شبكة ربيع الفردوس الاعلى

شبكة ربيع الفردوس الاعلى (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/index.php)
-   العلوم و التكنولوجيا --- كل جديد ---- في كل المجالات (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/forumdisplay.php?f=313)
-   -   الاستثمار الدولي والمخاطر (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/showthread.php?t=246966)

ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران 03-03-2016 10:54 AM

الاستثمار الدولي والمخاطر
 
الاستثمار الدولي والمخاطر


سيف هشام صباح الفخري





المقدِّمة

يعدُّ الاستثمار الدوليُّ أحد الظواهر الاقتصادية والمالية التي انتشرتْ مع زوال عصر القوميَّات، وظهور العالَم كوَحْدةٍ عالَميَّةٍ مكتملة الملامحِ والقَسَمات، تتداخل فيها أمورُ الاقتصاد والسياسة، والثقافة والاجتماع والسلوك، ويكون الانتماء فيها للعالم، تحولت الدولة من كونها مرْكزًا للاهتمام إلى أسواقٍ عالمية ودولية وقُوى تشارك في تحديد القرار الاقتصادي للدولة، مع انتشار ممارساتٍ ومعايير مختلفةٍ تُخرجها مِنْ محيطها المحليِّ الضيق إلى الخارج، فالتكنولوجيا والاتِّصال وحركة رأس المال التي تَزَامَن ظهورُها في نهاية القرن الثامن عشر، وتطوُّرها السريع في القرن العشرين أثناء الثورة الصناعية في أوروبا، ومن ثَم دخول مجالاتٍ تِقَنِيَّة كثيرة في نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين، كان لهم الدورُ الرئيس في إحداث تغيُّرات عالمية سريعة ومتدفقة، أدَّت إلى ظهور كياناتٍ ضخمة وذاتِ أثر بالغ في الاقتصاد العالمي، كالاستثمار الدولي وصيَغِه البديلة؛ كشركات مُتَعَددةِ الجنسيات.

فشهد العصرُ الحديث توسيعَ هذه الاستثماراتِ الدولية؛ حيث إنها تحاول رفعَ مستوى المعيشة للبُلْدان المُضيفة، وذلك من خلال نقل رأس المال والتكنولوجيا، وبالتالي تقود إلى تقاربٍ في المستويات المعيشية العالمية؛ ولذلك تَعمل الدولُ المضيفة على توفير أو تهيئة المُناخ لهذه الاستثمارات، وذلك بتقديم حوافِز لتشْجيعها؛ كالإعفاءات الجمركيَّة، وضمانات الاستثمار الوافد، وأيضًا دراسة الأسلوب الضريبِي، وذلك مِن خلال تخفيضاتٍ في الضرائب على المستثمر الدولي، ومن الملحوظ أنَّ المستثمرين الدوليين، أو هذه الكِيَاناتِ العملاقة، قد تُقْدم على مجازفةٍ ومغامرة نتيجة مواجهتِها لبعض الصعوبات والمخاطر المتعلِّقة بالعائد الاستثماري، أو صعوبات سياسية حاصلة من ناحية عدم توفر الاستقرار السياسي في البلد المضيف.

منهجيَّة البحث

أهمية البحث:
يَستمد البحثُ أهميتَه مِنْ تناوله لموضوع الاستثمار الدولي كنموذج ومحدَّدات، ومن ثَم توضيح المعوِّقات الدولية التي تقف في طريقه، وتزداد أهمية البحث نظرًا لمحدودية تناول هذا الموضوع على مستوى الأبحاث والدراسات، لا سيما أن تقارير مناخ الاستثمار - بعد الأزْمة العالمية - تُؤَكِّد تراجعَ مؤشر النقد والمال في مجال الاستثمار الدولي.

مُشكلة البحْث:
تَسعى العديدُ من الدولِ جاهدةً إلى تعْزيز الوضْع الاستثماري فيها مِن أجل جذب العديد من الاستثمارات الدولية بأنواعها كافة؛ خاصة في ظِل تنامي دور الخدمات في اقتصاديات البلدان بوَجْه عام، إلا أنَّ طرَفَي المعادلة في الاستثمار الدولي قد يواجهان العديدَ من التحديات والمخاطر في التعامُل مع هذه الاستثمارات، ومن ثَم قد تنعكس الفوائدُ المرجُوَّة والمحتملة التحقُّقِ إلى كلفٍ وإخفاقات، وهذا في حدِّ ذاته يعدُّ من المشاكل الكبيرة التي تواجِه عمليةَ الاستثمار الدولي.

فرْضية البحث:
استنادًا إلى ما جاء في مشكلة البحث يُمكن صياغةُ الفرضية الآتية: (إنَّ دراسةَ الاستثمارِ الدولي ومخاطره، ووضعَ الأُطُر لحضوره على الساحة العالمية، قد يعمل على إعادة هيكلة الأنظمة الاقتصادية للدول المتعاملة به، مما يجعلها أكثرَ كفاءةً، أو قد تشهد تحقيقَ أولوياتٍ أجنبية على حساب الأولويات المحلية في حالة فشل التعامل معها).

هدف البحث:
يهدف البحث إلى إعطاء المزيد من التفاعُل مع حالة الاستثمار الدولي، وكيفية الاستفادة الكبيرة التي قد تتحقق منه، في ظِل وجود عالم مُتطور ونامٍ، وتكنولوجيا متقدِّمة جعَلَت من العالم سُوقًا واحدةً.

النُّموذج العامُّ للاستثمار الدولي

THE MODEL PATTERN OF INTERNATIONAL INVESTMENT

مِن شروط النموذج العامِّ للاستثمار الدولي: الوضوحُ والشموليَّةُ، والقابليةُ للتطبيقِ الكَمِّيِّ؛ حيث يهدِفُ الاستثمارُ الدولي إلى تحقيق العائد الأكبر - أي: عائد الصافي المتوقعِ - بعدَ خَصْم معامل المخاطر بأنواعها المختلفة، ويجب مراعاة - ليس فقط أقصى الربحيَّة الصافية - التوازنِ بين أهداف الاستثمار الدولي في المدى القصير، وكذلك أهدافه في المدى الطويل وغاياته، كما يجبُ حسابُ القيمةِ الحالية للتدفُّقات النقدية الخارجة والداخلة، واستقرارية تلك التدفُّقات، وتوقيت الأرباحِ، وحجم المخاطر، والنمو السريع، ومعدَّل العائد البديل.

ويخْضع الاستثمار الدولي في التحليل العُنصري إلى المقارَنة بين المزايا التي يُمكن أن تحقِّقَها الدولة المُضيفة، وبين تلك التي سوف يحققُها المستثمِرُ الدولي؛ فالاستثمار الدولي هو الأُسلوب المثالي لتعظيم قيمة عوامل الإنتاج؛ (الأرض - الموادِّ الخام - التكنولوجيا - العِمَالة - الطاقة... وغيرها).

من المعروف أنَّ حجمَ المخاطر في الاستثمار الدولي أكبرُ منها في الاستثمار المحلي، ولكنْ يجب حسابُ وتقدير تلك المخاطر مُسبقًا قبل اختيار فرص الاستثمار في دولة ما، ويجب أن تكون تلك المخاطرُ وتكلِفَتُها معقولةً، فالاستثمارُ - سواء كان استثمارًا ماديًّا دوليًّا، أم استثمارًا ماليًّا دوليًّا - استثمارٌ في أصول ملموسة، واستثمارٌ في أوراق مالية، ويأخذ الاستثمار الدولي الجماعيُّ شكلَ محفظة استثمارات دولية، بينما يأخذ الاستثمارُ الدولي الفرديُّ شكلَ صَفَقاتٍ محدودة، غير مُتَكَرِّرة بشكلٍ دوري.

أشكال نموذج الاستثمار الدولي[1]

1 - الاستثمار الدولي في ظِلِّ التأكُّد؛ (مثل: حالات الاحتكار المطلق).
2 - الاستثمار الدولي في ظِلِّ نقص بعض المعلومات: (حالات الاستثمار في ظل المخاطرة).
3 - الاستثمار الدولي في حالة غياب المعلومات: (الاستثمار في ظل عدم التأكُّد).
4 - الاستثمار الدولي في ظل تضارب المعلومات الوصفية (غير المحددة).
5 - الاستثمار الدولي في ظل المنازعات والصراعات (بين الحكومة المضيفة والشركاء).

ويتوفر لدى المستثمر الدولي حجمٌ هائل من المعلومات عن فرَص الاستثمارات الدولية، من خلال منظَّمات التمويل الدولية، والبورصات، وأسواق المال، والشركات متعددة الجنسيات، ومكاتب المحاسبة الدولية، وشركات شبكات المعلومات، والدِّراسات والبحوث الدَّولية، وإحصاءات البنك الدولي، وصندوق النقْد الدولي؛ حيث لا يتوفَّر هذا الحجمُ أو أنواع المعلوماتِ لدى الدولةِ المضيفة؛ مِمَّا يُضْعِف قدرتَها على التفويض، كما أنَّ توفُّرَ تلك المعلوماتِ يسهِّلُ على المستثمر الدوليِّ حسابَ وتقديرَ مخاطرِ الاستثمار؛ حيث يستطيع شراءَ ضماناتٍ ضدَّ تلك المخاطر، على عكس المستثمر العربيِّ والدولةِ المضيفة التي لا يتوفر لديهم تلك المعلوماتُ الأساسية للاستثمار.

ويجب أن يَعتمدَ النُّموذجُ العامُّ للاستثمارِ الدوليِّ على حساب القِيَم المتوقَّعة، وذلك بتقدير احتمالاتِ حُدُوث العائد وقيمة الاستثمار في المستقبَل، واحتمالات توزيع أرباحٍ وَفْقَ كلِّ حالةٍ مِن حالات النَّشاط الاقتصادي، وكذلك حالة الاستثمار المتعدِّد، ويجبُ تحديدُ حجْمِ الاستثمار المخطَّط، ونصيب كلِّ نوع من الاستثمار الدولي، وحساب معاملِ الارتباط بين عائدِ كلِّ نوع من الاستثمار وبين عائد الأنواعِ الأخرى، وكذلك تقْدير تبايُنِ كلِّ نوعٍ من الاستثمار كمقياسٍ لحجْمِ المُخاطَرة المرتفعة، ويُفَضَّل أن يكونَ معامل الارتباط بين كلّ نوعَيْن من الاستثمار أقلَّ ما يمكن (أقلَّ مِن 1 صحيح)؛ لتحقيق أقل مُخاطرة، والعكس صحيحٌ أيضًا؛ حيث إنَّ ارتفاعَ معامل الارتباط يَعني زيادةَ المخاطر، ويمْكِن تطبيق ذلك في المجالات التالية:
حسابُ معاملِ الارتباط بين عوائد عدد الاستثمار في محفظة الاستثمار الدولي؛ لاكتشاف وتحديد أهم مجموعات الاستثمار الدولي ذات أكبر عائد، وأقلِّ مَخاطر.
حسابُ معامل أحسن مجموعةٍ لمواقع الاستثمارات الدولية.
حسابُ معامل الارتباط بين عوائد الاستثمار المادي، وكذلك الاستثمار المالي لتحديد أفضل فُرَصِ الاستثمار الدولي.
التفرقةُ بين المخاطر المنتظِمَةِ للاستثمار وبَيْن المخاطرِ العريضة التي يمكن تجَنُّبُها.

تقسيماتُ أنواع نموذج الاستثمار:
ويوضح هذا التقسيم لِنُمُوذَجِ الاستثمار الدوليِّ الخصائصَ التاليةَ[2]:
الاستثمارُ في مشْروع واحد، أو تعدُّدُ الاستثمارات.
الاستثمار المشترَكُ، أو تعدُّدُ الجنسيَّة.
استثماراتٌ ماليَّة (أوراق مالية وعملات مصرفيَّة)، واستثمارات مادية؛ أصول ثابثة ومتداولة.
استثمار مؤكَّدٌ ذو مَخاطِر محسوبةٍ محدودةٍ، واستثمارٌ احتماليٌّ.
استثمار يُمْكن فيه تحمُّلُ مخاطرِه، واستثمارٌ يتم فيه تحويلُ مَخاطرِه لغيره.
استثمار ذو ضمانات ضدَّ المَخاطر المختلفة، واستثمارٌ بدون مخاطر.

ويُمكن أيضًا تقسيمُ الاستثمار الدولي وفقَ معايير أخرى؛ مثل: الشيك القانوني، وأشكال المِلكية، وصيَغ الاستثمار، وأساليب الغدارة الدولية، وظروف المُناخ الاستثماري، وحجم المزايا التي تقدِّمها الدولة المضيفة، ونوع النشاط الاقتصادي؛ (بترول - بتروكيمياء - صناعات إستراتيجية - معادن - زراعي - صناعات تجميعيَّة - خدمات - تجارة).

كما يمكنُ التفرقةُ بين الاستثمار الدولي من حيث مدى تَكْرَار أو تنفيذ المشروع (مرةً واحدةً أو متعددةً)، وهل يَتطلبُ نقْلَ التكنولوجيا أوْ لا؟ ووَفْقَ النظام الاقتصادي للدولة المضيفة، ونوع الرقابة على الاستثمار الدولي، ونوع التمويل الدولي والتسويق الدولي، ودرجة المنافَسة وأساليبها، إذًا هناك عددٌ كبير من متغيِّرات تقسيمِ نموذج الاستثمار الدولي، يجب الأخذ بها لفرْضِ تحقيق أمثَلِيَّة الاستثمار، وتحقيق أقصى صافي عائدٍ بأقلِّ نسْبَةِ مخاطر، وعمومًا يتأثرُ الاستثمارُ الدوليُّ بمحدّداتٍ معيَّنَةٍ.

محدَّداتُ الاستثمارِ الدولي[3]

DETERMINANTS OF INTERNATIONL INVESTMENT

تُشِير الدراساتُ في مَجال الاستثمار الدولي إلى أنَّ جودةَ الاستثمار ذو عَلاقةٍ باقتصاد الدولة المُضِيفة، ولا يجب أنْ يكُونَ الحافزُ للاستثمار الدوليِّ المتدفق لدولةٍ مضيفةٍ مَا، مُجَرَّدَ حاجةِ تلك الدولةِ للاقتِراض لإصلاح الخَلَلِ في مِيزانِ المدفوعات، أو تغطية أعباء الديون الدولية، ولكنْ يَرى البعضُ أنَّ حجْمَ الاستثمار الدولي لدولةٍ ما، يجِبُ أنْ يسانِدَ الإصلاحات الهيكليَّةَ لاقتصادِ تلك الدولةِ.

ويجب أنْ تؤدِّيَ مرحلةُ التفاوضِ على الاستثمار الدولي بين الجهة (المستثمر الدولي) والدولة المضيفة، إلى عمليةِ تَعلُّمٍ وثقافةٍ استثماريةٍ دولية راقيَةٍ، تؤدِّي في النهاية إلى تحديد اتجاهِ وكفاءَةِ المشروعِ الاستثماريِّ، وتحقيق المصالح المشترَكَة بعدالةٍ.

ويجب على الدولة المضيفة للاستثمار الدولي التفرقةُ بين الإستراتيجيَّات المختلفة للتصنيع ومجالاته المتاحة للمستثمر الدولي.

وتلك الإستراتيجياتُ هي:
1 - إستراتيجية إخلالِ الإنتاجِ الصناعيِّ المَحلِّيِّ محل الوارِدات.
2 - إستراتيجيةُ التصنيع بغَرَضِ التصدير.
3 - إستراتيجية الإنتاج الدولي في مناطق الأُفشور[4].

وكذلك يجب أنْ تحدِّدَ الدولةُ المضيفةُ للمستثمِر الدوليِّ الغرضَ والمناخَ المناسبَ للتطبيق الاقتصادي للتكنولوجيا الجديدة والاستخدام الفعال لنتائج البحوث والتطوير، وإذا لم يتمَّ ذلك سوف يَصْعُب في النهاية جَذْبُ الاستثمار الدولي القائم على تِقَنِيَّاتٍ متقدمةٍ.

وتفضِّلُ بعضُ الدول المضيفةِ للاستثمار الدوليِّ البحوثَ والتطوير والتكنولوجيا المتقدمةَ في الصناعات التصديرية؛ حتى تستطيعَ مواجهةَ المنافسةِ بالجودة، وليس فقط المنافسة بالأسعار، وتستطيع الشركاتُ الدولية هنا منْحَ بعضِ تراخيص التشغيل وتطبيق التكنولوحيا الحديثة لرجال الأعمال المستثمرين في الدول المضيفة، ويعَدُّ هذا أحَدَ دوافِعِ المستثمِرِ الدولي وأحدَ ركائزِ الملكيَّةِ الدولية للمشروعات.

وتوفِّرُ الشركات الدولية خِبْرَاتٍ إداريةً في المجالاتِ المتنوِّعة لإدارة الاستثمارات الدولية في الدولة المضيفة، كما يأخذ شكلَ عقودٍ إدارية، وتُرَاجع الشركاتُ الدولية درجةَ تمَرْكُزِ الصناعات أو النشاط الذي تفضِّله الدولُ المضيفةُ، وعادةً ما يميلُ المستثمِر الدوليُّ إلى تفضيل الصناعات ذات المنافسة الاحتكارية التي تتمتع بفروع ذات انتشار دولي ومركز تنافسي.

وتعدُّ دوافعُ الموقع - أو مكان الاستثمار - إحدى محدَّدات الاستثمار الدولي؛ حيث يسعى المستثمرُ الدولي إلى فتْح أسواق جديدة في دولةٍ ما لاعتباراتٍ سياسية، أو اقتصادية، أو غيرِها؛ لذلك تأخذ الدولةُ المضيفة هذا البُعْدَ في المفاوضات التِّجارية واتفاقيَّاتِ الاستثمار.

وتشير الدراساتُ إلى أنَّ المخاطرَ السياسية ليست المؤشر الأول في اتجاهِ الاستثمارات الدولية، لكنْ تحتَلُّ المكانةَ الثانيةَ بعدَ تأثيرِ الاعتباراتِ الاقتصاديةِ، ومع ذلك يمكِنُ القولُ بأنَّ عدَمَ الاستقرارِ السياسيِّ مِن أهم المؤشراتِ تجَاهَ تدفُّقِ رأس المال؛ حيث يتمُّ النظرُ إلى كلٍّ مِن سياسةِ الباب المفتوح للاستثمار الدولي أو سياسةِ التقْيِيدِ - على أنَّها مؤشِّراتٌ لعدَمِ جاذبيَّةِ مُناخِ الاستثمار في الدولة، ولذلك يحتاج مناخُ الاستثمار الدولي إلى بَرْمجةٍ بشكلٍ واضحٍ؛ حتَّى تُحقِّقَ الدولةُ المضيفةُ الأهدافَ المخطَّطةَ.

تعتمد الإستراتيجيةُ الدوليَّة للاستثمار الدولي على سلسلة القيمة المضافة المحقَّقة مِن المراحل المتعددة التي يسيطِرُ عليها، مما يُضاعِف القدرةَ التنافسيَّةَ، ولكنَّ هناك بعْضَ القيودِ على الاستثمارِ الدوليِّ في سبيل تحقيق تلك الإستراتيجيَّة الدولية، ومن تلك القيود:
1 - الأثرُ التراجعيُّ للاستثمار الدولي في الفروع بالدولة المضيفة؛ بسبب إلغاءِ الضرائب، ومِن ثَم انخفاضِ المركزِ التنافسي.
2 - يؤدِّي دخولُ منافسين جُدُدٍ في الدولة المضيفة إلى التأثيرِ على المركزِ الاحتكارِيِّ لفروعِ الشركةِ الدوليةِ (المستثمِر الدولي).
3 - لَم يُصْبِحِ المركزُ الاحتكاريُّ للتكنولوجيا أحدَ المكوناتِ القَويةِ في إستراتيجيةِ المِلْكِيَّة التي تَسعى إليها الشركاتُ الدوليةُ في التفاوضِ بين المستثمر الدوليِّ والدولةِ المضيفة.
خصائصُ تدفُّقاتِ الاستثمارِ الدولي[5]

INTERNATIONAL INVESTMENT PROPERTIES

يتَّجِهُ الاستثمارُ الدوليُّ للدولة المضيفة، إذا كان العائدُ الصافي على الاستثمارِ في الخارج بعدَ خصْمِ معدَّلِ المَخاطر - أعلى منه على الاستثمار في الداخلِ؛ أيْ: بلَدِ المستثمِر، وفي حالةِ تساوي المعدَّلَين بين دولتين مضيفتين، فسوف يكون القرارُ على أساس المخاطرِ الإضافية، وقيمةِ العُمْلة المحلية، وحريَّةِ تحويلِ الأرباح، واحتمالاتِ التدخُّل الحكومي في الاستثمار الدولي الوافد.

المستثمر الدولي يتَّجه للصناعات التصديرية في حالة تدنِّي قيمة العُملة في الدولة المضيفة، كما تزداد قدرتُه التنافسيةُ في السوق العالمي في حالة انخفاض تكاليف الإنتاج المحلية، والسيطرةِ على تكنولوجيا جديدة.

تتَّجه الاستثمارات الدولية إلى الدول النامية؛ تجنُّبًا لمشكلات البيئة، والضرائب، والمنافسة الطاحنة في الدول المتقدمة، وتعدُّ المكسيكُ والبرازيل ذاتَ مستقبلِ الاستثمار الدولي؛ لسَعَةِ أسواقها وقرْبِها من أمريكا الشمالية، وتتحرَّك الودائعُ المالية من دولة لأخرى وَفق اعتباراتٍ ضدَّ المخاطرِ، مثال ما حدث في بورصات جنوب شرق آسيا.

ومع ذلك تتمَرْكَزُ الاستثماراتُ الدولية في الدول الغربية أكثرَ منها في الدولِ النامية؛ حيث تعدُّ أمريكا أكبرَ مستورِدٍ للاستثماراتِ الدولية، وتعدُّ اليابانُ أكبرَ مصادرِ الاستثمار الدولي في كلٍّ مِن أمريكا وأوروبا ودول جنوب شرق آسيا.

وبدأت تنتشر الاستثماراتُ الدولية الجماعيةُ وليست الفرديةَ، مثل: شركاتِ التأمينِ، وشركاتِ إعادة التأمين، وصناديقِ المعاشات التي تستثمر في الأوراقِ المالية، وشركاتِ المقاولات والسيارات والحواسب وتكنولوجيا المعلومات والطائرات والسلاح... وغيرها.

لقد شهدت التسعينيات عددًا من التطورات الجديدة في مجال الاستثمار الدولي على المستويات المتعدِّدة والثنائية والإقليمية، في مَنطِقَةٍ ترتبط بالشركاتِ متعددةِ الجنسياتِ، حولَ مقاييسِ الاستثمار ذي العَلاقةِ بالتِّجارة الدولية، وكذلك حقوق الملكيةِ في براءةِ الاختراع، وفي المستوى الإقليميِّ زادَتِ العلاقاتُ الاقتصاديةُ بين دولِ مجموعةِ منظَّمَةِ التنميَةِ والتعاونِ الاقتصاديِّ (OECD)، وعلى مستوى التَّكتُّلاتِ تَمَّ توقيعُ عددٍ من الاتفاقيات بين أمريكا والاتحاد الأوروبي حولَ التعاون والمنافسة وتجنُّبِ الاحتكارات، وتَمَّ التوسُّعُ في إنشاء مناطق التجارة الحُرة، واتفاقية تحرير تجارة الخِدْماتِ؛ حيثُ ظَهرت اتجاهاتُ التحريرِ الاقتصاديِّ في حوالَيْ ثلاثينَ دولةً بجانبِ تبَنِّي برامجَ تخصيصيةٍ في عديدٍ من الدولِ التي تَتوقع تدفُّقاتٍ داخلةً من الاستثمارِ الدوليِّ، وبالتحديدِ نَذكر أهمَّ تلك التحوُّلاتِ:
ENERAL AGREEMENT ON TRADE IN SERVICES GATS.
RADE – RELATED INVESTMENT MEASURES TRAIMS.
RADE – RELATED ASPECTS OF INTELLECTUAL PROPERTY RIGHTS) TRIPS(.

ومِن أهَمِّ التكتُّلات الاقتصاديةِ التي نَشأت:
1- الاتحادُ الأوروبيُّ (UNION OF EUROPEAN):
في الأول والثاني من تموز 1995 عَرَض اتحادُ البنولوكس، المكوَّنُ مِن بلجيكا وهولندا ولكسمبورغ، مذكِّرَةً حولَ إمكانيةِ تحقيقِ المزيد مِن التعاوُنِ الأوروبيِّ، وكان ذلكَ في مدينة "مينل"، وتقرَّر هناك إعطاءُ الأولويةِ للتكاملِ الاقتصادي لا للتكامل السياسي، ومِن ثَم كان لزامًا أنْ تكُونَ اقتصادياتُ الدولِ الأعضاءِ الأكثرِ رِبَاطًا عَن طريق إقامة مؤسَّسات اقتصاديةٍ، تطبِّق عملةً موحَّدةً وتَخْلُق سوقًا موحَّدة تحقِّق نوعًا مِن الانسجام في السياسة الاجتماعية.

ومِن أهمِّ أغراضِه:
أ- إزالةُ الرُّسومِ الجمركيةِ بين دول الأعضاء، وكذلك القيود الجمركية على الوارداتِ والصادراتِ مِن السِّلَع، وكل الإجراءات الأخرى المُساوية لها في التأثير، وكل العوائق التي تَحُول دونَ الحركة المتحرِّرة للأشخاص والسلع ورأس المال.
ب- إقامةُ تعريفَةٍ جمركيةٍ مشترَكَةٍ تُجاهَ الدولِ غيرِ الأعضاءِ.
جـ- تنسيقُ السياسةِ الاقتصادية بما في ذلك المالية.
د- إقامةُ بنْكِ استثمارٍ أوروبيٍّ لدعْمِ نمُوِّ الاقتصادِ.

2- اتفاقيةُ النافتا: (NAFTA (North American Free Trade Agreement:
كمَنْطِقَةٍ حُرَّةٍ في شمال أمريكا للتجارة الحرة، تمَّ التوقيعُ في جانفي 9914 على اتفاقيةٍ خاصةٍ بإنشاء سوق للتجارة الحرة بين ثلاثِ دولٍ متجاورةٍ جغرافيًّا، وهي: الوِلاياتُ المتحدة الأمريكية، كندا، المكسيك، ويبلغ عددُ سكانِ دولِ هذه السوقِ نحوَ 36 مليون نَسَمةٍ، وحجمُ اقتصادِ دولِ هده السوقِ نحو 7، 5 تريليون دولار كما سبق بيانه، ومما يَجدر ذِكرُه أنَّ المكاسبَ المتوقعةَ من اتفاقيةِ "نافتا" لا تَقِلُّ أهميةً عن "الجات" الجديدة.

ومن المقارنة للزاوية القانونية يُمْكن التعرُّضُ لبعض التجمُّعاتِ؛ منها: التروست، الكارتل، الكونزارن، فلقد اخترنا هذه المجموعةَ لدراسةٍ شاملةٍ لمختلِفِ مناطقِ العالَم، ومختلِف التجارِب، وسنُعرِّف كلَّ واحدة كما يلي:
أ- التروست TRUST:
يُعطَى اسمُ TRUST لتجميع مجموعةِ منشَآتٍ تحتَ إدارةٍ واحدة، حيثُ تفْقدُ المنشآتُ المتجمعةُ والمتحدةُ حريتَها الكاملةَ تمامًا، كذلك يُمكِن أن تُسمَّى مُنشَأةٌ صناعية أو تِجارية بـTRUST إذا استطاعتْ أن تكون جدًّا قويةً في بلَدِها، سواء كانت عدَّةُ القوةِ نابعةً مِن تجميعِ عددٍ من المُنشآت، أو ناتجةً عن توسُّع منشأةٍ واحدة.

ب- الكارتل KARTEL:
هو عبارة عن اتفاقٍ بين مجموعةِ منشآتٍ، في هذا النوعِ لا تذوبُ المنشآتُ لتَظهر منشآتٌ جديدةٌ، كلُّ منشأةٍ تحافظ على وَحْدَتِها، كما يتمتَّع المنضَمُّون باستقلاليَّتِهم؛ لكن تُقيَّد حريتُهم فيما يتعلَّق ببعضِ (القضايا) التي تَكُون محلَّ اتفاقٍ.

والكارتل هو شكل من أشكال الاحتكار، هدفُه يتمثل في الاتفاقِ بين المنظِّمِين على إلغاءِ التنافُسِ فيما بينهم، والسعْيِ وراءَ تحقيقِ احتكارٍ جماعيٍّ في السوق، وهذا النوع من التَّمَرْكُز لا يزالُ يسيطِر على السوقِ الدولية، خاصةً فيما يتعلَّقُ ببعض المنتجات الأساسية؛ كالبترول، والقمح، والقهوة... إلخ.

جـ- الكونزرن KONZERN:
يُقصد به مجموعة منشآتٍ تشترك في صَيْرُورَةٍ وإنتاجٍ مشترك (صناعات الحديد مثلاً) لها إدارةٌ موحَّدة، لكنَّ المنشآتِ تحتفِظُ بهُويتِها القانونيةِ بشكلٍ منفصِل، ويتم الاندماج عن طريق المشاركة المالية المتقاطِعَةِ، ويَعني ذلك أنَّ المنشأَةَ (أ) تمتلك جزءًا من رأسِ المال في شكل أسهُمٍ في المنشأة (ب)، والعكس صحيح.

ونلاحظ أنَّ هذا الشكلَ ذكيٌّ؛ حيث يُستعمل جليًّا لتفادي القوانين التي تحدُّ من الاحتكار.

الصيغُ البديلَةُ للاستثمارِ الدولي[6]

ALTERNATIVE FORMULATIONS OF INTERNAIONAL INVESTMENT

تعرَّضْنا إلى إعطاءِ تعريفٍ للاستثمار الدولي، والذي هو: كل استثمار يتم خارج موطنه؛ بحثًا عن دولة مضيفة؛ سعيًا وراء تحقيق حزمة من الأهداف الاقتصادية والمالية والسياسية، سواءٌ لهدفٍ مؤقَّتٍ، أَمْ لأجَلٍ محدَّد، أمْ لأجيالٍ طويلة.

وتأخذ الاستثماراتُ الوافدةُ المباشرةُ صيغًا بديلةً غيرَ الاستثمارِ الدولي، وهي:
أولاً: الشركةُ متعددةُ الجنسيةِ:
يُطلق عليها أيضًا الشركاتُ العابرةُ؛ حيث يمتلك رأسَ مالِها أكثرُ مِن دولة أو شركة، أو مَزيجٍ من الاثنين، ومن النماذجِ الشائعة في حقلِ الأعمال الدولية من هذا النوعِ من الشركات - ما يلي: شركاتُ البترول وبدائلِ الطاقة، شركاتُ البيتروكمياء، شركاتُ الأدوية، شركاتُ الصناعة في جميع بدائلها ومجالاتِها، شركات المقاولات وموادِّ البناء، البنوكُ وشركات إعادة التأمين، شركات التجارة الدولية والمعلوماتِ... وغيرُها.

ويَرجع تمتُّعُ تلك الشركاتِ متعددةِ الجنسياتِ بقدْرٍ مِن وَفْرَةِ رؤوسِ الأموال، والتكنولوجيا المتطورةِ، واتساعٍ للأسواق الدولية، والإنتاجِ كبيرِ الحجْمِ، وارتقاءٍ لمستوى الجودةٍ - إلى التخطيطِ الإستراتيجيِّ والتنبُّؤَاتِ بالمستقبل، في ظل سيناريوهات بديلةٍ، وتنظيمٍ مَرِنٍ وفعَّال، وطبقةٍ من المديرين الفعالين.

ثانيًا: الشركات المشتركة:
وتتضمَّن مشاركةَ أحدِ أو بعضِ المستثمِرين المواطِنين مع شركاءَ مِن دولةٍ أخرى، وينتشِرُ هذا النوعُ من الاستثمار في الدول العربية، ويفضِّل المستثمرُ الأجنبي توَفُّرَ شركاءَ قادرين ماليًّا في الدولةِ المضيفةِ؛ حتى لا يتحملَ مخاطرَ استثمارٍ هائلةً، قد يتحملُها هو نفسُه دونَ غيرِه.

ثالثًا: الاستثمار في إنشاء فرع للشركة الدولية:
تَسعى الشركاتُ الدولية عند بحثِها عن الأسواق إلى تصريفِ فائضِ المخزونِ؛ بغَرضِ التوسُّعِ والنمُوِّ، وتحقيقِ أرباحٍ إضافيةٍ، والتخلصِ من تكنولوجيات متقادمة، أو القيامِ بالتجارِب العلمية في الدول المضيفة، أو التخلصِ من الضرائب الباهظة في دول المقر الرئيسي... أو غيرِ ذلك، ويتمُّ ذلك عن طريقِ إنشاءِ فروعٍ للشركة في دُول أخرى، وتنظَّمُ العلاقةُ بين المركزِ الرئيسيِّ والفروعِ من حيثُ اختصاصاتُ وصلاحياتُ الفرعِ، والتفويضُ الموكَّلُ إليه، ونوعُ النشاطِ وَفْقَ اتفاقياتِ ومراجعاتِ الدُّولِ المضيفةِ.

رابعًا: الاستثمار في الفروع الفرانشايز (Franchise):
تسعى الشركات الناجحة في الدول الصناعية إلى بيعِ خِبْراتِها المتكاملةِ في أحد الأنشطة لأحَدِ الدول المتقبِّلةِ مقابلَ عمولةٍ أو رسمٍ، بالإضافة إلى نسبةٍ سنويةٍ من المبيعات أو الأرباح الصافية؛ وذلك شريطةَ الالتزامِ بالاسمِ التجاريِّ، والعلاماتِ التجاريةِ، ومواصفاتِ المنتَجِ، ويعدُّ هذا النوعُ من الأعمال الدولية ليس استثمارًا مباشرًا مِن الدرجة الأولى، بقدر ما يعدُّ بيعًا لتكنولوجيات محددَّةٍ، أو مَعْرِفة محتكَرة لشركةٍ ما، مثالُ ذلك سلسلةُ المطاعمِ العالَمية أو المتاجر المعروفة عالميًّا، ومن ثَم يَغْلب هذا الطابَعُ من الاستثمار على قطاعات الخدمة أكثرَ من قطاعات الإنتاج، كما أنه لا يُعدُّ تحويلاً للاستثمارات الدولية إلى الدولة المضيفة، وتَسعى الفنادقُ العالميةُ إلى استخدامِ هذا النوعِ مِن الأعمال الدولية؛ لتحقيقِ عائدٍ ضخمٍ على الاستثمارات المقدَّمةِ مِن الشريكِ المحلِّيِّ في الدولةِ المضيفة.

خامسًا: وكلاء التوزيع:
يعدُّ الوكيلُ الوحيدُ أو وكلاءُ التوزيعِ لمنتجاتِ الشركاتِ الدوليةِ، أحدَ أشكالِ الأعمالِ الدوليةِ التي تحتاجُ للاستثمارِ الدوليِّ المشترَكِ، ويَشتهر هذا الاستثمارُ في قطاعاتِ السياراتِ والآلاتِ الثقيلةِ والمعمَّرةِ، ويتمُّ التوزيعُ على أساسِ بضاعة أمانة مقابلَ عمولةٍ، أو بالحصولِ على تسهيلاتٍ من الشركة الدولية في البيع والتحصيل، وتَلعَبُ الضرائبُ والرسومُ دورًا هامًّا في تحجيم أو توسيعِ قاعدة الوكلاء الدوليين في الدولة المضيفة.

سادسًا: الاستثمار في عملية تسليم المفتاح:
يأخذ الاستثمارُ الوافدُ أيضًا شكلاً آخرَ، هو عملياتُ تسليمِ المفتاحِ، ويُقْصَدُ بهذا النوعِ مِن الأعمال الدولية انتهاء دور المستثمر الدولي وقتَ الانتهاءِ من المشروع وتسليمِ مِفتاحِ تشغيله، كما هو الحال في قطاع الإنشاءات والمباني، ومحطات الكهرباء والفنادق.

سابعًا: المحاصَّة الدولية والعقود المؤقتة:
يقصد بالمحاصَّةِ الدولية الاستثمارُ الوافدُ لفترةٍ محدَّدة في العقدِ، مثل حقِّ الامتياز أو التشغيل لفترةٍ محدَّدة، وغالبًا ما تسعى الشركاتُ الدوليةُ إلى الحصولِ على حقوق امتيازٍ لفتراتٍ طويلةٍ؛ سعيًا وراءَ تحقيقِ أكبرِ قدرٍ من العائد، كما قد يكونُ الاستثمارُ مملوكًا بالكامل للشريك الأجنبي، أو مشارَكَةً مع مستثمرين مواطنين، ويَلعب التفاوضُ هُنا دورًا أساسيًّا في تحديدِ حقوقِ وواجباتِ كلِّ طرَفٍ من أطراف التعاقد، إلا أنَّ الاتجاهَ العامَّ في المحاصَّة الدولية هو تشغيلُ استثماراتِ الدولةِ الوافدةِ بدلاً من توظيف استثمارات دولية.

ثامنًا: الاستثمار في الإنتاج الدولي:
يُقصد بالإنتاج الدولي عملياتُ الإنتاجِ والتجميعِ التي تَتِمُّ في دولةٍ ما لِصالح دولةٍ أخرى، ويَأخذ الإنتاجُ الدوليُّ مكانَه الطبيعيَّ ضِمْنَ برامِجِ الإنتاجِ الأخرى؛ بدافعِ الاستفادةِ مِن المزايا النسبيةِ للاستثمارِ في الدولة المضيفة، مثل: انخفاضِ أسعارِ الموادِّ الخام والأجورِ والطاقةِ، أو القرْبِ من أسواقِ التصدير، أو وفْرَةِ العِمَالةِ الماهرةِ، ومثالُ ذلك إنتاجُ بعضِ المنتَجاتِ ذاتِ العلاماتِ التِّجارية المشهورة في دولةٍ مضيفة، ثمَّ إعادةُ تسويقِها عالميًّا، مثالُ ذلك إنتاجٌ أمريكيٌّ في تايوانَ أو هونج كونج، أو إنتاج العطورِ أو أدواتِ التجميل الفرنسيةِ في المغربِ العربيِّ.

تاسعًا: عقود الإدارة:
قد تسعى الدولةُ المضيفة للاستثمارات الوافدةِ إلى اتِّبَاعِ أسلوبِ عقود الإدارة، كَأَخْذِ أشكالِ إدارةِ الأعمالِ الدوليةِ، وخاصةً في مجالاتِ الفَنْدَقَةِ السياحيَّةِ، والضرائب، وبعض الأنشطة الهامة الأخرى، ويترتَّب على عقودِ الإدارةِ عملياتُ تحويلٍ للعُملاتِ الحُرَّة إلى خارجِ الدولة المضيفة متمثَّلَةً في الأجورِ والحوافزِ، وهي تُمَثِّلُ كَسْبًا كبيرًا للإدارة الأجنبية الوافدة.

عاشرًا: المعونات الفنية والمنح:
تعدُّ المعوناتُ الفنية والمِنَحُ أحدَ صيغِ التدفُّقاتِ الاستثماريةِ مِن الجهةِ المانحةِ إلى الدولةِ المضيفة؛ لذلك يجب أن تُرَاجَعَ دَوريًّا قبلَ إقرارِها وقَبُولِها؛ نظرًا لأنَّ المانحَ يَسعى لمصالحة الخاصة، ومِن ثَم يجبُ أنْ ينظر إلى تلكَ المعوناتِ مِن مَنظورِ المكاسب والتكاليف، وبالتحديد قد يكون المانحُ للمعونةِ حريصًا على التخلُّصِ مِن مستلزَماتِ إنتاجٍ، أو منتجاتٍ مخزونةٍ في بلده، أو انتهت فترة صلاحيتها، يَودُّ التخلصَ منها بإعطائها للدولةِ المضيفة، كما قد يكونُ الهدفُ أيضًا توظيفَ طاقاتٍ عاطلةٍ لديه، أو تقديمَ استثماراتٍ لفتحِ أسواقٍ، أو لأغراضٍ أخرى، مثالُ ذلك برامجُ المعونةِ الفنيةُ التي تقدِّمها إنجلترا وألمانيا وإيطاليا للدول النامية.

الصيغ البديلة للاستثمارات الدولية غير المباشرة

ALTERNATIVE FORMULATIONS OF INTERNAIONAL

INVESTMENT INDIRECT

يُقصد بالاستثمارات الدولية غير المباشِرة كلُّ استثمارٍ في الأصول والأوراق المالية وأسواق المال الدولية، إذًا هي العملاتُ والأوراقُ النقديةُ الماليةُ وحِصَصُ رأسِ المالِ في صناعةِ التمويل التي تَجذبُ رؤوسَ الأموالِ الدوليةِ.

مخاطرُ الاستثمارِ الدوليِّ

كثيرٌ من الاستثمارات الدولية هي أكثرُ خطورةً مِن الفرص المحلية، ولكنَّ الثمارَ المحتمَلَةَ مِن الناحيةِ المقابلةِ كبيرةٌ وأكثر، وإن الاستثمارَ في الخارجِ يمكن أنْ يَكون مربِحًا على المدى الطويل، إلا أنَّ هناك عددًا مِن مخاطرِ الاستثمار الدولية التي سيُنظَر فيها قَبْلَ الاستثمارِ على الصعيدِ الدوليِّ، وتلك المخاطرُ هي جزءٌ لا يتجزَّأُ مِن اللُّعْبَةِ الاستثماريةِ، لكنَّها بنفس الوقت تساعدُ على التخطيطِ للمستقبلِ، والتخفيفُ منها - بقدر الإمكان - يُعدُّ جانبًا هامًّا من جوانب الاستثمار الدولي؛ لذلك فمِن الأفضل للمستثمرِ الدوليِّ أنْ تكونَ لديه فكرةٌ جاهزةٌ، مع بعض خططٍ طويلةِ الأجَلِ تَمتدُّ من فترةِ خمس إلى عشْرِ سنواتٍ؛ مِن أجْلِ تخفيضِ مَخاطِرِ الخَسارةِ جَرَّاءَ ركودِ السوق.

المَخاطرُ التي تحتاجُ إلى أنْ تُوضع في الاعتبارِ عند الاستثمار دوليًّا – أي: في الخارج - هي كما يلي:[7]
أولاً: الارتباطات بين الأسواق الدولية والمحلية:
:CorrelationsbetweenInternational and Domestic Markets
يُعتقد عمومًا أنَّ هناك ارتباطًا كبيرًا بين الأسواقِ المحليةِ والدولية منها، والذي هو في الحقيقةِ مُفيدٌ للمستثمِرِ الدوليِّ؛ حيث إنَّ الاتجاهاتِ الأخيرةَ تُبيِّن أنَّ هذه العلاقاتِ المتبادلةَ آخذةٌ في الازدياد، لكنَّ هذه الارتباطاتِ تَزيد - على ما يبدو - خلالَ حصولِ هبوطٍ وانخفاضٍ في الأسواق، هذا الموضوعُ مُقْلِقٌ؛ لأنه إذا كانت ستعود بالفائدة على المستثمرين خلالَ تراجعٍ في الأسواق المحليةِ؛ فإنَّ السوقَ الدوليةَ سيُؤَثِّرُ عليها بطريقةٍ سلبيةٍ؛ بل أكثرَ من ذلك، فقد يكون هذا الاتجاهُ في الواقعِ أكثرَ انتشارًا في الأسواقِ المستقرةِ مما هو عليه في الأسواق الناشئة.

ثانيًا: ارتفاعُ التكاليف Higher Costs:
الاستثمار في الأسواق الدولية يمكن أنْ ينطوِيَ على تكاليفَ أعلى تُجاهَ المستثمرِ؛ نتيجةً لارتفاعِ تكاليفِ معاملات اللجان والسوق وغيرها، وكذلك أثرُ ارتفاعِ تكاليفِ إدارةِ المحافظ بسبب زيادةِ تكلِفةِ البحث، وهَلُمَّ جَرًّا... هذا يكون له تأثيرٌ سلبيٌّ على المستثمِرين الدوليين، وينبغي النظرُ أيضًا إلى تكلِفة ضرائبِ الاستثمارِ وغيرِها من الضرائبِ غير المتوقَّعة في البلدان الأجنبية، حتى تقلبات أسعار العملات في بعض الأحيان يمكن أن تكون باهظةَ التكلِفة بالنسبةِ للمستثمِر الدولي.

ثالثًا: العامل النفسي لدى المستثمر Investor Psychology:
في أي استثمارٍ يُوجَد للمستثمرِ علمٌ نفْسيٌّ يَلعب دورًا هامًّا في الاستثماراتِ الدولية؛ حيث يُمكِّن المستثمرَ مِن عَقْدِ استثماراتٍ طويلةِ المدَى ولِفترةٍ قليلة، بدلاً من الوقوع في خسائرَ، وذلك عن طريق البيعِ في وقتٍ مبكر، إجمالاً معظمُ المستثمرين يَعتقدون أنَّ الأسواقَ الدولية ليستْ متقلِّبَةً، ولكنْ مِن المرجَّحِ أنْ تتعرَّضَ لخسائرَ، صحيحٌ أنَّ التقلبَ موجودٌ، ولكنْ يُمكن تخفيفُه مِن خلالِ التنويعِ في صناديقِ الاستثمارِ الدولية، إنَّ الإفراطَ الحذِرَ بين المستثمرين - عندما يَرون خسارةً في الاستثمارات الدولية - يؤدِّي بهم إلى البيعِ في أقربِ وقتٍ مع مستوًى مماثلٍ للخطرِ في السوق المحلية، فينبغي على المستثمِر أنْ ينظر في محفظتِه بالكامل قبلَ اتخاذِ قراراتٍ متسرعةٍ، وخصوصًا إذا كان السُّوقُ المحليُّ ما زال قويًّا، وهنا تَلعب العواملُ النفسية دورَها، فمِن الخطأِ وضعُ الاستثماراتِ الدولية في عُزْلةٍ.

إنَّ مِفتاحَ الاستثمارِ في الأسواق الدوليةِ هو وضعُ المستثمرِ لإستراتيجيةٍ تجعلُه مُرتاحًا، وألاَّ يتخلَّى قبلَ الأوان، وتعتمد أيضًا على قدرة الفرد في قَبول التقلُّباتِ اليومية، فالمستثمرون الأذكياءُ فَهموا أنَّ الوِلايات المتحدة الأمريكية ليست المكانَ الوحيدَ في العالَم لاستثمارِ رؤوسِ الأموالِ وكسْبِ المال.

رابعًا: مخاطر أسعار الصرف[8] Exchange Risk
يتعرض المستثمِرُ الدوليُّ لنوعٍ مِن المخاطر يُطلَق عليها مخاطرُ الصَّرْفِ، الناجمةُ عن التقلُّبِ في أسعارِ الصرف بين العُملات، وعادةً مَا يُقاس التقلبُ في سِعْرِ الصرف بمعدل العائد الشهري الذي يحققه المستثمرُ الذي يمتلك رصيدًا مِن عُملةٍ معيَّنة، والذي يُقاس بالمعادلة:
م = س - س*/ س*= س/ س*-1

حيث (م) تمثِّل معدَّلَ العائدِ الذي يحقِّقه المستثمرُ، و(س) تمثل سعْرَ صرفِ عملةٍ معينة في بداية الشهر، و(س*) تمثل سعر الصرف في نهاية الشهر.

رابعًا: المخاطر السياسية[9]: Political risk
يُعرِّف بريلي مايرز BREALY MAYERS المخاطرَ السياسيةَ بأنَّها: المخاطرُ التي يَتعرَّضُ لها المستثمرون الدوليُّون في نقض الحكومة لوعودها لسبب أو لآخر، وذلك بعدَمِ تنفيذِ قرار الاستثمار.

أو هو: مصطلح يستخدم عادة لوصفِ مختلِفِ المخاطرِ، التي تَأتي مِن ممارسة الأعمال التِّجاريةِ تَحتَ ولاية حكومةٍ أجنبيةٍ ونظامِها القانونيِّ.

وتتراوحُ المخاطرُ السياسيةُ مِن مجرَّدِ مخاطرَ محدودةِ التأثيرِ إلى مخاطرِ استيلاءِ الحكومةِ الأجنبيةِ كليَّةً على عملياتِ الاستثمار، وهناك كثيرٌ من المخاطر القانونية في مجال الاستثمار الدولي، ببساطة تَنْبُعُ تلك المخاطرُ مِن عدمِ القدرةِ على التنبؤِ بالنُّظُمِ القانونيةِ والتنظيميةِ الأجنبيةِ وتَحدُث مِن خلالِ أساليبَ متعددةٍ، هي[10]:
1- المُصادَرة: Expropriation:
الشكل السياسي الأكثرُ خطرًا في مجالِ الاستثمار الدولي المباشر أو غير المباشر - هو مصادرةُ الأصولِ أو الممتلكاتِ، هذا يَحدث - عادةً - عندما تَستحْوِذُ الحكومةُ على مِلكيَّةِ الاستثمارِ لأغراضِها الخاصَّةِ، أو تقوم بتوزيعِه على المستثمِرين المحليِّين ذَوِي القِطَاعِ الخاصِّ، فالاستيلاءُ على النِّفْطِ وغيرِها مِن الثَّرْوات المعدِنيةِ هو مِثالٌ كِلاسيكيٌّ للمصادَرةِ المباشِرَةِ، أما المصادَرةُ غيرُ المباشِرةِ فيُمكِن أنْ تَحدث تدريجيًّا على حقوقِ ملكيَّةِ المستثمرين الأجانبِ مِن خلال تعريضها للتآكل في مجموعةٍ متنوعةٍ مِنَ الطُّرُقِ.

2- الحمايةُ القانونية وسُبُلُ الانتصاف:Legal Protections and Remedies:
شكلٌ آخرُ ذو خطَرٍ كبيرٍ في مجالِ الاستثمارِ الدوليِّ هو عدمُ وجودِ الحمايةِ القانونيةِ، وسُبُلِ إنصافٍ ملائِمةٍ.

في كثير مِن الحالات قد لا تكونُ هناك سُلْطةٌ قانونيةٌ واضحةٌ مع أيِّ اختصاص لتصحيح المَظالمِ، مثل المصادرةِ، وفي حالات أخرى قد تفتقِرُ السلطةُ إلى القدرةِ على صياغةِ أوْ فرْضِ حلٍّ مناسب.

الرِّقابةُ على نتائجِ (غوغل) للبحثِ في الصِّينِ الذي حصَل مؤخَّرًا هو خيرُ مثالٍ على الحالةِ التي لا يوجَدُ فيها علاجٌ قانونيٌّ واضحٌ، حتى عندما تتوفَّرُ مثْلُ هذه الحمايةِ، فإنَّها تَكون مكلِّفَةً أو تستغرِق وقتًا طويلاً.

3- المُعاهَدات والاتِّفاقِيَّات: Treaties and Agreements:
تَنشأ المعاهَداتُ مِن أجْلِ تشجيعِ الاستثمار الدولي، لكنَّ حدوثَ تغيُّراتٍ في تلك المُعاهدات أو الاتفاقياتِ بينَ الدُّولِ تُؤَثِّر سلْبًا على الاستثمارات الخاصة أو الأعمالِ التِّجارية، على سبيلِ المثالِ معاهَداتُ الحدِّ أو التخفيضِ مِن الكربون تؤثِّرُ تأثيرًا مباشرًا على تكْلِفة أنواعٍ واسعةٍ مِن الأعمالِ التِّجارية مع دخْلٍ قليلٍ نسبيًّا للمستثمرين، مثلَما حصَل باتفاقياتِ قانونِ الأراضي في الوِلايات المتحدة الأمريكية.

4- الشفافية والتنظيم: Transparency and Regulation:
هناك خطرٌ آخرُ أكثرُ دقَّةً وقانونيةً يقابِلُ الاستثماراتِ الدوليةَ هو التنظيمُ المباشرُ لنظامِ الإفصاحِ والشفافية الكاملةِ، فالأعمالُ التجارية المحلية في الوِلايات المتحدة عُرْضَةٌ لمتطلَّبَاتِ الإفصاحِ في عمليَّاتِ البورصةِ، وهناك شفافِيَةٌ نِسبيَّةٌ حولَ تلك العملياتِ ومواردِها الماليةِ، أمَّا الأعمال التجارية في البلدان الأخرى، فغالبًا ما تكون تحتَ أيِّ التزاماتٍ مِن هذا القَبيل؛ مما يجعلُ الاستثمارَ في جوهره أكثرَ خطورةً؛ حيث إنَّ المعلوماتِ الكافيةَ والموثوقةَ لا يمكنُ الحصولُ عليها، وهناك أيضًا احتمالٌ: أنَّ الهيئاتِ التنظيميةَ الخارجيةَ سوف تُحاكم وتحصل على أحكامٍ سلبيَّةٍ لن تَحدُثَ في الوِلايات المتحدة، كما حدَث عندَ مكافَحةِ الاحتكارِ في الاتحادِ الأوروبيِّ وَجدت ممارساتُ (إنتل) أنَّها مناهِضةٌ للمنافَسة مما فرَض عليها غرامةً قدرُها 1.06 مليار جنيه إسترليني (1.44 مليار دولار).

مخاطرُ الاستثماراتِ الدوليةِ على اقتصادياتِ الدولِ المضيفةِ[11]:
إن مناطِقَ إدماجِ رؤوسِ الأموال الدولية والأجنبية تؤثِّر في الاقتصاديات المحلية، وسنحاول الإشارةَ إلى المخاطر الواقعة على التبَعِيَّة التكنولوجية، وميزانِ المدفوعات، والعِمَالةِ والدَّخْلِ، والسوقِ المحلية:
1- مخاطرُ التبعيةِ التكنولوجيةِ:
تتمثل التبعيةُ التكنولوجية في بلدٍ ما في أنْ يكُونَ هذا البلدُ غيرَ قادرٍ خلالَ مدَّةٍ طويلةٍ على استعمالِ أو صيانةِ أو ابتكارِ منتجاتٍ جديدة، أو ما يتصل بها من طرق تنظيميَّة، وترجعُ حالةُ التبَعيةِ هذه إلى انعدام أو نقص الموظفين الأَكْفاء اللازمين لأعمال الإنتاج في المصانع، ولقد أدَّت عمليةُ تراكمِ رأسِ المالِ إلى توسيعِ وتنويعِ نماذجِ الاستثمارات؛ مما أدى إلى ازدياد التبعية التكنولوجية.

2- المخاطر المحتملة على ميزان المدفوعات:
المؤيِّدون لفكرة الاستثمار الدولي يَجدون في الاستثمارات آثارًا إيجابيةً على الدولة المضيفة؛ نظرًا لزيادةِ تلك الدولةِ مِن النقْدِ الأجنبيِّ (حساب العمليات الرأسمالية)، إلا أنَّ تلك الآثارَ قد تكونُ سلبيةً على ميزان المدفوعات؛ لسببين:
1- الاستثماراتُ الدوليةُ تحقِّقُ زيادةً مِن الوارداتِ فيما يَخصُّ السِّلَعَ والخِدْمَاتِ؛ حيثُ يُمْكن ملاحظةُ شيءٍ مِن عَدَمِ المرونةِ في نَمطِ الواردات، ويرجِعُ ذلك إلى نِسَبَ مشترياتِ الموادِّ الأوليةِ لِهيكلِ الإنتاج الذي تمَّ بناؤُه.
2- تُسبِّب تلك الاستثماراتُ المزيدَ من الضغوط على حالةِ ميزان المدفوعات في الدولة المضيفة، وذلك نتيجةَ سياسةِ تَسْعِيرِ الصادراتِ والوارداتِ التي تتْبَعُها الاستثماراتُ الدولية، وإذا ما حُلِّلَ أثرُ الأسعارِ على ميزان المدفوعات التِّجاري تَبْرُزُ حقيقةٌ مهمةٌ، وهي أنَّ الروابطَ التي تربِطُ البلدَ المضيفَ مع البُلدانِ المتقدمةِ مِن خلال الاستثمارات الدولية تُحوِّلُها إلى مَنطِقة ذاتِ تضخُّمٍ عالٍ ومتزايدٍ.

3- المخاطر المتوقَّعَة على العمالة والدخْل:
إنَّ السياسةَ التي تختارُها الدولةُ - مهما كانت طبيعتُها - تُثير مشاكلَ الحدِّ مِن البَطالةِ على المدى القصير، هذه المشاكلُ التي تزدادُ تفاقُمًا نتيجةً لدورِ المؤسسات الدولية.

إنَّ وجودَ مؤسساتٍ دوليةٍ لتنفيذِ مشاريعِ الاستثمارِ - سواءٌ مباشَرة أم عن طريق الشركات المتعددة الجنسيَّات - هو بالتأكيد يَجعل هذه الظاهرةَ أكثرَ انتشارًا، والتي تُوجَد ضمنيًّا في الإستراتيجية التي تم اختيارُها، ولقد أجبرت الأساليبُ المستعمَلة في البحث عن توظيف عمال من ذوي المهارات المباشرة، وإنشاء برامج تدريسية على تكوين عمال آخرين جُدُدٍ.

4- المخاطر المحتملة على هيكل السوق المحلي:
تتمتَّع الاستثماراتُ الدوليةُ بِوضْعٍ احتكاريٍّ أو شِبْهِ احتكاري في الدول المضيفة، وذلك راجعٌ إما لانفرادِ تلك الاستثماراتِ بإنتاجِ أصنافٍ أو سِلَعٍ متميزةٍ لا يتَوفَّرُ لها بدائلُ في أسواقِ تلك الدولةِ، أو تستحوذُ على شريحة كبيرةٍ مِن طَلَبِ السوقِ لتلك الدولةِ المضيفة التي تكْفل لها القيادة السِّعرية؛ مما يؤدي إلى تعريض المستثمِر المحليِّ إلى مشاكلَ في تصريف منتجاته.

الخاتِمة

الاستنتاجات:
1- إنَّ الاستثمارَ الدوليَّ له أهميةٌ وضرورةٌ لدى الكثيرِ مِن الدولِ؛ لما يَجلبه مِن فوائدَ ومنافعَ اقتصاديةٍ واجتماعيةٍ وسياسيةٍ، ولكنْ تَحتاجُ إلى إستراتيجيات خاصَّةٍ للتعاملِ معها.
2- إنَّ التشديدَ على موضوعِ الإصلاحِ الاقتصاديِّ في الدول التي تحتاج إلى الاستثمارِ الدوليِّ سيعطِي فُرصةً حقيقيةً للمشاركةِ في تلك الاستثماراتِ.
3- إنَّ المستثمرَ الدوليَّ بإمكانِه تجاوزُ المَخاطرِ في حالة الانفتاحِ الاقتصاديِّ وتحريرِ التجارةِ العالميةِ، دونَ الوقوعِ في مشاكلَ سياسيةٍ قد تُصيبه بشكْلٍ غيرِ متوقَّعٍ.
4- إنَّ الدولَ المضيفةَ تستطيعُ التنويهَ بأهميةِ ترويجِ الاستثمارِ الدوليِّ مِن خلال دور هيئاتِ الترويج؛ مما يُؤدي إلى زيادةِ التدفُّقَات الاستثمارية وتوجيهِها بشكلٍ مدروسٍ نحوَ رفْعِ معدَّلاتِ النُّمُوِّ، وتوفيرِ فرصٍ للعمالة المحلية.

التوصيات:
1- تحقيقُ توازنٍ حقيقي بين الاستثمار المحلي والدولي؛ مما يُؤدي إلى الحفاظِ على المكاسبِ الخارجيةِ، وفي الوقت نفسه يعمل على عدمِ تأثر أو تعرُّض اقتصاد هذه الدولة إلى انخفاضٍ في النُّمو، وزيادة في مُعدلات البطالة، ورُكودٍ للسلع والبضائع الوطنية.
2- استقطابُ التكنولوجيا الماليةِ والنقدية التي تساعد على رفع قدرة الاقتصاد على الصعيد القُطْري والإقليمي، ويشمل بالأخصِّ الدولَ الناميةَ؛ لأنَّها تفتقر للتكنولوجيا المتخصصة في تطوير قطاع الطاقة والخدمات وغيرها.
3- ضرورةُ تركيزِ الاستثماراتِ الدوليةِ في الاقتصاد الحقيقي التي تُدِرُّ عوائدَ عاليةً على الدولة المضيفة على المدى القصير والطويل، بدلاً من توجيهها إلى قطاعات غيرِ منتِجةٍ وفاعِلة في عملية التنمية.

المصادر والمراجع
الكتب والأبحاث:
1- تشام، فاروق، الاستثمارات الأجنبية المباشرة وآثارها على التنمية الاقتصادية، كلية العلوم الاقتصادية والتجارية، الجمعية العلمية، وهران، الجزائر.
2- الجميل، سرمد كوكب، الاتجاهات الحديثة في العمليات الدولية، دار وائل للنشر، عمان، 0021.
3- قادري، عبدالعزيز، الاستثمارات الدولية، دار النشر 34 البرويار، الجزائر، 0024.
4- النجار، فريد، نظريات التمويل ونماذج الاستثمار (9918)، وكالة أهرام التوزيع، القاهرة والبورصات وهندسة المالية (9918)، مؤسسة شباب الجامعات، الإسكندرية.
5- هندي، منير إبراهيم، الفكر الحديث في هيكل تمويل الشركات، مطبعة الدلتا، الإسكندرية، 00. 28.

المصادر الأجنبية من المواقع الإلكترونية:
1- http: //www.ehow.com/list__legal-risks-international-investment.html
2- http: //ezinearticles.com/?Risks-of-International-Investment - -Part-II&id



ــــــــــــــــــــــــ
[1] النجار، فريد، نظريات التمويل ونماذج الاستثمار (1998)، وكالة أهرام التوزيع، القاهرة والبورصات وهندسة المالية (1998)، مؤسسة شباب الجامعات، الإسكندرية، ص 122.

[2] النجار، فريد، نظريات التمويل ونماذج الاستثمار (1998)، مرجع سابق، ص130.

[3] قادري، عبدالعزيز، الاستثمارات الدولية، دار النشر 34 البرويار، الجزائر، 2004، ص220.

[4] يتمتع مصطلح الأفشور Offshore بكِيانٍ قانونيٍّ يمارس أعماله الاستثمارية في غير البلد المستضيف للمركز؛ أي: تَنشأ شركات الأفشور بعيدًا عن موطنها الأصلي، ولا يُسمح بممارسة أي نشاط تجاري أو استثماري في البلد الذي أسست به شركة الأفشور؛ فعلى سبيل المثال: إذا أسستْ شركة الأفشور في تركيا فإنها تمارس أعمالها التجارية والاستثمارية في أية دولة في العالم ما عدا تركيا، وللأفشور عدة مرادفات تستعمل في عدة مناطق في العالم؛ مثل: شركات الأعمال الدولية InternationalBusiness Companies IBC، أو wholesales، أو تحت اسم: "الشركات المعفاة".

[5] قادري، عبدالعزيز، "الاستثمارات الدولية"، مرجع سابق، ص227.

[6] النجار، فريد، مرجع سابق، ص125.

[7] ezinearticles.com/?Risks-of-International-Investment - -Part-II&id: //http

[8]الجميل، سرمد كوكب، "الاتجاهات الحديثة في العمليات الدولية"، دار وائل للنشر، عمان، 2001، ص114.

[9] هندي، منير إبراهيم، "الفكر الحديث في هيكل تمويل الشركات"، مطبعة الدلتا، الإسكندرية، 2008، ط2، ص595، 594.

[10] http: //www.ehow.com/list__legal-risks-international-investment.html

[11] تشام، فاروق، الاستثمارات الأجنبية المباشرة وآثارها على التنمية الاقتصادية، كلية العلوم الاقتصادية والتجارية، الجمعية العلمية،، وهران، الجزائر، ص14، 13.







المصدر...


الساعة الآن 01:34 PM

Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات

mamnoa 2.0 By DAHOM