شبكة ربيع الفردوس الاعلى

شبكة ربيع الفردوس الاعلى (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/index.php)
-   تفريغ المحاضرات و الدروس و الخطب ---------- مكتوبة (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/forumdisplay.php?f=350)
-   -   الغيرة على النساء ومنعهن من التبرج (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/showthread.php?t=266196)

ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران 04-09-2016 06:54 PM

الغيرة على النساء ومنعهن من التبرج
 
الغيرة على النساء ومنعهن من التبرج


الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر






الحمد لله الذي بنعمته تَتِمُّ الصالحات، وبالعمل بطاعته تَطِيب الحياة، وبالإِيمان به وتَقواه تُنال الخيرات، وتُستَنزل البركات، وتُدفَع المكاره والسيِّئات، أحمَدُه - سبحانه - ألهَمَ كلَّ نفسٍ هُداها؛ ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾ [الشمس: 9 - 10].

وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كلُّ الخلائق غدًا بين يديه موقوفون مُحاسَبون، وبأعمالهم مجزيُّون، وعلى تفريطهم نادِمون؛ ﴿ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ﴾ [الشعراء: 227].

وأشهَدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسوله، النبي الكريم، ذو الخلق العظيم، الذي أثنى عليه ربُّه، وامتَنَّ على العباد ببعثته، في قوله: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128]، صلَّى الله وسلَّم عليه وعلى آله وأصحابه، أمَّا بعد:
فيا أيها الناس:
اتَّقوا الله ربكم، وغاروا على نسائكم ومحارمكم؛ فإنَّ الغيرة صفة إلهيَّة، وخليقة نبويَّة، وسجيَّة في المؤمنين كريمة مرضيَّة؛ ففي الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((تعجَبُون من غيرة سعد، والله لأنا أغيَرُ منه، والله أغيَرُ منِّي؛ ومن أجل غيرة الله حرَّم الفواحش ما ظهَر منها وما بطَن)).

أيها المسلمون:
إنَّ من مظاهر فقْد الغيرة السَّماحَ لهنَّ بالخروج من البيوت - دون حاجةٍ مُلحَّة - والمشي في الطرقات، وغشيان مَجامِع الناس في المساجد والأسواق والمتنزَّهات، وهن متبرِّجات غير تفلات، لا مُستَتِرات ولا محتَشِمات، كما وصَف النبي - صلى الله عليه وسلم - أحد أصناف أهلِ النار من هذه الأمَّة بقوله: ((نساء كاسيات عاريات، مائلات مُمِيلات، رؤوسهنَّ كأسنِمَة البُختِ المائلة، لا يدخُلنَ الجنة ولا يجدن ريحها، وإنَّ ريحها ليُوجَد من مَسافة كذا وكذا)).

فالكاسيات العاريات هنَّ اللاتي يسترن بعضَ أجسادهن ويَكشِفن البعض الآخَر - إظهارًا للزينة المحرَّمة، ورغبةً في الفتنة المظلِمة - إذ يَلبَسنَ الملابس الشفَّافة التي تنمُّ عن اللون، وتفتن العين، أو القصيرة التي تحسر عن الوجه والأطراف، وتكشف عن السِّيقان والنُّحور، وتظهر الأذرع والشُّعور، أو الضيِّقة التي تُبرِز حجم الأعضاء؛ فتَدعُو إلى عظيم المنكر والفَحشاء.

فهنَّ بتلك الألبسة ((مائلات)) بأنفسهن عن الحق اختيارًا، وإلى الفتنة إصرارًا، ((مميلات)) للرجال من ذوي القلوب المريضة، والحظوظ المهيضة، بألوان المغريات من ضعْف التستُّر، وفتنة التعطُّر، والجرأة على محادَثة الرِّجال، أو الخلوة بهم في بعض الأحوال، ولا شكَّ أنَّ ذلك من نقْص العقل والدين، الذي وصَفهنَّ به الرسول الأمين، فإنَّ نقْص العقل مظنَّة التفريط والتقصير وقصر النظر، وذلك دافعٌ إلى الانسِياق بالعاطفة دون تحكيم للعقل، وإلى تحكيم الرَّغبة الجامحة دون مُبالاة بالعَواقِب، ونقْص الدين لا يحجز صاحبه عن اقتِراف المآثِم، وربما أوقَعَه من الجرائم في عظائم.

فاتَّقوا الله عِباد الله في النساء، وغاروا عليهن، وقوموا بما أوجَبَ الله عليكم نحوهنَّ؛ فإنَّ الله - تعالى - قد جعَلَكم عليهنَّ قوَّامين ورُعاة لهن مؤتمنين بما فضَّل الله بعضكم على بعض، وبما أنفَقتم من أموالكم، فخُذُوا على أيديهنَّ وعلِّموهنَّ وهذِّبوهنَّ وأدِّبوهنَّ، وأصلِحُوا ما اعوجَّ من أخلاقهن؛ ﴿ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ﴾ [النساء: 34].

أيها المسلمون:
اسمعوا وصيَّة الله لكم، وأطِيعُوه فيما أمَرَكم: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ﴾ [التحريم: 6].

مُرُوا نساءَكم بما أمرَهنَّ الله به، وألزِمُوهن التقيُّد به، مُرُوهنَّ بتقوى الله فلا يخضَعنَ بالقول؛ فيَطمَع الذي في قلبه مرض، وأنْ يقلن قولاً معروفًا، وأنْ يقَرنَ في بيوتهن، ولا يتبرَّجن تبرُّجَ الجاهليَّة الأولى، وأنْ يُقِمن الصلاة، ويُؤتِين الزكاة، ويُطِعن اللهَ ورسوله؛ ليُذهِب الله عنكم الرِّجس ويُطهِّركم تطهيرًا.

وكما أنَّ على نسائكم عند الحاجة إلى مخاطبة الرجال الأجانب أنْ يَقُلنَ قولاً معروفًا لا خُضوع فيه، فعليهنَّ أيضًا أنْ يكنَّ من وَراء حجاب يسترهن؛ من جدارٍ أو جِلباب أو نحوهما، قَطْعًا لذَرِيعة الفَساد والارتِياب، ذلكم أطهَرُ لقلوبكم وقلوبهنَّ، فأَلزِموهن بذلك درءًا للفتنة، وحذرًا من المفسدة؛ كما قال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 59].

والجلباب ثوبٌ أو عَباءة تَطرَحه المرأة على بدنها، يستُرُها من أعلى رأسها إلى أخمص قدمَيْها؛ لتُعرَف بالتقوى، وبالعفَّة والشرف، فلا تُؤذَى من قِبَل المنافِقين والمُفسِدين، فألزِمُوا نساءَكم بذلك، وأبشِرُوا بواسع المغفرة وعظيم الرحمة، وكان الله غفورًا رحيمًا.

أيها المسلمون:
وفي غَضِّ الأبصار وحفْظ الفروج راحةٌ للقلوب من الحسرات، ونورٌ يجعَلُه الله لِمَن غضَّ بصَرَه يمشي به في الناس وفي الظلمات، وصدق فراسة يكون بها صاحِبُها من المتوسِّمين، ويفتح الله له أبوابًا من الفقه في الدين، ويُؤتِيه الله قوَّةً في الحق، وسرورًا في القلب، ويحرِّره ربه من أسْر الشهوات، ويسد عنه أبواب جهنَّم؛ فلا يُفضِي إلى ما فيها من دركات.

فغضُّوا من أبصاركم، واحفَظُوا فُروجَكم، وقولوا لنسائكم: ﴿ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ﴾ [النور: 31]؛ أي: ممَّا لا بُدَّ من ظهوره؛ كأعلى الثياب أو ما كان دون قصد إذا لم تتسبَّب في إظهاره؛ حتى يستُرنَ شعورهن ووجوههن ونحورهن وصدورهن وأعجازهن؛ ﴿ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ﴾ [النور: 31]؛ أي: مَن لا رغبةَ له في النساء ولا يُخشَى عليهنَّ منه، ﴿ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ﴾ [النور: 31]؛ أي: لا يتحرَّكن على الأرض بحركةٍ تلفت الانتِباه وتُثِير الفتنة، فتظهر صوت الحلي من خلخال ونحوه، ويدخُل في ذلك الكعبُ العالي، ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31].

أيها المسلمون:
تبرُّج النساء ضررٌ عظيم، وخطرٌ جسيم، يخرب الديار، ويجلب على أهله الخزيَ والعار، فإنَّه يُخيِّب الآمال، ويَحرِق قلوب النِّساء والرِّجال، ويدعو إلى الحرام وترْك الحلال، فكم أوقَعَ من فتنةٍ، وكم جرَّ من مصيبةٍ، وكم فرَّق بين حبيبٍ وحبيبه، وكم دنَّس من شرف، وأوقَعَ في تلف، وأحلَّ في المجتمع من دَمار، وجرَّ من بشرٍ إلى النار!

فاحذَرُوا التبرُّج عِباد الله، وحارِبُوا وابغِضُوا مَن دعا إليه ولا تحبُّوه، واقطَعُوا جميع الوسائل التي تُغرِي به، وسدُّوا ذرائعه قبلَ حلول المصيبة.

أيها المسلمون:
فكِّروا في الأمر ما دمتُم في وقتِ الإِمكان، واستَدرِكوا التقصير بالإِصلاح قبلَ فوات الأَوان، وتفكَّروا ما الذي أصابَ العقول حتى رضي الرجلُ لنسوته أنْ يصبحن فتنةً للناس في التبرُّج في اللباس؟ وما الذي حَلَّ في القلوب فأذهب الغيرة منها، حتى رَضِي الرجل لزوجته وقريبته أنْ تخلو بالأجنبي في حال غيبته؟

أمَا علم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حذَّر من الدخول على النِّساء، ونهى عن الخلوة بهنَّ، وأخبر أنَّ المرأة إذا خرَجَتْ من بيتها استَشرَفها الشيطان، أم أنَّ العفَّة والفساد قد صارا عنده سيَّان؟

فتفكَّروا عباد الله في العَواقِب، واحذَرُوا أن تحلَّ بكم عظيمُ المصائب.

أعوذُ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الأنفال: 24 - 25].

بارَك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفَعَنا جميعًا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم من كلِّ ذنب، فاستغفروه يغفر لكم إنَّه هو الغفور الرحيم.







المصدر...


الساعة الآن 09:56 AM

Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات

mamnoa 2.0 By DAHOM