08-12-2015, 11:26 PM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 377,285
|
|
من وحى أهل الحديث أصول الأحكام في الديانة
من وحى أهل الحديث أصول الأحكام في الديانة
إعداد دكتور كامل محمد عامر
مختصر بتصرف من كتاب
الإحكام في أصول الأحكام
للإمامالمحدثالحافظأبيمحمدعليبنأحمدبنسعيدالأندلسيالقرطبي
1433هـ ــــ 2012م
(الطبعة الأولي)
لا طريق إلى العلمإلاَّ من وجهين :
أحدهمـا مــا أوجبتـه بديهة العــقل ، وأوائــل الحـس .
والثانيمقدمات راجعة إلى بديهة العقل وأوائل الحس .
وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى باستعمال دلائل العقل والحواس، قال تعالى:{ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ}[السجدة 9] وصَدَقَ اللهُ تعالى فما شكره من أبطل دلائل سمعه وبصره وعقله وقال تعالى:{أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَينِ}[البلد 8]
وذمّ تعالى من لم يستعمل دلائلها ، فقال حاكياً عن قوم معذبين لإعراضهم عن الاستدلال المؤدي الى معرفة الحقائق ، فقال الله تعالى:{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَآ أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}[الأعاف 179]وقال تعالى:{ وَقَالُواْ لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ}[الملك 10] فذم تعالى من لم ينتفع بما أعطاه من الحواس والعقل .
الأصول التي لا يعرف شيء من الشرائع إلا منها الأصول التي لا يعرف شيء من الشرائع إلا منها أربعة وهي:
1- نص القرآن
2- نص كلام رسول الله ، الذي إنما هو عن الله تعالى مما صح عنه نقل الثقات أو التواتر
3- إجماع جميع علماء الأمة
4- دليل منها لا يحتمل إلا وجهاً واحداً
وذلك نحو قوله عليه السلام:{كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ}[مسلم: كِتَاب الْأَشْرِبَةِ؛بَاب بَيَانِ أَنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَأَنَّ كُلَّ خَمْرٍ حَرَامٌ]فأنتج ذلك كل مسكر حرام فهذا منصوص على معناه نصاً جلياً ضرورياً . لأن المسكر هو الخمر ، والخمر هي المسكر ، والخمر حرام ، فالمسكر الذي هو هي حرام.
ومثل قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: 11] وقد تيقنا أن كل معدود فهو ثلث وثلثان ، فإذا كان للأم الثلث فقط وهي والأب وارثان فقط فالثلثان للأب ، وهذا علم ضروري لا محيد عنه للعقل، ووجدنا ذلك منصوصاً على المعنى وإن لم ينص على اللفظ .
ومثل إجماع المسلمين على أن الله تعالى حكم بأن دم زيد حرام لإسلامه ثم قال قائل : قد حل دمه فقلنا : قد تيقنا بالنص وجوب الطاعة للإجماع ، وقد صح نقل الإجماع على أن دمه حرام ، فلا يجوز لنا خلاف ذلك إلا بنص منقول بالثقات أو بتواتر أو بإجماع ناقل لنا،فهذا منصوص على معناه.
ومثل أن يدعي زيد على عمرو بمال فنقول : إن الله تعالى نص على إيجاب اليمين على عمرو ، لأن النص قد جاء بإيجاب اليمين على من ادعي عليه ، وعمرو مدعى عليه فقد أوجب النص اليمين على عمرو.
فلا سبيل إلى معرفة شيء من أحكام الديانة أصلاً إلا من أحد هذه الوجوه الأربعة ، وهي كلها راجعة إلى النص، والنص معلوم وجوبه ، ومفهوم معناه بالعقل على التدريج الذي ذُكِرَ.
المصدر... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|