استغلال الإجازة الصيفية
أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
الحمد لله قيُّوم الأرض والسماوات، أمر عباده بحفظ الأوقات واغتنامها بالصالحات، وأشهد ألا إله إلا الله المطلع على النيَّات والعليم بالخفيات، وأشهد أن محمدًا عبدالله ورسوله السابق بالخيرات، صلى الله عليه وآله وصحبه.
أما بعد:
فيا أيها المؤمنون، اتقوا الله الذي جعل الدنيا مَيدانًا للعمل، وحذَّر فيها من الاغترار بطول الأمل، وجعل الخسارة فيها لأهل الإعراض والكسل، فكونوا من أهل سورة العصر الذين يربحون ولا يخسرون؛ قال الله - جل وعلا -: ﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوا بِالصَّبْرِ﴾ [العصر: 1- 3].
فأهل الربح أربعة؛ أهل الإيمان، وأهل العمل الصالح، وأهل التواصي بالحق، وأهل التواصي بالصبر، ومن عدا هؤلاء فهو خاسر، وهذا ما أقسم الله عليه في هذه السورة.
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي أمر عباده باستغلال الأوقات وحذرهم من ضياعها فيما لا فائدة منه، وأشهد ألا إله إلا الله، فضَّل بعض البشر على بعض، حسب تفاضل أعمالهم، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله الذي عبدَ الله وعمَّر وقته بالطاعة، وعبد ربَّه حتى أتاه اليقين، صلى الله عليه وآله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
مع أولياء الأمور من الآباء والأمهات، فأقول لهم: اتقوا الله فيمن ولاكم أمرهم، واحرصوا على تربيتهم والعناية بهم ودلالتهم على الخير، ورسم الخطط المناسبة لهم في الإجازة؛ لئلا تضيع عليهم دون فائدة، فأنتم مسؤولون عنهم؛ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾، وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها))، فكل أب أهمل أولاده وانشغل عنهم كيف يرجى منهم الاستقامة والصلاح، وكذا كل أم خرَّاجةٌ ولاَّجةٌ كيف يرجى من بناتها أن يكن مقيدات البيوت قارَّات فيها.
إن كل أب ترك الحبل على الغارب، وكل أم أهملت بناتها، فستكون الثمرة حسب هذا الإهمال، فالله الله يا أولياء الأمور، احفظوا أولادكم من كل ما يؤثر على عقولهم وأخلاقهم من فضائيات وقرناء سوء، وأشغلوهم بما ينفعهم في عاجلهم وآجلهم.
انظروا - رحمكم الله - كيف يستثقل كثير من الناس الوقت الذي يملأ بالفائدة ويستخفون الوقت الذي يضيع دون فائدة.
الوقفة الثانية: مع أهل العلم والدعوة أقول لهؤلاء ضاعفوا العمل، وأكثروا من التطواف؛ لعل الله أن ينفع بكم، فالعمر قصير، والأجل قريب، اطرقوا كل باب للخير، وساهموا في إيصال النفع لأمة محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - علموا الجاهل، وأرشدوا التائه، ودلوا الحائر، مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، انشروا الكلمة الطيبة، ووجهوا الناس برفق ولين، واحرصوا على الإقتداء بسنة رسولكم.
الوقفة الثالثة: أقول لأئمة المساجد ضاعفوا من جهودكم واستغلوا الإجازة بما ينفع جماعة مسجدكم، وقوموا بالتنسيق مع مكاتب الدعوة لإلقاء الكلمات، واستضافة أهل العلم، فالنفوس مهيئة، والأذهان حاضرة، والاستجابة أقرب في مثل هذه الأيام.
الوقفة الرابعة: أقول لكل مسلم: تذكَّر آخر الإجازة حينما يرجع الناس لأعمالهم ومدارسهم - مدى الربح والخسارة التي ستحصل لكل شخص حسب ما قدم فيها، فاجتهد ما دمت في أول الطريق، ونافس وسابق، فالهمة موجودة، والعزيمة متوثبة، والسلاح دعاء وصبر، والسعيد من وفق للصالحات.
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك