الحذر من الفرقة
الشيخ عبدالعزيز بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز الدهيشي
الحمد لله الذي بهديه اهتدى المهتدون الذين يتلون كتابه وبه يؤمنون: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183] أحمده سبحانه وأشكره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إرغامًا لا يعتقده المشركون والملحدون، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الصادق المأمون، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين يهدون بالحق وبه يعدلون. أما بعد:
أيها الناس:
اتقوا الله حق تقاته وسارعوا إلى الأعمال الصالحة لتفوزوا بمغفرته ومرضاته. عباد الله أخبر - صلى الله عليه وسلم - أن الإسلام هدى ومنار كمنار الطريق يعرف به صاحبه، روى الإمام أحمد - رحمه الله - من حديث أنس بن مالك خادم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (الإسلام علانية والإيمان في القلب)[1].
فالمسلم حقيقة هو الذي يظهر إسلامه علانية للناس بحيث يرونه يصلي مع المصلين ويصوم مع الصائمين ويؤدي زكاة ماله إلى الفقراء والمساكين فيظهر إسلامه علانية للناس، بحيث يشهدون له بذلك، لأن الناس شهداء الله في أرضه. أما الذي يتسمى بالإسلام وهو لا يصلي ولا يصوم ولا يؤدي زكاة ماله الواجبة فلا شك أن إسلامه قول لا حقيقة له، وإنما هو إسلام باللسان يكذبه الحس والوجدان والسنة والقرآن، ومن ادعى ما ليس فيه فضحته شواهد الامتحان ﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ﴾ [التوبة: 105] فإنه لا إسلام بدون عمل.
عباد الله:
إنكم في زمان كثرت فيه البدع والحوادث واستحسنت فيه القبائح والمنكرات وكاد المعروف فيه أن يكون منكرًا والمنكر فيه معروفًا، لذلك عظمت الفتن واستطارت الشرور وتفرق المسلمون شيعًا وأحزابًا كلها تدعي الإسلام وتتسمي به وابتدعوا أسماء مضادة للإسلام وتعاليم القرآن كالبعثية والشيوعية الاشتراكية والقومية العربية، ولكل أنصار وأعوان فتقطعت وحدة الإسلام وتفشت فيما بينهم الفوضى والشقاق وقامت الفتن على قدم وساق، يقتل بعضهم بعضًا وتفشت بعضهم أموال بعض بحجة الاشتراكية المبتدعة، وهذا البلاء حل بهم من التقاطع والتطاحن ولن يرتفع عنهم حتى يراجعوا دينهم الكفيل بنجاح علاج عللهم وإصلاح مجتمعهم.
عباد الله:
تمسكوا بدينكم تنصروا به واعملوا بواجباته تعرفوا به وأدعو الناس إليه تكونوا من خير أهله، ومروا بالمعروف وانهوا عن المنكر تكونوا من المفلحين، وأقيموا من تحت أيديكم من الأولاد والنساء على طاعة الله وأداء ما افترض الله عليهم من الصلاة والصيام وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر، تعاونوا على البر والتقوى، انصروا الله بالقيام بما افترض عليكم ينصركم ويكبت أعداءكم الذين يتربصون بكم فإنه لا قوة لكم على دفع شر أعدائكم إلا بالله ولن يمدكم الله بقوته حتى تمتثلوا أوامره وتجتنبوا نواهيه، اسمعوا وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -: (يا غلام احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف)[2].
والحمد لله رب العالمين.
[1] مسند الإمام أحمد (11973)، قال الهيثمي في المجمع (1/52). رواه أحمد وأبو يعلى: ورجاله رجال الصحيح ما خلا علي بن مسعدة. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع [2280].
[2] سنن الترمذي (2516).
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك