12-10-2022, 05:03 AM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 376,241
|
|
من الفوائد الحديثية (6) الخزام والزمام، وردا عن أهل البدع والأوهام
من الفوائد الحديثية (6) الخزام والزمام، وردا عن أهل البدع والأوهام
وحيد بن عبدالله أبوالمجد
قُرِئ علينا ونحن نستمع، بإسناد شيخنا أبي عبدالرحمن العربي زغلول حفظه الله، إلى الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، في مسنده؛ قال الراوي: (حدثنا عبدالله، حدثني أبي، ثنا وكيع، ثنا مالك بن مِغْوَل، عن طلحة بن مصرف، قال: قلت لعبدالله بن أبي أوفى: ثم أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بشيء، قال: لا، قلت: فكيف أمر المسلمين بالوصية؟ قال: أوصى بكتاب الله عز وجل، قال مالك بن مِغْوَل: قال طلحة: وقال الهُزيل بن شُرَحْبيل: أبو بكر رضي الله عنه كان يتأمَّرُ على وَصِيِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم! ودَّ أبو بكر رضي الله عنه أنه وَجَد مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم عهدًا، فَخُزِمَ كلاهما).
أولًا: لفظ (خزم) في لسان العرب؛أي: خَزَم الشيء يَخْزِمُه خَزْمًا، حَلقَةٌ تُجْعَلُ فِي أَحد جانِبَيْ مَنْخِرَي الْبَعِيرِ، وَقِيلَ: هِيَ حَلقةٌ مِنْ شَعَرٍ تُجْعَلُ فِي وَتَرَةِ أَنفه يُشَدُّ بِهَا الزِّمامُ.
وشرعًا: لا خِزام ولا زِمام في الإسلام، وهو ثقب الأُذُن وما شابه، ووضع فيه قرط وغيره، وهذا التحريم خاصٌّ بالرجال، أمَّا النساء ففيه تفصيل:
• أباح الجمهور ثقب الأذن وغيرها للنساء في الأماكن التي تستعمل عادةً للزينة بشروط وضوابط؛ وهي:
1- ألَّا تُظهِر هذه الزينة لأحد من الأجانب؛ وإنما يراها الزوج فقط.
2- ألَّا يكون في تزيُّنِها في هذه الأماكن تشبُّهًا بالكُفَّار أو الفُسَّاق، وأن تكون من العادات المنتشرة في مجتمع من المجتمعات لدى أوساط النساء، أمَّا إذا لم يعرف به إلا أصحاب الفواحش من الفُسَّاق والكُفَّار، فلا يجوز، فإن في ذلك تشبُّهًا بهم.
3- إذا كان التثقيب بطريقة يترتب عليها كشف العورة ونظر الأجنبي أو الأجنبية إليها، فهو عمل مُحرَّم بلا شكٍّ، فإن مفسدة انكشاف العورة أعظم من مصلحة تعليق الزينة.
4- إذا كان التثقيب يؤدي إلى أضرار صحية، سواء في العاجل أم الآجل، فيحرم ولا يحل القيام به في أي موضع من البدن.
وأخيرًا إذا كان التزيين للنساء عمومًا لا يدخل في تغيُّر خِلْقة الله المعهودة للبشر، فهو مباحٌ.
وهنالك قول بعدم الجواز، أذكره هنا في هذا المقام.
• ذكر بعض العلماء مثل ابن الجوزي وغيره، قال في مغني المحتاج: (ولا يجوز تثقيب الآذان للقرط؛ لأنه تعذيب بلا فائدة)؛ انتهى.
وعلَّل ذلك الغزالي في الإحياء بقوله: (فإن هذا جرح مؤلم موجب للقصاص، فلا يجوز إلا لحاجة مهمة، والتزيُّن بالحلق غير مهم)؛ انتهى.
[والقول الأول هو الراجح بالضوابط المذكورة، ودون تغيير في خِلْقة الله المعهودة].
ثانيًا: المعنى المقصود في تلكم الكلمتين (خزام، وزمام):
في سياق الحديث فهي تفيد الانقياد؛ أي: يخزم أنفه فينقاد كما ينقاد الجَمَل، وفي ذلك بيان أن أمر (الخلافة والإمامة) لم يوجد فيها وصية أبدًا، ولو وجد لخزم أبوبكر رضي الله عنه أنفه فيها؛ أي: (لزم نفسه فيها فينقاد لمن وصَّى له الرسول صلى الله عليه وآله وسلم)، ولنا هنا وقفة استيضاحية أخرى:
المعنى المفهوم أيضًا من الحديث؛ هو لو كان عليٌّ رضي الله عنه معهودًا إليه بالإمامة أو الخلافة أو الوصاية؛ لكان في أبي بكر من الانقياد والطاعة إليه ما يكون في الجَمَل الذليل المنقاد بخزامته.
فإمَّا أن يكون الصحابة أجمعين على الصواب، وهذا قول حق، أو يكون الرافضة وأصحاب الأهواء والأفكار الفاسدة على ضلال، وهذا أيضًا قول حق.
نعم؛ إنه الصِّدِّيق رضي الله عنه وأرضاه، أول الرجال إسلامًا وطاعةً لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
إنهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، شاء مَنْ شاء وأبى مَنْ أبى، إنهم رجالٌ قامَتْ عليهم الأُمَّة الإسلامية، شاء مَنْ شاء، وأبى مَن أبى.
أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعليٌّ في الجنة، كما قال صلى الله عليه وسلم، وقد بشَّرهم بها، شاء مَنْ شاء، وأبى مَنْ أبى، قال تعالى: ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴾ [الأحزاب: 23].
المصادر:
• سورة الأحزاب.
• مسند الإمام أحمد.
• لسان العرب.
• فتح الباري لابن حجر.
• مغني المحتاج.
• الإحياء.
المصدر... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|