07-25-2015, 11:05 AM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 377,285
|
|
(0161)الجهاد في سبيل الله-الفرع الرابع: فقد المسلمين الحرية بترك الجهاد
عندما تكون الهيمنة للإسلام ويكون المجتمع مجتمعاً إسلامياً يتساوى فيه الناس في حقوقهم، فلا يهضم أحد ولا تظلم طائفة، ولا يكون لأحد فضل على أحد إلا بتقوى الله سبحانه، فمن كان أكثر تقوى كان أكرم عند الله تعالى.. {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات:13].
فالمسلم في ظل المجتمع الإسلامي الذي تحرسه قوة الحق الجهادية، يكون كامل الحرية في نشاطه وتصرفه في الشؤون الدينية والدنيوية، في نطاق ما أذن الله به شرعاً.. بل إن غير المسلم من أهل الذمة ينال حرية، لا يجدها في ظل المجتمع الكافر الذي يدين بدينه.
ولكن هذه الحرية التي يتمتع بها المسلم في ظل مجتمعه الإسلامي المجاهد في معتقده وفي رأيه، وفي تفكيره وفي شؤونه الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والتعليمية يفقدها عندما تفقد راية الجهاد في سبيل الله، وتنتقل قيادة البشر من أيدي المجاهدين إلى أيدي الكفرة والظلمة والفاسقين.
إذ أنه قد يفتن في دينه وعقيدته، كما فعل فرعون مع السحرة الذين آمنوا بموسى: {قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَى} [طـه:71].
وكذلك قوم شعيب قالوا له: {قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ} [الأعراف:88].
وهكذا فعل المشركون من أهل مكة مع الذين لم يهاجروا بدينهم، سواء منهم المعذور أو غيره كما مضى، بل أجبروهم على الخروج معهم في معركة بدر لقتال أهل دينهم من المسلمين: الرسول صَلى الله عليه وسلم وأصحابه..
قال البخاري رحمه الله: "باب من كره أن يكثر سواد الفتن والظلم… وساق بسنده عن ابن عباس، أن ناساً من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون سواد المشركين على رسول الله صَلى الله عليه وسلم، فيأتي السهم فيرمى به فيصيب أحدهم فيقتله أو يضربه فيقتله، فأنزل الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً} [النساء:97].
بل إن المشركين أكرهوا بعض الصحابة على النطق بالكفر، وإن اطمأن قلبه بالإيمان قبل الهجرة، كما فعلوا مع عمار بن ياسر.. كماقال تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النحل:106].
وكما فعل طغاة الأخدود في إكراه المؤمنين على التخلي عن إيمانهم، فلما صمدوا أحرقوهم بالنار".. [راجع تفسير سورة الأخدود في تفسير ابن جرير الطبري أو غيره..].
وكما فعل النصارى في الأندلس بالمسلمين الذين قتلوهم وأخرجوهم من ديارهم مهانين ولم يبق إلا من تنصر. [راجع التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية للدكتور أحمد شلبي (4/126) وكتاب مأساة انهيار الوجود العربي بالأندلس ـ لعبد الكريم التواتي ص589].
وكما فعل الشيوعيون في روسيا والصين وألبانيا وكمبوديا في هذا العصر وغيرها من دول الكفر.
لا بل ما فعله بعض حكام الشعوب الإسلامية بدعاة الإسلام.. الذين جعلوا المسلم يفقد حريته في أداء شعائر دينه، بل وفي حمله كتاب ربه والقراءة فيه، وفي الصلاة في مسجده مع الجماعة أو وحده وفي رفع المؤذن الأذان داعياً إلى الصلاة، كما هو الحال في كثير من الشعوب الإسلامية التي تسلط عليها الشيوعيون، من أتباع روسيا، و الصين. [ويقال إن الصين بدأت تتسامح قليلاً بعد موت زعيمهم السابق ماو تسي تونج، ولكنها لا زالت تسوم المسلمين في تركستان الشرقية سوء العذاب].
ويفقد المسلم حريته في قول كلمة الحق، في ظل الكفر الذي خلا له الميدان لأن الباطل لا يأذن له بذلك..
ويفقد المسلم حريته السياسية، حيث يحظر عليه العمل السياسي ما دام أساسه الإسلام، وليس في دول الكفر الصريحة فقط، بل في الشعوب الإسلامية التي يحكمها أعداء الإسلام من المنافقين المنتسبين إليه.
ويفقد المسلم حريته الاقتصادية الإسلامية، لأن الحياة الاقتصادية إما شيوعية تصادر الأموال ولا تسمح إلا بالقليل منها، وإما رأسمالية تطلق أيدي الناس لكسب المال بكل وجه حلالاً أو حراماً، وتنفقه في كل وجه حلالاً أو حراماً.. وقلما ينجو من يعيش في ظل هذا النظام من الوقوع في محرم.
ويفقد المسلم حريته الاجتماعية في ظل الكفر، إذ تسري عليه الأنظمة الاجتماعية الكافرة، فقد يجبر بحكم القانون على مخالفة دينه في ذلك كتزويج ابنته أو قريبته المسلمة بالرجل الكافر.. وقد يجبر بحكم الأوضاع والعادات الضاغطة على أسرته وأهله بارتكاب محرمات كالاختلاط بالأجانب والسفور وغير ذلك.
ويفقد المسلم حريته في التعليم، فلا يجد إلا التعليم الذي يضع مناهجه أهل الكفر الذين وضعوها لتحقيق أهداف كفرهم، وبنوها على أساس معتقدهم إلحادياً أو نصرانياً أو يهودياً أو وثنياً.. كلها تخالف مبادئ الدين الإسلامي ويجبر ابن المسلم وبنته على تعلم هذه العلوم، ولا يجدون غيرها من العلوم الإسلامية التي تصحح لهم مفهوماتهم، بل إن مناهج الكفر تطعن في دينهم وتلقي عليهم شبهات كاذبة تملأ بها أدمغتهم وتشككهم في دينهم، وفي الأرض المباركة "فلسطين" المثال الكامل لذلك.
ويفقد المسلم الحرية في تطبيق مبادئ دينه على نفسه، لصعوبة تطبيقها في مجتمع كافر أو تحت ظل حكم كافر، فالعامل المسلم في مصنع أو متجر لكافر قد يستمر عمله اثنتي عشرة ساعة أو أكثر، وتمر به أوقات الصلاة فلا يؤذن له بترك عمله وأداء صلواته، مهددا بالطر من وظيفته إذا لم يلتزم، فيضطر إذا كان حريصاً على أدائها أن يصليها كلها في وقت واحد بعد انصرافه من العمل، ويمر وقت صلاة الجمعة فلا يقدر على حضورها، وإذا تمرد وحضر الصلاة لوقتها عوقب وقد يكون عقابه حرمانه من العمل الذي يجلب له لقمة العيش". [هذا ما شكا منه العمال المسلمون في أمريكا.. بلاد الحريات.. وسمعته بأذني منهم في مدينة ديترويت المدينة الصناعية الشهيرة، وكذلك في بعض بلدان أوربا].
ويصعب على المسلم تربية أولاده على تطبيق الإسلام، لأن ما يبنيه هو يهدمه أعداء الله في المدرسة والشارع ودور اللهو، أو بأجهزة الإعلام المختلفة من إذاعة وتلفاز وصحف ومجلات ومسجلات وغيرها.
ويفقد المسلم حريته في التنقل في الأرض التي سخرها الله لعباده كلهم، فإذا أراد أعداء الله أن يسجنوه في بلد ما حظروا عليه جواز السفر، أو الإذن بسفره.. وإذا أرادوا منعه من البقاء في بلد أخرجوه منه بالقوة.
ومن عجائب الأمور أن بعض علماء المسلمين في بعض الشعوب الاسلامية يسكن في منزله باسم بعض أسرته، لأنه محروم من جنسية بلده الذي ولد فيه، فلا يستطيع أن يتصرف في شيء بسبب ذلك..ومنهم أمير الجماعة الإسلامية في "دكا" عاصمة بنغلادش وهو البروفيسور "غلام اعظم" [عمره 93 عاما، حكم عليه بالسجن 90 عاما]
وإن حكام بعض الدول الكافرة على الرغم من أنهم أساتذة حكام بعض الشعوب الإسلامية، لأخف وطأة من تلامذتهم المنتسبين إلى الإسلام].
ويفقد المسلم حريته في حق الدفاع عن نفسه في المحاكم الظالمة، إذا اتهم بشيء وحكم عليه بسجن أو قتل أو غيرهما، ولا يفقد ذلك المجرمون من الجواسيس والقتلة والمخربين.
والخلاصة: أن المسلم يفقد حريته في كل شيء إلا ما يأذن له به أعداء الله سواء في بلدان الكفر الأصلية أو في الشعوب الإسلامية التى يحكمها من لا يؤمنون بهدي الله ولا يحكمون بكتابه.
إلا أن حرية المسلم في بعض بلاد الكفر، أفضل من حريته في بعض بلدان المسلمين، وهذه الأمور كلها واضحة يعلمها القاصي والداني.
وهذه الحرية لم يفقدها الأفراد فقط بل بعض حكومات الشعوب الإسلامية قد فقدتها فهي لم ترسم سياساتها - في كل شيء - بحرية، وإنما ترسمها تحت إشراف دول الكفر الأصلية، إما في الظاهر أو في الخفاء بسبب التهديد الذي تتلقاه باستمرار بإسقاطها إن هي لم تفعل ذلك.
وذلك كله بسبب القعود عن الجهاد في سبيل الله السلمي والعسكري الذي لا توجد الحرية الصحيحة إلا في ظل رايته.
المصدر... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|