شبكة ربيع الفردوس الاعلى

شبكة ربيع الفردوس الاعلى (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/index.php)
-   الموسوعة الضخمة مواضيع اسلامية هامة جداااااااااااااااااااااااا (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/forumdisplay.php?f=294)
-   -   كلمة في الصيام (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/showthread.php?t=44193)

منتدى فرسان الحق 07-10-2014 02:40 AM

كلمة في الصيام
 








كلمة في الصيام[1]








د. محمد سعيد السيوطي







جاء الصيامُ فجاء الخير أجمعُهُ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

ترتيلُ ذكر وتحميد وتسبيحُ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif




فالنفس تدأب في قولٍ وفي عملٍ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

صوم النهار وبالليل التراويحُ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif









إن أعظم كلمة تثبت لنا أهمية الصوم هو الحديث الشريف الآتي: ((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً))، فقد جعل النبي عليه الصلاة والسلام الصيام قاعدة من القواعد الخمس التي بني عليها الإسلام، والصيام عند المسلمين هو عبارة عن الإمساك عن المفطرات، وهي: الأكل والشرب والوِقاع طوال النهار الشرعي؛ أي: من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ونظرًا لفوائد الصوم الكثيرة فرضه الله على الأمم السالفة كما فرضه على المسلمين؛ قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]؛ فالصوم بكسره شهوة البطن والفرج رادعٌ عن ارتكاب المحارم، ومورثٌ للتقوى، ويؤيد ذلك حديثُ: ((عليكم بالباءة، فمن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاءٌ)؛ أي: بمثابة الإخصاء القاطع للشهوة.





والصيام لغة: الإمساك، وهو اسمٌ، وسمي شهر الصيام بشهر الصبر أيضًا، كما ورد في الحديث الشريف الآتي: ((صومُ شهر الصبر وثلاثة أيام من كل شهر يذهِبْن وَحَر الصدر))؛ أي: شدة ألمه وغيظه.





وورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((هذا رمضانُ قد جاء، تفتحُ فيه أبوابُ الجنة، وتغلقُ فيه النار، وتغلُّ فيه الشياطينُ، بعدًا لمن أدرك رمضان فلم يُغفَر له، إذا لم يغفر له فمتى؟)).





والحكمة في مشروعية الصوم إنما هي لتطهير الجسم ظاهرًا وباطنًا، وتطهير الجسم ظاهرًا يكون بإحراق فضلات الطعام، وتخليص الجسم من تراكم السموم التي تسبِّب التسمُّم الذاتي، كما أن إحراق الفضلات الغذائية يمنع الوقوعَ بأمراض بطاءة التغذي كالتشحم والنقريس والرثية من أمراض المفاصل والاستحالات الضارة، ويحول دون الشيخوخة المبكرة؛ فالصوم يقوم بذلك كله، وعليه فهو أحسن وسيلة لإطالة العمر والتنعم بصحةٍ جيدة.





وقد استنتجتُ من الحديث الشريف الآتي: ((صومُ شهر رمضان بعشرة أشهر، وصيام ستة أيام بشهرين، فذلك صيام السنة))، بأن صومَ كل يوم يطهر الجسم من فضلات عشرة أيام.





فصوم شهر رمضان يحرقُ فضلات عشرة أشهرٍ، ويطهِّر الجسم منها، وصومُ ستة أيامٍ بعده يطهر الجسم من فضلات شهرين، وذلك تمام السنة، وتبين مما تقدم أن صيام شهر في السنة لا بد منه لتطهير الجسم من الفضلات والسموم؛ لذلك جعله الشارع المعظم فرض عين، فأمر بصيام شهر رمضان؛ لأن كل جسم يحتاج إلى هذا التطهير احتياجًا مبرمًا أقل مدة شهر في السنة، ويمكن الاستفادة من الصيام في مداواة مرض توسع المعدة، فإن الصيام هو الدواء الوحيد لتضميرها.





وقد ثبت بالتجارِب أن أمراض المعدة والأمعاء تحسَّنت حالة المرضى المصابين بها إلى درجة الشفاء التام بالصيام الذي نشط الأحشاء، وقوى الغدد الهضمية، وأصلح الهضم، وكذا شوهدت نتائجُ حسنةٌ جدًّا بمداواة المصابين بالبدانة وفرط السِّمَن بالصيام الذي ساعد على إحراق الشحم الزائد، فعاد بذلك الجسم لسابق خفته ورشاقته.





إن ما أتيت على ذِكره إنما هي فوائد الصوم الجسمية الظاهرة، وأما فوائده المعنوية الباطنة فهي تعليمه وتمرينه الإنسان الصبر على الشدائد، وكبح جماح النفس الأمارة بالسوء، واجتناب الشهوات الحائلة بين الإنسان وتكامله الروحي، وتعليمُ أفراد الأمة المساواة العملية بين الفقراء والأغنياء في تذوق طعم الجوع ومرارته، والانطباع على مخالفة العادات وتحمل المكاره، والاتصاف بعلو الهمة، الأمر الذي يجعل الأمة تصمُدُ كالجبال الراسية، فلا تجزع ولا تضطرب من حادثات الدهر المفاجئة مهما كانت عظيمة، ولا يؤثر عليها فقدُ المألوفات، وضياعُ الأموال، كما أنه يهون على الأمة بيع الأرواح لدى الاقتضاء في سبيل الذود عن الوطن والقيام بواجب الدفاع المقدس عنه.





ولا يخفى أن الانتحار إنما يشاهد في الجزعين الفاقدين لمزية الصبر على المصائب من أفراد الأمم، الضعيفي الإرادة؛ ولذلك يندر جدًّا مشاهدةُ مرض الانتحار في جماعات المسلمين، مع أنه يشاهد بكثرةٍ في غيرهم من الأمم، فبالصوم تنصقل روح الصائم، ويستنير عقله، ويصفو قلبهُ، لذلك نسَبه الحق جل وعلا لنفسه دون سائر أعمال العبودية، كما ورد في الحديث الشريف: ((كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به))؛ فالصومُ أعظم عملٍ يُتقرَّب به إلى الله إذا أتى به الإنسان على وجهه المطلوب وآدابه المقررة، كما في الحديثين الشريفين الآتيين: ((الصيام جُنةٌ، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابَّه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم))، و((من لم يدَعْ قول الزور والعملَ به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه))، صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.





ونظرًا لأن الصوم من أعظم الأعمال التي يُتقربُ بها إلى الله، فقد سنَّ الشارع المعظم الصيام في غير شهر رمضان المبارك، كما يتبين من الأحاديث الآتية: ((صوم شهر الصبر وثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر))، وورد: ((صوموا أيام البيض: ثلاثة عشر وأربعة عشر وخمسة عشر، هن كنز الدهر)).





وورد: ((أفضل الصوم صوم أخي داود، كان يصوم يومًا ويُفطِر يومًا، ولا يفرُّ إذا لاقى)).





فهذه السنن والمندوبات في الصوم إنما ندب إليها النبي عليه الصلاة والسلام وسنَّها للأمة للاستزادة من الصحة الجسمية والنشاط الرُّوحي والوصول للقُرب الإلهي، وفي ذلك جماع خيري الدنيا والآخرة.





المصدر: مجلة التمدن الإسلامي، السنة الخامسة، العدد السابع والثامن، 1358هـ - 1939م






[1] ألقيت باسم الجمعية في بهو المجمع العلمي العربي في أول جمعة من رمضان.
















الساعة الآن 05:16 AM

Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات

mamnoa 2.0 By DAHOM