03-25-2016, 03:58 PM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 376,241
|
|
مسائل من نواقض الإسلام على مذهب الشافعية
مسائل من نواقض الإسلام على مذهب الشافعية
- مسألتا السجود للصنم وإلقاء المصحف في القاذورات:
قال إمام الحرمين الجويني في (نهاية المطلب) (17/162): (الأفعال إذا دلَّت على الكفر، كانت كالأقوال، وذلك إذا رأينا من كُنَّا نعرفه مسلمًا في بيت الأصنام، وهو يتواضع لها تواضُع العبادة، فهذه عبادة كفر، وقد يُجري الأصوليون الأفعالَ المتضمنة استهانةً عظيمة مجرى عبادة الأصنام، كطرح المصحف في الأماكن القذرة، وما في معناه، والقول في ذلك يطول، وهو من صناعة الأصول) .
وقال الغزالي في (الوسيط) (6 /425): (وأما نفس الردة؛ فهو نطقٌ بكلمةِ الكُفر استهزاءً أو اعتقادًا أو عنادًا، ومن الأفعال عبادةُ الصنم، والسجود للشمس، وكذلك إلقاء المصحف في القاذورات، وكل فعل هو صريح في الاستهزاء بالدين، وكذلك الساحر يقتل إن كان ما سحر به كُفرًا، بأن كان فيه عبادة شمس أو ما يضاهيه).
وقال في (الوجيز): (الردة: وهي عبارة عن قطع الإسلام من مكلف، إما بفعل كالسجود للصنم، وعبادة الشمس، وإلقاء المصحف في القاذورات، وكلِّ فعلٍ صريحٍ في الاستهزاء).
وقال النووي في (الروضة) (10/64) في كتاب الردة: (هي قطع الإسلام، ويحصل ذلك تارة بالقول الذي هو كفر، وتارة بالفعل، والأفعال الموجبة للكفر هي التي تصدرُ عن تعمُّدٍ واستهزاء بالدين صريح، كالسجود للصنم أو للشمس، وإلقاء المصحف في القاذورات، والسحر الذي فيه عبادة الشمس ونحوها).
وقال في (المنهاج): (والفعلُ المُكفِّر ما تعمَّدَه استهزاءً صريحًا بالدين، أو جحودًا له، كإلقاء مصحف بقاذورة وسجود لصنم أو شمس).
وقال الشيخ زكريا الأنصاري في (منهج الطلاب): (الردة هي قطعُ من يصحُّ طلاقُه الإسلامَ بكفرٍ عزمًا، أو قولا، أو فعلًا، استهزاءً، أو عنادًا، أو اعتقادًا، كنفي الصانع، أو نبيٍّ، أو تكذيبِه، أو جحدِ مُجمعٍ عليه مَعلُومٍ من الدين ضرورةً بلا عذرٍ، أو تردَّد في كُفر، أو إلقاء مصحف بقاذورة، أو سجود لمخلوق).
وقال في (فتح الوهاب) (2/188) في شرح قوله (أو سجود لمخلوق): (كصنم وشمس، فتعبيري بمخلوق أعمُّ من قوله - أي النووي في المنهاج- : لصنم أو شمس).
وقال ابن المقري في (الإرشاد): (الردَّةُ كفرُ مسلمٍ مُكلَّفٍ بنيَّةٍ، أو فعلٍ، أو قولٍ، باعتقادٍ، أو عنادٍ، أو استهزاءٍ ظاهر، كطرح مصحف بقذرٍ، وسجود لمخلوق). قال ابن حجر في (فتح الجواد) (3 /353): (ولو نبيًّا، وإن أنكر الاستحقاق، أو لم يطابق قولُه جوارحَه، لأنَّ ظاهرَ حاله يُكذِّبه).
ونقلَ الرافعيُّ في (الشرح الكبير) عن الحنفية كُفرَ من (عظَّم الصنم بالسجود له، أو التقرُّب إليه بالذبح باسمه). وأقرَّه النووي في (الروضة) (10 /65).
ونقل النووي في (الروضة) (10 /71) عن (الشفا) للقاضي عياض قولَه: (وكذا نُكفِّر من فعل فعلًا أجمع المسلمون أنَّه لا يصدر إلا من كافر، وإن كان صاحبُه مُصرِّحًا بالإسلام مع فعله، كالسجود للصليب أو النار).
مسألة السجود للصنم في دار الحرب:
قال أبو بكر الشاشي القفال في (حلية العلماء) (2/169): (وحكى القاضي حُسين رحمه الله أنَّ الشافعيَّ رحمه الله نصَّ على أنَّ مُسلِمًا لو سَجد للصنم في دار الحرب لم يُحكم بردَّتِه).
قال الشيخ زكريا في (أسنى المطالب) (4/117) عند قول المقري في الروض في تعريف الردة: (وهي قطع الإسلام إما بتعمُّد فعلٍ كسجودٍ لصنمٍ، وإلقاءِ مصحف في قذرٍ استخفافًا): (أي: على وجهٍ يدلُّ على الاستخفاف بهما، وكأنه احترز به في الأولى - أي: السجود لصنم- عمَّا لو سجَدَ بدار الحرب فلا يكفُر، كما نقلَهُ القاضي (حُسين) عن النصّ، وإن زعم الزركشيُّ أنَّ المشهورَ خلافه). قال الشهاب الرملي في الحاشية عند قوله: (كما نقله القاضي عن النصَّ): (وهو الرَّاجِح).
وقال ابن حجر في (فتح الجواد في شرح الإرشاد) (3 /353) عند قول ابن المقري: (الردَّةُ كفرُ مسلمٍ مُكلَّفٍ بنيَّةٍ، أو فعلٍ، أو قولٍ، باعتقادٍ، أو عنادٍ، أو استهزاءٍ ظاهر، كطرح مصحف بقذرٍ، وسجود لمخلوق): ( فخرج فعلٌ لا يدل على ذلك دلالة ظاهرة، كالسجود لصنمٍ في دار الحرب على النصّ، ورُدَّ بأنَّ المشهورَ خلافُه، والمُتَّجه أنَّه من الأسير غيرُ كفرٍ لأنَّ له عذرًا ما، بخلافه من نحو التاجر، وعليه يُحمَل الكلامان. ثم رأيت في أصل الروضة عن (التهذيب) ما يؤيده).
ونصُّ (التهذيب) (7/299): (ولو دخل مُسلمٌ دارَ الحرب فكان يأكل معهم لحم الخنزير، ويشرب الخمر، ويُعظِّم آلهتهم، لا يُحكم بكفره، فإن كان يسجد للصَّنم أو يتكلَّمُ بكلمة الكفر فيُحكم بكفره، فإن ادعى أني كُنتَ مُكرهًا فيه؛ نُظِر؛ إن كان يفعله في مكان خال؛ لا يقبل قوله، كما لو فعله في دار الإسلام، وإن كان يفعله بين أيديهم؛ يقبل من الأسير، ولا يقبل ممن دخل في دارهم تاجرًا).
وقال ابن حجر في (التحفة) (9/ 91) والشمس الرملي في (النهاية) (7/147): (إن دلَّت قرينةٌ قويَّةٌ على عدم دلالة الفعل على الاستخفاف، كأن كان السجودُ من أسيرٍ في دار الحرب بحضرَتهم فلا كفر).
- مسألة السجود بين يدي المشايخ:
سئل الإمام أبو عمرو ابن الصلاح رحمه الله تعالى – كما في (فتاويه) (1 / 257) -: طائفة من الفقراء يسجدون بعضُهم لبعض، ويزعمُون أن ذلك تواضعٌ لله، وتذلُّلٌ للنفس، ويستشهدون بقوله تعالى: ( ورفع أبويه على العرش وخرُّوا له سُجَّدًا) فهل يجوز أو يحرم؟ وهل يختلف بما إذا كان يسجد مُستقبل القبلة أم لا؟ وهل الآية في ذلك منسوخة في مثل ذلك أم لا؟
فأجاب : (لا يجوز ذلك، وهو من عظائم الذنوب، ويُخشى أن يكون كفرًا، والسجود في الآية منسوخ أو يتأول، والله أعلم).
وقال الإمام النووي في (المجموع) (2 /67): ( وأما ما يفعله عوامُّ الفقراء وشبههم من سجودهم بين يدي المشايخ، وربما كانوا مُحدِثين فهو حرام بإجماع المُسلمين، وسواء في ذلك كان مُتطهرًا أو غيره، وسواء استقبل القبلة أم لا، وقد يتخيل كثير منهم أن ذلك تواضعٌ وكسرٌ للنفس، وهذا خطأ فاحش، وغباوة ظاهرة، فكيف تُكسر النفوس أو تتقربُ إلى الله تعالى بما حرَّمه؟! وربما اغترَّ بعضهم بقوله تعالى: (ورفع أبويه على العرش وخروا لهُ سُجَّدًا) والآية منسوخة، أو مُتأوَّلة، كما هو معروفٌ في كتب العلماء. وسئل الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله عن هذا السجود الذي قدمناه فقال: (هو من عظائم الذنوب، ونخشى أن يكون كفرًا).
وقال في (الروضة) (1 /326) بعد أن ذكر الخلاف في حكم التقرب لله تعالى بسجدة: (وليس من هذا ما يفعله كثيرون من الجهلة الظالمين، من السجود بين يدي المشايخ، فإن ذلك حرام قطعًا بكل حال، سواء كان إلى القبلة، أو غيرها، وسواء قصد السجود لله تعالى، أو غفل. وفي بعض صوره ما يقتضي الكفر عافانا الله تعالى. والله أعلم).
قال ابن حجر في (الإعلام) (ص107) بعد أن ساق كلام النووي: (فأفهم أنَّه قد يكون كفراً بأن قصد به عبادة مخلوق أو التَّقرُّبَ إليه, وقد يكون حرامًا بأن قصد به تعظيمَه أو أطلق, وكذا يُقال في الوالد).
ونقل الرافعي في الشرح الكبير عن الحنفية أنه (لو قال : أحضرْه حتى أسجد له كفر). قال ابن حجر في (الإعلام) (ص286): (وفي إطلاق الكفر هنا نظر، إذ غاية العزم على السجود لإنسان أنه كالسجود له بالفعل, وقد صرَّحوا بأن سجود جهلة الصوفية بين يدي مشايخهم حَرام، وفي بعض صوره ما يقتضي الكفر، فعُلم من كلامهم أن السجود بين يدي الغير منه ما هو كفر، ومنه ما هو حرام غير كفر, فالكفر أن يقصِد السجود للمخلوق، والحرام أن يقصِدَه لله تعالى مُعظمًا به ذلك المخلوق من غير أن يقصده به، أو لا يكون له قصد).
- مسألة الذَّبح لغير الله تعالى:
قال الإمام الرافعي في (الشرح الكبير) (12/84-85): (واعلَم أن الذَّبح للمعبود وباسمه نازلٌ منزلةَ السجود له، وكلُّ واحدٍ منهما نوع من أنواع التعظيمِ والعبادةِ المخصوصة بالله تعالى، الذي هو المستحقُّ للعبادة، فمن ذبحَ لغيره من حيوان أو جماد كالصنم على وجه التعظيم والعبادة؛لم تحلَّ ذبيحتُه، وكان ما يأتي به كُفرًا، كمن سجد لغيره سجدةَ عبادة، وكذا لو ذبح له ولغيره على هذا الوجه.
فأمَّا إذ ذبَح لغيره لا على هذ الوجه، كما إذا ضحى غيره أو ذبح للكعبة تعظيمًا لها، لأنه بيت الله تعالى، أو للرسول صلى الله عليه وسلم لأنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا لا يجوزُ أن يمنَع الحل، وإلى هذا المعنى يرجع قول القائل: أهدى فلانٌ للحرم أو للكعبة.
ومن هذا القبيل: الذبح عند استقبال السلطان، فإنه استبشارٌ لقدومه نازل منزلة ذبح العقيقة لولادة المولود، ومثل هذا لا يوجبُ الكفر، وكذا السجود للغير خضوعًا وتذللًا.
وعلى هذا فإذا قال الذابح: (باسم الله وباسم اسم محمد)، وأراد: أذبح باسم الله وأتبرك باسم محمد فينبغي ألا يحرم.
وقول من قال لا يجوز ذلك، يُمكن أن يُحمل على أن اللَّفظة مكروهة، لأنها فيها الجمع والتشريك، فالمكروه يصح تغليبًا للجواز والإباحة المطلقة عنه.
وكانت وقعت مشاجرة بين جماعة ممن لقيناهم من فُقهاء قزوين في أن من ذبح باسم الله واسم رسوله، هل تحلُّ ذبيحتُه؟ وهل يكفرُ بذلك؟ وأفضت تلك المشاجرة إلى فتنة، والصواب ما بيَّنَّا) .
قال النووي في (الروضة) (3/206): (أتقن الإمام الرافعي رحمه الله هذا الفصل).
وقال في (شرح صحيح مسلم) (13 / 141): ( وأما الذبح لغير الله؛ فالمراد به أن يذبح باسم غير الله تعالى، كمن ذبح للصنم أو الصليب أو لموسى أو لعيسى - صلى الله عليهما - أو للكعبة ونحو ذلك، فكلُّ هذا حرام، ولاتحلُّ هذه الذبيحة سواء كان الذابح مُسلمًا أو نصرانيًّا أو يهوديًّا؛ نصَّ عليه الشافعيُّ واتفق عليه أصحابُنا.
فإن قصد مع ذلك تعظيمَ المذبوح له غيرَ الله تعالى والعبادةَ له؛ كان ذلك كُفرًا، فإن كان الذابح مُسلمًا قبل ذلك صار بالذبح مرتدًّا) .
ونقل الرافعي في الشرح الكبير عن الحنفية كفر من (عظَّم الصنم بالسجود له، أو التقرب إليه بالذبح باسمه). وأقره النووي في (الروضة) (10 /65).
- مسألة التزيي بزي الكُفَّار:
قال أبو بكر الشاشي القفال في (حلية العلماء) (2/169): (وحكى القاضي حُسين رحمه الله أنَّ الشافعيَّ رحمه الله نصَّ على أنَّ مُسلمًا في دار الإسلام ألقى العسلي على كتفيه، وشد الزنار على وسطه؛ أنه يحكم بردته). عسلي اليهود: علامتهم.
وقال القاضي حسين: (لو تقلنس بقلنسوة المجوس، أو تزنر بزُنَّار النصارى صار كافرًا؛ لأن الظاهر: أنه لا يفعله إلا عن عقيدة الكفر) . نقله الدميري في (النجم الوهاج) (9/81).
وقال البغوي في (التهذيب) (7/299): (والمسلم لو فعل ما يفعله الكافر استهزاءً؛ يكفر، حتى لو تنعل بنعله، أو تقلنس بقلنسوة المجوس هزءًا؛ يحكم بكفره).
وذكر الإمام الرافعي في (الشرح الكبير) (11/ 105) - نقلًا عن الحنفية - مسألة من شد الزنار (زنار النصارى) على وسطه، وحكمهم -أي : الحنفية - بكفره، وأقره، وذكر اختلافهم في من لبس قلنسوة المجوس وتصحيح أنه يكفر عندهم، وأقره.
وتعقَّبَ النوويُّ الرافعيَّ في (الروضة) (10 / 69) في المسألتين - مسألة شد الزنار ولبس القلنسوة - فقال: (الصواب أنه لا يكفر إذا لم تكن نية).
وأوضح ابنُ حجر في (الإعلام بقواطع الإسلام) (ص168) الضابطَ الذي ذكره النووي فقال: (وحيث لبس زيَّ الكفار سواء دخل دار الحرب أم لا بنيَّة الرضا بدينهم، أو الميل إليه، أو تهاوناً بالإسلام؛ كفر، وإلا فلا).
ونبّه الإسنوي في (المُهمَّات) (8 / 294) إلى أن للرافعي كلامًا آخر في كتاب الجنايات لا يحكم فيه على من تزيا بزي الكفار بالردة، ذلك أنه لما ذكر مسألة ما لو قتل مسلمًا ظنًا أنه كافر، ذكر أن من أسباب هذا الظن أن يكون عليه زي الكُفَّار. فحكم بإسلامه مع لبسه زي الكُفَّار.
قال ابن حجر في (التحفة) (8/ 393) والشمس الرملي في (النهاية) (7/264) في تفسير ذلك : ( الرافعي إما جرى هنا على مقالةِ غيره، أو قصدَ مجرد التصوير، أو محل كلامه في غير دار الحرب).
وقالا: (الأصح أن التزيي بزيهم غيرُ ردَّةٍ مطلقًا). أي: بدار الحرب أو غيرها، كما في حاشية الشبرامليسي.
وقال الخطيب الشربيني في (المغني) (5 /431): (ولا – يكون مرتدًا - إن شد الزنار على وسطه، أو وضع قلنسوة المجوس على رأسه، أو شد على وسطه زنارًا ودخل دار الحرب للتجارة أو لتخليص الأسارى).
ونقل ابن حجر في (الإعلام) (ص293-294) بعض المكفرات التي ذكرها الحنابلة في كتبهم، فنقل من الفروع لابن مفلح قوله : (وفي الانتصار: من تزيَّا بزي الكفار من لبس غيار أو شد زنار أو تعليق صليب بصدره حَرُم ولم يكفر، وميل كلام بعضهم إلى الكفر، وفي الفصول: إن شهد عليه أنه كان يعظم الصليب مثل أن يقبله أو يتقرب بقربانات أهل الكفر ويكثر من دخول بيعهم وبيوت عباداتهم احتمل أنه ردة، وهو الأرجح؛ لأن المستهزئ بالكفر يكفر، ولأن الظاهر أنه يفعل ذلك عن اعتقاد) . ثم قال ابن حجر بعد أن نقله : (وبتأمُّلِه يُعلم أنَّه مُوافق لما قدمناه من مذهبنا - وغيره - في أكثر ما ذكر). أي : في أكثر ما ذكره في باب المكفرات، والله أعلم.
- مسألة المشي إلى كنائس الكُفَّار مع أهلها بزيِّهم:
نقَل النووي في (الروضة) (10 /71) عن الشفا للقاضي عياض قوله : (وكذا نُكفِّر من فعلَ فعلا أجمع المسلمون أنه لا يصدُر إلا من كافر، وإن كان صاحبُه مُصرِّحًا بالإسلام مع فعله .. كالمشي إلى الكنائس مع أهلها بزيهم من الزنانير وغيرها).
قال الشيخ زكريا في (أسنى المطالب) (4/117) عند قول المقري في الروض في تعريف الردة: (وهي قطع الإسلام إما بتعمد فعل كسجود لصنم، وإلقاء مصحف في قذر استخفافًا، وسحر فيه عبادة الشمس) قال : (ونحوها، كالمشي إلى الكنائس مع أهلها بزيهم من الزنانير وغيرها، كما ذكره الأصل) – أي : كما ذكره النووي في الروضة - . وقال الشهابُ الرمليُّ في حاشيته على (أسنى المطالب): (حذَفَه المُصنِّف – أي المقري في الروض -؛ لأنه ليس بردة، ولو في دار الإسلام) .
وقال ابن حجر في (فتح الجواد في شرح الإرشاد) (3 /354) ممثلًا على الأفعال المكفرة: (ومشى إلى كنيسة مع أهلها بزيهم من زنار وغيره).
وقال في (الإعلام) (ص247) مُعلِّقًا على كلام القاضي عياض: ( وما ذكره في المشي إلى الكنائس مرَّ ما قد يُخالفه في مَن شدَّ الزنار على وسطه، إلا أن يُفرَّق بأنَّ الهيئةَ الاجتماعية من التزيي بزيهم والمشي معهم إلى كنائسهم قاضيةٌ برضاه بكفرهم أو تهاونه بدين الإسلام، أو بأنَّه معهم على دينهم، وكلُّ ذلك كُفر) .
- مسألة تعظيم آلهة الكُفَّار في دار الحرب:
ذكر الإمام البغوي في (التهذيب) (7/299) أنه (لو دخل مُسلمٌ دار الحرب، فكان يأكلُ معهم لحم الخنزير، ويشرب الخمر، ويُعظّم آلهتهم؛ لا يُحكم بكفره).
وذكر الرافعي في (الشرح الكبير) في كتاب الجنايات مسألة من قتل مسلمًا ظنه كافرًا، ومثّل بأسباب هذا الظن بما قاله البغوي في (التهذيب)، وهو أن يراه يعظم آلهتهم، فأثبت الرافعي له الإسلام مع تعظيمه لآلهتهم، وتبعه النووي في (الروضة)، ولم ينقله عن البغوي، بل أطلق القول به -وهذا فيه اعتمادٌ منه لما قاله-.
قال الإسنوي في (المهمات) (7/154): ( وهو عجيب، لا سيما إطلاقه – أي إطلاق النووي-، وقد ذكر في باب الردة أن تعظيم الأصنام بالسجود لها والذبح ردّة، والظاهر أنه على سبيل المثال).
قال البُلقيني: (قد يُحمل على ما إذا كان مُكرهًا على التعظيم، والقاتِلُ لا يدري، أو يكون فعلَ من الخدمة لمواضعها من كَنْسٍ وغيره ما لا يقتضي كُفرًا). نقله تلميذه أبو زرعة العراقي في (تحرير الفتاوي) (3/18)، وعنه الشهاب الرملي في حاشيته على (أسنى المطالب).
وقال ابن حجر في (التحفة) (8 /394) والشمس الرملي في (النهاية) (7/ 264) : (الأصح أن التزيي بزيهم غير ردة مطلقًا، وكذا تعظيم آلهتهم في دار الحرب؛ لاحتمال إكراه أو نحوه).
- مسألة من صلَّى بغير وضوء، أو بثوبٍ نجس، أو إلى غير القبلة:
نقل الإمام الرافعي في (الشرح الكبير) (11/ 102- 103) عن الحنفيَّة اختلافَهم في تكفير من صَلَّى بغيرِ وضوء مُتعمدًّا، أو مع ثوب نجس، أو إلى غير القبلة.
قال الإمام النووي في (الروضة) (6/ 490 - 491): ( مذهبنا ومذهب الجمهور( 1): لا يكفر إن لم يستحله، والله أعلم) .
قال الإسنوي في (المهمات) (8 / 295): (وهذا الذي يقتضيه كلامه في الكفر إذا استحل الصلاة مع الثوب النجس؛ ممنوع، فإنه ليس مجمعًا على المنع منه، بل قد ذهب جماعة من العلماء إلى الجواز وأن إزالتها سنة، منهم ابن عباس وسعيد بن جبير وهي إحدى الروايات عن مالك رحمه الله، وقد ذكر النووي في كتاب الصلاة من شرح المهذب ذلك).
قال ابن حجر في (الإعلام) (ص160) : (والاعتراض مُتَّجهٌ للخلاف المذكور، بل ذلك قول مشهور في مذهب مالك فليس مجمعاً عليه فضلاً عن كونه معلوماً من الدين بالضرورة.
قال الأذرعي: وينبغي أن يستثني أيضًا صلاة الجنازة فقد ذهب الشعبي وغيره من السلف إلى جوازها بغير وضوء، ونُسب للشافعي رضي الله تعالى عنه وإن كان غلطًا).
- مسألة (قَلِّم أظفارَك فإنَّه سُنَّة):
نقل الرافعي في (الشرح الكبير) (11 / 100) عن الحنفية أنه (لو قيل له: قَلِّم أظفارَك، فإنه سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم!
فقال: لا أفعل وإن كان سنة؛ كفر).
قال الإمام النووي في (الروضة) (10/66): (المُختار أنه لا يَكفرُ بهذا إلا أن يَقصِد استهزاءً، والله أعلم). قال ابن حجر في (الإعلام) (ص148): (وما اختاره مُتعيِّن).
- مسألة الإعذار بسبق اللسان بكلمةِ كفرٍ:
نقل الإمام النووي في كتاب الردة من (الروضة) بعض المكفرات التي ذكرها القاضي عياض في (الشفا)، ونقل ابن حجر في (الإعلام) ما نقلَه النووي عن عياض، وزاد عليه مالم ينقله عنه، ومن هذا الأخير ما ذكره القاضي عياض عن ابن أبي زيد في رجل لعن رجلاً، ولعن الله، فقال: إنما أردت أن ألعن الشيطان فزلَّ لساني فقال: (يُقتل بظاهر كفره، ولا يُقبل عذره، وأما فيما بينه وبين الله تعالى فمعذور). قال ابن حجر (ص239) : (وقضية مذهبنا: قبوله). أي: قبول اعتذاره بزلل لسانه.
وقال ابن حجر (ص258) مُعلِّقًا على قول عياض: (ولا يعذر أحد في الكفرِ بدعوى زللِ اللِّسان)، قال: (ويعذر أيضًا - فيما يظهر - بدعوى سبق اللسان بالنسبة لدرء القتل عنه، وان لم يعذر فيه بالنسبة لوقوع طلاقه وعتقه، والفرق أن ذلك حق الله تعالى وهو مبني على المسامحة بخلاف هذين) .
ونقل ابن حجر في كتابه المذكور عن بعض الحنفيّة في مُصنَّف له في المكفرات أنه قال: (من سبق لسانه بمُكفِّر لا يكفر) ثم قال (ص189 - 190) : (وما ذكره مُوافقٌ لمذهبنا أيضًا، ومحل ذلك بالنسبة للباطن، أما بالنسبة للظاهر فظاهرُ ما ذكره أئمتنا في باب الطلاق أنه لا يُصدَّق في ذلك إلا بقرينة) .
___________
(1) قال ابن تيمية: (ذكر بعض أصحاب أبي حنيفة أن من صلى بلا وضوء فيما تشترط له الطهارة بالإجماع، كالصلوات الخمس أنه يكفر بذلك وإذا كفر كان مرتدًا، والمرتد عند أبي حنيفة تبين منه زوجته ، ولكن تكفير هذا ليس منقولا عن أبي حنيفة نفسه، ولا عن صاحبيه، وإنما هو عن أتباعه، وجمهورُ العلماء على أنَّه يُعزَّر، ولا يكفر، إلا إذا استحل ذلك، واستهزأ بالصلاة). (مجموع الفتاوى) (23/ 176).
المصدر... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|