|
04-15-2017, 12:49 AM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 376,634
|
|
مختصر البداية والنهاية لابن كثير ( 351 هـ)
مختصر البداية والنهاية لابن كثير (349 هـ - 350 هـ)
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showth...=1#post2296336
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَخَمْسِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ
فِيهَا دَخَلَ الدُّمُسْتُقُ مَلِكُ الرُّومِ لَعَنَهُ اللَّهُ عَيْنَ زَرْبَةَ فِي الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ فِي مِائَتَيْ أَلْفِ مُقَاتِلٍ
فَاسْتَأْمَنَهُ أَهْلُهَا
فَأَمَّنَهُمُ الْمَلِكُ , وَأَمَرَ بِأَنْ يَدْخُلُوا كُلُّهُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ , وَمَنْ بَقِيَ فِي مَنْزِلِهِ قُتِلَ
فَصَارَ أَهْلُهَا كُلُّهُمْ فِي الْمَسْجِدِ , وَمَنْ تَأَخَّرَ مِنْهُمْ قُتِلَ
ثُمَّ قَالَ : لَا يَبْقَيْنَ أَحَدٌ مِنْكُمُ الْيَوْمَ إِلَّا ذَهَبَ حَيْثُ شَاءَ , وَمَنْ تَأَخَّرَ قُتِلَ
فَازْدَحَمُوا فِي خُرُوجِهِمْ مِنَ الْمَسْجِدِ , فَمَاتَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ , وَخَرَجُوا عَلَى وُجُوهِهِمْ لَا يَدْرُونَ أَيْنَ يَذْهَبُونَ , فَمَاتَ فِي الطُّرُقَاتِ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ
ثُمَّ هَدَمَ الدُّمُسْتُقُ الْجَامِعَ , وَكَسَرَ الْمِنْبَرَ , وَقَطَعَ مِنْ حَوْلِ الْبَلَدِ أَرْبَعِينَ أَلْفَ نَخْلَةٍ , وَهَدَمَ سُورَ الْبَلَدِ وَالْمَنَازِلَ الْمُشَارَ إِلَيْهَا مِنْهَا , وَأَقَامَ بِهَا مُدَّةً , وَفَتَحَ حَوْلَهَا أَرْبَعَةً وَخَمْسِينَ حِصْنًا , بَعْضُهَا بِالسَّيْفِ وَبَعْضُهَا بِالْأَمَانِ , وَقَتَلَ خَلْقًا كَثِيرًا
وَأَسَرَتِ الرُّومُ أَبَا فِرَاسِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ حَمْدَانَ نَائِبَ مَنْبِجَ مِنْ جِهَةِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ , وَكَانَ شَاعِرًا مُطْبِقًا , لَهُ دِيوَانٌ حَسَنٌ
وَكَانَ مُدَّةُ مُقَامِ الدمستق بِعَيْنِ زَرْبَةَ أَحَدًا وَعِشْرِينَ يَوْمًا , ثُمَّ سَارَ إِلَى قَيْسَارِيَّةَ
فَلَقِيَهُ أَرْبَعَةُ آلَافٍ مِنْ أَهْلِ طَرَسُوسَ مَعَ نَائِبِهَا ابْنِ الزَّيَّاتِ
فَقَتَلَ الدُّمُسْتُقُ أَكْثَرَهُمْ , وَأَدْرَكَهُ صَوْمُ النَّصَارَى , فَاشْتَغَلَ بِهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْهُ , ثُمَّ هَجَمَ عَلَى حَلَبَ بَغْتَةً
( الآن بدأ الروم بالنزول إلى بلاد الشام , وذلك بعد أن اجتاحوا المناطق المحاذية لهم في الشمال)
فَنَهَضَ إِلَيْهِ سَيْفُ الدَّوْلَةِ بْنُ حَمْدَانَ بِمَنْ حَضَرَ مِنْ أَصْحَابِهِ , فَقَاتَلَهُ , فَلَمْ يَقْوَ لهُ , لِكَثْرَةِ جُنُودِهِ , وَقَتَلَ الدُّمُسْتُقُ مِنْ أَصْحَابِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ خَلْقًا كَثِيرًا
وَكَانَ سَيْفُ الدَّوْلَةِ قَلِيلَ الصَّبْرِ , فَفَرَّ مُنْهَزِمًا فِي نَفَرٍ يَسِيرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ
فَكَانَ أَوَّلَ مَا اسْتَفْتَحَ بِهِ الدُّمُسْتُقُ أَنِ اسْتَحْوَذَ عَلَى دَارِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ ظَاهِرَ الْبَلَدِ , فَأَخَذَ مِنْهَا أَمْوَالًا عَظِيمَةً وَحَوَاصِلَ , وَعُدَدًا لِلْحَرْبِ لَا تُحْصَى كَثْرَةً , ثُمَّ تَدَنَّى فَحَاصَرَ السُّورَ
فَقَاتَلَ أَهْلُ الْبَلَدِ دُونَهُ قِتَالًا عَظِيمًا , وَقَتَلُوا خَلْقًا كَثِيرًا مِنَ الرُّومِ
وَثَلَمَتِ الرُّومُ فِي السُّورِ ثُلْمَةً عَظِيمَةً , فَوَقَفَ فِيهَا الرُّومُ
فَحَمَلَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِمْ , فَأَزَاحُوهُمْ عَنْهَا , فَلَمَّا جَنَّ اللَّيْلُ جَدَّ الْمُسْلِمُونَ فِي عِمَارَتِهَا , فَمَا أَصْبَحَ الصَّبَاحُ إِلَّا وَهِيَ كَمَا كَانَتْ , وَحَفِظُوا السُّورَ حِفْظًا عَظِيمًا
ثُمَّ بَلَغَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ رَجَّالَةَ الشُّرَطِ قَدْ عَاثُوا فِي الْبَلَدِ يَنْهَبُونَ الدُّورَ ( الطابور الخامس )
فَرَجَعَ النَّاسُ إِلَى مَنَازِلِهِمْ يَمْنَعُونَهَا مِنْهُمْ
وَغَلَبَتِ الرُّومُ عَلَى السُّورِ , فَعَلَوْهُ وَدَخَلُوا الْبَلَدَ يَقْتُلُونَ مَنْ لَقُوهُ , فَقَتَلُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَلْقًا كَثِيرًا , وَانْتَهَبُوا الْأَمْوَالَ وَالْأَوْلَادَ وَالنِّسَاءَ , وَخَلَّصُوا مَنْ كَانَ بِأَيْدِي الْمُسْلِمِينَ مِنْ أُسَارَى الرُّومِ , وَكَانُوا أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ
فَأَخَذَ أُسَارَى الرُّومِ السُّيُوفَ فَقَاتَلُوا مَعَ قَوْمِهِمْ , وَكَانُوا أَضَرَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ , وَأَسَرُوا نَحْوًا مِنْ بِضْعَةَ عَشَرَ أَلْفًا مَا بَيْنَ صَبِيٍّ وَصَبِيَّةٍ , وَمِنَ النِّسَاءِ شَيْئًا كَثِيرًا , وَمِنَ الرِّجَالِ أَلْفَيْنِ , وَخَرَّبُوا الْمَسَاجِدَ وَأَحْرَقُوهَا , وَصَبُّوا فِي جِبَابِ الزَّيْتِ الْمَاءَ , حَتَّى فَاضَ الزَّيْتُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَهَلَكَ ( أهل الشام يخزنون زيت الزيتون في آبار مخصصة لهذا الغرض ) وَكُلُّ شَيْءٍ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى حَمْلِهِ أَحْرَقُوهُ
وَأَقَامُوا فِي الْبَلَدِ تِسْعَةَ أَيَّامٍ يَفْعَلُونَ هَذِهِ الْمَفَاسِدَ الْعَظِيمَةَ
ثُمَّ عَزَمَ الدُّمُسْتُقُ عَلَى الِانْصِرَافِ خَوْفًا مِنْ رُجُوعِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ
فَقَالَ لَهُ ابْنُ أُخْتِهِ : أَتَذْهَبُ وَتَتْرُكُ الْقَلْعَةَ ( قلعة حلب ) وَرَاءَكَ ؟
فَقَالَ لَهُ : إِنَّا قَدْ بَلَغْنَا فَوْقَ مَا كُنَّا نُؤَمِّلُهُ , وَإِنَّ بِهَا مُقَاتِلَةً وَرِجَالًا غُزَاةً
فَقَالَ : لَا بُدَّ لَنَا مِنْهَا
فَقَالَ لَهُ : اذْهَبْ إِلَيْهَا
فَصَمَدَ إِلَيْهَا لِيُحَاصِرَهَا
فَرَمَوْهُ بِحَجَرٍ , فَقَتَلَهُ فِي السَّاعَةِ الرَّاهِنَةِ مِنْ بَيْنِ الْجَيْشِ كُلِّهِ
فَغَضِبَ الدُّمُسْتُقُ عِنْدَ ذَلِكَ , وَأَمَرَ بِإِحْضَارِ مَنْ كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ أَسَارَى الْمُسْلِمِينَ , وَكَانُوا قَرِيبًا مِنْ أَلْفَيْنِ , فَضُرِبَتْ أَعْنَاقُهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ , ثُمَّ كَرَّ رَاجِعًا , قَبَّحَهُ اللَّهُ وَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ كَتَبَتِ الْعَامَّةُ مِنَ الرَّوَافِضِ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ بِبَغْدَادَ : " لَعَنَ اللَّهُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ , وَلَعَنَ مَنْ غَصَبَ فَاطِمَةَ فَدَكَ - يَعْنُونَ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَمَنْ أَخْرَجَ الْعَبَّاسَ مِنَ الشُّورَى - يَعْنُونَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَمَنْ نَفَى أَبَا ذَرٍّ - يَعْنُونَ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَمَنْ مَنَعَ دَفْنَ الْحَسَنِ عِنْدَ جَدِّهِ - يَعْنُونَ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ - "
وَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ مُعِزَّ الدَّوْلَةِ , لَمْ يُنْكِرْهُ وَلَمْ يُغَيِّرْهُ
ثُمَّ بَلَغَهُ أَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ مَحَوْا ذَلِكَ
فَأَمَرَ بِأَنْ يُكْتَبَ : لَعَنَ اللَّهُ الظَّالِمِينَ لِآلِ مُحَمَّدٍ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ , وَالتَّصْرِيحِ بِاسْمِ مُعَاوِيَةَ فِي اللَّعْنِ
فَكُتِبَ ذَلِكَ
قَبَّحَ اللَّهُ مُعِزَّ الدَّوْلَةِ وَشِيعَتَهُ مِنَ الرَّوَافِضِ
وَكَذَلِكَ سَيْفُ الدَّوْلَةِ بْنُ حَمْدَانَ بِحَلَبَ , فِيهِ تَشَيُّعٌ وَمَيْلٌ إِلَى الرَّوَافِضِ , وَلَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ لَا يَنْصُرُ أَمْثَالَ هَؤُلَاءِ , وَيُدِيلُ عَلَيْهِمْ أَعْدَاءَهُمْ ; لِمُتَابَعَتِهِمْ أَهْوَاءَهُمْ , وَتَقْلِيدِهِمْ سَادَتَهُمْ وَكُبَرَاءَهُمْ وَآبَاءَهُمْ , وَتَرْكِ مُتَابَعَتِهِمْ أَنْبِيَاءَهُمْ وَعُلَمَاءَهُمْ
وَلِهَذَا لَمَّا مَلَكَتِ الْفَاطِمِيَّةُ بِلَادَ الشَّامِ ; اسْتَحْوَذَ الْفِرِنْجُ عَلَى سَوَاحِلِهَا كُلِّهَا حَتَّى بَيْتِ الْمَقْدِسِ , وَلَمْ يَبْقَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ سِوَى حَلَبَ وَحِمْصَ وَحَمَاةَ وَدِمَشْقَ وَبَعْضِ أَعْمَالِهَا
وَجَمِيعُ السَّوَاحِلِ مَعَ الْفِرِنْجِ , وَالنَّوَاقِيسُ النَّصْرَانِيَّةُ , وَالْقُسُوسُ الْإِنْجِيلِيَّةُ تَنْعَرُ فِي الشَّوَاهِقِ مِنَ الْحُصُونِ وَالْقِلَاعِ , وَتَكْنُوا فِي أَمَاكِنِ الْمَسَاجِدِ وَشَرِيفِ الْبِقَاعِ
وَفِيهَا وَقَعَتْ فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ بَيْنَ أَهْلِ الْبَصْرَةِ بِسَبَبِ الْمَذَاهِبِ , فَقُتِلَ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ وَجَمٌّ غَفِيرٌ
وَفِيهَا أَعَادَ سَيْفُ الدَّوْلَةِ بِنَاءَ عَيْنِ زَرْبَةَ
وَبَعَثَ مَوْلَاهُ نَجَا , فَدَخَلَ بِلَادَ الرُّومِ , فَقَتَلَ مِنْهَا خَلْقًا كَثِيرًا وَسَبَى جَمًّا غَفِيرًا , وَغَنِمَ وَسَلِمَ
وَبَعَثَ حَاجِبَهُ مَعَ جَيْشِ طَرَسُوسَ , فَدَخَلُوا بِلَادَ الرُّومِ , فَغَنِمُوا وَسَبَوْا وَرَجَعُوا سَالِمِينَ , وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ
وَفِيهَا فَتَحَ الْمُعِزُّ الْفَاطِمِيُّ حِصْنَ طَبَرْمِينَ مِنْ بِلَادِ الْمَغْرِبِ - وَكَانَ مِنْ أَحْصَنِ بِلَادِ الْفِرِنْجِ - افْتَتَحَهُ قَسْرًا بَعْدَ مُحَاصَرَةٍ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ وَنِصْفَ شَهْرٍ
وَقَصَدَتِ الْفِرِنْجُ جَزِيرَةَ أَقْرِيطِشَ
فَاسْتَنْجَدَ أَهْلُهَا بِالْمُعِزِّ , فَسَيَّرَ إِلَيْهِمْ جَيْشًا
فَانْتَصَرُوا عَلَى الْفِرِنْجِ , وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ
المصدر... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|
|
|