شبكة ربيع الفردوس الاعلى

شبكة ربيع الفردوس الاعلى (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/index.php)
-   الموسوعة الضخمة المتنوعة ----------- مقالات هامة كلمات من ذهب (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/forumdisplay.php?f=22)
-   -   كتاب " كشف الكربة في وصف أهل الغربة" لابن رجب (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/showthread.php?t=279870)

ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران 04-15-2017 12:49 AM

كتاب " كشف الكربة في وصف أهل الغربة" لابن رجب
 
بسم الله الرحمن الرحيم

الإمام الحافظ أبي الفرج ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالي من اكابر علماء الاسلام .الف مألفات كثيرة.
كتاب" كشف الكربة في وصف أهل الغربة" من مألفاته المهمة.

قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالي في كتابه " كشف الكربة في وصف أهل الغربة"

تقسيم حملة العلم

ومن هذا المعنى ما رواه أبو نعيم وغيره عن كميل بن زياد عن علي بن أبي طالب
أنه قال:


الناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل صائح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجئوا إلى ركن وثيق،...

ثم ذكر كلاما في فضل العلم إلى أن قال: هاه إن ههنا لعلما جما - وأشار بيده إلى صدره - لو أصبت له حمله، بل أصيب لَقِنا غير مأمون عليه مستعملا آلة الدين للدنيا، ومستظهرا بنعم الله على عباده وبحججه على أوليائه أو منقادا لحملة الحق لا بصيرة في أحنائه، ينقدح الشك في قلبه لأول عارض من شبهة، ألا لا ذا ولا ذلك، أو منهوما باللذة سلس القيادة للشهوة، أو مغرما بالجمع شيء شبها بهما الأنعام السائمة، كذلك يموت العلم بموت حامليه، اللهم بلى لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة إما ظاهرا مشهورا أو خائفا مغمورا لئلا تبطل حجج الله وبيناته، وكم ذا وأين أولئك؟ والله الأقلون عددا والأعظمون عند الله قدرا، يحفظ الله بهم حججه وبيناته حتى يودعوها نظراءهم ويزرعوها في قلوب أشباههم، هَجَم بهم العلم على حقيقة البصيرة، وباشروا روح اليقين واستلانوا ما استوعره المترفون، وأنسوا بما أستوحش منه الجاهلون، وصحبوا الدنيا بأبدان أرواحها متعلقة بالمحل الأعلى، أولئك خلفاء الله في أرضه والدعاة إلى دينه، آه آه شوقا إلى رؤيتهم. انصرف إذا شئت.


"فقسم أمير المؤمنين - رضي الله عنه -
حملة العلم إلى ثلاثة أقسام : قسم هم أهل الشبهات وهم من لا بصيرة له من حملة العلم ينقدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة ، فتأخذه الشبهة فيقع في الحيرة والشكوك ، ويخرج من ذلك إلى البدع والضلالات .

وقسم هم أهل الشهوات وحظهم نوعان :
أحدهما من يطلب الدنيا بنفس العلم ، فيجعل العلم آلة لكسب الدنيا ، والثاني من همه جمع الدنيا واكتنازها وادخارها ، وكل أولئك ليسوا من رعاة الدين وإنما هم كالأنعام ، ولهذا شبه الله تعالى من حُمَّل التوراة ثم لم يحملها بالحمار الذي يحمل أسفاراً ، وشبه عالم السوء الذي انسلخ من آيات الله وأخلد إلى الأرض واتبع هواه بالكلب ، والكلب والحمار أخس الأنعام وأضل سبيلاً .

والقسم الثالث من حملة العلم هم أهله وحملته ورعاته والقائمون بحجج الله وبيناته ، وذكر أنهم الأقلون عدداً ، الأعظمون عند الله قدراً ، إشارة إلى قلة هذا القسم وغربته من حملة أهل العلم .

وقد قسم الحسن البصري - رضي الله عنه -
حملة القرآن إلى قريب من هذا التقسيم الذي قسمه علي رضي الله عنه لحملة القرآن .
قال الحسن :
قُراء القرآن ثلاثة أصناف : صنف اتخذوه بضاعة فيتأكلون به ، وصنف أقاموا حروفه وضيعوا حدوده واستطالوا به على أهل بلادهم واستندوا به لطلب الولاية ، أكثر هذا الضرب من حملة القرآن لا كثرهم الله ، وضرب عمدوا إلى دواء القرآن فوضعوه على داء قلوبهم فركدوا به في محاريبهم وحنوا به برانسهم واستشعروا الخوف ، وارتدوا الحزن ، فأولئك الذين يسقي الله بهم الغيث وينصر بهم على الأعداء ، والله لهؤلاء الضرب في حملة القرآن أعز من الكبريت الأحمر بين قراء القرآن .
فأخبر أن هذا القسم - وهم قراء القرآن - جعلوه دواء لقلوبهم فأثار لهم الخوف والحزن وأعز من الكبريت الأحمر بين قراء القرآن .

ووصف أمير المؤمنين - رضي الله عنه - هذا القسم من حملة العلم بصفاتٍ منها أنه هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة ، ومعنى ذلك أن العلم دلهم على المقصود الأعظم وهو معرفة الله فخافوه وأحبوه حتى سهل ذلك عليهم كما ما تعسر على غيرهم ، فلم يصل إلى ما وصلوا إليه ممن وقف مع الدنيا وزينتها وزهرتها واغتر بها ولم يباشر قلبه معرفة الله وعظمته وإجلاله ، واستلانوا ما استوعر منه المترفون ، فإن المترف الواقع مع شهوات الدنيا ولذاتها يصعب عليه ترك لذاتها وشهواتها لأنه لا عوض عنده من لذات الدنيا إذا تركها ، فهو لا يصبر على تركها ، فهؤلاء في قلوبهم العوض الأكبر بما وصلوا إليه من لذة معرفة الله ومحبته وإجلاله

كما كان الحسن يقول :
إن أحباء الله هم الذين ورثوا طيب الحياة وذاقوا نعيمها بما وصلوا إليه من مناجاة حبيبهم وبما وجدوا من لذة حبه في قلوبهم . . . من كلامٍ يطول ذكره في هذا المعنى ، وإنما أنس هؤلاء بما استوحش منه الجاهلون لأن الجاهلين بالله يستوحشون من ترك الدنيا وشهواتها لأنهم لا يعرفون سواها ، فهي أًنسهم ، وهؤلاء يستوحشون من ذلك ويستأنسون بالله وبذكره ومعرفته ومحبته وتلاوة كتابه ، والجاهلون بالله يستوحشون من ذلك ولا يجدون الأنس به .

ومن صفاتهم التي وصفهم بها أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه -
أنهم صحبوا الدينا بأبدان أرواحها معلقة بالنظر الأعلى ، وهذا إشارة إلى أنهم لم يتخذوها وطناً ولا رضوا بها إقامة ولا مسكناً ، إنما اتخذوها ممراً ولم يجعلوها مقراً ، وجميع الكتب والرسل أوصت بهذا ،

وقد أخبر الله تعالى في كتابه عن مؤمن آل فرعون أنه قال لقومه في وعظه لهم :
{ يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار } [ غافر : 39 ] ،

وقال النبي صلى الله عليه وسلم لاين عمر :
(كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ، فكأنك بالدنيا ولم تكن ، وبالآخرة ولم تزل ) .
وفي رواية : ( وعد نفسك من أهل القبور ) .
ومن وصايا المسيح المروية عنه عليه السلام أنه قال لأصحابه :
اعبروها ولا تعمروها .
وعنه عليه السلام أنه قال :
من الذي يبني على موج البحر داراً ؟! تلك الدنيا فلا تتخذوها قراراً .
فالمؤمن في الدنيا كالغريب المجتاز ببلدة غير مستوطن فيها ، فهو يشتاق إلى بلده وهمه الرجوع إليه والتزود بما يوصله في طريقه إلى وطنه ، ولا يُنافس أهل ذلك البلد المستوطنين فيه في عزهم ، ولا يجزع مما أصابه عندهم من الذل .

قال الفضيل بن عياض :
المؤمن في الدنيا مهموم حزين همه مرمة جهازه .

وقال الحسن :
المؤمن في الدنيا كالغريب لا يجزع من ذلها ، ولا ينافس في عزها ، له شأن وللناس شأن .
وفي الحقيقة فالمؤمن في الدنيا غريب لأن أباه لما كان في دار البقاء ثم خرج منها فهمه الرجوع إلى مسكنه الأول ، فهو أبداً يحن إلى وطنه الذي أُخرج منه

كما يقال : " حب الوطن من الإيمان "

وكما قيل :
كم منزل في الأرض يألفه الفتي * وحنينه أبداً لأول منزل

ولبعض شيوخنا في هذا المعنى :
فحي على جنات عدن فأنها * منازلك الأولى وفيهم المخيم
ولكننا سبي العدو فهل ترى * نعود إلى أوطاننا ونسلم
وقد زعموا أن الغريب إذا نأى * وشطت به أوطانه فهو مغرم
فأي اغتراب فوق غربتنا التي * لها أضحت الأعداء فينا تحكم


والمؤمنون في هذا القسم أقسام :
منهم من قلبه معلق بالجنة ، ومنهم من قلبه معلق عند خالقه وهم العارفون ، ولعل أمير المؤمنين - رضي الله عنه - إنما أشار إلى هذا القسم . فالعارفون أبدانهم في الدنيا وقلوبهم عند المولى .

وفي مراسيل الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم يرويه عن ربه : ( علامة الطهر أن يكون قلب العبد عندي معلقاً ، فإذا كان كذلك لم ينسني على كل حال ، وإن كان كذلك مننت عليه بالاشتغال بي كي لا ينساني ، فإذا لم ينسني حركت قلبه ، فإذا تكلم تكلم بي ، وإذا سكت سكت بي ، فذلك الذي تأتيه المعونة من عندي ) .

وأهل هذا الشأن هم غرباء الغرباء ، غربتهم أعز الغربة ، فإن الغربة عند أهل الطريقة غربتان : ظاهرة وباطنة .
فالظاهرة : غُربة أهل الصلاح بين الفساق ، وغربة الصادقين بين أهل الرياء والنفاق ، وغربة العلماء بين أهل الجهل وسوء الأخلاق ، وغربة علماء الآخرة بين علماء الدنيا الذين سُلبوا الخشية والإشفاق ، وغربة الزاهدين بين الراغبين فيما ينفد وليس بباق .

وأما الغربة الباطنة : فغربة الهمة ، وهي غربة العارفين بين الخلق كلهم حتى العلماء والعباد والزهاد ، فإن أولئك واقفون مع علمهم وعبادتهم وزهدهم ، وهؤلاء واقفون مع معبودهم لا يعرجون بقلوبهم عنه .

فكان أبو سليمان الداراني يقول في صفتهم :
وهمتهم غير همة الناس وإرادتهم الآخرة غير إرادة الناس ، ودعاؤهم غير دعاء الناس .

وسُئل عن أفضل الأعمال فبكى وقال : أن يطلع على قلبك فلا يراك تريد من الدنيا والآخرة غيره .

وقال يحيى بن معاذ :
الزاهد غريب الدنيا ، والعارف غريب الآخرة .
يشير إلى أن الزهد غريب بين أهل الدنيا ، والعارف غريب بين أهل الآخرة ، لا يعرفه العباد ولا الزهاد ، وإنما يعرفه من هو مثله وهمته كهمته .
وربما اجتمعت للعارف هذه الغربات كلها أو كثير منها أو بعضها فلا يسأل عن غربته ، فالعارفون ظاهرون لأهل الدنيا والآخرة .

قال يحيى بن معاذ :
العابد مشهور والعارف مستور ، وربما خفي حال العارف على نفسه لخفاء حالته وإساءة الظن بنفسه ."



.

المصدر...

الصفا والمروه 06-23-2017 05:42 PM

افضل شركة تنظيف ومكافحة حشرات بالمنطقة الشرقية
شركة المثالي جروب
اتصل الان واحصل علي خصم 30%
جوال 0557651346

يمنى هشام 04-16-2018 01:16 PM

بارك الله فيك


الساعة الآن 09:08 AM

Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات

mamnoa 2.0 By DAHOM