06-30-2015, 05:13 AM
|
مدير عام
|
|
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 356,127
|
|
(12) خلا لكِ الجوّ
(12) خلا لكِ الجوّ
صالح الشناط (أبو عبد الرحمن)
إذا ما كانت الشياطين قد صفدت في شهر رمضان، فمن أين تأتي الوساوس والخطرات والهم بالسوء، بل وفعل السوء نفسه؟!
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وسلسلت الشياطين". وفي رواية للنسائي: "وتغل فيه مردة الشياطين". والمردة جمع مارد وهو المتجرد للشر.
وحقيقة أن هناك اختلاف بين أهل العلم حول تصفيد الشياطين، فبعضهم لا يرى انقطاع شرورها بالكامل، قال الحافظ ابن حجر نقلاً عن الحليمي: "يحتمل أن يكون المراد "أن الشياطين لا يخلصون من افتتان المسلمين إلى ما يخلصون إليه في غيره لاشتغالهم بالصيام والذي فيه قمع الشهوات وبقراءة القران والذكر.
إذاً هناك سطوة أقل للشياطين على الإنس في رمضان، وربما تنعدم بالكلية كما قال بعض أهل العلم، ولكن ما يعنينا هو الحديث عن النفس وشرورها، فبعض الناس يعمل "السبعة وذمتها"، كما يقال، ثم يرد ذلك إلى الشيطان ولا يدري أن النفس فيها من الشرور ما لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: "في النفس كبر إبليس، وحسد قابيل، وعتو عاد، وطغيان ثمود، وجرأة النمرود، واستطالة فرعون، وبغي قارون، وقحمة هامان، وهوى بلعام، وحيل أصبحاب السبت، وتمرد الوليد، وجهل أبي جهل. وفيها من أخلاق البهائم حرص الغراب، وشرة الكلب، ورعونة الطاووس، ودناءة الجعل، وعقوق الضب، وحقد الجمل، ووثوب الفهد، وصولة الأسد، وفسق الفأرة وخبث الحية، وعبث القرد، وجمع النملة، ومكر الثعلب، وخفة الفراش ونهوم الضب. غير أن الرياضة والمجاهدة تذهب ذلك، لكن من استرسل مع طبعه فهو من هذا الجند.
ولو تأملت أيها المبارك في كتاب الله لوجدت أن عدة معاصي ذكرت فيه سببها النفس لا للشيطان.
فامرأة العزيز قالت بعد أن همّت بفعل الفاحشة مع يوسف عليه السلام ثم أعرضت "وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء". والسامري الذي صنع العجل لبني إسرائيل ليعبدوه لما غاب عنه موسى عليه ثم عاد قال؛ أي السامري: "وكذلك سولت لي نفسي". وقابيل بعد أن قتل أخاه هابيل قال الله عنه: "فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين".
فهذه أيها السادة معاصٍ ثلاث أسند سببها إلى النفس، فحذار من النفس وشرورها وطغيانها. ورمضان فيه فرصة ربما أكثر من غيره لتهذيب النفس وتربيتها ومعرفة عيوبها وشرورها، فغياب أو قلة وسوسة الشياطين تتيح الفرصة لذلك. تقبل الله منكم وكفاكم شرور النفس والشياطين.
المصدر... ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
|