03-15-2016, 08:16 AM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 376,532
|
|
منهج الإمام الترمذي في أحكامه على الأحاديث في كتابه "السنن" ملتقط من شرح حديث جابر رضي الله عنه في صفة حجة النبي
منهج الإمام الترمذي في أحكامه على الأحاديث في كتابه "السنن" ملتقط من شرح حديث جابر رضي الله عنه في صفة حجة النبيصصص
للشيخ عبد العزيز بن مرزوق الطريفي القسم الأول: قوله: "حسن صحيح"، أو: "صحيح حسن"، أو: "صحيح" أو: "صحيح غريب"، وعكسها، أو: "صحيح حسن غريب"، فالمراد بذلك التصحيح في الغالب، وأعلاها ي الغالب قوله: "حسن صحيح".
وذلك أن كثيرا ممن يطلق عليه الترمذي "حسن صحيح" في الصحيحين أو في أحدهما، وعلى شرطهما، أو على شرط أحدهما، أو جاء بسند صحيح قوي. ويليها "صحيح "، ونحوه قوله: "جيد"، ولكنه لم يطلق قول جيد مجردة إلا في نحو الموضع. وقول الترمذي: "صحيح غريب حسن" نادر، أطلقه على أحاديث قليلة صحيحة، وهي أقوى من قوله: "غريب حسن صحيح"، حيث أطلقه على بضعة أحاديث: منها الصحيح، ومنها ما فيه ضعف. ونحوه قوله: "صحيح حسن غريب".
ويظهر من تتبع السنن: أن الإمام الترمذي لم يطلق قوله "صحيح غريب" إلا في شطر سننه الأخير، وأكثرها في غير أحاديث الأحكام، وهي أدنى ألفاظ الصحيح فيما يظهر، وقد أطلقها في بعض ما يضعف. والله أعلم.
فهذه وغيرها ألفاظ الصحيح عند الإمام الترمذي عليه رحمة الله وتقويته للأخبار، وهذا النوع هو أظهر الأنواع، وهو واضح، والأمثلة على ذلك كثيرة جدا.
القسم الثاني:ما كان فيه ضعف، ويطلق عليه لفظ: "حديث حسن" مجردا، وقد يغتر البعض بإطلاق هذه اللفظة من الإمام الترمذي، ويظن أنه يريد بها الحسن الاصطلاحي عند أهل الاصطلاح وليس كذلك، بل إن الترمذي عليه رحمة الله إذا أطلق هذه العبارة؛ فإنه يريد أن الخبر ضعيف، وليس بصحيح. والأدلة على ذلك معروفة:
- منها: أن الترمذي بين ذلك – في "علله"- فقال: "وما ذكرنا في هذا الكتاب حديث حسن ، فإنما أردنا به حسن إسناده عندنا: كل حديث يروى، لا يكون في إسناده من يتهم بالكذب، ولا يكون الحديث شاذا" انتهى.
فالترمذي احترز من إطلاق الحسن على من رواه متهم بالكذب، ولا يكون شاذا، ولم يحترز ممن دونه وهو في دائرة الضعف، فهو عرف الحسن لكنه لم يبين انه يحتج به أو لا يحتج به. ولذا قد يطلق الحفاظ على حديث "حسن "، ويريدون به استقامة متنه وحسنه، مع أنه مردود سندا، وهذا وجد في كلام الأئمة الحفاظ المتقدمين.
- ومنها: أن هذا معلوم لمن سبر وتتبع منهج الإمام الترمذي في "سننه"، وقارن أقواله وأحكامه على الأحاديث بأقوال وأحكام الأئمة.
- ومنها: أن الترمذي رحمه الله نص في كثير من المواضع على ما يدل على ضعف الحديث، كأن يعل الحديث بعلة تضعفه، أو ينص على ترجيح غيره عليه، فالترمذي يعقب في بعض المواضع بعد قوله: "حسن":
o فيقول: "ليس إسناده بمتصل".
o ويقول أيضا بعده: "ليس إسناده بذاك القائم".
o ويقول أيضا: "ليس إسناده بذاك".
ومثال ذلك: ما أخرجه في "سننه" من طريق حماد بن زيد، عن سنان بن ربيعة، عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة قال: توضأ النبي صصص، فغسل وجهه ثلاثا، ويديه ثلاثا، ومسح برأسه، وقال: "الاذنان من الرأس "[1]. ثم قال عقب ذلك: ((هذا حديث حسن، ليس إسناده بذاك القائم)).
ومن ذلك: ما أخرجه من طريق سفيان، عن الأعمش، عن خيثمة، عن الحسن، عن عمران مرفوعا: "من قرأ القرآن فليسأل الله به، فإنه سيجيئ أقوام يقرؤون القرآن يسألون به الناس"[2]. ثم قال بعد إخراجه: ((حديث حسن ليس إسناده بذاك)).
ومن ذلك: حديث دعاء دخول المسجد، أخرجه من طريق إسماعيل بن إبراهيم، عن ليث، عن عبد الله بن الحسن، عن أمه فاطمة بنت الحسين، عن جدتها فاطمة الكبرى بنت رسول الله صصص قالت: إن رسول الله صصص إذا دخل المسجد صلى على محمد وسلم، وقال: "رب اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب وحمتك"، وإذا خرج صلى على محمد وسلم، وقال: "رب اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب فضلك"[3]. قال عقب إخراجه: ((حسن؛ وليس إسناده بمتصل، وفاطمة بنت الحسن لم تدرك فاطمة الكبرى، إنما عاشت فاطمة بعد النبي صصص أشهرا )). وهذا هو الأغلب في منهج الترمذي.
وربما أطلق لفظ: "حسن"، وأراد علة في الحديث إسنادية ليت بقادحة، أو تردد وشك في قبوله، وقد أطلق هذه العبارة على شيء من الأحاديث التي هي مخرجة في الصحيحين:
ومن ذلك : ما أخرجه البخاري ومسلم ي صحيحيهما[4]: من طريق سالم أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله، عن بسر بن سعيد، عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله صصص: "عليكم بالصلاة في بيوتكم؛ فإن خير صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة ". أخرجه الترمذي في "سننه"[5] من هذا الطريق، ثم قال عقبه: ((حسن، وقد اختلف الناس في رواية هذا الحديث، فروى موسى وإبراهيم بن أبى النضر، عن أبى النضر مرفوعا، ورواه مالك عن أبى النضر ولم يرفعه، وأوقفه بعضهم، والحديث المرفوع أصح)). وقد أطلق لفظ: ((حسن)) عليه للاختلاف فيه، مع أن الاختلاف غير مؤثر ي صحة الحديث، حيث أن الراجح الرفع، وقد رجحة الترمذي - نفسه - رحمه الله.
ومن ذلك: ما أخرجه البخاري ومسلم[6]: من طريق خالد الحذاء، عن أي عثمان النهدي، عن عمرو بن العاص أنه قال للنبي صصص: أي الناس أحب إليك؟ قال: "عائشة"، قال: من الرجال؟ قال: "أبوها" قال: ثم من؟ قال: "عمر بن الخطاب". هذا الحديث أخرجه الترمذي[7] رحمه الله تعالى من هذا الطريق ثم قال بعده: ((حديث حسن)).
القسم الثالث: قوله في أحاديث: "غريب"، أو: "حسن غريب"، أو: "غريب حسن"، أو عدم إطلاق هذه العبارات كأن يقول: "هذا حديث ليس بالقوي" أو: "إسناده ليس بذاك"، أو: "ليس إسناده بالقائم"، أو: "ليس إسناده بصحيح "، أو: "إسناده ضعيف"، أو: "لا يصح"، أو: "حديث منكر"، وهذه كلها عبارات الترمذي رحمه الله وغيرها، وكقوله على حديث: "فيه فلان ليس بالقوي" ونحو ذلك، فإن هذا يريد به في الأغلب قوة في الضعف.
وأشدها: قوله: "حديث منكر"، وهي عبارة يستعملها في القليل النادر. ثم يليها - في الغالب - قوله : "هذا حديث غريب". ثم دونها قوله - على خبر - : "حسن غريب" ، ويعني بهذه العبارة - في الغاب - أن متن الحديث سليم من الشذوذ والنكارة والغرابة، لكن سند الحديث فيه شيء من غرابة ونكارة وإشكال. وقد تُعل غرابة السند الحديث وتَرُده.
وإذا أطلق الترمذي على حديث قوله: "غريب"، فإنه يريد ما: أن هذا الحديث فيه ضعف أشد مما يضعفه بقوله: "حسن غريب"، أو قوله: "حسن" مجردا - كما تقدم - ، فهو يطلق لغظ "غريب" وينص على علته في بعض الأحيان. ومن ذلك: ما أخرجه في "سننه " من طريق يحبى بن اليمان، عن شيخ، عن الحارث بن عبد الرحمن، عن طلحة بن عبيد الله مرفوعا: "لكل نبي رفيق، ورفيقي في الجنة عثمان"[8]. وهذا حديث ضعيف جدا. قال الترمذي عقب إخراجه له: ((غريب، ليس إسناده بالقوي، وهو منقطع)).
ومن ذلك: ما أخرجه من طريق خارجه بن مصعب، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عن عني بن ضمرة، عن أبي بن كعب، عن النبي صصص قال: "إن للوضوء شيطانا يقال له: الولهان، فاتقوا وسواس الماء"[9]. قال الترمذي بعد إخراجه: ((حديث غريب، وليس إسناده بالقوي، لا نعلم أحدا أسنده غير خارجه، ولا يصح ي هذا الباب عن النبي صصص شيء))
ومن ذلك: ما أخرجه - في "سننه" - من طريق أم الأسود، عن منية بنت عبيد بن أبي برزة، عن أي برزة قال: قال رسول الله صصص: ((من عزى ثكلى، كسي بردا في الجنة))[10]. قال الإمام الترمذي - عقب إيراده -: ((حديث غريب، وليس إسناده بالقوي)).
وقول الترمذي: "حسن غريب"، يعني: ضعفا أقل من ذلك، وأشد من تضعيف الخبر بقوله: "حسن"، وقد ينص الترمذي على علة الحديث مع هذا. ومن ذلك: ما أخرجه: من طريق عمر بن عبد الله مولى غفرة، عن إبراهيم بن محمد، عن علي بن أبي طالب ررر- في حديث طويل - ذكر فيه صفة النبي r الخلقية والخلقية[11]. قال الترمذي عقبه: ((حسن غريب، ليس إسناده بمتصل)).
ومن ذلك: ما أخرجه من طريق خالد بن يزيد، عن سعيد بن أي هلال، عن إسحاق بن عمر، عن عائشة قالت: ما صلى رسول الله صصص صلاة لوقتها الآخر مرتين حتى قبضه الله[12]. قال الترمذي عقب إخراجه له - : ((حسن غريب، وليس إسناده بمتصل)).
هذا في الغالب يريد به ضعفا أشد مما ذكرناه في القسم الثاني، وربما أراد به ضعفا يقبل المتابعة، فقد يريد الترمذي بقوله: "حسن غريب" أي: ليس بشديد الضعف، كما أخرج - في "سننه" - من طريق سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، عن حميد، عن أنس : "أن النبي صصص كان يتوضأ لكل صلاة طاهرا وغير طاهر، قال حميد الطويل: قلت لأنس: فكيف كنتم تصنعون؟ قال : كنا نتوضأ وضوءا واحدا"[13]. قال الترمذي - عقب إخراجه من هذا الوجه -: ((حديث حميد عن أنس: حديث حسن غريب من هذا الوجه)). لكنه جوده لما أخرج له متابعا من سفيان عن عمرو بن عامر عن أنس بنحو حديث حميد[14]قال الترمذي - بعد إخراج هذا المتابع -: (( حديث حسن صحيح، وحديث حميد عن أنس: حديث جيد غريب حسن)).فجوده بعد ذكر متابع له، بعد أن ضعفه في موضع قبله.
القسم الرابع:وقد أدخلته في الذي قبله، وذلك لقلة وروده في "سنن الترمذي"، وهي: المناكير جدا والبواطيل، ويطلق عليه الترمذي: ((هذا حديث منكر))، وفي بعض الأحيان يقول: ((حديث لا يصح)).
وهذه ألفاظ معدودة أطلقها على ما ينكر ويعد في البواطيل والمنكرات، وهو أشد الأقسام ضعفا، وهي في مواضع قليلة منثورة في "السنن"، وهي أقل الأقسام ورودا في "السنن". هذه في الجملة ملخص اصطلاحات الترمذي عليه رحمة الله، وهذا أغلبي، وربما غاير في بعض هذا الاستعمالات، وهناك ألفاظ أخر قليلة الاستعمال عنده، وهذا بحاجة إلى تفصيل أكثر يسر لله ذلك.
[انظر: شرح حديث جابر الطويل في صفة حج النبي صصص (ص 71 — 81)] وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين
[1] سنن الترمذي (37). [2] سنن الترمذي (2917).
[3] سنن الترمذي (314).
[4] البخاري (6113) ومسلم (781).
[5] سنن الترمذي رقم (450).
[6] البخاري (3662) ومسلم (2384).
[7] سنن الترمذي (3885).
[8] سنن الترمذي (3698).
[9] سنن الترمذي (57).
[10] سنن الترمذي (1076).
[11] سنن الترمذي (3638). [12] سنن الترمذي (174).
[13] سنن الترمذي (58).
[14] سنن الترمذي (60).
الملفات المرفقة منهج الإمام الترمذي في أحكامه على الأحاديث في كتابه.pdf‏ (415.8 كيلوبايت) منهج الإمام الترمذي في أحكامه على الأحاديث في كتابه.zip‏ (32.6 كيلوبايت)
المصدر... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|