09-12-2015, 12:47 PM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 376,634
|
|
من سنن التدافع
"من سنن التدافع تدافع باعث الدين مع باعث الهوى"
قال الامام ابن القيم رحمه الله تعالى : " وله ثلاثة أحوال : الحالة ألأولى: أن يكون القهر والغلبة لداعي الدين فيرد جيش الهوى وهذا إنما يصل إليه بدوام الصبر، والواصلون إلى هذه الرتبة هم المنصورون في الدنيا والآخرة وهم الذين قالوا : (ربنا الله ثم استقاموا) (فصلت: 3) وهم الذين تقول لهم الملائكة عند الموت : (ألا تخافوا ولا تحزنوا و أبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة) ( فصلت : 3، 31) وهم الدين نالوا معية الله مع الصابرين وهم الذين جاهدوا في الله حق جهاده وخصهم بهدايته دون من عداهم ، الحالة الثانية :أن تكون القوة والغلبة لداعي الهوى فيسقط منازعه باعث الدين بالكليةفيستسلم البائس للشيطان وجنده فيقودونه حيث شاءوا وله معهم حالاتان : احداهما : أن يكون من جندهم وأتباعهم وهذه حال العاجز الضعيف،والثانية : أن يصير الشيطان من جنده وهذه حال الفاجر القوى المتسلط والمبتدع الداعية المتبوع، كما قال القائل:
وكنت امرءا من جند ابليس فارتقى ... بي الحال حتى صار ابليس من جندي
فيصير ابليس ،وجنده من أعوانه وأتباعه ،وهؤلاء هم الذين غلبت عليهم شقوتهم ، واشتروا الحياة الدنيا بالآخرة ،وانما صاروا إلى هذه الحال لما أفلسوا من الصبر ،وهذه الحالة هي حالة جهد البلاء ، ودرك الشقاء وسوء القضاء ، وشماتة الأعداء ، وجند أصحابها المكر والخداع والأماني الباطلة والغرور والتسويف بالعمل وطول الأمل وايثار العاجل على الآجل، وهي التي فال في صاحبها النبي صلى الله عليه وسلم: (العاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني)[1] ،وأصحاب هذه الحال أنواع شتى فمنهم المحارب لله ورسوله ، الساعي في إبطال ما جاء به الرسول، يصد عن سبيل الله، و يبغيها جهده عوجاً، وتحريفاً ليصد الناس عنها، ومنهم المعرض عما جاء به الرسول المقبل على دنياه ،وشهواتها فقط ،ومنهم المنافق ذو الوجهين الذي يأكل بالكفر ،والإسلام ،ومنهم الماجن المتلاعب الذي قطع أنفاسه بالمجون ،واللهو واللعب ،ومنهم إذا وعظ قال و اشوقاه إلى التوبة ،ولكنها قد تعذرت علي فلا مطمع لي فيها ،ومنهم من يقول ليس الله محتاج إلى صلاتي ،وصيامي ،وأنا لا أنجو بعملي والله غفورٌ رحيم ،ومنهم من يقول ترك المعاصي إستهانة بعفو الله ومغفرته:
فكثر ما استطعت من الخطايا ... إذا كان القدوم على كريم
ومنهم من يقول ماذا تقع طاعتي في جنب ما قد عملت، وما ينفع الغريق خلاص اصبعه ،وباقي بدنه غريق ،ومنهم من يقول سوف أتوب وإذا جاء الموت ونزل بساحتي تبت ،وقبلت توبتيإلى غير ذلك من أصناف المغترين الذين صارت عقولهم في أيدي شهواتهم فلا يستعمل أحدهم عقله إلا في دقائق الحيل التي بها يتوصل إلى قضاء شهوته، فعقله مع الشيطان كالأسير في يدِ الكافر يستعمله في رعاية الخنازير وعصر الخمر وحمل الصليب وهو بقهرة عقله وتسليمه إلى أعدائه عند الله بمنزلة رجلٍ قهر مسلماً وباعه للكفار وسلمه إليهم وجعله أسيراً عندهم،
الحالة الثالثة : أن يكون الحرب سجالاً ودولاً بين الجندين ، فتارة له وتارة عليه، وتكثر نوبات الانتصار و تقل، وهذه حال أكثر المؤمنين الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً وتكون الحال يوم القيامة موازنة لهذه الأحوال الثلاث سواء بسواء فمن الناس من يدخل الجنة ولا يدخل النار ومنهم من يدخل النار ولا يدخل الجنة، ومنهم من يدخل النار ثم يدخل الجنة "
عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين( ج 1 / ص 6)
[1][1]قال الشيخ الألباني : ( ضعيف ) انظر حديث رقم : 4305 في ضعيف الجامع - عن شداد بن أوس "الكيس من دان نفسه و عمل لما بعد الموت و العاجز من أتبع نفسه هواها و تمنى على الله الأماني"
( حم ت هـ ك )
المصدر... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|