08-27-2015, 03:20 PM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 376,634
|
|
خطر التأويل والقياس
يلاحظ المتأمل أن الناس يحترمون كلّ صاحب اختصاص...
فيحترمون اختصاص الطبيب؛ ويقولون: هو أعلم بوظيفته...
ويحترمون اختصاص المهندس؛ ويقولون: هو أخبر بعمله...
ويحترمون اختصاص الصانع؛ ويقولون: هو أحذق بصنعته...
إلا في الشريعة والأحكام الفقهية؛ فالكل يصبح فقيهًا...
وما إن تسأل سؤالاً في مجلسٍ إلا وتنهال عليك الأجوبة من كلّ حدبٍ وصوب؟!!
الكلّ (علماء)، (فقهاء)، (مُفتُون)، (خُبَراء) في الشريعة...
ولو سبرتَ حالهم لوجدتَ أحذقهم وأجلّهم لا يجيد قراءة القرآن بأحكام التجويد فضلاً عن حفظه؟!! فضلاً عن معرفة السنة وأحاديث الأحكام؟!! دعك عن أصول الفقه!! واختلاف العلماء!!
مع أنّ أخطر الكلام وأشنعه وأكثره مهلكةً للمرء... الكلام في الدين بلا علم...
فعليك الحذر من بابين خطيرين من أبواب الضلال:
الأول: باب التأويل: وهو أن تأتي لأحكام الله وشرائعه؛ فتتأولها بعقلك، وتفسرها بهواك؛ فتخبط فيها خبط عشواء؛ دون دليلٍ من قرآنٍ أو سنةٍ أو أثرٍ للصحابة، أو قولٍ للسلف.
والثاني: باب القياس: وهو أن تقيس (الدين) و (الشرع) بعقلك القاصر، دون أن يكون على القياس نورٌ وبرهانٌ من الكتاب والسنّة؛ وهذا هو القياس الفاسد.
وهل هلك إبليس إلا بالقياس الفاسد، قال تعالى: ﴿قال ما منعك ألّا تسجُد إِذ أمرتُك قال أنا خيرٌ مِنهُ خلقتنِي مِن نارٍ وخلقتهُ مِن طِينٍ﴾ [الأعراف: 12].
فكان هلاكه بسبب استخدامه القياس الفاسد في مقابل الأمر الإلـٰهي؛ لأنه رأى أن (النار) أشرف من (الطين)؛ وهذه حال كلّ من يعارض الشريعة والأحكام الدينية بعقلِه القاصر، وفهمِه الناقص، وقياسِه الفاسد.
وقد كان إمام السنّة؛ الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله- يقول: «أكثر ما يخطئ الناس من جهة: التأويل، والقياس».
قال شيخ الإسلام ابن تيميّة –رحمه الله- معلّقًا على هذا الكلام: «أهل البدع يفسرون القرآن برأيهم ومعقولهم وما تأوّلوه من اللغة؛ ولهذا تجدهم لا يعتمدون على أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين وأئمة المسلمين؛ فلا يعتمدون لا على السنة، ولا على إجماع السلف وآثارهم؛ وإنما يعتمدون على العقل واللغة، وتجدهم لا يعتمدون على كتب التفسير المأثورة والحديث وآثار السلف، وإنما يعتمدون على كتب الأدب وكتب الكلام التي وضعتها رءوسهم.
وهذه طريقة الملاحدة أيضا؛ إنما يأخذون ما في كتب الفلسفة وكتب الأدب واللغة، وأما كتب القرآن والحديث والآثار فلا يلتفتون إليها.
هؤلاء يُعرِضون عن نصوص الأنبياء إذ هي عندهم لا تفيد العلم، وأولئك يتأوّلون القرآن برأيهم وفهمهم بلا آثار عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه».
(مجموع الفتاوى) (7/ 119).
نعم هناك (تأويل صحيح) وهناك (قياس صحيح)؛ وهو الذي يستكمل الشروط الشرعية؛ ولكنه وظيفة العلماء الكبار، والأئمّة الأخيار، الذين يدركون مقاصد الشريعة؛ ويعرفون الأصول والفروع، والمحكم والمتشابه.
أما الأغمار والصغار، وقليلي العلم وقاصري الفهم؛ فهؤلاء وظيفتهم وواجبهم هو سؤال العلماء عن الحق؛ وقبوله منهم بدليله؛ لا أن يخوضوا ذلك بأنفسهم؛ فيهلكوا كما هلك إبليس وأتباعه.
قال تعالى: ﴿فاسألُوا أهلَ الذِّكرِ إِن كُنتُم لا تعلمُون﴾ [النحل: 43].
وفقكم الله تعالى
المصدر... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|