آداب إملاء الحديث
د. حسن محمد عبه جي
عني أصحاب كتب المصطلح في مبحث (آداب المحدث) بذكر الآداب المتعلقة بالإملاء[1]، فكان منها ما يتعلَّق باختيار الزمان والمكان لمجلس الإملاء، ومنها ما يتعلَّق بصفات المستملي الذي يُبلِّغ صوت الشيخ، ومنها ما يتعلَّق بصفات الشيخ المملي.
فكتبوا عن ضرورة تحديد زمان ومكان مجلس الإملاء، فأجازوا وقوعه في أي زمان ومكان، مع استحبابهم أن يكون بعد صلاة الجمعة في المسجد، وذلك لشرفهما.
ونصُّوا على ضرورة اتخاذ المستملي، وذلك عند كثرة المجتمعين وتعذر وصول صوت الشيخ المملي إلى جميع الحاضرين، وإذا كان الجمع كبيرًا ولم يكف مستمل واحد، اتخذ الشيخ من المستملين ما يفي بالغرض.
وذكروا جملة من الصفات والآداب التي ينبغي أن تتوفر في المستملي، ومن أهمها:
1- أن يكون في موضع مرتفع ظاهر، سواء أكان جالسًا على كرسي أم واقفًا.
2- أن يتمتع بدرجة عالية من النباهة والذكاء.
3- أن يُبَلِّغ لفظَ المملي على وجهه من غير تصرف.
وإذا انعقد مجلس الإملاء قال المستملي للشيخ: مَن ذكرتَ، أو: ما ذكرتَ، رحمك الله، أو: غفر الله لك، فيجيبه الشيخ: حدثنا فلان...، ويبدأ بالتحديث.
كما ذكروا جملة من الآداب التي ينبغي أن يراعيها الشيخ المملي نفسه، ومن أهمها:
1- أن يتهيأ لمجلس الإملاء بالطهارة والطِّيب والملابس الحسنة، وأن يفتتح كلامه بحمد الله تعالى، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
2- أن يختار للإملاء ما له ميزة من الأحاديث، كأن يملي ما علا سنده، وقصر متنه.
3- أن ينص على درجة الحديث، وينبه على أحكامه وفوائده.
4- أن يختار من الأحاديث ما يناسب حال الحاضرين، فيختار للمتفقهة -مثلًا- أحاديث الأحكام، ويختار للعامة أحاديث الرقاق وفضائل الأعمال، ويتجنب مشكل الأحاديث وغير ذلك مما لا تحتمله عقولهم.
5- أن يختم مجلس الإملاء بالمفيد من النوادر والحكايات والأشعار.
6- أن لا يكثر عقد مجالس الإملاء خشية الملل.
[1] راجع (( الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع )) للخطيب 2: 63 فما بعدها، و(( فتح المغيث )) للسخاوي 3: 252 فما بعدها، و(( تدريب الراوي )) 2: 132 فما بعدها.
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك