شبكة ربيع الفردوس الاعلى

شبكة ربيع الفردوس الاعلى (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/index.php)
-   العلوم و التكنولوجيا --- كل جديد ---- في كل المجالات (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/forumdisplay.php?f=313)
-   -   لماذا نخطط؟ (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/showthread.php?t=256326)

ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران 03-17-2016 12:39 AM

لماذا نخطط؟
 
لماذا نخطط؟
عبد الستار المرسومي



من أجل أن يكون الإنسان ناجحًا، ومنظَّمًا في حياته، ومؤثِّرًا في الآخرين؛ لا بد أن تكون حياتُه ضمنَ خطة محددة، وموضوعة بعناية وبدقة، فلا نجاحَ ولا قوة للشخصية بدون تخطيط.
إن الشيء النقيض للتخطيط هو الفوضوية، والعبثيَّة، وبعثرة الجهود، وربما يسأل أحدٌ هنا: وهل من المعقول أن أقوم بالتخطيط في كل صغيرة وكبيرة في حياتي؟
والجواب يكون في أن التخطيط يتمُّ فيه تحديدُ أولويات الأعمال أولاً، فيبدأ صاحب الشخصية المتميزة بالأهم ثم المهمِّ وهكذا، ثم يَضَعُ الخُططَ للتنفيذ، لا أن تشغلَه صغارُ الأمور عن عِظامها، والتخطيط يكون للأمور الكبيرة والإستراتيجية، وكذلك الأمور الصغيرة على حدٍّ سواء، فالمرء يُخطِّط لحياته ومستقبله ومصيره في الخاتمة، ويخطط لدراسته وربما لدراسته العليا، ويخطط لزواجه ويخطط لإنجاب الأطفال وتربيتهم، وكلها أمور إستراتيجية بالنسبة للإنسان، وربما مصيرية، وفي نفس الوقت المطلوب أن يُخطِّطَ لشراء قميص، أو حذاء، وهي أمور صغيرة، وربما صغيرة جدًّا، ولكنها بالتأكيد تحتاج لتخطيطٍ، وهنا سؤال يَفرِضُ نفسَه: كم مرة ذهبتَ للسوق لشراء قميص أو حذاء وعدتَ خاليَ الوفاض؟ وكم من المرات اشتريتَ قميصًا (ثوبًا) لا يناسبُك أو أي حاجة أخرى تضطر في النهاية إلى رميه، أو إعطائه لشخص آخر، أو التخلص منه بأية وسيلة؛ لأنه أصبح عقدة تُذكِّرُك بشيء مؤلم؟
هل سألت نفسَك: لماذا حدث ذلك؟ الجواب ببساطة هو أنك لم تُخطِّطْ مسبقًا للأمر، ومن يَكرَهِ التخطيط فهو حتمًا من النوع الذي لا يحبُّ الالتزام أو النظام، ويحاول الانفلات من أي التزامات.
ولا بد للتخطيط من هدف، كما أنه لا بد من ثمار تُجنَى من عملية التخطيط، وإلا فالعمل الناتج عن التخطيط سيكون هباءً وهواءً في شبك ما لم يكن فيه نتائجُ وثمارٌ، فعن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مثل المسلمين واليهود والنصارى كمثل رجل استأجر قومًا يعملون له عملاً يومًا إلى الليل على أجر معلوم، فعملوا له إلى نصف النهار، فقالوا: لا حاجةَ لنا إلى أجرك الذي شرطتَ لنا، وما عملنا باطلٌ، فقال لهم: لا تفعلوا، أكملوا بقيةَ عملكم، وخذوا أجرَكم كاملاً، فأبَوْا وتركوا، واستأجر أجيرَيْنِ بعدهم، فقال لهما: أكملا بقية يومكما هذا، ولكما الذي شرطتُ لهم من الأجر، فعملوا حتى إذا كان حين صلاة العصر قالا: لك ما عملنا باطل، ولك الأجر الذي جعلت لنا فيه، فقال لهما: أكملا بقيةَ عملكما، فإن ما بقي من النهار شيء يسير، فأبيا، واستأجر قومًا أن يعملوا له بقية يومهم، فعملوا بقية يومهم حتى غابت الشمس، واستكملوا أجر الفريقين كليهما، فذلك مثلهم ومثل ما قبلوا من هذا النور)[1]، والحديث يُوضِّح أنه لا معنى لعملٍ يكون بدون نهاية واضحة المعالم، والنهاية المقصودة هي النهاية المادية والزمانية في نفس الوقت، وحين لا تتحقق هذه النهايات فهذا يعني: أن العمل في أصله لم يكن قد خُطِّط له، فالنهايات السائبة تكون نتائجها وخيمةً في العادة.
فوائد التخطيط:
وهنا سؤال آخر مهمٌّ يُطرَحُ في هذا الباب الذي فيه الكثير من الأسئلة: ولماذا نُخطِّط؟ وما الفائدة من التخطيط؟
التخطيط في العادة يُوفِّرُ للناس ثلاثةَ أشياء، هي:
1 - توفير الجهد.
2 - توفير المال.
3 - توفير الوقت.
ولا بد من دراسة أيَّةِ قضية قبل التخطيط لها، وهذه الدراسة تكون قائمةً على معلومات حقيقية ودقيقة ورصينة.
والتخطيط السليمُ سيجعَلُ الشخص يُحدِّدُ مسارات صحيحة ومختصرة للعمل، ويبتعد عن تلك التي تُسبِّبُ ضَياعًا في الجهد والمال والوقت؛ ولهذا فإن أسباب التخطيط يمكن إجمالها بما يأتي:
• تحديد السقف الزمني الحقيقي أو القريب من الحقيقي لإنجاز العمل المطلوب.
• تحديد التكاليف التخمينيَّة للوصول للهدف المطلوب.
• برمجة الأعمال بشكل دقيق لخطة العمل.
وهناك مجموعة من الأمور المهمة التي يجب مراعاتها أثناء عملية التخطيط، ومنها:
1 - أن يُحدَّد الهدف على نحو دقيق جدًّا، وأن يكون واضحًا وساميًا.
2 - أن يكون الهدف واقعيًّا وملائمًا للإمكانات المتوفرة والقدرات.
3 - توثيق ذلك وكتابتُه على الورق بشكل خُطَّة لها بداية ونهاية، مع توقيتاتها الزمنية.
4 - الابتعاد - قدرَ الإمكان - عن التعقيد في الخطة.
وهذا يعني أن تكون الخطة بسيطةً، بعيدة عن التعقيد والمبالغة، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إياكم والغلوَّ؛ فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين)) [2] كما تكون وَفْق طاقات الإنسان المتوفرة والأدوات المتاحة له، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((اكلفوا من الأعمال ما تطيقون))[3].
وفي دراسة لمجموعة من الأشخاص تم اختيارُهم بشكل عشوائي، متفاوِتِي الذكاء والثقافة والمستوى العلمي، أردنا منهم أن يحصوا عشرين شكلاً مختلفًا مرسومًا على ورقة بيضاء:
في الحالة الأولى: رسمناها عشوائيًّا، وعرضناها عليهم، فلم يتوصَّلْ أحد للعدد بالرغم من منحهم الوقت الكافي.
ثم في محاولة أخرى فكَّرْنا أن نخطط للأمر فتمَّ التخطيط للموضوع، ورسمناها لهم بشكل هندسي وعرضناها عليهم، وبدون أدنى جهد فإن الجميع تعرف على العدد المطلوب، وبوقت قياسي.
مراحل إنجاز الخطة:
لكل خطةِ عملٍ مراحلُ ينبغي العناية الفائقة عند وضعها، كما أنه من الضروري الالتزامُ بها، وتشمل:
أولاً: مرحلة إعداد الخطة، وتتضمن هذه المرحلة النقاط الآتية:
1 - تحديد الأهداف.
2 - جمع البيانات والمعلومات؛ (وذلك بقصد تحليلها ودراستها لمعرفة واقع الحال والجوانب المتوقعة).
3 - لا بد من دراسة الافتراضات كافة، خاصة المخفيَّة منها، وإعداد إجابات مناسبة لكل التساؤلات التي تخطر على البال.
4 - تجهيز البدائل الممكنة وتقويمها.
5 - تحديد الوسائل التي سيتمُّ استخدامُها وفقًا للإمكانات المتوفرة.
ثانيًا: مرحلة إقرار الخطة، أو الموافقة عليها:
بعد انتهاء مرحلة الإعداد للخطة تصبح جاهزةً للتطبيق الفعلي، ولكن هذا لا يتمُّ إلا بعد إقرارها من قِبَل صاحب الشأن، وربما ليس وحده؛ فقد يحتاجُ لموافقة آخرين لهم عَلاقة مباشرة أو غير مباشرة بالخطة، فبهذه الحالة تكون الموافقة تضامنيَّة، وتعطي الإذن بالعمل بموجب هذه الخطة.
ثالثًا: مرحلة تنفيذ الخطة:
بعد الموافقة على الخطة وإقرارها يتمُّ الشروع بتنفيذ هذه الخطة، وهنا إشارة مهمة جدًّا، هي أن يكون التنفيذ وفقًا لما خُطِّط له.
رابعًا: مرحلةُ متابعة تنفيذ الخطة:
تعتبر مرحلة متابعة الخطة من أهم المراحل في عملية التخطيط؛ إذ لا ينتهي عمل المخطِّط بوضع الخطة، بل يجب عليه أن يتأكَّد من تنفيذها، وملاحظة أية انحرافات في الخطة والعمل على تلافيها.
وحين يكون لنا هدفٌ وخطة للتنفيذ ووسائل، فإننا قد دخلنا في مشروع، ومن كان مديرًا للمشروع عليه أن يَعِيَ المهمة الملقاة على عاتقة، فيكون تفكيرُه ضمنَ نطاقِ المشروع؛ حتى يتمكَّن من أداء المهمة الملقاة على عاتقه، ربما وحده، أو بمعية فريق عمل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] رواه البخاري (2271).
[2] رواه الإمام أحمد (3305).
[3] رواه البخاري (6465).








المصدر...


الساعة الآن 07:36 AM

Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات

mamnoa 2.0 By DAHOM