قضية الرسم العثماني
صديق بكر علي عيطة
حول رأي الإمام مالك:
القرآن كتاب الله الذي أنزله على رسوله محمد بن عبدالله -صلى الله عليه وسلم- والذي جاء بالهُدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، هذا الكتاب الذي هو سيد الكتب السماوية كلها، والمهيمن على كل ما جاء فيها استحوَذَ على كثير من اهتمامات العلماء والدارسين في كل عصر وفي كل أمة، وتخطى كل الحضارات، حتى فاقَ كل ما سبَق أو لحق به من كتُب سماوية أو أرضية في هذه الدراسات التي قام بها مؤيدوه ومُعارِضوه.
ومن هذه القضايا التي ثارَت من حوله قضية رسم الكلمات في كتابة المصحف التي اصطُلح على تسميتها بـ: "الرسم العثماني"؛ حيث ارتفعَت بعض الأصوات التي تُنادي بكتابة المُصحف بالرسم الإملائي الحديث، والتخلي عن الرسم العثماني، الذي لم يعُد - في رأيهم - صالحًا لهذا العصر.
وقد اخترتُ من هذه الأصوات، ذلك الكتاب الذي ألَّفه منذ نحو نصف قرن الأستاذ محمد محمد عبداللطيف تحت عنوان "الفرقان لابن الخطيب"، وأنا بهذا لم أقصد مناقشة الرجل، ولكن مناقشة "فِكره" الذي يُمثِّل أفكار فئة من الكتاب والمحللين، بدليل أني صرفت النظر عن كثير من سقطاته، التي خرَج فيها عن حدود الحوار العفِّ النزيه الذي يقصد به صاحبه تبيُّن وجه الحق في القضية التي كانت محلَّ المناقشة.
وكتاب "الفرقان لابن الخطيب" يُمثِّل الاتجاه الرافض للرسم العثماني أصدق تَمثيل، وقد ساق فيه مؤلفه من الأدلة والبراهين على صدق دعواه ما لم يُتَحْ لغيره؛ مما يمنَح القضية قدرًا أكبر من فُرَص التحليل، الذي يشفي الغلة، ويضَع الحق في نصابه، وسيدور موضوعنا في هذه القضية من خلال الرد على ما أورَدَه المؤلف في هذا الكتاب المُشار إليه.
ففي صفحة 57 من هذا الكتاب، وتحت عنون "أمية العرب" يذكر المؤلف - وهو يُمهِّد للطعن في الرسم العثماني - "أن العرب أمة أمية، لا عهد لها بالكتابة أو القراءة": "وليس هذا غمطًا لحقِّهم، ولا انتقاصًا لفَضلِهم؛ فهم من نعرف من النُّبل والفضل والسبق في الخيرات والمَكرُمات، لكنهم كانوا أميِّين قبل كل شيء، بل الأمية - التي نعتبرها نقصًا وسبَّةً للناس - هي إحدى مفاخرهم"، ثم يستدلُّ على ذلك بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((نحن أمَّة أميُّون لا نحسُب ولا نكتُب، الشهر هكذا وهكذا وهكذا))، وقبَض إبهامه في الثالثة؛ رواه أحمد في مسنده.
ثم يَستعرِض - في إيجاز شديد - كيف وُجدت الكتابة في الأمة الإسلامية، ومن هذا كله يَنطلِق المؤلف إلى الطعن الشديد في كتابة المُصحَف، مُشكِّكًا في صحة الرسم العثماني الذي أصبَح موضع تقدير واحترام من كافة المسلمين منذ أكثر مِن أربعة عشر قرنًا من الزمان وإلى الآن، يقول: "ولما كانت الكتابة بين العرب في أول عهدِهم بالإسلام، ولم يُتمُّوا إتقانها ومعرفة فُنونها وقَع في كتابة المُصحَف اختلاف كبير في وضع الكلمات من حيث صناعة الكتابة ورسمها، لا من حيث معاني الكلمات ومدلولها".
ثم يقول المؤلف في صفحة 60: "وإن الإملاء مهما تطوَّر رسمه، وتعدَّدت مناحيه فإنه لا يغير نطقًا، ولا يُحرِّف معنًى"، "وإذا سلَّمنا بما يقوله بعضهم من أن الرسم القديم يتَّفق مع كثير من القراءات، لوجَبَ علينا أن نكتب المصحف المصري بما يوافق اللهجة المصرية من القراءات، وإلا فكيف نُكلِّف العامة - بل الخاصة الذين لم يحفظوا القرآن - قراءة ما لم يُحيطوا به علمًا، ولم يَستطيعوا له فهمًا"؛ اهـ كلام المؤلف.
أما نحن فإن ردَّنا عليه يكون على النحو التالي:
أولاً: الأستاذ يدعي أن هناك مُصحفًا مصريًّا؛ بما يتضمَّن أن هناك مصحفًا سعوديًّا، وآخَر عراقيًّا، أو سوريًّا، وهكذا، وفاته أن المُصحف هو مصحف المسلمين كافة، وفي كل أرجاء المعمورة، ولا يُغيِّر من اسمه أن يُطبَع هنا أو هناك، والواقع خير شاهد على ذلك، فلقد قرأنا القرآن الكريم في المصحف الذي طُبع في مصر، والذي طبع في اليمن، والذي طُبِع في السعودية، والذي طبع في العراق، وهكذا، وها هو ذا المصحف تتبادله بطبعاته المختلفة دول العالم الإسلامي من شرقه إلى غربه، ومن شماله إلى جنوبه، أيًّا كانت الدار التي طُبع فيها، وهو يتوافق تمامًا مع الرسم العثماني، الذي يتَّسع للقراءات السبع المشهورة، فلا معنى لما يدَّعيه المؤلف من التخصيص المزعوم.
ثانيًا: إن مَن يقرأ عبارة المؤلف: "وإلا فكيف نُكلِّف العامة..." إلخ العبارة، يظنُّ أن المشكلة صعبة، وأن الرسم العثماني يقف عقبة كَأْدَاءَ لا يُمكِن تجاوزها، في طريق مَن يُقبِل على المصحف ليتعلم قراءة القرآن، في حين أن قراءة القرآن بلغَت من البساطة في تناولها حدًّا يدعو حقًّا إلى الإعجاب بهذا الكتاب المُعجِز من جانب إلى حدِّ الإبهار، والبسيط من جانب آخر إلى حد الإبهار أيضًا، ولقد صدق الله تبارك وتعالى: ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾ [القمر: 17، 22، 32، 40].
فمِن المَشاهِد المألوفة التي تقع عليها العين صباحَ مساء، في قُرانا ومدنِنا، وفي أحيائنا الشعبية أو الراقية أن ترى المرأة الشابة والفتاة التي في ريعان شبابها، والعجوز، والشيخ الفاني والطفل يَحمل مصحفًا ويقرأ فيه دون أدنى تعثر، كل ما هنالك، أن تعتاد أذنه سماع القرآن من "شيخٍ" مثلاً، أو أي رجل أو امرأة يُحسِن التلاوة، ليقرأ المزيد بعد ذلك دون أدنى عناء، ونحن - والحمد لله - نرى مشكلة التلقي الآن قد حُلَّت تمامًا بإذاعات القرآن الكريم، التي تغطي بإرسالها المتميز كل أرجاء العالم الإسلامي، وكان ذلك دليلاً صريحًا وواضحًا، على صدق الحق في بعض أوجه الإعجاز القرآني تتَّضِح مظاهره في النصف الثاني من القرن العشرين كما لم تتضح من قبل، والأيام حُبلى بالكثير، مما يُبرِز يومًا بعد يوم أن آفاق الإعجاز القرآني تتَفتَّق عن الجديد كل يوم في هذا الكتاب الأسنى، فإذا كان الله - سبحانه وتعالى - يقول: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9].
فإن مِن أسباب حفظه التي هيأها الحق - تبارك وتعالى - أن يسَّره للذكر؛ ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾ [القمر: 17، 22، 32، 40]، ويكون التيسير في كل عصر بما يحمل من وسائل، أما أولئك "الخاصة الذين لم يَحفظوا القرآن"، فلا شأن لنا بهم، وليس هناك مُشكِلة في طريقهم؛ وإنما مشكلتُهم من داخل حياتهم الخاصة، وليست مِن قِبَل الرسم العثماني، وأما الكلمات التي لا تتَّفق مع الرسم الإملائي المعروف فلا تُشكِّل أكثر من 2/1 % من كلمات القرآن الكريم، فيما لو تغاضَينا عن تكرارها، وقد أصبحَت معروفة تمامًا، ولا تُشكِّل أي عائق إلا في خيال المؤلف ومَن لفَّ لفَّه.
وفي استدلاله على وجوب كتابة المصحف بالرسم الإملائي الحديث يقول المؤلف صفحة 60: "قال أشهب - رضي الله تعالى عنه -: سئل مالك - رحمه الله تعالى -: أرأيت من استكتب مُصحفًا اليوم، أترى أن يكتب على ما أحدث الناس من الهِجاء؟ فقال: لا أرى ذلك، ولكن يُكتَب على الكَتْبَةِ الأولى، فسأله السائل عن نقط القرآن، فقال: أما الإمام من المصاحِف فلا أرى أن ينقط، ولا يزاد في المصاحف ما لم يكن فيها، وأما المصاحف التي يتعلم فيها الصبيان فلا أرى بذلك بأسًا".
ثم يعلق المؤلف على رأي مالك قائلاً (ص: 61، 62): "ومِن العجيب أن علماء الرسم، ومَن لفَّ لفَّهم، يُوردون من قول مالك - رضي الله تعالى عنه - ما يتَّفق ورأيهم، فيذكرون منه إلى قوله: ولكن يُكتَب على الكَتْبة الأولى، ويسكتون عن باقيه، وهو كتابة المصاحِف بالرسم الحديث لمن يتعلَّمون القرآن".
ويستمر قائلاً: "وقد أصبح الناس جميعًا في زماننا هذا - عالمهم وجاهلهم - في حكم الصبيان الذين يتعلمون القرآن، عدا بضع نفر ممَّن أكرمهم الله بفهمه"، "ونهْيُ مالك - رضي الله تعالى عنه - عن كتابته بخلاف الرسم الأول إنما هو نهيٌ عن التلاعُب بأصله، المؤدي لضياعه وتحريفه".
ثم يقول: "ونحن إذا جارينا علماء الرسم، واتَّبعنا مالكًا فيما أمر به ونهى عنه، لوجب علينا أن نتبعه أيضًا في عدم النقط، وعدم وضْع أية إشارة لم يضعْها عثمان - رضي الله تعالى عنه - في مُصحفِه، الذي أجمعت عليه الصحابة - رضوان الله تعالى عليهم.
"ولكن مالكًا - رضي الله تعالى عنه - [ولا يزال الكلام للمؤلف] قد أباح كتابته على الهِجاء الحديث، وأجاز نَقْطَه لمن يتعلَّمون القرآن ويتلقَّوْنه مع بقاء المصحف الإمام، والمحافظة على أصله كما هو، بدون نقْط ولا إحداث شيء فيه".
ثم يقول: "وهذا هو الرأي الذي نَستصوِبه، وندعو إليه، ونُرغِّب فيه، وهو أن يكتب المصحف الإمام كمصحف عثمان - رضي الله تعالى عنه - تمامًا، لا ينقط ولا يشكل ولا يدخل فيه ما ليس منه، ويبقى كأصل يُحفَظ أثرًا لبقاء الرسم الأول، وتُكتَب باقي المصاحف بالإملاء الحديث"؛ اهـ كلام المؤلف صاحب كتاب "الفرقان"، وعفوًا إن أطلتُ؛ فالقضية ذات شعب كثيرة، ولا بد من عرض وجهة نظر المؤلف بأمانة ووضوح؛ لتتمَّ مناقشتُها تفصيلاً، بما يترك وجهتي النظر أمام القارئ جليتين لا غموض فيهما، وفي تعليقنا على ذلك نقول:
أولاً: أورد المؤلف رواية مالك ليُدلِّل على جواز كتابة المصحف بالرسم الإملائي الحديث، مع أن هذه الرواية لا تَحمِل أي دليل على ذلك، كل ما تدل عليه أن مالكًا يرفض هذا الرأي؛ والعبارة صريحة في هذا الرفض: "لا أرى ذلك، ولكن يُكتَب على الكَتْبةِ الأولى"، فمن أين جاء المؤلف بجواز - ضرورة - كتابة المصحف بالرسم الإملائي الحديث من عبارة مالك؟!
أما ما يتعلق بنقط المصحف، فقد أجازَه مالك، فيما عدا المُصحَف الإمام، والغريب أن يقول المؤلف: "ولكنَّ مالكًا - رضي الله تعالى عنه - قد أباح كتابته على الهجاء الحديث، وأجاز نقطَه لمن يَتعلمون القرآن ويتلقَّونه".
إن الإمام مالكًا - رضي الله عنه - سُئل سؤالين: الأول عن الرسم، وكانت الإجابة برفض الرسم الإملائي الحديث صراحة، والثاني عن النَّقْط وكانت الإجابة بالموافَقَة فيما عدا المصحف الإمام، ولا أدري كيف فهم الأستاذ العبارة؟! مالك يقول عن النقط: "لا أرى بذلك بأسًا"، واسم الإشارة يعود على المسؤول عنه وهو النَّقط، فكيف ضمَّ إليه المؤلف ما سبَق أن رفضه الإمام؟ الله أعلم.
ثانيًا: لقد عُرف الإمام مالك - رضي الله عنه وأرضاه - بدقة روايته للحديث الشريف؛ حتى إنه كان يَروي الحديث قائلاً: عن فلان.. عن فلان.. عن فلان.. عن صاحب هذا المقام [ويشير إلى مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم] أنه قال كذا وكذا، وكانت هذه الإشارة إمعانًا منه في دقة الرواية، ومتانة التثبُّت فيما يرويه - رضي الله عنه - فلو كان الإمام يرى في المصحف خطأ يُهدِّد قدسيته، وحِفظ الله له، لما كان له أن يَسكُت، وكان جديرًا بأن يقف حياته كلها لإصلاحه، ولكان جديرًا بأن يستمع المسلمون جميعًا لما يُشير به، ألا نذكر هذه المقولة الشهيرة التي صارت مثَلاً يُضرَب على مرِّ التاريخ كله: "لا يُفتى ومالك بالمدينة"؟!
وغير معقول أن ما وصل إلى المؤلف من خبيء الأسرار، وغريب الأخبار، قد عزَّ وصوله لإمام المدينة - رضي الله عنه - وأجزل له المثوبة.
ثالثًا: يذكر المؤلف في صفحة 61 من كتابه المسمى "الفرقان" أن المصحَف العثماني كان محلَّ إجماع من الصحابة - رضوان الله عليهم - ثم يقول في صفحة 90 ضمن الفصل الذي عنون له بـ: "التناقض الموجود في رسم المصحف": "وقد جاء أن عثمان - رضي الله تعالى عنه - قال - حين عُرض عليه المصحف في كتبته الأخيرة -: "أرى فيه لحنًا، وستُقيمه العرب بألسنتها" الخطأ البادي في الهجاء، والتناقُض الموجود في رسم المصحف القديم"؛ اهـ كلام المؤلف، فهل معنى ذلك أن إجماع الصحابة قد انعقَد على أن هناك لحنًا في المصحف، ثم ترَكوه زعمًا منهم بأن من سيأتون بعدهم سيقومون بإصلاحه؟
ألا يعني ذلك أن عثمان والصحابة كانوا يعرفون وجه الصحَّة في ذلك؟ فلماذا ترَكوه إذًا؟ وهل كانوا على يقين مِن أن مَن سيأتون بعدهم، سيكونون "أكثر حرصًا منهم على سلامة الآيات"؟
إن هذا بالقطع يتنافى مع مفهوم قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)).
إذًا لا فكاك عندئذ مِن أحد احتمالين؛ إما أن يكون عثمان بن عفان يَجهل حقيقة موقعِه هو وصحابة الرسول من التاريخ الإسلامي، أو أن يكون خائنًا للأمانة التي نطَقَ به ورفاقه، ولسنا في حاجة لبيان بطلانها.
رابعًا: يعلن المؤلف في صفحة 62 أنه يَستصْوِب الرأي الذي يقول بضرورة تغيير الرسم في المصحف إلى ما يوافق الرسم الحديث، وعلى العموم - حرصًا مِنَّا على حرية الرأي - نحن لن نُعامِله نفس معاملته لمخالفيه في الرأي، ولن ننعتَه بشيء مما نعَتَهم هو به، مع أننا لا نوافقه؛ فهو رأي شخصي بحتٌ أملتْهُ عليه رؤيته الخاصة، التي لا تلزم أحدًا من المسلمين باتِّباعها، ولا تفسِّقه في نظر أحد.
أي إن ما نَعيبه عليه أنه يحمله على رأي الإمام مالك - رضي الله عنه - وهو كما رأينا بعيد كل البُعدِ عن منطوقه ومفهومه على السواء.
لقد أثبت الواقع المعيش أن هذه الكلمات التي تَختلِف في رسمها العثماني عن الرسم الإملائي المعتاد محدودة، وإن كانت مُكرَّرة، ولا تشكِّل أي عقبة أمام الناشئة في حفظ القرآن الكريم، فضلاً عن أن بها من الإشارات ما يدلُّ بوضوح على كيفية نُطقِها الصحيح، ولقد عرفنا منذ أن كنا أطفالاً صِغارًا في الكتاتيب أن هناك اختلافًا في رسم كلمات كذا وكذا، وهي خاصة بالخط العثماني في المصاحف، لا يُقاس عليها إملائيًّا، إذًا ليس هناك داعٍ لهذا التعديل المُقترَح من قِبَل بعض الناس؛ حتى لا يكون هذا التعديل بابًا من أبواب التعديلات، التي سوف ينادي بها كثير ممَّن ينتظرون مثل هذه اللحظة.
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك