مختصر البداية والنهاية لابن كثير (سنة 166)
مختصر البداية والنهاية لابن كثير (سنة 163 - 165)
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=363777 ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ فِي الْمُحَرَّمِ مِنْهَا قَدِمَ الرَّشِيدُ مِنْ بِلَادِ الرُّومِ , فَدَخَلَ بَغْدَادَ فِي أُبَّهَةٍ عَظِيمَةٍ , وَمَعَهُ الرُّومُ يَحْمِلُونَ الْجِزْيَةَ مِنَ الذَّهَبِ وَغَيْرِهِ . وَفِيهَا سَخِطَ الْمَهْدِيُّ عَلَى يَعْقُوبَ بْنِ دَاوُدَ , وَكَانَ قَدْ حَظِيَ عِنْدَهُ حَتَّى اسْتَوْزَرَهُ , وَارْتَفَعَتْ مَنْزِلَتُهُ فِي الْوِزَارَةِ حَتَّى فُوِّضَ إِلَيْهِ جَمِيعُ أَمْرِ الْخِلَافَةِ , وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ بَشَّارُ بْنُ بُرْدٍ : بَنِي أُمَيَّةَ هُبُّوا طَالَ نَوْمُكُمُ . . . إِنَّ الْخَلِيفَةَ يَعْقُوبُ بْنُ دَاوُدَ ضَاعَتْ خِلَافَتُكُمْ يَا قَوْمُ فَاطَّلِبُوا . . . خَلِيفَةَ اللَّهِ بَيْنَ الدُّفِّ وَالْعُودِ فَلَمْ تَزَلِ السُّعَاةُ وَالْوُشَاةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَلِيفَةِ حَتَّى أَخْرَجُوهُ عَلَيْهِ , وَكُلَّمَا سَعَوْا بِهِ إِلَيْهِ , دَخَلَ إِلَيْهِ فَأَصْلَحَ أَمْرَهُ عِنْدَهُ , حَتَّى وَقَعَ مِنْ أَمْرِهِ أَنَّهُ دَخَلَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى الْمَهْدِيِّ فِي مَجْلِسٍ عَظِيمٍ , قَدْ فُرِشَ بِأَنْوَاعِ الْفُرُشِ وَأَلْوَانِ الْحَرِيرِ , وَحَوْلَ ذَلِكَ الْمَكَانِ أَشْجَارٌ مُزْهِرَةٌ بِأَنْوَاعِ الْأَزَاهِيرِ فَقَالَ الْمَهْدِيُّ : يَا يَعْقُوبُ , كَيْفَ رَأَيْتَ مَجْلِسَنَا هَذَا ؟ فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَحْسَنَ مِنْهُ . فَقَالَ : هُوَ لَكَ بِمَا فِيهِ , وَهَذِهِ الْجَارِيَةُ , لِيَتِمَّ بِهَا سُرُورُكَ , وَلِي إِلَيْكَ حَاجَةٌ أُحِبُّ أَنْ تَقْضِيَهَا لِي . قَالَ : وَمَا هِيَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؟ فَقَالَ : حَتَّى تَقُولَ : نَعَمْ . فَقُلْتُ : يَأْمُرُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ , وَعَلَيَّ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ . فَقَالَ : آللَّهِ ؟ فَقُلْتُ : آللَّهِ . قَالَ : وَحَيَاةُ رَأْسِي ؟ . قُلْتُ : وَحَيَاةُ رَأْسِكَ . فَقَالَ : ضَعْ يَدَكَ عَلَى رَأْسِي وَقُلْ ذَلِكَ . فَفَعَلَ فَقَالَ : إِنَّ هَاهُنَا رَجُلًا مِنَ الْعَلَوِيِّينَ أُحِبُّ أَنْ تَكْفِيَنِيهِ – وَهو الْحَسَنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنِ بْنِ حَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ , يريده المهدي أن يقتله - . فَقَالَ : نَعَمْ . قَالَ : وَعَجِّلَ عَلَيَّ . قال يعقوب بن داود : ثُمَّ أَمَرَ الْمَهْدِيُّ بِتَحْوِيلِ مَا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ إِلَى مَنْزِلِي , وَأَمَرَ لِي بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَتِلْكَ الْجَارِيَةِ , فَمَا فَرِحْتُ بِشَيْءٍ فَرَحِي بِهَا , فَلَمَّا صَارَتْ إِلَى مَنْزِلِي حَجَبْتُهَا مِنْ جَانِبِ الدَّارِ فِي الْخِدْرِ , فَأَمَرْتُ بِذَلِكَ الْعَلَوِيِّ فَجِيءَ بِهِ فَجَلَسَ إِلَيَّ فَتَكَلَّمَ , فَمَا رَأَيْتُ أَعْقَلَ مِنْهُ وَلَا أَفْهَمَ , ثُمَّ قَالَ لِي : يَا يَعْقُوبُ , تَلْقَى اللَّهَ بِدَمِي وَأَنَا رَجُلٌ مَنْ وَلَدِ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟! فَقُلْتُ : لَا وَاللَّهِ , وَلَكِنِ اذْهَبْ حَيْثُ شِئْتَ . فَقَالَ : إِنِّي أَخْتَارُ بِلَادَ كَذَا وَكَذَا . فَقُلْتُ : اذْهَبْ كَيْفَ شِئْتَ , وَلَا يَظْهَرَنَّ عَلَيْكَ الْمَهْدِيُّ فَتَهْلِكُ وَأَهْلِكُ . فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِي , وَجَهَّزْتُ مَعَهُ رَجُلَيْنِ يُسَفِّرَانِهِ وَيُوَصِّلَانِهِ بَعْضَ الْبِلَادِ وَلَمْ أَشْعُرْ بِأَنَّ الْجَارِيَةَ قَدْ أَحَاطَتْ عِلْمًا بِمَا جَرَى , وَبَعَثَتْ بِخَادِمِهَا إِلَى الْمَهْدِيِّ فَأَعْلَمَهُ بِذَلِكَ , وَقَالَتْ لَهُ : هَذَا الَّذِي آثَرْتَهُ بِي قَدْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا . فَغَضِبَ الْمَهْدِيُّ , وَبَعَثَ إِلَى تِلْكَ الطَّرِيقِ , فَرَدُّوا الْعَلَوِيَّ , فَحَبَسَهُ عِنْدَهُ فِي بَيْتٍ مِنْ دَارِ الْخِلَافَةِ , وَأَرْسَلَ إِلَيَّ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فَذَهَبْتُ وَأَنَا لَا أَسْتَشْعِرُ أَمْرَ الْعَلَوِيِّ , فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَيْهِ قَالَ : مَا فَعَلَ الْعَلَوِيُّ ؟ قُلْتُ : مَاتَ . قَالَ : آللَّهِ ؟ قُلْتُ : آللَّهِ . قَالَ : فَضَعْ يَدَكَ عَلَى رَأْسِي وَاحْلِفْ بِحَيَاتِهِ . فَفَعَلْتُ فَقَالَ : يَا غُلَامُ , أَخْرِجْ مَا فِي هَذَا الْبَيْتِ . فَخَرَجَ الْعَلَوِيُّ , فَأُسْقِطَ فِي يَدِي فَقَالَ الْمَهْدِيُّ : دَمُكَ لِي حَلَالٌ . ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَأُلْقِيَ فِي بِئْرٍ فِي الْمُطْبِقِ . قَالَ يَعْقُوبُ : فَكُنْتُ فِي مَكَانٍ لَا أَسْمَعُ فِيهِ وَلَا أُبْصِرُ , فَذَهَبَ بَصَرِي , وَطَالَ شَعْرِي حَتَّى صِرْتُ مِثْلَ الْبَهَائِمِ , ثُمَّ مَضَتْ عَلَيَّ مُدَدٌ مُتَطَاوِلَةٌ , فَبَيْنَمَا أَنَا ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ دُعِيتُ , فَخَرَجْتُ مِنَ الْبِئْرِ الَّتِي فِي ذَلِكَ الْمُطْبِقِ , فَقِيلَ لِي : سَلِّمْ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ . فَسَلَّمْتُ وَأَنَا أَظُنُّهُ الْمَهْدِيَّ , فَلَمَّا ذَكَرْتُ الْمَهْدِيَّ فِي كَلَامِي قَالَ : رَحِمَ اللَّهُ الْمَهْدِيَّ . فَقُلْتُ : الْهَادِي ؟ فَقَالَ : رَحِمَ اللَّهُ الْهَادِي . فَقُلْتُ : الرَّشِيدُ ؟ قَالَ : نَعَمْ . فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , قَدْ رَأَيْتَ مَا حَلَّ بِي مِنَ الضَّعْفِ وَالْعِلَّةِ , فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُطْلِقَنِي . فَقَالَ : أَيْنَ تُرِيدُ تَذْهَبُ ؟ قُلْتُ : مَكَّةُ . فَقَالَ : اذْهَبْ رَاشِدًا . فَسَارَ يعقوب بن داود إِلَى مَكَّةَ , فَمَا لَبِثَ بِهَا إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى مَاتَ , رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى . وَقَدْ كَانَ يَعْقُوبُ هَذَا يَعِظُ الْمَهْدِيَّ فِي تَعَاطِيهِ شُرْبَ النَّبِيذِ بَيْنَ يَدَيْهِ , وَكَثْرَةِ سَمَاعِ الْغِنَاءِ , وَيَلُومُهُ عَلَى ذَلِكَ , وَيَقُولُ : مَا عَلَى هَذَا اسْتَوْزَرْتَنِي , وَلَا عَلَى هَذَا صَحِبْتُكَ , أَبَعْدَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ , يُشْرَبُ عِنْدَكَ النَّبِيذُ , وَيُسْمَعُ السَّمَاعُ بَيْنَ يَدَيْكَ ؟ فَيَقُولُ الْمَهْدِيُّ : فَقَدْ سَمِعَ الْغِنَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرَ ( ابن أبي طالب ) . فَقَالَ يَعْقُوبُ : إِنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مِنْ حَسَنَاتِهِ , وَلَوْ كَانَ هَذَا قُرْبَةً لَكَانَ كُلَّمَا دَاوَمَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ كَانَ أَفْضَلَ لَهُ . وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ : فَدَعْ عَنْكَ يَعْقُوبَ بْنَ دَاوُدَ . . . جَانِبًا وَأَقْبِلْ عَلَى صَهْبَاءَ طَيِّبَةِ النَّشْرِ وَفِيهَا أَمَرَ الْمَهْدِيُّ بِإِقَامَةِ الْبَرِيدِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالْيَمَنِ , وَلَمْ يُفْعَلْ هَذَا قَبْلَ هَذِهِ السَّنَةِ . وَقَدْ جَعَلَ عَلَى الْقَضَاءِ أَبَا يُوسُفَ يَعْقُوبَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ صَاحِبَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ . وَفِيهَا حَجَّ بِالنَّاسِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدٍ عَامِلُ الْكُوفَةِ وَلَمْ يَكُنْ فِي هَذِهِ السَّنَةِ صَائِفَةٌ , لِلْهُدْنَةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ الرَّشِيدِ وَبَيْنَ الرُّومِ . المصدر... |
الساعة الآن 01:18 PM |
Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
mamnoa 2.0 By DAHOM