شبكة ربيع الفردوس الاعلى

شبكة ربيع الفردوس الاعلى (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/index.php)
-   الموسوعة الضخمة مواضيع اسلامية هامة جداااااااااااااااااااااااا (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/forumdisplay.php?f=294)
-   -   شهر الصيام (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/showthread.php?t=48640)

منتدى فرسان الحق 07-23-2014 10:00 PM

شهر الصيام
 



شهر الصيام



الشيخ عبدالوهاب خلاف





قال الله تعالى وهو أصدق القائلين: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ﴾ [البقرة: 185].

شهر رمضان هو الشهر الذي أنعم الله فيه على المسلمين بأجل نعمة، ووضع لهم فيه أساس البداية والسعادة، فيه اصطفى محمداً ليكون رسولا إلى خلقه وابتدأ الوحي إليه بالقرآن الكريم والفضل العظيم ليخرج الناس من الظلمات إلى النور ويهديهم إلى الصراط المستقيم في عقائدهم وأخلاقهم وعاداتهم ومعاملاتهم.

فشهر رمضان هو الشهر الذي ابتدأ فيه الغيث العميم بعد الجدب الشديد. وبزغ فيه النور الساطع بعد الظلام الحالك، ووضحت فيه معالم الهدى بعد طول الحيرة والضلال؛ فهو عيد الدستور الإسلامي وفاتحة عهد الخير والبر للمصلحين وللناس أجمعين.

من أجل هذا كرمه الله بآيات من التكرم؛ وجعل أيامه من شعائر الدين؛ فأولى آيات تكريم الله لهذا الشهر المبارك أنه جعله موعد العبادة التهذيبية والرياضة النفسية فقال جل ثناؤه ﴿ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ﴾ وبيّن بلسان رسوله أن من قواعد الإسلام صوم رمضان؛ والصوم هو كف النفس عن الطعام والشراب والشهوات من قبيل طلوع الفجر إلى غروب الشمس.

فالله سبحانه أراد أن يكون المسلم في هذا الشهر الكريم في مستوى ملائكي. مقاوماً نفسه الأمارة بالسوء؛ كابحاً جماع شهواته، ناصراً إرادته وعزيمته على حيوانيته؛ تاركا ما اعتاده من ترف ومتعة امتثالا لأمر الله، مشاركا الجائعين والمحرومين ابتغاء مرضاة الله.

ومن آيات تكريم الله لهذا الشهر المبارك أنه جعله موسم الخير ومغنم الفضل للطائعين وللعاصين.

جعل للطائعين موسم الاستزادة من فضله والفوز بالمزيد من أجره وثوابه. فضاعف جزاء العامل فيه وأتاه من لدنه الأجر العظيم.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله تعالى: إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به».

وجعله للمذنبين موسم العفو والصفح والمغفرة والرحمة وقبول التوبة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر. والإمام العادل. ودعوة المظلوم». وقال صلى الله عليه وسلم: «إذا جاء رمضان فتحت أبواب الرحمة». وقال عليه السلام: «من صام رمضان إيماناً واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه».

ومن آيات تكريم الله لهذا الشهر المبارك أن جعل فيه ليلة خير من ألف شهر وأخفاها ولم يعينها أية ليلة هي من لياليه ليحيي المسلم كل لياليه، وليتقرب إليه بالمبرات والقربات في كل أوقاته ليكون الشهر كله شهر الخير والبر والطاعة والعبادة.

ومن رحمة الله بعباده وكمال نعمته عليهم أنه لم يكلف نفساً إلا وسعها ولم يحمل أحداً ما لا طاقة له به. وأنه جمع في هذه العبادة التهذيبية بين إصلاح النفوس وبين اليسر ورفع الحرج. وقال عز من قائل: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾ [البقرة: 185].

ولهذا قسم سبحانه المسلمين في رمضان إلى طوائف ثلاث:

1 - فمن كان مريضاً والصوم يشق عليه أو يزيد مرضه أو يبطئ شفاءه أباح الله له أن يفطر ثم يقضى بعد رمضان ما أفطره من أيام رمضان بعد أن يتم له الشفاء، وكذلك من كان مسافراً ويجد في الصوم حال السفر أية مشقة أباح الله له بأن يفطر ثم يقضي بعد رمضان ما أفطره من أيام رمضان وكذلك الحامل التي تخشى من الصوم على نفسها أو جنينها، والمرضع التي تخشى من الصوم على نفسها أو رضيعها أباح الله لكل منهم أن يفطر ثم يقضي بعد ذلك. ذلكم قول الله تعالى: ﴿ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾.

2 - ومن لم يكن مريضاً ولا مسافراً ولكنه يجد في الصوم مشقة عليه لشيخوخته أو هزاله أو حال مزمنة عنده يشق معها الصوم عليه أباح الله له أن يفطر وعليه أن يفدي عن كل يوم أفطره بإطعام مسكين وهذا هو عدل الله ورحمته لأن أمثال هؤلاء المسنين أو الضعفاء لا يرجى أن يكونوا بعد رمضان أحسن حالاً منهم في رمضان. فلهذا لم يوجب عليهم الله أن يقضوا بعد رمضان ما أفطروه من رمضان وإنما أوجب عليهم إطعام المساكين عوضاً عن فطورهم فهو بهذا يسر على عباده ورحم فقراءهم ذلك قول الله عز شأنه: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾ فالذين أباح لهم الفطر في رمضان وأوجب عليهم القضاء بعده هم ذووا الأعذار الوقتية. والذين أباح لهم الفطر في رمضان وأوجب عليهم الفدية دون القضاء هم ذووا الأعذار الدائمة، ومع أنه سبحانه رخص في الإفطار لمن به عذر وقتي أو عذر دائم ولم يوجب عليه الصوم أرشدهم إلى أن يقدروا حالهم ويستفتوا أنفسهم ولا يفطروا إلا لدفع ضرر لأن الصوم خير لهم وذلك قول الله تعالى: ﴿ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ ﴾.

3 - ومن لم يكن له عذر وقتي ولا عذر دائم فرض الله عليه صوم رمضان وحرم عليه أن يفطر وورد في السنة – الوعيد الشديد لمن أفطر عامداً في رمضان من غير مرض ولا رخصة.

ومما يحزن أن بعض الصاحين الأصحاء يفطرون عمداً في رمضان ولا عذر فيهم إلا الإسراف في الترف وضعف الإرادة في مقاومة الشهوات والرغبات. فمنهم من يفطر ولا يستتر بل يفطر عامداً مجاهراً مستهتراً. ومنهم من لا يكتفي بفطره عمداً جهاراً واستهتاراً بل ينقد الصوم ويسخر من الصائمين. هؤلاء الذين طمست عليهم شقوتهم وزين لهم الشيطان سوء عملهم أحق المسلمين بأن نرثى لحالهم. ومن يضلل الله فلا هادي له.

المصدر: مجلة كنوز الفرقان؛ العددان: (التاسع والعاشر)؛ السنة: (الثالثة)











الساعة الآن 04:18 PM

Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات

mamnoa 2.0 By DAHOM