04-29-2023, 03:39 AM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 376,634
|
|
خلفاء الشيطان في شهر رمضان
خلفاء الشيطان في شهر رمضان
محمد علي الخلاقي
جاء رمضان فهلَّتْ علينا البركات، وغمرتنا المسرَّات، وابتهجت النفوس لمقدمه، كيف لا وهو شهر تُفتَح فيه أبواب الجِنان، وتُغلَق فيه أبواب النيران، وتُصفَّد فيه الشياطين؟! فتنطلق النفوس في العبادة، ويُقبِل الناسُ على الطاعة، فترى المساجد قد امتلأتْ بالمصلِّين، والطُّرُقات كَثُر فيها المطعمون؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ، فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ)).
ولما كان هذا حال الناس في رمضان يتقلَّبون فيه من طاعة إلى أخرى، ومن عمل صالحٍ إلى آخر؛ أغضب ذلك الشيطان، وأجَّجَ الحِقْدَ في نفسه، ولسانُ حالِه يقول: (طوال السنة وأنا أعمل على إغواء الناس، وصدِّهم عن العبادة، وأُزيِّن لهم المنكرات وأدعوهم إلى المُحرَّمات، فيأتي هذا الشهر الذي يعودون فيه إلى ربِّهم، ويُقبِلون فيه على خالقهم، فيتزوَّدون فيه بالطاعة، وتُشحَن قلوبُهم بالإيمان إلى رمضان الآخر)، فانظر في أمره وتأمَّل حاله! كيف يَضيع جهده الذي عمله، ويَذهَب كيدُه ومَكْرُه؟!
وسأل نفسه: كيف أتمكَّن من إلهاء الناس في هذا الشهر عن العبادة، وأُشْغِلُهم عن الطاعة في شهر القرآن، وأُضيِّعُ عليهم الأجْرَ الذي اكتسبوه من الصيام، وأُبْعِدُهم عن الخير الذي غنموه بالقيام؟ فاهتدى إلى حيله جهنميَّة، ووجد طريقة شيطانية لصَدِّ الناس عن اغتنام الشهر، وحرمانهم من نيل الأجر.
فاختار فئةً من الناس ليكونوا خلفاءه في إغواء الناس في رمضان، وإكمال مسيرته عندما يُحجَب عنهم، ويكونون أذْرُعَه في إفساد الناس إذا صُفِّد، فلم يستطِعْ أن يصل إليهم، فقاموا بالمهمة الموكلة إليهم حتى استحقُّوا لقب (خلفاء الشيطان في رمضان).
يحملون لواءه، ويُواصِلون جُرْمَه وإفساده، فتراه يُهيِّئهم قبل رمضان بأَشْهُر، ويحثُّهم على العمل؛ لينشروا المنكرات والمعاصي التي تجرح الصيام، وتُفسِد عليهم القيامَ والقرآن.
إنهم إعداء الفضيلة، وفُسَّاق الأُمَّة (من الممثِّلين في القنوات الهابطة، والعاملين في الفضائيات الفاسدة والمسلسلات الساقطة) الذين جَنَّدهم إبليس ليخلفوه في أعماله، ويكملوا مسيرة إغوائه وإفساده.
إن هذه المسلسلات التي تُعْرَض حصريًّا على القنوات في شهر رمضان، والتي ليس فيها من تعظيم شعائر ربِّ العالمين، ولا تأمر الناس بأهمية إقامة الصيام والإقبال على الطاعة في شهر القرآن؛ بل تَعرِض العري الفاحش والتبرُّج المبتذل والسفور الفاضح أمام الصائمين، ويكثر فيها من مشاهد الحب والغرام، وتحمل في طيَّاتها رسائل الاستهزاء بالدين والاستخفاف بالشعائر والطاعات، ليشغلوا الناس عن القرآن، ويلهوهم عن الإقبال عليه وتدبُّر معانيه، والوقوف على آياته وتأمُّل أحكامه، ويصرفوهم إلى متابعة المسلسلات والانشغال بالمُحرَّمات، وما علموا هؤلاء قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ﴾ [النور: 19].
إنَّ شهرَ رمضان شهرُ العبادة والطاعة، فيه تُهذَّب النفوس، وتُروَّض الطِّباع، وتُقبِل القلوبُ على ذكر الله تعالى والإنابة إليه، فترى الناس تُقبِل على الصلاة والصيام والقيام وقراءة القرآن؛ وهذا مما يغيظ الشيطان أن يراه، فجاء بهؤلاء الفنانين والفنانات ليصدُّوا الناس عن القرآن، ويبعدوهم عن الرحمة والمغفرة؛ من أجل حفنة من المال، لا يهمُّهم هم في شهر عظمه الله، أو موسم كرَّمه سبحانه؛ بل همهم المال، متى يقبضونه حتى وإن كان على حساب دينهم وعقيدتهم، فتعرض المشاهد المُحرَّمة على الصائمين، وتتراقص هذه الأجساد في وقت الإفطار الذي ترتفع فيه الأكَفُّ بالدعاء، وتفرح النفوس بإتمام الصيام، وتسأل الله أن يتقبَّل منها في هذه الساعة؛ حيث الدعاء فيها مستجاب، والنفوسُ مُقبِلةٌ ترجو من الله القَبول، وتسأله الأجرَ والثوابَ.
والذي يؤلم القلب أنَّ أُناسًا يتابعونهم، ويهتمون لأمرهم، فأين الصيام عمَّا حَرَّم الله، والبُعْد عن كل ما يغضبه سبحانه؟! فليس الصيام أن يمتنع الواحد مِنَّا عن الأكل والشرب، ولكن حقيقة الصيام الامتناع عن المُحرَّمات، والإكثار من الطاعات، والبُعْد عن كل ما يجرح الصيام، ويذهب الأجر والثواب، فما فائدة صيام صام صاحبُه عن الأكل والشرب؛ ولكنه لم يصُمْ عن الخوض في أعراض الناس، وارتكاب المُحرَّمات والانغماس في المنكرات؟! قال صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ لم يَدَعْ قولَ الزُّور والعمل به والكذب والجهل، فليس لله حاجة في أن يَدَعَ طعامَه وشرابَه..))، فمن لم يخرج من الصيام وقد غُفِر له ذنبُه، وتزوَّد بالطاعات، وتَقَلَّب في العبادات، فهو المحروم البعيد، قال عليه الصلاة والسلام: ((رغم أنْفِ امْرأ أدْرَك رمضان ولم يُغفَر له.....)).
فيا أُمةَ الإسلامِ، ابتعدوا عن هؤلاء، قاطعوهم فهم يُفسِدون دينكم، وينتهكون حرمات شهركم، وأنتم تضحكون لهم، تدفعون فلوسكم بالاشتراك بهذه القنوات وتحميل المسلسلات من أجلهم، ثم يتبرَّأون منكم يوم القيامة كما تبرَّأ الشيطانُ ممَّن أغواه والسادة ممَّن اتَّبَعَهم يومَ القيامة.
واعلموا أن مواسم الطاعات إذا ذهبَتْ فقد لا نُدْرِكُها مرةً أخرى، فيا لحسرة المحروم يوم القيامة! ويا لويل المفرطين في الطاعات يوم العرض على الله والوقوف بين يديه!
__________________
المصدر... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|