فلتكن ليلة القدر فرصة لإحياء صلتنا بالقرآن و تقويتها!
 

في هذه الايام العشر الاواخر من شهر رمضان و التي يترقب فيها المؤمن ليلة القدر التي قال عنها الله {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ، تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ، سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ}(سورة القدر)، و التي قال عنها الرسول: "مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"(صحيح البخاري)، ... في هذه الايام نُذَكِّر بعظمة ما عُظِّمت من أجله ليلة القدر و العشر الاواخر من رمضان، ألا و هو القرآن، ... نُذَكِّر بالقرآن و بوجوب إحياء المسلم صلته بالقرآن و عدم هجرته، ... القرآن الذي يُحيي الله به الانسان و يجعل له نورا ينير له طريقه في هذه الحياة و يفتح له أبواب جنة الخلود في الآخرة، و يسد عنه أبواب نار جهنم: {أَوَمَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}(الأنعام : 122). ... فكم من وقت نخصصه لقرأة كل انواع كلام البشر، و نقضيه أمام شاشات التلفزة، و نضيعه في دردشات فارغة، أفلا نخصص أوقاتا لقرأة القرآن و دراسته و فهم معانيه؟ أليس القرآن أُنزِل لكل واحد منا؟ ألا نقوم بجهدٍ لاقتناء ما نحتاج من كتب و دروس لدراسة القرآن و تدبره و فهمه و حفظ ما تيسر منه، كما نقوم بجهود من أجل اقتناء غير ذلك من حُطام الحياة الفانية من مالٍ و أكل و شرب و لهوٍ و زواج و اولاد الخ؟

فليسأل كلُّ واحد منَّا نفسه كم مرة في السنة يقرأ القرآن كله (أو كم مرة قرأ القرآن كله في حياته حتى اليوم)، و كم عدد الآيات التي فهم معناها، و كم عدد الآيات التي حفظها؟ و ليعلم كلُّ منَّا أننا و الله لمسؤولون عند الله يوم القيامة عن القرآن و السنة، سنُسأل ما قرأناه و تعلمناه منهما، و ما عملناه بهما، ... يصف الله يوم القيامة و الحصرة التي ستصيب من هجروا القرآن و السنة و انشغلوا عنهما بالدنيا و بفلان و فلان، يصف الله هاجري القرآن بأنهم ظالمون، لأنهم ظلموا أولا أنفسهم ثم ظلموا غيرهم، فمن لم يتعلم القرآن يظلم أيضاً أهله و أبنائه و أصدقاءه و محيطه و أمته، إذ لا يستطيع القيام بواجبه في هدايتهم و نصحهم و تبيان الاسلام لهم و نهيهم عن المنكر و أمرهم بالمعروف، ... يصف الله حصرة و ندامة الظالمين المهاجرين للقرآن حيث لا تنفع الندامة، ... فيقول سبحانه: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا (29) وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا (30)}(الفرقان)

فهجرة القرآن تقسي القلوب و تكرس صفات السوء في النفس من كبرياءٍ و شُحٍّ و مَنْعٍ للخير، ... هجرة القرآن تؤدي الى الضلال و المعاصي، و تقلع الرحمة من القلوب اتجاه الضعفاء و المحتاجين و تُنَمِّي النفاق و الخوف، .... فلندعو الله ليشرح صدورنا للإيمان مع العمل لذلك، فلنجعل رمضان و ليلة القدر فرصة لنحيي بها صلتنا بالقرآن و نقويها، فَلْنُدَاوِم على قرأة القرآن يوميا، و نخصص ساعات كل اسبوع لدراسة معانيه و فهمها و تدبرها، و من ثم نعمل على تطبيق ما تعلمناه من القرآن و نجعله سلوكا و أخلاقا لنا: {أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِّن رَّبِّهِ ۚ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (22) اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23) أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ (24) كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ (25) فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (26) وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (27) قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (28)}(الزمر)

و لنتذكر أننا كلنا، و خصوصا مع مرور السنين و كبر العمر، نقترب و لاشك من ساعة الصفر، الساعة التي يقف فيها ملك الموت على رؤوسنا و تنتهي كل الآمال و الاحلام التي نركض وراءها في الدنيا: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَٰلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ۚ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22) وَقَالَ قَرِينُهُ هَٰذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23) أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24) مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ (25)}(سورة ق)

اللهم لا تجعلنا من الغافلين عن لقاءك و المنشغلين بحطام الدنيا الفاني عن ذكرك و طاعتك!
...







المصدر...