(6) للدعاء في رمضان طعم آخر
 

(6) للدعاء في رمضان طعم آخر

صالح الشناط (أبو عبد الرحمن)
ما أجمل تلك اللحظات خلف الإمام في صلاة التراويح، حين تهز أصوات التأمين أركان المسجد، ما أروع تلك الدمعات وهي تنسكب على الخدود، خشوعاً للإله المعبود، نعمة والله لا ينالها إلا الموفق، فقد ناداك الله يا قائم يا داعي.. وأدخلك أيها تحت قوله "عبادي".. فقال: "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِ"

ومما زادني فخراً وتيهاً ... وكدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي ... وأن صيّرت أحمد لي نبياً

وتنعّم بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ليس شيء أكرم على الله من الدعاء، وحذار أن تترك الدعاء فهو العبادة، وفي تركه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين". فتدبر!
ثم إن للدعاء طعم خاص في شهر رمضان المبارك، حين تكون النفس منكسرة، والبطن خاوية، والقلب صاحبه اللين، وترفع اليدين لرب العالمين، قبيل الإفطار.. ومن فضائل هذا الشهر المبارك أن الدعاء فيه مستجاب، قال النبي صلى الله عليه وسلم "ثلاث لا ترد دعوتهم الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم" صحيح رواه الترمذي وابن ماجه.

كذلك وقت السحر حين يستيقظ الانسان لتناول وجبه السحور التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: "السَّحور بركة؛ فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم ماء"، حين يستيقظ في ذلك الوقت المبارك، ويدعو ربه "ينزل ربنا إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له". فهاتان فرصتان عظيمتان لإجابة الدعاء من الصائم.

وللدعاء في رمضان خاصية عظيمة؛ حيث اجتمَع فيه فضيلتان، هما: فضْل الزمان، وحال الصيام، ولقد نبَّه القرآن الكريم إلى خاصيَّة الدعاء في الصيام؛ حيث إن الله -تعالى- ذكَر استجابته لدعاء الداعين في أثناء آيات الصيام، فبدأ بفرضية الصيام وبعض ما يتعلَّق به، ثم قال تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾.
ثم عاد لذِكر بعض ما يتعلق بالصيام؛ قال العلماء : وفي ذِكره -تعالى- هذه الآية الباعثة على الدعاء متخللة بين أحكام الصيام إرشاد إلى الاجتهاد في الدعاء عند إكمال العِدة، بل وعند كل فطرٍ، بل في حال الصيام كله.

المصدر...