02-09-2016, 07:05 AM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 376,634
|
|
كيف تعرف مذاهب الصحابة
تعرف أقوالهم بالأسانيد ، وهذا باب واسع . وقد بذلت في "العتيق" وسعي، والعون من الله تبارك اسمه.
وتعرف بما يستفاد من الخبر، كقول مروان في حديث فاطمة بنت قيس: سنأخذ بالعصمة التي وجدنا الناس عليها. فهذا إخبار عن الفتوى السائدة في الزمان الأول. ومثله قول القاسم بن محمد: حجت عائشة بأختها في عدتها فكانت الفتنة وخوفها. قال: فأبى الناس إلا خلافها، فلا نأخذ بقولها وندع قول الناس. كتبته في كتاب الطلاق. والناس يومئذ زيد بن ثابت وابن عمر وأبو هريرة وغيرهم.
ومثله قول طاووس: ما رأيت مصليا كهيئة عبد الله بن عمر أشد استقبالا للكعبة بوجهه وكفيه وقدميه اهـ فهذه حكاية صريحة عن ابن عمر ، تضمنت رواية عن ابن عباس وابن عمرو بن العاص وجابر بن عبد الله وابن الزبير وغيرهم ممن رأى طاووس رحمهم الله .
وتعرف بنحو قول التابعي : السنة كذا ، كقول سعيد بن المسيب : ما صلاة يجلس في كل ركعة منها ثم قال : هي المغرب إذا فاتتك منها ركعة. وكذلك سنة الصلاة كلها. كتبته في الصلاة. فقوله : سنة الصلاة رواية عن عمل قبله يصححه .
ومثله ما جاء عن سعيد بن المسيب والشعبي قالا: ليس على الميت دعاء موقت اهـ ونظائر هذا في أقوالهم ، هو في معنى الرواية ، كأنهم قالوا : لم يكونوا يوقتون فيه شيئا .
ومثله قول أحدهم : هذا محدث ، هذا بدعة . فإنه من جنس الرواية ، تضمن خبرا بأنه لم يكن في العمل قبله .
وتعرف بمجموع الأخبار ، فقد يكون في الباب خبرٌ واحد لا ينقل خلافه ، فيظن المستعجل أنه لا خلاف بينهم، والخلاف يعرف بمظنة الرواية، من هذا الباب قال ابن شهاب في قول ابن عمر وابن الزبير في المسبوق إذا أدرك مع الامام سجدة سجد إليها أخرى، وإذا فرغ من صلاته سجد سجدتي السهو. قال ابن شهاب : ولم أعلم أحدا فعله أصلا. فهذا إخبار مجمل عن اختلاف بينهم .
ومنه ما روى القاسم بن محمد عن عائشة أنها رخصت لغلمانها - بأخرة - بلبس التبان في الإحرام وكانوا ربما بدت سوءة أحدهم إذا رحلوها. كان هذا في زمان معاوية. ولم ينقل عن غيرها خلاف . لكن مظنة العمل تدل على أن غيرها لم يكن يرخص في ذلك ، لأن رجال الصحابة كانوا أولى بهذا القول أن يخرج عنهم لحاجتهم إليه ، فدل على أنهم لم يكونوا يرخصون فيه. ولو أفتوا به لعرفه الناس.
من هذه المشكاة نظر الليث بن سعد في إنكاره الجمع في المطر، في رسالته إلى مالك، فلم يكن عنده حديث مسند عن الصحابة في الأمصار ، ولكن حيث وُجدت مظنة الرواية فإنها بمنزلة الرواية.
وقد لا يصح في الباب شيء ، أو لا يروى فيه شيء ، فلا تقل هذه ثلمة ، ولكن هذا دليل على أنه لم يُوَقَّت فيه حد ينتهى إليه ، كما جاء في أقل الحيض وأكثره ، وما يذكر في هيئة اليدين بعد الركوع ، والقول بين السجدتين .. وسائر ما لم يوقت فيه شيء ، فإن هذا من مسالكه .
وكل هذه السبل تحتاج إلى مكابدة الاستقراء وتتبع الآثار والسنن الماضية، فلا جرم أن قال مالك بن أنس : العلم الذي هو العلم معرفة السنن، والأمر المعروف الماضي المعمول به اهـ ذكره ابن رشد في البيان والتحصيل .
وهذه الطريقة تباين سبيل المتكلمين في الفقه والأصول. فتدبر.
المصدر... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|