُلومِ الشَّريعةِ؛ لأنَّه نَهِلَ مِن ذلك اللَّبَنِ الَّذي شَرِبَ منه النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فدلَّ ذلك على اختِصاصِه وامتيازِه بقدْرٍ زائدٍ مِن العِلمِ.
وقيل: تَفسيرُ اللَّبَنِ بالعِلمِ لاشتراكِهما في كَثرةِ النَّفعِ، وفي أنَّهما سَببُ الصَّلاحِ، فاللَّبَنُ غِذاءُ الأطفالِ، وسَببُ صَلاحِهم، وقُوتٌ للأبدانِ بعد ذلك، والعِلمُ سَببٌ لصَلاحِ الآخرةِ والدُّنيا.
وفي الحديثِ: فضْلُ العِلمِ وشرَفُه، وأهميَّتُه بالنِّسبةِ للإنسانِ.
وفيه: بَيانُ فَضيلةٍ لعُمرَ رَضيَ اللهُ عنه، وأنَّه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في العلم والقيادة.
[1] أخرجه البخاري في صحيحه 82.
المصدر...
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك