09-28-2015, 09:51 AM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 376,634
|
|
التكبير المقيد دبر الصلوات في يوم عرفة وأيّام الأضحى
هذه رسالة لطيفة في التكبير المقيد دبر الصلوات في يوم عرفة وأيّام الأضحى عند السلف من الصحابة والتابعين.
وينقسم البحث إلى مباحث ثلاثة:
أ) المبحث الأول: ما جاء عن السلف (من الصحابة والتابعين) في التكبير المقيّد في دبر الصلوات.
ب) المبحث الثاني: فهم الأئمة لأقوال السلف في التكبير أنه التكبير المقيد دبر الصلوات.
ج) المبحث الثالث: في التكبير الجماعي بصوت واحد.
د) المبحث الرابع: في مقدار التكبير وعدم قصره على دبر الصلوات.
المبحث الأول: ما صحَّ عن السلف (من الصحابة والتابعين) في التكبير المقيّد في دبر الصلوات:
أولا، ما جاء عن الصحابة:
1) عن عليٍّ بن أبي طالب:« أنّه كان يكبّر بعد صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيّام التّشريق، ويكبّر بعد العصر».(مصنف 2/72 بإسناد صحيح من رواية شقيق بن سلمة)
2) وعن عبد اللّه بن مسعود: « أنّه كان يكبّر من صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من يوم النّحر».(مصنف ابن أبي شيبة 2/72 بإسناد صحيح من رواية أبي وائل شقيق بن سلمة عنه وفي المصنف غيلان بن جابر وصوابه غيلان بن جامع كما في الأم للشافعي 7/206)
3) وعن ابن عمر:« كان يكبّر بمنًى تلك الأيّام خلف الصّلوات، وعلى فراشه، وفي فسطاطه، وفي ممشاه تلك الأيّام جميعًا».(الأوسط في السنن والإجماع 2199 بإسناد حسن من طريق نافع عنه وفيه محمد بن بكر البرساني صدوق قد يخطىء)
4) وعن ابن عبّاسٍ:« أنّه كان يكبّر من غداة يوم عرفة إلى آخر أيّام التّشريق، ولا يكبّر المغرب، اللّه أكبر كبيرًا اللّه أكبر كبيرًا اللّه أكبر وأجلّ اللّه أكبر وللّه الحمد».(الأوسط في السنن والإجماع 2202 من طريق عكرمة عن ابن عباس وفيه موسى بن هارون البني: صدوق ربما أخطأ)
وعن عمرو بن دينارٍ، قال: سمعت ابن عبّاسٍ، في المسجد: « (واذكروا اللّه في أيّامٍ معدوداتٍ) يوم الصّدر، بعد ما صدر يكبّر في المسجد، ويذكر».(تفسير ابن أبي حاتم 1892 بإسناد صحيح من طريق عمرو بن دينار عنه)
ثانيا، ما جاء عن أئمة التابعين:
5) وقال إبراهيم النخعي: « كانوا يكبّرون يوم عرفة، وأحدهم مستقبلٌ القبلة في دبر الصّلاة: اللّه أكبر، اللّه أكبر، لا إله إلّا اللّه، واللّه أكبر، اللّه أكبر، وللّه الحمد».(مصنف ابن أبي شيبة 5693 بإسناد صحيح من رواية منصور بن المعتمر عنه)
6) وقال طارق بن عبد الرحمنالبجلي: « أنّه حفظ من قيس بن أبي حازمٍ (من كبار التابعين) تكبير أيّام التّشريق حتّى صلّى العصر يكبّر بعدها».(مصنف ابن أبي شيبة 5685 بإسناد حسن من طريق طارق بن عبد الرحمن البجلي)
وهذه جملة من الآثار عن التابعين من السلف تقتضي تكبيرهم دبر الصلوات:
قالوا عن تكبير من فاتته ركعةٌ في أيام التشريق التالي:
7) قال مكحول الشامي:« يكبر ، ثم يقوم فيقضي ، ثم يكبر».(مصنف ابن أبي شيبة 5868 بإسناد حسن فيه برد (بن سنان الشامي: صدوق رمي بالقدر)
8) قال الحسن البصري: « يكبر معه ، ثم يقوم فيقضي».(مصنف ابن أبي شيبة 5871 بإسناد صحيح من طريق يونس بن عبيد عنه)
9) وقال عامر الشعبي:« يقضي ، ثم يكبر».(مصنف ابن أبي شيبة 5869 بإسناد حسن من طريق عبدالله بن شبرمة عنه وفيه محمد بن فضيل الضبي وهو صدوق كما في التقريب)
10) وقال محمد بن فضيل الضبي:« رأيت ابن شبرمة غير مرة ، إذا فاته شيء من الصلاة أيام التشريق قام فقضى ، ثم كبر».(مصنف ابن أبي شيبة 5870 بإسناد حسن فيه محمد بن فضيل الضبي وهو صدوق كما في التقريب)
11) وقال ابن سيرين:« يقضي ، ثم يكبر».(مصنف ابن أبي شيبة 5872 بإسناد صحيح من طريق هشام بن حسان عنه)
12) وقال همام (بن يحيى):« رأيت قتادة صلى وحده أيام التشريق ، فكبر».(مصنف ابن أبي شيبة 5879 بإسناد صحيح)
المبحث الثاني: فهم الأئمة لأقوال السلف في التكبير أنه التكبير المقيد دبر الصلوات:
1) الإمام الزهري:
قال: « مضت السّنّة أن يكبّر الإمام في الأمصار دبر صلاة الظّهر من يوم النّحر إلى العصر من آخر أيّام التّشريق».(الأوسط في السنن والإجماع والإختلاف لابن المنذر)
2) الإمام أبو حنيفة:
قال النووي:« فرع في مذاهبهم في صفة التكبير: قد ذكرنا أن مذهبنا أنه يستحب أن يكبر ثلاثا نسقا : الله أكبر الله أكبر الله أكبر، وبه قال مالك. وحكى ابن المنذر عن عمر وابن مسعود رضي الله عنهما أنه : الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد، قال : وبه قال الثوري وأبو حنيفة ومحمد وأحمد وإسحاق».(المجموع شرح المهذب)
3) الإمام مالك:
قال مالك بعد أن روى أثر عمر:« الأمر عندنا، أنّ التّكبير في أيّام التّشريق دبر الصّلوات، وأوّل ذلك تكبير الإمام والنّاس معه دبر صلاة الظّهر من يوم النّحر، وآخر ذلك تكبير الإمام والنّاس معه دبر صلاة الصّبح من آخر أيّام التّشريق، ثمّ يقطع التّكبير . قال مالك: والتّكبير في أيّام التّشريق على الرّجال والنّساء من كان في جماعةٍ، أو وحده. بمنًى أو بالآفاق كلّها واجبٌ، وإنّما يأتمّ النّاس في ذلك بإمام الحاجّ وبالنّاس بمنًى، لأنّهم إذا رجعوا، وانقضى الإحرام، ائتمّوا بهم حتّى يكونوا مثلهم في الحلّ، فأمّا من لم يكن حاجًّا، فإنّه لا يأتمّ بهم إلّا في تكبير أيّام التّشريق . قال مالك: الأيّام المعدودات أيّام التّشريق».(الموطأ رواية يحيى الليثي)
قال ابن رجب: « وقد قالَ مالك في هذا التكبير : إنه واجب .قالَ ابن عبد البر : يعني وجوب سنة. وهو كما قال».(فتح الباري لابن رجب)
4) الإمام الشافعي:
قال: « ويكبر الحاجّ خلف صلاة الظّهر من يوم النّحر إلى أن يصلّوا الصّبح من آخر أيّام التّشريق، ثمّ يقطعون التّكبير إذا كبّروا خلف صلاة الصّبح من آخر أيّام التّشريق، ويكبر إمامهم خلف الصّلوات، فيكبرون معًا ومتفرّقين، ليلًا ونهارًا، وفي كلّ هذه الأحوال ؛ لأنّ في الحجّ ذكرين يجهر بهما التّلبية، وهي لا تقطع إلّا بعد الصّبح من يوم النّحر، والصّلاة مبتدأ التّكبير، ولا صلاة بعد رمي الجمرة يوم النّحر قبل الظّهر، ثمّ لا صلاة منًى بعد الصّبح من آخر أيّام منًى.قال: ويكبر النّاس في الآفاق، والحضر، والسّفر كذلك، ومن يحضر منهم الجماعة، ولم يحضرها، والحائض، والجنب، وغير المتوضّئ في السّاعات من اللّيل والنّهار، ويكبر الإمام ومن خلفه خلف الصّلوات ثلاث تكبيراتٍ وأكثر، وإن ترك ذلك الإمام كبّر من خلفه، ويكبر أهل الآفاق كما يكبر أهل منًى، ولا يخالفونهم في ذلك».(الأم للشافعي 1/205)
وقال: « ولا يدع من خلفه التّكبير بتكبيره، ولا يدعونه إن ترك التّكبير».(الأم للشافعي 1/205)
5) الإمام أحمد:
قال ابن رجب: « وقد حكى الإمام أحمد هذا القول إجماعاً من الصحابة ، حكاه عن عمر وعليّ وابن مسعود وابن عباس».(فتح الباري لابن رجب)
وقال ابن قدامة: « وكذلك النساء يكبرن في الجماعة وفي تكبيرهن في الانفراد روايتان كالرجال قال ابن منصور قلت لأحمد قال سفيان لا يكبر النساء أيام التشريق إلا في جماعة قال أحسن».(المغني لابن قدامة)
6) الإمام الطبري:
قال: « القول في تأويل قوله: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ) يعني جل ثناؤه: اذكروا الله بالتوحيد والتعظيم في أيام محصيات، وهن أيام رمي الجمار، أمر عباده يومئذ بالتكبير أدبار الصلوات».(الطبري 3/549) ثم ساق أثار السلف في ذلك
7) الإمام البخاري:
قال ابن رجب:« وقد أشار البخاري إلى مسألتين من مسائل هذا التكبير . إحداهما : أن التكبير يكون خلف الفرائض». (فتح الباري لابن رجب)
وقال ابن حجر:« وقد اشتملت هذه الآثار على وجود التكبير في تلك الأيام عقب الصلوات وغير ذلك من الأحوال ...وظاهر اختيار البخاري شمول ذلك للجميع والآثار التي ذكرها تساعده». (فتح الباري لابن حجر)
8) الإمام ابن المنذر:
وبوب ابن المنذر:« ذكر اختلاف أهل العلم في التّكبير في أدبار الصّلوات أيّام منًى" ثم ساق ما روي عن السلف ومن ذلك رواية علي وابن عباس وابن مسعود». (الأوسط في السنن والإجماع)
9) الإمام ابن العربي:
قال:« أجمع فقهاء الأمصار والمشاهير من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم على أن المراد به التكبير لكل أحد ، وخصوصا في أوقات الصلوات ؛ فيكبر عند انقضاء كل صلاة ، كان المصلي في جماعة أو وحده يكبر تكبيرا ظاهرا في هذه الأيام». (أحكام القرآن 1/280)
10) الإمام القرطبي:
قال:« فالذي عليه فقهاء الأمصار والمشاهير من الصحابة والتابعين على أن المراد بالتكبير كل أحد- وخصوصا في أوقات الصلوات- فيكبر عند انقضاء كل صلاة- كان المصلى وحده أو في جماعة- تكبيرا ظاهرا في هذه الأيام، اقتداء بالسلف رضى الله عنهم».(تفسير القرطبي 3/3)
11) ابن رشد الحفيد:
قال: « واتفقوا أيضا على التكبير في أدبار الصلوات أيام الحج». (بداية المجتهد 1/221)
12) الإمام النووي:
قال:« وأما التكبير المقيد فيشرع في عيد الاضحى بلا خلاف لاجماع الامة ». (المجموع شرح المهذب 5/32)
13) شيخ الإسلام ابن تيمية:
قال:« أصح الأقوال في التكبير الذي عليه جمهور السلف والفقهاء من الصحابة والأئمة : أن يكبر من فجر يوم عرفة , إلى آخر أيام التشريق , عقب كل صلاة».(مجموع الفتاوى 24/220)
وقال:« وأما التكبير في النحر فهو أوكد من جهة أنه يشرع أدبار الصلوات وأنه متفق عليه». (مجموع الفتاوى 24/222)
14) الإمام ابن رجب الحنبلي:
قال في التكبير المقيد دبر الصلوات:« فاتفق العلماء على أنه يشرع التكبير عقيب الصلوات في هذه الأيام في الجملة ، وليس فيهِ حديث مرفوع صحيح ، بل إنما فيهِ آثار عن الصحابة ومن بعدهم ، وعمل المسلمين عليهِ .
وهذا مما يدل على أن بعض ما أجمعت الأمة عليهِ لم ينقل إلينا فيهِ نص صريح عن النَّبيّ ، بل يكتفى بالعمل به ... وقد حكى الإمام أحمد هذا القول إجماعاً من الصحابة ، حكاه عن عمر وعليّ وابن مسعود وابن عباس». (فتح الباري لابن رجب)
المبحث الثالث: في التكبير الجماعي بصوت واحد:
قالت أمّ عطيّة:« كنّا نؤمر أن نخرج يوم العيد حتّى نخرج البكر من خدرها حتّى نخرج الحيّض فيكنّ خلف النّاس، فيكبّرن بتكبيرهم ويدعون بدعائهم يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته »، وفي لفظ مسلم: قالت: « كنّا نؤمر بالخروج في العيدين والمخبّأة والبكر، قالت: الحيّض يخرجن فيكنّ خلف النّاس يكبّرن مع النّاس».(متفق عليه، البخاري 1/183 ومسلم 891) وجه الشاهد من الحديث: فيكبّرن بتكبيرهم.
وعن عبيد بن عميرٍ، قال:« إنّ عمر بن الخطّاب رضي اللّه عنه كان يكبّر في قبّته بمنًى فيكبّر أهل السّوق بتكبيره حتّى ترتجّ منًى تكبيرًا ».(أخبار مكة للفاكهي 2575 بإسناد صحيح، ورواه سعيد بن منصور في السنن، عن سفيان، عن عمرو، عن عبيد بن عمير، به.(تغليق التعليق 2/379)
قال ابن حجر:« وقوله ترتج بتثقيل الجيم أي تضطرب وتتحرك وهي مبالغة في اجتماع رفع الأصوات ».(فتح الباري لابن حجر)
وقال بعض السلف من التابعين عن تكبير من فاتته ركعة أيام التشريق التالي:
قال مكحول الشامي في من فاتته ركعة أيام التشريق:« يكبر، ثم يقوم فيقضي ، ثم يكبر».(مصنف ابن أبي شيبة 5868 بإسناد حسن فيه برد (بن سنان الشامي: صدوق رمي بالقدر)
وقال الحسن البصري:« يكبر معه ، ثم يقوم فيقضي».(مصنف ابن أبي شيبة 5871 بإسناد صحيح من طريق يونس بن عبيد عنه)
قلت: وهذا يقتضي منهما أن المصلي يكبر مع الإمام ثم يقضي ما فاته من صلاته.
وهذا ما جاء عن الأئمة في التكبير الجماعي:
وقال الزّهريّ:« كان النّاس يكبّرون من حين يخرجون من بيوتهم حتّى يأتوا المصلّى، حتّى يخرج الإمام، فإذا خرج الإمام سكتوا، فإذا كبّر كبّروا».(أحكام العيدين للفريابي 51 بإسناد صحيح)
وقال مالك:« الأمر عندنا، أنّ التّكبير في أيّام التّشريق دبر الصّلوات، وأوّل ذلك تكبير الإمام والنّاس معه دبر صلاة الظّهر من يوم النّحر، وآخر ذلك تكبير الإمام والنّاس معه دبر صلاة الصّبح من آخر أيّام التّشريق، ثمّ يقطع التّكبير».(الموطأ رواية يحيى الليثي)
وقال الشافعي:« ويكبر الحاجّ خلف صلاة الظّهر من يوم النّحر إلى أن يصلّوا الصّبح من آخر أيّام التّشريق، ثمّ يقطعون التّكبير إذا كبّروا خلف صلاة الصّبح من آخر أيّام التّشريق، ويكبر إمامهم خلف الصّلوات، فيكبرون معًا ومتفرّقين، ليلًا ونهارًا، وفي كلّ هذه الأحوال».(الأم 1/205)
أحمد: قال ابن منصور:« قلت لأحمد قال سفيان لا يكبر النساء أيام التشريق إلا في جماعة قال أحسن».(المغني لابن قدامة)
المبحث الرابع: في مقدار التكبير وعدم قصره على دبر الصلوات.
اعلم أنّه لم يثبت في شيء من الآثار عدد لهذا التكبير وأنّه لم يرد قصر لهذا التكبير في دبر الصلوات بل يكبر في عموم الأيام.
المصدر... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|