شبكة ربيع الفردوس الاعلى

شبكة ربيع الفردوس الاعلى (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/index.php)
-   تفريغ المحاضرات و الدروس و الخطب ---------- مكتوبة (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/forumdisplay.php?f=350)
-   -   النهي عن السب واللعن (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/showthread.php?t=262986)

ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران 04-01-2016 12:27 PM

النهي عن السب واللعن
 
النهي عن السب واللعن


الشيخ عبدالعزيز بن محمد العقيل






الحمد لله الذي طَهَّرَ ألسنةَ المؤمنين الصادقين عن رديء الكلام، ونهى عن القول الفاحش والبذيء والوقوع في الحرام، ونهى عن السبِّ واللَّعن ففاز مَن صانَ لسانه عن الوُقوع في الآثام.



أحمد - سبحانه - حمْد عبدٍ وفَّقه مولاه لطيب الكلام، وأشكره وشكري له من نعمه العظام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله سيد الأنام، المبعوث ليُتمِّم مكارم الأخلاق، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه البررة الكرام، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.



أمَّا بعدُ: فيا عبادَ الله:

اتَّقوا الله - تعالى - واحذَروا من والوقوع فيما حرَّم الله عليكم من الكلام، واعلَموا أنَّ لعْن المؤمن حَرام، وسبابه فُسوق، وقد تهاوَن الكثير بهذا الحرام، وأصبح جارياً على ألسنتهم، مُستَساغًا لديهم، لا تشمئزُّ منه نفوسهم، ولا تَأباه طِباعهم، وشبَّ عليه الصغير، وهرم عليه الكبير، واعتادَتْه المرأة، وتداوَلَه الصبيان.



عباد الله:

لقد فسدت الأخلاق، وتنافَرت النفوس، وتباغَضت القلوب؛ بسبب البُعد عن آداب الإسلام وأخلاقه، والوقوع في الرذائل، وتبادل السباب والشتائم، حتى أصبح ذلك تحيَّة الكثير ممَّن ساءتْ أخلاقه، وشذَّت طباعة، فنجد الكثيرَ منهم عندما يتقابَلون يتبادَلون الشتائم والسباب واللعن ويتضاحَكون، قد ماتت قلوبهم؛ فلا يَشعُرون بما يفعلون، لقد استبدلوا تحيَّة الإسلام، وتعاليم سيد الأنام، بتحية مَن ضل عن السبيل، وأطاع الشيطان الرجيم.



قال - سبحانه وتعالى -: ﴿ فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً ﴾ [النور: 61].



وقال: ﴿ وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ﴾ [النساء: 86].



وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا تدخُلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابُّوا، أوَلا أدلُّكم على شيءٍ إذا فعلتموه تحابَبْتم، أفشوا السلام بينكم))[1]؛ رواه مسلم.



فالسلام يا عبادَ الله اسمٌ من أسماء الله - تعالى - ودعاء للمُسلَّم عليه بالسلامة، يجلب التحابَّ والتآلف والتآخِي بين مفشيه ومُتَبادِليه، حتى ولو لم يعرف بعضهم البعض الآخر.



أمَّا اللعن فهو الطرد والإبعاد من رحمة الله، وهو التقاطع، والتدابر، والتنافر، حتى ولو تقاربت الأجسام، وتحذلقت الألسن، فنارُه تحت رَماده، وعقابه في عاجله وآجله.



قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((سِبابُ المسلم فسوقٌ وقتله كفر))[2]؛ متفق عليه.



وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم - في حديث متفق عليه: ((لعْن المؤمن كقتْله))[3].



وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا يكونُ اللعانون شُفَعاء ولا شُهَداء يوم القيامة))[4]؛ رواه مسلم.



وفي حديثٍ: ((ليس المؤمن بالطعَّان ولا اللعَّان، ولا الفاحش ولا البَذِيء))[5]؛ رواه الترمذي وقال: حديث حسن.



وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ العبد إذا لعن شيئًا صعَدتْ إلى السماء فتُغلَق أبواب السماء دونها، ثم تهبط إلى الأرض فتُغلَق أبوابها دونها، ثم تأخذ بمينًا وشمالًا، فإذا لم تجد مساغًا رجعت إلى الذي لُعن، فإنْ كان أهلاً لذلك وإلا رجعت إلى قائلها))[6]؛ رواه أبو داود.



وقد عاقب النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - مَن لعنتْ ناقتها، بأنْ سلبها إياها؛ فعن عمران بن الحصين - رضِي الله عنهما - قال: بينما رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في بعض أسفاره وامرأةٌ من الأنصار على ناقةٍ فضجرت، فلعنَتْها، فسمع ذلك رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: ((خُذُوا ما عليها ودعوها؛ فإنها ملعونة))[7]، قال عمران: فكأني أراها الآن تمشي في الناس ما يعرض لها أحد؛ رواه مسلم.



واحذَروا من الوقوع في هذا المحرَّم، وصونوا ألسنتكم عن القول الفاحش، واربَؤُوا بأنفسكم عن الأخلاق الرذيلة، وراقِبوا أولادكم، وعاقِبوهم على التلفُّظ بهذا المحرَّم الذي فشا بينهم، وأصبح لا يُستَنكر ولا يُنكَر، حتى شَبَّ عليه الصغار، وتناقَلوه عن الكبار، وأصبح أكثر المجتمع فاسدًا متجرِّدًا عن الفضيلة، مُتلطِّخًا بالرذيلة، يُهدِّده الخراب والدمار.



فانتبهوا يا عبادَ الله لأنفسكم، وهبُّوا من رقدتكم، وتعاونوا على البر والتقوى، وتناهوا عن المنكر قبل أنْ يحلَّ بكم ما حلَّ بغيركم ممَّن بعُد عن تعاليم الإسلام وآدابه، فإنَّ التعاون على البرِّ والتقوى والتناهي عن المنكر سببٌ في نجاة الجميع، والإصرار على الذنوب والمعاصي والتساكُت عليها سببٌ في هَلاك الجميع.



أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:

﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 104].



بارَك الله لي ولكُم في القُرآن العظيم، ونفعَني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وتابَ عليَّ وعليكم إنَّه هو التوَّاب الرحيم.



أقول هذا وأستغفِرُ الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كلِّ ذنب، فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم.





[1] مسلم: [93 - (54)].




[2] البخاري: (48) - الفتح: 1/135، مسلم: [116 - (64)].




[3] جزء من حديث رواه البخاري: (6047) - الفتح: 10/479، ومسلم: [176 - (110)].




[4] مسلم: [85 - (2598)].




[5] الترمذي: (1977).




[6] أبو داود: (4905).




[7] مسلم: [80 -: 2595)].









المصدر...


الساعة الآن 01:41 PM

Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات

mamnoa 2.0 By DAHOM