شبكة ربيع الفردوس الاعلى

شبكة ربيع الفردوس الاعلى (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/index.php)
-   الموسوعة الضخمة المتنوعة ------------الحج و العمرة (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/forumdisplay.php?f=299)
-   -   الحج فرصة دعوية (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/showthread.php?t=233847)

ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران 02-12-2016 12:31 PM

الحج فرصة دعوية
 
الحج فرصة دعوية


الشيخ محمد بن عبدالله الهبدان





أيها الإِخوة الأكارم: استمعوا إلى هذه الأرقام:


عدد المشاركين في أعمال النظافة في المشاعر المقدسة أكثر من اثنين وعشرين ألف عامل، وهذه نسبة ولله الحمد يشكر المسؤولون عليها.
فالعناية بنظافة المشاعر أمر في غاية الأهمية حتى يؤدي الحاج منسكه في أماكن نظيفة وسليمة.
وعدد المشاركين في الأعمال الصحية والإسعافات الأولية تسعة آلاف وخمسمائة عامل هؤلاء غير القطاعات الخاصة كوزارة الدفاع والحرس وغيرها من القطاعات وهذا أيضًا مطلب مهم لخدمة حجاج بيت الله الحرام، والعناية بصحتهم، والمحافظة عليها.
بقي علينا أن نعرف أيها الأكارم ما هو أهم من ذلك كله..نعم أهم من ذلك كله!!
لأنَّ هؤلاء الحجاج ما قدموا لهذه البلاد من كل فج عميق، من أجل الحرص على صحتهم؟!! كلا؛ ولا من أجل العناية بنظافة أماكنهم..ولكنهم قدموا لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام.. قدموا استجابة لنداء الله - تعالى -.. ورجاء أن يعودوا وقد غفرت لهم ذنوبهم.. ويرجعوا كيوم ولدتهم أمهاتهم.. لقد جاءوا من كل مكان.. جاءوا من أطراف الدنيا الواسعة.. جاءوا وقد أنفق بعضهم كل ما يملك ليقيم فرض الله - تعالى -.. جاءوا وقد أضنوا أعمارهم، و أفنوا شبابهم، لجمع ما يحتاجونه لإقامة الركن الخامس من أركان الإسلام!! جاءوا وقد تركوا عيالهم، وبذلوا جهدهم، وتكبدوا مشاق السفر، ومتاعب الحلّ والترحال، والنزول والانتقال يرجون رحمة ربهم والفوز برضوانه!!
نعم لقد جاءُوا وقد كانوا ينتظرون هذه الفرصة بأحر من الجمر، وقد رأيناهم وهم يبكون فرحًا وشوقا لرؤية بيت الله الحرام.. رأيناهم والدموع تنهال من أعينهم.. رأيناهم وفي صدورهم أزيز كأزيز المرجل من البكاء.. هؤلاء الذين قدموا إلينا.. يا ترى كم سخرنا لهم من الدعاة إلى الله - تعالى -؟ كم من الموجهين والناصحين هيأنا لهؤلاء؟!! كم من العلماء وطلبة العلم نحتاجه لتقييم سلوك هؤلاء، وتفقيههم في دينهم، وتعليمهم هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - في حجه ونسكه.
ضع يدك على قلبك، حتى لا تُصدم بهذا الرقم.. نعم ضع يدك على قلبك؛ لأنها والله مأساة عظيمة أن يحدث مثل هذا.. أتعلم كم عدد الدعاة التابعين لوزارة الشؤون الإسلامية لأداء الإرشاد والتوجيه لحجاج بيت الله الحرام في العام الماضي فقط مائة وسبعون داعية!! وإذا أضفنا الدعاة الآخرين.. والذين يتبعون قطاعات أخرى كالحرس ونحوه يبلغ عددهم حوالي سبعمائة داعية!! عمال النظافة أكثر من اثنين وعشرين ألفًا!! والدعاة إلى الله - تعالى - الذين هم من ينيرون الطريق للناس فقط سبعمائة داعية!!

ومع هذا العدد الضخم من عمال النظافة نرى في المشاعر من الأوساخ والقذر الشيء الكثير.. بمعنى أن هذا العدد الضخم لم يكف لتغطية العمل المطلوب.. فكيف بسبعمائة داعية.. قل ألف داعية! قل ألفين داعية.. فماذا يصنع هؤلاء مع هذه الأعداد الضخمة؟!!

أيها المسلمون: مليونا مسلم قدموا من كل فج عميق يسخر لهم فقط هذا العدد؟!! مليونا مسلم يتعطش معظمهم للكلمة الطيبة، والتوجيه السليم، والمحاضرة الهادفة ومع ذلك نستقبلهم بمثل هذا العدد اليسير؟!!
مليونا مسلم فرصة سانحة وغنيمة باردة.. فلا يحتاج إلى تذاكر سفر ولا تأشيرات دخول، ولا قيمة السكن في الفنادق، ولا مصروفات المآكل والمشارب ومع ذلك نفرط في هذا الخير العظيم.
أيسركم يا أهل التوحيد أن يرجع هؤلاء بمثل ما جاءوا به؟!! أيسركم يا أهل الإيمان أن يعود هؤلاء ولم نصنع لهم برامج مفيدة، ترسخ فيهم معاني التوحيد الخالص، وتوضح لهم حقائق الإيمان، وتبين لهم بجلاء نواقضه؟!! أيسركم يا أهل الإسلام أن يعبث الأعداء بعقائد المسلمين المستضعفين فلما قدموا إليكم تخاذلتم في تعليمهم مسائل الاعتقاد؟!!
أيها الأخوة في الله: إنها مسؤولية الجميع في استغلال هذا الموسم العظيم للدعوة إلى الله - تعالى -، إننا نتحمل مسؤولية هؤلاء الذين قد غُرر بهم في بلدانهم، وقد ضمرت هوية الإسلام من بعضهم، وأصبحت عبادات بعضهم حركات وتمتمات تؤدى بصورة رتيبة بدون خشوع ولا خضوع، ولا استشعار لعظمة هذه العبادات، ومن ثم لا أثر لها في واقع الحياة، مسؤوليتنا في وضع برامج مفيدة، مسؤوليتنا في التخطيط المسبق لكيفية استثمار هذا الموسم!! مسئوليتنا أن نتبنى وضع لجان على مدار العام لوضع مقترحات ووسائل جديدة لهذه الأعداد الغفيرة!!
هذا الموسم العظيم.. وهذا الجمع الغفير.. تصور لو كان للنصارى هل كانوا سيفرطون به مثل ما فرطنا نحن؟!! تصور لو كان الذي يتولى أمره الرافضة هل يتصور أن يحصل عندهم العشوائية في العمل والفردية مثل ما نفعل؟!! تصور لو كان الذي يتولى شأنه الصوفية، هل يتصور أن تكون أعمالهم في الحج فوضوية؟!!
إذا كان الرافضة والصوفية قد استغلّوا هذا الموسم بكافة الوسائل الممكنة، فماذا قدمنا نحن؟!! لقد اشتكى رجال الجمارك من كثرة الكتب والنشرات التي يحضرها الرافضة من بلادهم لنشرها في المشاعر؟!! لقد بلغ بهم الحرص على الدعوة لباطلهم أن يأتوا إلى رجال الأمن ليدعوهم إلى مذهبهم الباطل؟ ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍
يا دعاة الإسلام.. يا حملة الشريعة.. يا طلبة العلم.. الله الله في الأمانة التي حملتم إياها.. الله الله في تبليغ دين الله - تعالى -للناس.. فقد رأينا عامة السائلين في كل واد يهيمون، للبحث عن من يحل إشكالاتهم، ويجيب على استفساراتهم.. الله الله في تربية الناس على دين الله - تعالى -، وإذكاء روح الحماس لديهم للعمل به، والدعوة إليه، والذود عن حياضه.
إلى متى يا دعاة الإسلام يظل الواحد منا متقوقعًا على مجموعة من طلبة العلم، في إحدى الحملات ليتحول الاجتماع فيها.. إلى اجتماع للمؤانسة والمحادثة والخلطة!! في وقت يحتاج فيه إلى كل وحد منهم حاجة جد والله ماسة.
إلى متى يا طلبة العلم تنفق الساعات الطوال في مطارحات علمية كان لها موقع غير هذا الموقع، وربما ثارت معركة داحس والغبراء في جدل فقهي حول مسألة فرعية، وكأنه لم يسبق أن اختلف فيها مالك والشافعي، ولا أحمد وأبو حنيفة - رحمهم الله - تعالى -.. إلى متى يا حملة الشريعة يظل هم الواحد منا نقل الأخبار فيما جرى له من الزحام، وإضاعة الأوقات بالكلام.. في وقت يتطلع الحجاج فيه إلى هاد يهديهم.. ومفت يفتيهم.. ومرشد يرشدهم.
أيها الأخوة في الله: إن حديثي مع العلماء وطلبة العلم لا يعني خروج غيرهم من المسؤولية والمساءلة.. فكل من عنده طاقات وإبداعات فهو مطالب أن يخرجها في هذا الموسم.. فمن كانت عنده قدرة علمية، فهو مطالب بأن يلقي الدروس العلمية، ويفتي للناس، ويبين لهم أحكام المناسك، وما يجب عليهم، وما يحرم عليهم فعله.
ومن كانت عنده قدرة وعظية فيذهب إلى الحملات وتجمعات الناس في المساجد لتذكيرهم بالله - تعالى -، ويحثهم على تقوى الله - تعالى -والتمسك بدينه، والمداومة على ذكره واستغفاره، ويحثهم على الاجتهاد في الدعاء والتضرع والمناجاة لله - تعالى -، ويحثهم على اجتناب أذية الناس وحفظ اللسان، والإحسان إلى الخلق ونحو هاتيك الموضوعات.
ومن كانت عنده خبرة في المشاعر والأماكن فيخرج للناس ليرشد الضال، ويهدي الحيران، ويوصل الشيخ الكبير إلى مكانه. عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إياكم والجلوس بالطرقات قالوا يا رسول الله ما لنا بد من مجالسنا نتحدث فيها قال فأما إذا أبيتم فأعطوا الطريق حقه قالوا وما حقه قال غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر))؛ متفق عليه، وقد زيد على هذه الخمسة المذكورة - زاد أبو داود - وإرشاد ابن السبيل وتشميت العاطس إذا حمد الله - وزاد سعيد بن منصور- وإغاثة الملهوف - وزاد البزار- الإعانة على الحمل - وزاد الطبراني - وأعينوا المظلوم واذكروا الله كثيرا.
ومن كانت عنده قدرة مالية حتى ولو لم يحج فإنه يستطيع أن يساهم بماله في الدعوة إلى الله - تعالى -فيعطي المؤسسات الخيرية أو من يثق بهم من الدعاة إلى الله - تعالى -لشراء الكتب النافعة، و الأشرطة المفيدة، ومن ثم توزيعها على حجاج بيت الله الحرام، أو أن يتبنى مجموعة من الدعاة إلى الله ليقوموا بدعوة بني قومهم فيتكفل بنفقة حج بعض الدعاة من أفريقيا أو من إندونيسيا أو الفلبين أو غيرها من بلاد المسلمين فينسق مع مكاتب الدعوة في الداخل حتى يتم تفريغ هذا الداعية ليقوم بإلقاء المحاضرات والدروس هناك.
ومن كانت عنده قدرة بدنية فيقوم بتوزيع الطعام في أماكن المشاعر المختلفة، ويسقي الحاج، ويعين المسكين، ويساعد أهل الخير في توزيع الكتب والأشرطة على الناس، ويا حبذا لو نسق هؤلاء مع المؤسسات الخيرية
ومن كانت عنده قدرة على التنسيق مع الدعاة إلى الله - تعالى - فليستعن بالله - تعالى -، فينسق مع أصحاب الحملات، على أن يعد لهم محاضرات تربوية، أو دُرُوسًا علمية لبعض العلماء والدعاة إلى الله - تعالى -، فيكون مفتاح خير للناس، ومشعل هداية.
وَمَنْ كانت عنده خبرة في شبكة الإنترنت فينشر فيها ما يتعلق بأحكام الحج ويجمع المقالات المفيدة في هذا الموضوع ويطرح بعض الأفكار الدعوية، سواء كان ذلك باللغة العربية أو بغيرها من اللغات، ولا ننسى أن نشكر الإخوة القائمين على بعض المنتديات على تخصيصهم بعض المنتديات للحج وما يتعلَّق به وما ذاك إلا لشعورهم بأهمية هذا الركن العظيم فنسأل الله - تعالى - أن يوفق القائمين عليها.
ومن كان منا يحسن اللغات الأجنبية فينبغي أن يكون صلة بمن يحجبنا عنهم حاجب اللغة فيحادثهم، ويخاطبهم بلسانهم {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [ابراهيم: 4] خاصَّة إذا علمنا أن بعض طلاب الدنيا من أصحاب الحملات الخارجية يسعون للتأكل والانتفاع وتحقيق مزيد من المكاسب الدنيوية على حساب إخلال الحجيج بنسكهم واستمرار جهلهم بدينهم وتخلفهم.. فتشعر بثقل التبعة، وعظم المسؤولية.
ولذا من استطاع أن ينسق مع وزارة الشؤون الإسلامية في ترتيب البرامج الدعوية لهذه الحملات فقد فعل خيرا كثيرا، يقول الله - تعالى -: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125] بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.
أيها الأخوة في الله: إننا لا ننكر الجهد المشكور الذي يبذله العلماء والدعاة هناك، وما يفعله أصحاب الأموال من الإنفاق العظيم في خدمة حجاج بيت الله الحرام، ولكن مهما عظمت جهود العلماء والدعاة في هذا السبيل فلن تكفي للقيام بالحد الواجب؛ نظرًا لضخامة شيوع المنكرات، وانتشار المخالفات، وعامتها نابع عن جهل وقلة معرفة، لا عن سوء نية وخبث طوية، ولذا فلا بد من قيام كل حاج رأى تركًا لواجب أو مواقعه لمحرم بدوره في هذا السبيل، امتثالا لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان))؛ رواه البخاري ومسلم، فكن يا رعاك الله ممن يغضب لله إذا انتهكت محارمه، ويسعى بصدق لإحياء هذه الفريضة الغائبة فإنه: ((من سن في الإسلام سنة حسنة، فله أجرها وأجر من عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء))؛ رواه مسلم.
وهكذا كان هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - في الحج فقد كان آمرا بالمعروف ناهيًا عن المنكر، فعندما سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلا يهل بالحج عن غيره، وهو لم يحج عن نفسه قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((حججت عن نفسك؟ قال: لا. قال حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة)).
وأنكر النبي - صلى الله عليه وسلم - على من تأخَّر في الحل من الإحرام من أصحابه ممن لم يسق الهدي - رضي الله عنهم - وغضب لذلك، حتَّى أمرهم بالحل فحلوا فاستجابوا لذلك - رضي الله عنهم -، فحلوا وسمعوا وأطاعوا، وإنكاره - صلى الله عليه وسلم - على الفضل بن عباس عندما كان رديف النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاءت امرأة من خثعم، فجعل الفضل ينظر إليها، وجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يَصْرِفُ وجه الفضل إلى الشق الآخر.
وما أجمل والله أن يتأسَّى الدعاة والمصلحون برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الخلق العظيم، ويجعلوا من أنفُسِهم قدوة حسنة للناس، في كافة الأعمال وبخاصة في موسم الحج، بحيث يكونون أسبق الناس إلى فعل الخير الذي يأمرون به، وأبعدهم عن مواقعه ما ينهون عنه، وأشدهم حذرًا منه.
وأخيرًا.. يا دعاة الإسلام لا تنسوا الفرصة العظيمة التي سنحت لكم بوجود المرأة المسلمة، فخصصوا لها برامج تخصها، وأحاديث توجه إليها، ولتكن عنايتكم بالتركيز على المفاهيم الخاصة والتي تعالج ما تتعرض له المرأة من هجوم فكري وتضليل يمارس عليها على المنابر الإعلامية المختلفة.









المصدر...


الساعة الآن 09:44 PM

Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات

mamnoa 2.0 By DAHOM