شبكة ربيع الفردوس الاعلى

شبكة ربيع الفردوس الاعلى (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/index.php)
-   العلوم و التكنولوجيا --- كل جديد ---- في كل المجالات (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/forumdisplay.php?f=313)
-   -   جوانب الارتباط بين الإسلام وقضايا التنمية: البعد الصحي والاقتصادي. (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/showthread.php?t=191625)

ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران 09-07-2015 07:27 PM

جوانب الارتباط بين الإسلام وقضايا التنمية: البعد الصحي والاقتصادي.
 
جوانب الارتباط بين الإسلام وقضايا التنمية: البعد الصحي والاقتصادي.
عبدالكريم بن عبدالرحمن الصالح

البعد الصحي:
وإذا انتقلنا إلى مجال التنمية الصحية فيكفي القول أن الإسلام هو دين النظافة والقوة فالنظافة من الإيمان، وهناك الكثير من التوجيهات الإسلامية للعناية بالصحة والأخذ بأساليب الإرشاد الصحي والوقاية والتداوي أو العلاج. والبعد عن كل ما يفسد الصحة كالسكر وأكل الدم والميتة ولحم الخنزير.. فالتوجهات المتعلقة بالوضوء والطهارة وتجنب الحائض والاهتمام بالرضاعة الطبيعية للأطفال وتوجيه الناس إلى التداوي بما هو حلال طيب وأن الله لم يوجد داءً إلا وخلق له الدواء، والأمر بتجنب اللواط والزنا.. كل هذا دعوة إلى الاهتمام بالصحة والتنمية الصحية، وقد ثبت أن الابتعاد عن هذه التوجيهات الإلهية يوقع الإنسان في التهلكة. ويكفي أن نشير في هذا إلى أن أخطر أمراض العصر الإيدز والأمراض النفسية الكبرى والسرطان ينجم عن الابتعاد عن التوجيهات الإسلامية (نبيل السمالوطي، 1418، ص:339).

البعد الاقتصادي:
يدعو الإسلام الناس إلى الإنتاج والعمل على استثمار الموارد المتاحة لهم سواء أكانت مادية أم مالية أم بشرية وتوظيفها بما يحقق أعلى عائد ممكن في إطار ضوابط محددة ومحكمة تحقق التوازن بين صالح الفرد وصالح الجماعة – ونلاحظ أن المنظور الإسلامي للثروة المادية يعد جزءاً أساسياً من صلب العقيدة الإسلامية، وقد جعل الإسلام للثروة – بكل أشكالها – وللمال مكانة كبيرة وأعطاها القيمة الواقعية التي يستحقها حتى أن القرآن الكريم وصف المال بأنه زينة الحياة الدنيا وسوى في ذلك بينه وبين الأبناء، ووصف الأموال بأنها قوام للناس من معاشهم ومصالحهم الخاصة والعامة.

والإسلام يدعو إلى تحصيل الثروة والأموال من خلال مختلف الأساليب المشروعة، وفي هذا دعوة إلى التنمية الاقتصادية بأعمق صورها. وأساليب تحصيل الثروة والمال في الإسلام متعددة، فهناك التجارة ﴿ لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ * إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ ﴾ [قريش: 1-2] وهناك الزراعة حيث يوجهنا القرآن الكريم إلى إحياء الأرض وزراعتها واستثمارها بقوله تعالى ﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا * ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا * فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا * وَحَدَائِقَ غُلْبًا * وَفَاكِهَةً وَأَبًّا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ ﴾ [عبس: 24 – 32]. وقد دعا الإسلام إلى إحياء الأرض الموات فقد أفاض الفقهاء في هذه الناحية وهناك باب خاص بذلك في كتب الفقه ويقول عليه السلام " من أحيا أضراً ميتة فله رقبتها " وقد انصرف المسلمون إلى إحياء الأرض الموات تحت تأثير هذا التوجيه الكريم وبدافع التملك والربح الحلال الذي حث الإسلام عليه. وهناك الصناعة. وفي القرآن الكريم توجيها إلى التنمية الصناعية بكل أشكالها في إطار ضوابط شرعية. فقد أشار القرآن الكريم إلى صناعة الحديد ﴿ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ﴾ [الحديد: 25] وصناعة الملابس ﴿ يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا ﴾ [الأعراف: 26] ومثل صناعة المعمار والتشييد والبناء ﴿ قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ ﴾ [النمل: 44] وينبه القرآن إلى السعي وابتغاء فضل الله في الأرض بمختلف الأساليب والوسائل ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ﴾ [الملك: 15] ولم يأمر سبحانه وتعالى بالانصراف عن تحصيل الثروة بالأساليب المشروعة إلا للعبادة، فإذا قضيت الصلاة فإن الناس مدعوون إلى الانتشار في الأرض واستثمار كل طاقاتها، من خلال التفكير والعمل المثمر. ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الجمعة: 10].

وإذا كان الإسلام يعلي من قيمة العمل المثمر والاستثمار في كل المجالات، فإنه يضع من الضوابط ما يحول دون المشكلات والجوانب السلبية التي تنجم عن غياب الضوابط والقيم الحاكمة كالاستغلال والصراع بكافة أشكاله والتمزق في العلاقات الاجتماعية والانقسام الطبقي الحاد وتزايد حجم الحقد واتجاه الأغنياء نحو مزيد من الغنى والفقراء إلى مزيد من الفقر مما يفتح الطريق أمام ممارسة السلوك الانحرافي بكل صوره وأشكاله (دعارة وقتل وسرقة وعنف وإدمان واعتياد وانحراف الأحداث وانحرافات فكرية وعقائدية... الخ). وكل هذه الأمراض الاجتماعية تنجم عن إطلاق التنمية الاستثمارية دون ضوابط حاكمة. يقول تعالى: ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [القصص: 77] وتتضح دعوة الإسلام إلى استثمار الموارد المختلفة من عدة أمور مثل الدعوة إلى العمل بوصفه العامل الأساسي في عملية الإنتاج ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [فصلت: 33] ويقول تعالى ﴿ وَآَخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآَخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [المزمل: 20]، والدعوة إلى تجنب الاستثمار الاستغلالي الذي يقوم على الربا والاحتكار لما لها من آثار ضارة على المجتمع والأمن الاجتماعي والاقتصادي والنفسي لأعضائه، وتحريم الاكتناز والاستغلال ﴿ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ ﴾ [التوبة: 34] (نبيل السمالوطي، 1418، ص:327).

تقوم التنمية الاقتصادية في الإسلام على أسس بنائية – عقائدية وأخلاقية واجتماعية. وأهم هذه الأسس هي ما يلي:
أ- أن الملك كله لله سبحانه وتعالى أساساً وأن الإنسان مستخلف فيه من أجل التعمير والتنمية وأداء حقوق الله والعباد.

ب- الاقتصاد الإسلامي يتفق مع الطبيعة البشرية حيث يتيح الفرص للاستمتاع بالطيبات ويدعو للتملك والعمل والاجتهاد والاستثمار والثراء... بشرط عدم الإضرار بالغير وتحقيق الصالح العام وتجنب المحرمات.

ج- تحقيق التوازن بين حاجات الفرد وحاجات الجماعة - ويظهر هذا في نبذ التبذير والإسراف وفي الحث على الاستثمار والتملك.

د- الضوابط الأخلاقية للتنمية الاقتصادية في الإسلام، وهنا تظهر أخلاقية الاقتصاد الإسلامي وتتمثل هذه الضوابط الاقتصادية للسلوك الاقتصادي في الإسلام في عدة أمور مثل تحريم اكتناز الأموال وضرورة الاستثمار في المجالات التي تعود بالنفع على الفرد وجماعته ومجتمعه، وأداء فريضة الزكاة وواجبات التكافل الاجتماعي والصدقات، والامتناع عن ممارسة الربا والغش والاحتكار والاستغلال، وعدم استخدام الثروة للإضرار بالآخرين أو للحصول على جاه أو سلطة أو مركز اجتماعي من خلال أساليب مرضية كالرشوة بشكلها المباشر وغير المباشر (الهدايا)، والالتزام بنظام الميراث والبعد عن الإسراف والتقتير، وهذا هو ما يمكن أن نطلق عليه - الضوابط الأخلاقية للتنمية الاقتصادية (نبيل السمالوطي، 1418، ص:329).

يقوم الاقتصاد الإسلامي على أساس واقعي أخلاقي فهو يؤكد أهمية التعاون والتكافل من أجل التنمية والاستثمار وتحقيق التقدم والتوازن الاجتماعي غير أن هذا ليس معناه تحقيق المساواة الحسابية الكاملة بين الناس وجعل الأغنياء والفقراء سواء (كما يدعي بعض أصحاب المذاهب الاقتصادية الوضعية الطوبائية) فالإسلام دين الفطرة يعترف بالواقع وبالتفاوت بين الأفراد في الملكات والمذاهب والذكاء والقدرات والجهد – فلكل سعيه وجهده ومقدرته وخبرته. وقد بحث بعض الفقهاء مثل أبي عبيد القاسم في كتابه الأموال وأبي يوسف في كتابه "الخراج" في القوانين الاقتصادية على أساس تحقيق العدالة الاجتماعية والفرص المتكافئة بين الناس عامة مع ترك المواهب والقدرات الذهنية والبدنية تمثل في نطاق الغاية العظمى التي يهدف الإسلام إلى تحقيقها في الشريعة وهي المصلحة العامة والعدالة وعدم التعسف – قال عمر بن الخطاب " الرجل وبلاؤه.. الرجل ووفاؤه... الرجل وقدمه... الرجل وحاجته ". ويقر الإسلام حقيقة التفاوت الفطري بين الناس في القدرات والاستعدادات والأرزاق والثروات. قال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ ﴾ [النحل: 71] ويقول تعالى: ﴿ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا ﴾ [الزخرف: 32] وهذا التفاوت هو الدافع إلى العمل والاجتهاد والسعي وبذل الجهد للتنمية وتحسين الأحوال ومدخل للتنافس الشريف الذي يحقق المزيد من التنمية والذي يعود بالمصلحة على الفرد والمجتمع معاً.

ويضبط الإسلام هذا التنافس بضوابط محكمة تحول دون تحوله إلى صراع مدمر كما حدث في التجربة الأوروبية للتنمية خلال القرن الثامن عشر والتاسع عشر، كما تحول دون التعارض مع الفطرة كما حدث في تجربة التنمية في الدول الماركسية (نبيل السمالوطي، 1418، ص:333).








المصدر...


الساعة الآن 12:37 AM

Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات

mamnoa 2.0 By DAHOM