شبكة ربيع الفردوس الاعلى

شبكة ربيع الفردوس الاعلى (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/index.php)
-   منتدى الحديث (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/forumdisplay.php?f=448)
-   -   جزء في صيغ الحمد والتشميت وشيء من أحكامها (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/showthread.php?t=284077)

ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران 05-02-2017 01:54 AM

جزء في صيغ الحمد والتشميت وشيء من أحكامها
 
جزء في صيغ الحمد والتشميت وشيء من أحكامها
فهذا مبحث لطيف جمعت فيه صيغ الحمد الواردة في السنة ثم أتممتها بصيغ التشميت ، وأضفت إليها بعض المسائل المهمة في الباب حتى تكتمل مادة البحت وتستل خلاصته ، فالله أساله القبول والسداد . واستفيد مما يدونه الأخوة من التوجيهات وتصويب الأخطاء والله يرعاكم .
المبحث الأول : الصيغ الواردة في الحمد بعد العطاس :
الصيغة الأولى : الحمد لله ،جاءت في البخاري من حديث أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا عَطَس أحدُكم فليقل: الحمد لله، فإذا قال: الحمد لله، قال له أخوه: يرحمك الله، فإذا قيل له: يرحمك الله، فليقل: يَهدِيكم الله ويُصلِحُ بالَكم". قال البخاري[1] في "تاريخه الأوسط" والصحيح في هذا الباب - حديث أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
الصيغة الثانية : " الحمد لله على كل حال " جاءت في أحاديث أشير إليها على سبيل إلا جمال وهي :
الحديث الأول : قال : كُنْتُ مَعَ سَالِمِ بْنِ عُبَيْدٍ فِي سَفَرٍ ، فَعَطَسَ رَجُلٌ ، فَقَالَ : السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ، فَقَالَ : عَلَيْكَ وَعَلَى أُمِّكَ ، ثُمَّ سَارَ فَقَالَ : لَعَلَّكَ وَجَدْتَ فِي نَفْسِكَ ؟ قَالَ : مَا أَرَدْتُ أَنْ تَذْكُرَ أُمِّي ؟ قَالَ : لَمْ أَسْتَطِعْ إِلاَّ أَنْ أَقُولَهَا ، كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ ، فَعَطَسَ رَجُلٌ ، فَقَالَ : السَّلاَمُ عَلَيْكَ ، فَقَالَ : عَلَيْكَ وَعَلَى أُمِّكَ ، ثُمَّ قَالَ : إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ ، فَلْيَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، أَوِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَلْيُقَلْ لَهُ : يَرْحَمُكُمُ اللَّهُ ، أَوْ يَرْحَمُكَ اللَّهُ ، شَكَّ يَحْيَى ، وَلْيَقُلْ : يَغْفِرُ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ.[2]
إسناده ضعيف لإبهام رجلين فيه، ولاضطرابه. ولما حكى البخاري في التاريخ الأوسط : روايات هذا الحديث قال : والصحيح في هذا الباب - حديث أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا عَطَس أحدُكم فليقل: الحمد لله، فإذا قال: الحمد لله، قال له أخوه: يرحمك الله، فإذا قيل له: يرحمك الله، فليقل: يَهدِيكم الله ويُصلِحُ بالَكم"، وهو في "صحيح البخاري" رقم (6224)
قال أبو عيسى : هذا حديث اختلفوا في روايته عن منصور وقد أدخلوا بين هلال بن يساف و سالم رجلا[3]. قال البيهقي : هذا حديث مختلف في إسناده .[4]
الحديث الثاني : عن نافع : أن رجلا عطس إلى جنب ابن عمر فقال الحمد لله والسلام على رسول الله قال ابن عمر وأنا أقول الحمد لله والسلام على رسول الله وليس هكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه و سلم علمنا أن نقول الحمد لله على كل حال " الحديث فيه علل :
الأولى فيه : " حضرمي مولى الجارود " لم يوثق ، ولايعرف بجرح ولاتعديل ، إنما ذكره ابن حبان في الثقات، فهو أقرب إلى الجهالة .
الثانية : تفرده عن نافع وهو إمام مكثر من الرواية وله أصحاب ملازمين ومكثرين عنه ، فتفرده عنه فيه نكاره .
الثالثة : المخالفة : حيث رواه أبو إسحاق عن نافع قال : عطس رجل عند ابن عمر فحمد الله فقال له ابن عمر : قد بخلت فهلا حيث حمدت الله صليت على النبي صلى الله عليه وسلم " وهذه الرواية أقوى وأصح من السابقة . أشار إلى هذه العلة البيهقي قال[5] :
الإسنادان الأولان ، أصح من رواية زياد بن الربيع، و فيهما دلالة على خطأ رواية ابن الربيع ، و قد قال البخاري فيه نظر.
الحديث الثالث : عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى ، عَنِ الْحَكَمِ ، أَوْ عِيسَى - شَكَّ مَنْصُورٌ - عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى ، عَنْ عَلِيٍّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ : الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، وَلْيَقُلْ لَهُ مَنْ عِنْدَهُ : يَرْحَمُكَ اللَّهُ ، وَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ : يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ" . [6]
الحديث جاء من طرق عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، وقد اضطرب فيه فمرة جعله من مسند علي ، ومرة من مسند أبي أيوب رضي الله عنهما . قال النسائي : محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ليس بالقوي في الحديث سيء الحفظ وهو أحد الفقهاء[7]
قال الدر اقطني[8]: حَدَّث بِهِ مُحَمد بن عَبدِ الرَّحمَنِ بنِ أَبِي لَيلَى ، واختُلِف عَنهُ ؛ فَرَواهُ عَنهُ يَحيَى القَطّانُ ، وعَلِيُّ بن مُسهِرٍ ، وحَفصُ بن غِياثٍ ، وحَمزَةُ الزَّيّاتُ ، ومَنصُورُ بن أَبِي الأَسوَدِ ، وأَبُو عَوانَة ، عَنِ ابنِ أَبِي لَيلَى ، عَن أَخِيهِ ، عَن أَبِيهِ ، عَن عَلِيٍّ. وَخالَفَهُم شُعبَةُ بن الحَجّاجِ ، وعَدِيُّ بن عَبدِ الرَّحمَنِ أَبُو الهَيثَمِ ، فَرَوَياهُ عَنِ ابنِ أَبِي لَيلَى ، عَن أَخِيهِ ، عَن أَبِيهِ ، عَن أَبِي أَيُّوب الأَنصارِيِّ.والاِضطِرابُ فِيهِ مِن ابنِ أَبِي لَيلَى لأَنَّهُ كان سَيِّء الحِفظِ.
الحديث الر ابع : عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلْيَقُلْ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ وَيَقُولُ هُوَ يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ ». رواه أبو داود
أصل الحديث في البخاري بلفظ" فليقل: الحمد لله ": وهذه الزيادة _ الحمد لله على كل حال _ تفرد بها أبو داود ، والأقرب شذوذها ، وقد أشار إلى ذلك الحافظ في " الفتح " ( 10 / 502 ) .
الذكر الثاني : " الحمد رب العالمين :
وهذه جاءت رواية في حديث عائشة كما عند البيهقي ، وفي آثار موقوفة عن ابن مسعود وابن عباس _ رضي الله عنهما _ وإليك إليها مفصلة .
- عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : عَطَسَ رَجُلٌ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَا أَقُولُ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : قُلْ : الْحَمْدُ لِلَّهِ رب العالمين[9] ، قَالَ : الْقَوْمُ مَا نَقُولُ لَهُ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : قُولُوا لَهُ : يَرْحَمُكَ اللَّهُ قَالَ : مَا أَقُولُ لَهُمْ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : قُلْ لَهُمْ : يَهْدِيكُمُ اللَّهُ ، وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ.
وأخرجه أحمد أبو يعلى (4946) ، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4 / 301، والطبراني في "الدعاء" (1981) ، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (258) ، والبيهقي في "الشعب" (9341) .
وهذا إسناد ضعيف، أبو معشر - وهو نجيح ابن عبد الرحمن السندي - ضعيف، وشيخه عبد الله بن يحيى - وهو ابن عبد الرحمن الأنصاري ابن أخي عمرة - لم نقف له على ترجمة، وقد فات الحسيني والحافظ أن يترجما له وهو على شرطهما، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير خلف بن الوليد، وهو أبو الوليد العتكي فمن رجال "التعجيل" وهو ثقة.[10]
الثاني : عن أبي عبد الرحمن السلمي أن ابن مسعود كان يقول : إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله رب العالمين و ليقل من يرد عليه يرحمكم الله و ليقل يغفر الله لي و لكم " قال البيهقي : هذا موقوف و هو الصحيح . وكذا قال الدارقطني . [11].
الحديث الثالث :
عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " إِنَّ الْمَلَائِكَةَ يَحْضُرُونَ أَحَدَكُمْ إِذَا عَطَسَ فَإِذَا قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ، قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَإِذَا قَالَ رَبِّ الْعَالَمِينَ، قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَرْحَمُكَ اللهُ " تَابَعَهُ شُعْبَةُ عَنْ عَطَاءٍ . أخرجه البيهقي شعب الإيمان [12]
الذكر الثالث : الجمع بين الحمد لله رب العالمين على كل حال :
وهذه جاءت في أثر موقوف عن علي رضي الله عنه .
- عن أبي إسحاق عن خيثمة عن علي رضي الله عنه قال : من قال عند عطسة سمعها الحمد لله رب العالمين على كل حال ما كان لم يجد وجع الضرس ولا الأذن أبدا
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف البخاري في "الأدب المفرد" (رقم 926) - ومن طريقه الحاكم (4/414) - قالا :
حدثنا طلق بن غنام قال : حدثنا شيبان ، عن أبي إسحاق عن خيثمة العربي ؛ (!)
عن علي قال : ... فذكره موقوفاً . وخيثمة العربي : هكذا وقع في "المصنف " ، وفي " الأدب " : (خيثمة) ... لم
ينسبه! وفي المستدرك ؛ (حبة) ، وفي " اللآلي " (2/284) من طريق " المصنف " :
(حبة العر)! وهذا أقرب إلى الصواب ، وهو قريب مما في "المصنف " ، ويغلب على
الظن أن صوابه : "حَبَّةَ العُرَني " ، فإذا صح هذا ؛ فهي علة أخرى ؛ لأنه ضعيف
عند الجمهور[13]
قال المعملي : سنده معروف إلى أبي إسحاق عن حبة العرني عن علي " وأبو إسحاق يدلس ، وحبة واه جدا . [14]
الخلاصة : ماورد من صيغ الحمد بعد العطاس أنواع وهي إجمالا :
الصيغة الأولى الصيغة الأولى : الحمد لله ، في البخاري من حديث أبي هريرة .
الصيغة الثانية : الحمد لله على كل حال : جاءت في عدة أحاديث ، في حديث سالم بن عبيد و، في حديث ابن عمر ، وفي حديث علي بن أبي طالب وأبو أيوب ، وفي حديث أبي هريرة ، وهذه الأحاديث لاتخلو من ضعف ، اجتهد بعض أهل العلم فقواها بتعدد طرقها، واختلاف مخارجها ،وقال : بأن تعدد الطرق وتنوع المخارج يدل على أن لها أصلا . ومنهم من ضعفها وقال : بأنها لايحتج بها ولو تعددت طرقها لأن بعضها منكر وفيها ماهو خطأ أو زيادة و ليست في أصل الحديث ، ولم يأت عن أحد ممن تقدم من الآئمة قبولها ، ويقوي القول بعدم قبولها ، أنه لم ينص أحد من الأئمة المتقدمين على قبولها ولاحتجاج بها ، بل ظاهر ماجاء عن البخاري كأن فيه إشارة الى عدم قبولها ، لأنه قال والصحيح في هذا الباب ، هو حديث أبو هريرة . فالله أعلم .
الصيغة الثانية : الحمد لله رب العالمين وهذه ثبتت عن ابن مسعود وابن عباس من قولهما .
الصيغة الثالثة : الجمع بين الحمد لله رب العالمين على كل حال وهذه جاءت في حديث علي بن أبي طالب الموقوف ، وهو لا يصح ولايثبت كما تقدم .

فائدة : لوعطس المصلي وهو في الصلاة فله أن يقول ما ثبت معاذ بن رفاعة عن أبيه قال : صليت خلف النبي صلى الله عليه و سلم فعطست فقلت الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه مباركا عليه كما يحب ربنا ويرضى فلما صلى رسول الله صلى الله عليه و سلم انصرف فقال من المتكلم في الصلاة فلم يكلمه أحد ثم قالها الثانية من المتكلم في الصلاة فقال رفاعة بن رافع بن عفراء أنا يا رسول الله قال كيف قلت قال قلت الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه مباركا عليه كما يحب ربنا ويرضى فقال النبي صلى الله عليه و سلم والذي نفسي بيده لقد ابتدرها بضعة وثلاثون ملكا أيهم يصعد بها [15]
الحديث إسناده صالح لأباس به . لكن عندي تردد هل يحتمل رفاعة بن يحي[16]ي مثل هذا الحديث فيقوى على حمله ويكون قد ضبطه ، خاصة وأنها قد تكون فيه مخالفة لما جاء في البخاري في أصل : من حديث يحي بن خلاد الزرقي عن أبيه عن رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ قَالَ : كُنَّا يَوْمًا نُصَلِّي وَرَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَالَ سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ قَالَ رَجُلٌ وَرَاءَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ مَنِ الْمُتَكَلِّمُ قَالَ أَنَا قَالَ رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلَاثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلُ " فينظر هل جاء عن أحد ممن تقدم قبول أو إعلال هذه الرواية
الباب الثاني : بما يرد العاطس لمن شمته :
الأول : " يَهْدِيكُمُ اللهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ " [17]، لما جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلِ الْحَمْدُ لِلهِ وَلْيَقُلْ لَهُ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ يَرْحَمُكَ اللهُ فَإِذَا قَالَ لَهُ يَرْحَمُكَ اللهُ .
الثاني : " عافانا الله وإياكم من النار يرحمكم الله " ، لما جاء عن أبي جمرة قال : سمعت بن عباس يقول : إذا شمت عافانا الله وإياكم من النار يرحمكم الله " [18]
الثالث : يرحمُنا الله وإياكم، ويغفرُ لنا ولكم : لما جاء عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان إذا عَطَس فقيل له: يرحمك الله، قال: يرحمُنا الله وإياكم، ويغفرُ لنا ولكم.[19]
الرابع : " ليقل يغفر الله لي و لكم " : لما تقدم عن ابن مسعود : " و ليقل يغفر الله لي و لكم " ، وجاء، عن إبراهيم قال : كانوا إذا شمتوا العاطس قالوا : يغفر لنا ولكم . | [20]
قال ابن عثيمين : " بعضهم يقول في التشميت " يهدينا ويهديكم الله " ، وهذا لا ينبغي ، لأنه خلاف ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم ، ولأن هذا الرجل ماقال : " يرحمنا الله ويرحمك " حتى تقول له " يهدينا الله ويهديك " ، فافعل ما أمر به الرسول عليه الصلاة والسلام . [21]
ومن مجموع هذه الآثار رأى بعض مشايخنا أن المقصود هو الدعاء فقط بأي لفظة كانت ، ولا يختص بصيغة معينة ، وعلى هذا فليس للتشميت صيغة معينة تلتزم ، بل له أن يدعوا له بأي دعوة ، لأن المقصود هو الدعاء له فقط .
المبحث الثالث : مسائل في التشميت :
الأولى : ﻫﻞ ﻳﺠﺐ ﺗﺬﻛﻴﺮﺍﻟﻌﺎﻃﺲ ﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﺤﻤﺪ ﺍﻟﻠﻪ؟.
ﺍﺧﺘﻠﻒ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ، ﻓﻤﻨﻬﻢ ﻣﻦﻗﺎﻝ: ﻳﺬﻛﺮ ﺣﺘﻰ ﻳﺤﻤﺪ ﺍﻟﻠﻪ، ﺛﻢ ﻳﺸﻤﺘﻪ، ﻓﻴﻔﻮﺯ ﺑﺎﻟﺪﻋﻮﺓ، لا ﺳﻴﻤﺎﻭﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺮ ﻭﺍﻟﺘﻘﻮﻯ، ﻭالأﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ، ﻭﺍﻟﻨﺼﻴﺤﺔ، ﻭﻫﺬﺍ ﻗﻮﻝﺍﻟﻨﻮﻭﻱ ﻭﺍﻟﻨﺨﻌﻲ.
ﻭﻗﻴﻞ: لا ﻳﺸﻤﺘﻪ؛ لما ﺭﻭﺍﻩ ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ - ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪﻋﻨﻪ - ﻗﺎﻝ: ﻋﻄﺲ ﺭﺟﻼﻥ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺒﻲ - صلى الله عليه وسلم - ﻓﺸﻤﺖ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ، ﻭﻟﻢ ﻳﺸﻤﺖ الآﺧﺮ، فقال ﺍﻟﺮﺟﻞ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ، ﺷﻤﺖ ﻫﺬﺍ ﻭﻟﻢ ﺗﺸﻤﺘﻨﻲ، ﻗﺎﻝ: ((ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﺣﻤﺪ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻟﻢ ﺗﺤﻤﺪ ﺍﻟﻠﻪ))؛ ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ وﺍﻟﻨﺒﻲ - صلى الله عليه وسلم - ﻟﻢ ﻳﺬﻛﺮ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺮﺟﻞﺑﺎﻟﺤﻤﺪ، ﺗﻌﺰيرًا ﻟﻪ، ﻭﺣﺮﻣﺎنًا ﻟﺒﺮﻛﺔ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ؛ لأﻧﻪ ﺣﺮﻡ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺮﻛﺔ ﺍﻟﺤﻤﺪ، ﻓﻨﺴﻲ ﺍﻟﻠﻪ، ﻓﺼﺮﻑ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﻠﻮﺏ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻭﺃﻟﺴﻨﺘﻬﻢ ﻋﻦ ﺗﺸﻤﻴﺘﻪ، ﻭﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﻟﻪ، ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺗﺬﻛﻴﺮﻩ ﺳﻨﺔ، ﻟﻜﺎﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ - صلى الله عليه وسلم - ﺃﻭﻟﻰ ﺑﻔﻌﻠﻬﺎ ﻭﺗﻌﻠﻴﻤﻬﺎ ﻭالإﻋﺎﻧﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﻭﻫﺬﺍﻗﻮﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻭﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ - ﺭﺣﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ.
وفصل الشيخ ابن عثيمين فقال : إذا لم توجد قرائن تدل على أنه ناس أو جاهل فإننا نحمل تركه على أنه تهاون ، وإذا تركه تهاونا فإننا لا نذكره ، بل نحرمه من الدعاء له ، ثم يرشد ، ويقال له : من خلق المسلم أنه إذا عطس فإنه يحمد الله عزوجل . [1]
الثانية : قال ابن القيم:( وقد اختلف الناس في مسألتين :
أحدهما:- أن العاطس إذا حمد الله فسمعه بعض الحاضرين دون بعض ، هل يسن لمن لم يسمعه تشميته ؟ فيه قولان ، والأظهر أنه يشمته إذا تحقق أنه يحمد الله , وليس المقصود سماع المشمتللحمد , وإنما المقصود نفس حمده ، فمتى تحقق ترتب عليه التشميت ، كما لو كان المشمتأخرس ، ورأى حركة شفتيه بالحمد, والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : فإن حمد اللهفشمتوه ، وهذا هو الصواب[2]
الثالثة :إذا لم تعلم هل حمد الله أو لم يحمده هل تشمته ؟
يقال : إن غلب على ظنك أنه حمد الله فشمته ، وإن لم يغلب على ظنك شي ، فأنظر إلى القرائن إن دلت على الحمد فشمته وإلا فلا تشمته . وإن فعلت كما فعل ابن عمر فهو حسن عن مكحول الأزدي قال : كنت إلى جنب ابن عمر فعطس رجل من ناحية المسجد فقال ابن عمر : يرحمك الله إن كنت حمدت الله ) [3].
الرابعة : حكم التشميت بعد الثلاث :
الأقرب أنه لايشمت بعد الثالثة جاءت فيه أحاديث وآثار عن الصحابة بمجموعها تقوى ويتعين العمل بها ، وهي :
- عن سلمة بن الأكوع ـ رضي الله عنه ـ أنه سمع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعطس رجلعنده, فقال : يرحمك الله , ثم عطس أٌخرى, فقال له رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : "الرجل مزكوم " . رواه مسلم والترمذي [4]
وجاء في رواية عند الترمذي: "إلا أنه قال في الثالثة :أنت مزكوم " قال ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ(زاد المعاد 2/403):( وقوله في الحديث : الرجل مزكوم تنبيه على الدعاء له بالعافية , لأن الزكمة علة , وفيه اعتذار من ترك تشميته بعد الثلاث , وفيه تنبيه له على هذه العلة ليتداركها ولايهملها , فيصعب أمرها , فكلامه ـ صلى الله عليه وسلم ـ كله حكمة ورحمة , وعلم, وهدى .
- وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : (شمت أخاك ثلاثاً , فمازاد فهو زكام ) رواه أبو داود[5] . قالَ أَبِي : مِنهُم مَن يَرفَعُهُ.قُلتُ : من يرفعه ، وأيهما أصح ؟ فَقالَ : قوم من الثقات يرفعونه . ورجح الدارقطني وقفه فقال : " والموقوف أشبه [6]
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنه ـ قال : ( شمتوه ثلاثاً , فإن زاد فهو داء يخرج من جسده .
- وعن عبدالله بن الزبير ـ رضي الله عنه ـ : ( أن رجلاً عطس عنده فشمته ثم عطس فقال له في الرابعة أنت مضنوك .
وعن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ :قال : ( شمته مابينك وبينه ثلاث , فإن زاد فهو ريح )
قال الإمام النووي ـ رحمه الله ـ الأذكار ص 242 : ( إذا تكرر العطاس من الإنسان متتابعاً , فالسنة أن يشمته لكل مرة إلى أن يبلغ ثلاث مرات ) . وأما الدعاء له بدعاء معين_ كأن يقول شفاك الله أو مزكوم _ فلم يصح فيه دليل ، ولاينبغي أن يلتزم بعد الثلاث دعاء معين ، كي لايظن أنه سنة . ولو دعاء له بالشفاء والعافية من غير اعتقاد لسنيتها وورودها فله ذلك .


[1] - شرح المنتقى 3- 495

[2] - ( زاد المعاد 2/403)

[3] - الأدب المفرد بالتعليقات (ص: 220) من طريق عارم قال حدثنا عمارة بن زاذان قال حدثني مكحول الأزدي أعله بعضهم بعمارة بن زادن والأقرب فيه أنه لابأس به قال شيخنا السعد : " لعله حسن الحديث " قلت وفي الموقوفات يغتفر له .

[4] - اختلف فيه على عكرمة بن عمار والأكثر رووه عنه بهذا الفظ كما قال ابن حجر .

[5] أتقن طبعة لعلل الحديث
. لابن أبي حاتم (2/ 291)

[6] - العلل للدار قطني ( 10- 365) .



[1] - "تاريخه الأوسط" -2/233-

[2] - أخرجه أحمد ( 6 / 7 - 8 ) عن هلال بن يساف عن الرجل . ورواه أبو داود ( 5031 ) والترمذي ( 2 / 123 ) والحاكم ( 4 / 267 ) وابن السني ( 265 )

[3]سنن الترمذي (5/ 82)

[4] - . شعب الإيمان (7/ 29)

[5]- شعب الإيمان (7/ 24)

[6] - أخرجه الترمذي ( 2 / 124 ) والحاكم ( 4 / 266 ) وأحمد ( 1 / 120 ، 122 ) وأبو نعيم في ( الحلية ) ( 8 / 390 )

[7] - سنن النسائي الكبرى (6/ 61)

[8] - علل الدارقطني (3/ 276)

[9] - هذه رواية البيهقي ، واما رواية أحمد وأبو يعلى فهي بلفظ " الحمد لله " .

[10] - أحمد ط الرسالة (41/ 45)

[11] - فَقال : يَروِيهِ عَطاءُ بن السّائِبِ واختُلِف عَنهُ ، فَرَفَعَهُ أَبيَضُ بن أَبان ، وجَعفَرُ بن سُلَيمان ، عَن عَطاءٍ.
وَوَقَفَهُ جَرِيرٌ ، وعَلِيُّ بن عاصِمٍ ، والمَوقُوفُ أَشهَرُ. علل الدارقطني (5/ 334)

[12] - (11/ 487) من طريق الْحُسَيْنُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَيَّاشٍ الْفَظَّانُ نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُجَشِّرٍ نا عَبِيدَةُ نا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وقال البيهقي تَابَعَهُ شُعْبَةُ عَنْ عَطَاءٍ .

[13] - مستفاد من كلام الألباني في الإرواء .

[14] - تعليق المعلمي الفوائد المجموعة . ( ص223 ) .

[15] - أخرجه أبوداود والنسائي والترمذي وغيرهم من طريق رفاعة بن يحيى بن عبد الله بن رفاعة بن رافع عن عم أبيه معاذ بن رفاعة بن رافع

[16] - لم أقف على جرح أو تعديل إنما قصارة ما فيه ذكر ابن حبان له في كتابة الثقات .

[17] - وأخرجه البخاري في "صحيحه" (6224) ، وفي "الأدب المفرد" (921) و (927) ، وأبو داود (5033) ، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (232) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4012) ، وابن السني في "اليوم والليلة" (254) ، والبيهقي في "الشعب" (9334)

[18] - الأدب المفرد (ص: 320) صححه ابن حجر في (( الفتح)) (10/609) .

[19] - وروى مالك في "الموطأ" 2/965

[20]كتاب الأدب لابن ابي شيبة (ص: 331) من طريق أبو خالد الأحمر عن الأعمش

[21] - شرح المنتقى 3- 495

المصدر...


الساعة الآن 11:18 AM

Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات

mamnoa 2.0 By DAHOM